فزحف إِلَى الْمغرب سنة أَربع وَسبعين وبرزت إِلَيْهِ فأوقع بهَا وبجموعها وقتلها واحتز رَأسهَا عِنْد الْبِئْر الْمَعْرُوفَة بهَا لهَذَا الْعَهْد من جبل أوراس ثمَّ اقتحم الْجَبَل عنْوَة واستلحم فِيهِ زهاء مائَة ألف من البربر وَاسْتَأْمَنَ إِلَيْهِ باقيهم على الْإِسْلَام وَالطَّاعَة وَشرط عَلَيْهِم حسان أَن يكون مَعَه مِنْهُم اثْنَا عشر ألفا لَا يفارقونه فِي مَوَاطِن جهاده فَأَجَابُوا وَأَسْلمُوا وَحسن إسْلَامهمْ وَعقد للأكبر من وَلَدي الكاهنة على قومه من جراوة وعَلى جبل أوراس فَقَالُوا قد لزمتنا لَهُ الطَّاعَة وسبقنا إِلَيْهَا وبايعناه عَلَيْهَا وَكَانَ ذَلِك بِإِشَارَة من الكاهنة لإثارة من علم كَانَت لَدَيْهَا بذلك من شياطينها
وَانْصَرف حسان إِلَى القيروان مؤيدا منصورا وَثَبت ملكه واستقام أمره فدون الدَّوَاوِين وَكتب الْخراج على عجم إفريقية وَمن أَقَامَ مَعَهم على النَّصْرَانِيَّة من البربر ثمَّ أوعز إِلَيْهِ الْخَلِيفَة عبد الْملك باتخاذ دَار الصِّنَاعَة بتونس لإنشاء الْآلَات البحرية حرصا على مراسم الْجِهَاد وَمِنْهَا كَانَ فتح صقلية أَيَّام زِيَادَة الله الأول من بني الْأَغْلَب على يَد أَسد بن الْفُرَات شيخ الْفتيا وَصَاحب الإِمَام ابْن الْقَاسِم بعد أَن كَانَ مُعَاوِيَة بن حديج أغزى صقلية أَيَّام ولَايَته على الْمغرب فَلم يفتح الله عَلَيْهِ وَفتحت على يَد ابْن الْأَغْلَب وقائده ابْن الْفُرَات كَمَا قُلْنَا وَاسْتمرّ حسان واليا على الْمغرب إِلَى أَن عَزله عبد الْعَزِيز بن مَرْوَان صَاحب مصر وَكَانَ أَمر الْمغرب إِذْ ذَاك إِلَيْهِ فاستخلف حسان على الْمغرب رجلا من جنده اسْمه صَالح وارتحل إِلَى الْمشرق بِمَا جمعه من ذريع المَال ورائع السَّبي ونفيس الذَّخِيرَة فَلَمَّا انْتهى إِلَى مصر أهْدى إِلَى عبد الله مِائَتي جَارِيَة من بَنَات مُلُوك الفرنج والبربر فَلم يقنعه ذَلِك وانتزع كثيرا مِمَّا بِيَدِهِ وَلما قدم على الْخَلِيفَة بِدِمَشْق وَهُوَ يَوْمئِذٍ الْوَلِيد بن عبد الْملك شكا إِلَيْهِ مَا صنع بِهِ عَمه عبد الْعَزِيز فَغَاظَهُ ذَلِك وَأنْكرهُ ثمَّ أهْدى إِلَيْهِ حسان من غَرِيب النفائس الَّتِي أخفاها عَن عبد الله مَا استعظمه الْوَلِيد وشكره عَلَيْهِ ووعده برده إِلَى عمله فَحلف حسان أَن لَا يَلِي لبني أُميَّة عملا أبدا
وَذكر الْبكْرِيّ أَن حسان بن النُّعْمَان هَذَا هُوَ فاتح تونس وَقَالَ غَيره بل