للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَلَمَّا أسلمتهم وأضحوا بِغَيْر إِمَام وعمك يُدْلِي بحجته الَّتِي ذكرنَا لَك مَعَ مَا حفظوه من كَلَام النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَكَلَام السّلف الصَّالح وَأَيِسُوا من رجوعك إِلَيْهِم وبقوا فوضى مهملين لم يسعهم إِلَّا الرُّجُوع إِلَى مَا عَلَيْهِ النَّاس رضوَان الله عَلَيْهِم فاتفقوا على أَن يبايعوا عمك لما ذكرنَا لَك من الْحجَج الَّتِي لَا يسعك جَحدهَا إِلَّا على وَجه المكابرة فاطمأن النَّاس وَسَكنُوا وانفتحت السبل وأقيمت الْحُدُود وَارْتَفَعت الْيَد العادية

فَإِن قلت كَانَ يجب على أهل فاس أَن يقاتلوا على الْبيعَة الَّتِي التزموها لَك قُلْنَا إِنَّمَا يلْزمهُم الْقِتَال أَن لَو أَقمت بَين أظهرهم فَيكون قِتَالهمْ على وَجه شَرْعِي لِأَن الْقِتَال على الْحُدُود الشَّرْعِيَّة إِنَّمَا يكون بعد نصب إِمَام يصدر النَّاس عَن رَأْيه وَلَا يمكنك أَيْضا جَحدهَا إيه ثمَّ وصلت إِلَى مراكش الغراء الَّتِي تجبى إِلَيْهَا الْأَمْوَال من الْبَوَادِي والأمصار وتشد إِلَيْهَا الرّحال من سَائِر الأقطار فلقيك أَهلهَا بالترحاب وَالسُّرُور وأنواع الْفَرح والحبور فَوجدت خزائنها تتدرج ملئا من كل شَيْء فَأَما أسوارها ورحابها فَهِيَ كَمَا قيل تربة الْوَلِيّ ومدرج الْحلِيّ وحضرة الْملك الأولي والبرج النير الْجَلِيّ فحللتها وتمكنت من أموالها وخزائنها ووافقك أَهلهَا فَمَا نكثوا وَلَا غدروا وَلَا خَرجُوا عَلَيْك فِي سلطانك وَلَا أَنْكَرُوا فطلبت أَيْضا قتال عمك وجندت جُنُودا لَا يجمعها ديوَان حَافظ وَلَا يعهدها لِسَان لافظ فَخرجت إِلَيْهِ تجر أَعِنَّة الْخَيل وَرَاءَك كالسيول وَالرُّمَاة قد مَلَأت الهضاب والتلول فَمَا كَانَ من حَدِيثك إِلَّا أَن وَقع الْقِتَال وَحضر النزال بادرت هَارِبا محكما للْعَادَة تَارِكًا للرؤساء من أجنادك والقادة فَحلت بهم الخطوب والرزايا واختطفتهم أَيدي المنايا فَتركت أَيْضا محلتك بِمَا فِيهَا من حريمك وأموالك وعدتك ثمَّ أسرعت هَارِبا إِلَى مراكش فَمَا صدك عَنْهَا أحد من أَهلهَا وَلَا قَالَ لَك أحد لست ببعلها فعملوا على الْقِتَال مَعَك والتمنع بأسوارها الحصينة والحصار دَاخل الْمَدِينَة فَلَمَّا كَانَ اللَّيْل غدرتهم وغادرت بناتك وأخواتك وعماتك ونساءك وَخرجت عَنْهُم من القصبة وتركتهم لَا بواب عَلَيْهِم وَلَا حارس وَلَا راجل وَلَا فَارس فيالها من مُصِيبَة مَا أعظمها وَمن داهية مَا أعضلها وَلَوْلَا

<<  <  ج: ص:  >  >>