الِاسْتِعَانَة بهم إِنَّمَا هُوَ على الْمُشْركين بِأَن نجعلهم خدمَة لأزبال الدَّوَابّ لَا مقاتلة فَأَما الِاسْتِعَانَة بهم على الْمُسلمين فَلَا يخْطر إِلَّا على بَال من قلبه وَرَاء لِسَانه وَقد قيل قَدِيما لِسَان الْعَاقِل من وَرَاء قلبه وَفِي قَوْلك يجوز للْإنْسَان أَن يَسْتَعِين على من غصبه حَقه بِكُل مَا أمكنه وَجعلت قَوْلك هَذَا قَضِيَّة أنتجت لَك دَلِيلا على جَوَاز الِاسْتِعَانَة بالكفار على الْمُسلمين وَفِي ذَلِك مصادمة لِلْقُرْآنِ والْحَدِيث وَهُوَ عين الْكفْر أَيْضا وَالْعِيَاذ بِاللَّه
وقولك فَإِن لم تَفعلُوا فأذنوا بِحَرب من الله وَرَسُوله إيه أَنْت مَعَ الله وَرَسُوله أَو مَعَ حزبه فَتَأمل مَا قلت فِي الحَدِيث يتَكَلَّم أحدكُم بِالْكَلِمَةِ تهوي بِهِ فِي النَّار سبعين خَرِيفًا
وَلما سَمِعت جنود الله وأنصاره وحماة دينه من الْعَرَب والعجم قَوْلك هَذَا حملتهم الْغيرَة الإسلامية وَالْحمية الإيمانية وتجدد لَهُم نور الْإِيمَان وأشرق عَلَيْهِم شُعَاع الإيقان فَمن قَائِل يَقُول لَا دين إِلَّا دين مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمن قَائِل يَقُول سَتَرَوْنَ مَا أصنع عِنْد اللِّقَاء وَمن قَائِل يَقُول {وليعلمن الله الَّذين آمنُوا وليعلمن الْمُنَافِقين} وَمن قَائِل يَقُول إِنَّمَا قصد التشفي بِالْمُسْلِمين إِذْ لَو كَانَ يطْلب الصّلاح لما صدرت مِنْهُ هَذِه الْأَفْعَال القبيحة إِلَى غير ذَلِك فجزاهم الله عَن الْإِسْلَام خيرا وَرَضي عَنْهُم وَبَارك فيهم فَللَّه دِرْهَم من رجال وفرسان وأبطال وشجعان فَلَو لم يكن مِنْهُم إِلَّا مَا غير قُلُوبهم على الدّين لَكَانَ كَافِيا فِي صِحَة إِيمَانهم وعظيم إيقانهم فقد بلغ نور غضبهم لله سُبْحَانَهُ سَاق الْعَرْش وَالْحب فِي الله والبغض فِي الله من قَوَاعِد الْإِيمَان
وقولك أَيْضا متبرئا من حول الله وقوته فَإِن لم تَفعلُوا فالسيف فَهُوَ كَلَام هذيان يدل على حَمَاقَة قَائِله فَقَط أنبأ سَيْفك هَذَا وَأَنت مَعَ الْمُسلمين فِي أَربع وَعشْرين معركة لم تثبت لَك فِيهَا راية ثمَّ زَالَ نبوه الْآن بالكفار فَهَذِهِ أضحوكة فتأملها