للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِصِحَّةِ الْخَبَرِ بِهِ كَمَا بَيَّنْته فِي شَرْحِ الْعُبَابِ

(وَالْأَصَحُّ أَنَّهَا) أَيْ هَذِهِ الْكَيْفِيَّةَ (أَفْضَلُ مِنْ بَطْنِ نَخْلٍ) وَعُسْفَانَ؛ لِأَنَّهَا أَخَفُّ وَأَعْدَلُ بَيْنَ الطَّائِفَتَيْنِ وَلِصِحَّتِهَا بِالْإِجْمَاعِ فِي الْجُمْلَةِ وَفَارَقَتْ صَلَاةَ عُسْفَانَ بِجَوَازِهَا فِي الْأَمْنِ لِغَيْرِ الْفِرْقَةِ الثَّانِيَةِ وَلَهَا إنْ نَوَتْ الْمُفَارَقَةَ بِخِلَافِ التَّخَلُّفِ الْفَاحِشِ الَّذِي فِي عُسْفَانَ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ فِي الْأَمْنِ كَذَا قِيلَ، وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ التَّخَلُّفَ الَّذِي فِي عُسْفَانَ يَجُوزُ فِي الْأَمْنِ لِلْعُذْرِ كَالزَّحْمَةِ وَعِنْدَ نِيَّةِ الْمُفَارَقَةِ فَكَانَتْ أَوْلَى بِالْجَوَازِ مِنْ ذَاتِ الرِّقَاعِ بِالنِّسْبَةِ لِلْفِرْقَةِ الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّ انْفِرَادَهَا لَا يَجُوزُ فِي الْأَمْنِ بِحَالٍ، ثُمَّ رَأَيْتُ ذَلِكَ مَنْقُولًا عَنْ الرَّافِعِيِّ وَرَأَيْت لَهُ تَوْجِيهًا يُوَضِّحُهُ بَعْضَ الْإِيضَاحِ وَهُوَ أَنَّ ذَاتَ الرِّقَاعِ أَشْبَهُ بِالْقُرْآنِ لِمَا فِيهَا مِنْ الْحَزْمِ وَأَمْنِ غَدْرِ الْعَدُوِّ إذْ وُقُوفُ الطَّائِفَةِ الْحَارِسَةِ قُبَالَتَهُ مِنْ غَيْرِ صَلَاةٍ أَقْوَى فِي مُصَابَرَةِ الْعَدُوِّ وَدَفْعِ كَيْدِهِ (وَيَقْرَأُ الْإِمَامُ) نَدْبًا (فِي انْتِظَارِهِ) الْفِرْقَةَ (الثَّانِيَةَ) فِي الْقِيَامِ الْفَاتِحَةَ وَسُورَةً طَوِيلَةً إلَى أَنْ يَجِيئُوا إلَيْهِ ثُمَّ يَزِيدُ مِنْ تِلْكَ السُّورَةِ قَدْرَ الْفَاتِحَةِ وَسُورَةٍ قَصِيرَةٍ إنْ بَقِيَ مِنْهَا قَدْرُهُمَا وَإِلَّا فَمِنْ سُورَةٍ أُخْرَى لِتَحْصُلَ لَهُمْ قِرَاءَةُ الْفَاتِحَةِ

ــ

[حاشية الشرواني]

وَقَوْلُهُ لِصِحَّةِ الْخَبَرِ بِهِ) أَيْ مَعَ عَدَمِ الْمُعَارِضِ لِأَنَّ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ كَانَتْ فِي يَوْمٍ وَالْأُخْرَى فِي يَوْمٍ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: أَيْ هَذِهِ الْكَيْفِيَّةَ) عِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ أَيْ صَلَاةَ ذَاتِ الرِّقَاعِ بِكَيْفِيَّاتِهَا اهـ قَالَ الْبُجَيْرِمِيُّ أَيْ صُوَرَهَا مِنْ كَوْنِهَا ثُنَائِيَّةً أَوْ ثُلَاثِيَّةً أَوْ رُبَاعِيَّةً اهـ.

(قَوْلُهُ أَفْضَلُ مِنْ بَطْنِ نَخْلٍ وَعُسْفَانَ) وَعَلَيْهِ فَلَعَلَّ الْحِكْمَةَ فِي تَأْخِيرِهَا عَنْهُمَا فِي الذِّكْرِ مَعَ كَوْنِهَا أَفْضَلَ مِنْهُمَا أَنَّ تَيْنَكَ قَدْ تُوجَدُ صُورَتُهُمَا فِي الْأَمْنِ بِالْإِعَادَةِ فِي صَلَاةِ بَطْنِ نَخْلٍ وَتَخَلُّفِ الْمَأْمُومِينَ لِنَحْوِ زَحْمَةٍ فِي عُسْفَانَ، وَبَقِيَ صَلَاةُ بَطْنِ نَخْلٍ مَعَ عُسْفَانَ فَأَيُّهُمَا أَفْضَلُ وَالْأَقْرَبُ أَنَّ بَطْنَ نَخْلٍ أَفْضَلُ مِنْ عُسْفَانَ أَيْضًا لِجَوَازِهَا فِي الْأَمْنِ عَلَى مَا مَرَّ فِيهِ وَنَقَلَ شَيْخُنَا الشَّوْبَرِيُّ عَنْ الْعَلْقَمِيِّ مَا يُوَافِقُهُ ع ش (قَوْلُهُ: وَلِصِحَّتِهَا إلَخْ) أَيْ دُونَهُمَا شَرْحُ الْمَنْهَجِ.

