وَلما أَرَادَ الْمَنْصُور أَن يشرع فِيهِ أحضر أهل الْعلم وَمن يتسم بالصلاح فتحينوا أَوَان الِابْتِدَاء وَوقت الشُّرُوع فِيهِ فَكَانَ ابْتِدَاء الشُّرُوع فِي تأسيسه فِي شَوَّال خَامِس الْأَشْهر من خِلَافَته سنة سِتّ وَثَمَانِينَ وَتِسْعمِائَة واتصل الْعَمَل فِيهِ إِلَى سنة اثْنَتَيْنِ وَألف وَلم يَتَخَلَّل ذَلِك فَتْرَة وحشد لَهُ الصناع حَتَّى من بِلَاد الإفرنجية فَكَانَ يجْتَمع كل يَوْم فِيهِ من أَرْبَاب الصَّنَائِع ومهرة الْحُكَمَاء خلق عَظِيم حَتَّى كَانَ بِبَابِهِ سوق عَظِيم يَقْصِدهُ التُّجَّار ببضائعهم ونفائس أعلاقهم وجلب لَهُ الرخام من بِلَاد الرّوم فَكَانَ يَشْتَرِيهِ مِنْهُم بالسكر وزنا بِوَزْن على مَا قيل
وَكَانَ الْمَنْصُور قد اتخذ معاصر السكر بِبِلَاد حاحة وشوشاوة وَغَيرهمَا حَسْبَمَا ذكره الفشتالي رَحمَه الله فِي المناهل
وَأما جبصه وجيره وَبَاقِي أنقاضه فَإِنَّهَا جمعت من كل جِهَة وحملت من كل نَاحيَة حَتَّى أَنه وجدت بطاقة فِيهَا أَن فلَانا دفع صَاعا من جير حمله من تنبكتو وظف عَلَيْهِ فِي غمار النَّاس