(قَوْلُهُ: وَفَارَقَتْ صَلَاةَ عُسْفَانَ إلَخْ) كَذَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ قَالَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الْبُرُلُّسِيُّ قَدْ بَيَّنَ بِهِ مُرَادَهُ مِنْ قَوْلِهِ وَلِصِحَّتِهَا بِالْإِجْمَاعِ فِي الْجُمْلَةِ اهـ.

أَقُولُ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ أَرَادَ بَقِيَ الْجُمْلَةُ صِحَّتَهَا فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ وَذَلِكَ لِلْفِرْقَةِ الْأُولَى مُطْلَقًا وَلِلثَّانِيَةِ إنْ نَوَتْ الْمُفَارَقَةَ بِخِلَافِهِمَا؛ فَإِنَّ فِي صَلَاةِ بَطْنِ نَخْلٍ اقْتِدَاءَ الْمُفْتَرِضِ بِالْمُتَنَفِّلِ وَفِي جَوَازِهِ خِلَافٌ وَفِي صَلَاةِ عُسْفَانَ تَخَلَّفَ عَنْ الْإِمَامِ بِثَلَاثَةِ أَرْكَانٍ طَوِيلَةٍ ثُمَّ التَّأَخُّرُ لِلْإِتْيَانِ بِهَا وَذَلِكَ مُبْطِلٌ فِي الْأَمْنِ فَتَأَمَّلْهُ، ثُمَّ قَالَ شَيْخُنَا الْمَذْكُورُ وَاعْلَمْ أَنَّ الْحُكْمَ بِتَفْضِيلِهَا عَلَى صَلَاةِ عُسْفَانَ لَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ، وَتَعْلِيلُهُ بِمَا قَالَهُ فِيهِ بَحْثٌ لِأَنَّ صَلَاةَ ذَاتِ الرِّقَاعِ فِيهَا قَطْعُ الْقُدْوَةِ فِي الْفِرْقَةِ الْأُولَى وَإِتْيَانِ الْفِرْقَةِ الثَّانِيَةِ بِرَكْعَةٍ لِنَفْسِهَا مَعَ دَوَامِ الْقُدْوَةِ، وَالْأَمْرُ الْأَوَّلُ مَنَعَهُ أَبُو حَنِيفَةَ مُطْلَقًا وَكَذَا الْإِمَامُ أَحْمَدُ إذَا كَانَ بِغَيْرِ عُذْرٍ وَهُوَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ عِنْدَنَا، وَأَمَّا الثَّانِي فَمَمْنُوعٌ حَالَةَ الْأَمْنِ اتِّفَاقًا، وَالِاعْتِذَارُ بِجَوَازِ الثَّانِي فِي الْأَمْنِ عِنْدَ نِيَّةِ الْمُفَارَقَةِ خُرُوجٌ عَنْ صُورَةِ الْمَسْأَلَةِ، وَبِالْجُمْلَةِ فَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْأَصْحَابَ لَمْ يَتَكَلَّمُوا عَلَى تَفْضِيلِ ذَاتِ الرِّقَاعِ عَلَى عُسْفَانَ لِأَنَّ الْحَالَةَ الَّتِي تُشْرَعُ فِيهَا هَذِهِ غَيْرُ الْحَالَةِ الَّتِي تُشْرَعُ فِيهَا هَذِهِ بِخِلَافِ ذَاتِ الرِّقَاعِ وَبَطْنِ نَخْلٍ فَإِنَّهُمَا يُشْرَعَانِ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ فَاحْتَاجُوا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - أَنْ يُبَيِّنُوا الْأَفْضَلَ مِنْهُمَا كَيْ يُقَدَّمَ عَلَى الْآخَرِ انْتَهَى.

وَفِيهِ تَأْيِيدُ النَّظَرِ الشَّارِحُ الْمَذْكُورُ سم وَقَوْلُهُ فَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْأَصْحَابَ إلَخْ قَدْ يَرُدُّهُ قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي ثُمَّ رَأَيْت إلَخْ (قَوْلُهُ: ثُمَّ رَأَيْت ذَلِكَ) أَيْ أَوْلَوِيَّةَ ذَاتِ الرِّقَاعِ عَنْهُمَا كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: وَرَأَيْت لَهُ) أَيْ لِلرَّافِعِيِّ (وَقَوْلُهُ: يُوَضِّحُهُ) أَيْ كَوْنُ صَلَاةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ أَفْضَلَ مِنْ صَلَاةِ عُسْفَانَ (قَوْلُهُ: بِالْقُرْآنِ) أَيْ بِمَا جَاءَ بِهِ الْقُرْآنُ مِنْ النَّوْعِ الرَّابِعِ (قَوْلُهُ: نَدْبًا) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَيُسَنُّ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ إنْ بَقِيَ إلَى الْمَتْنِ وَقَوْلُهُ وَيَدْعُو إلَى الْمَتْنِ وَقَوْلُهُ حَرَّرْتهَا إلَى حَاصِلِهَا وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ بَلْ هُوَ مَكْرُوهٌ (قَوْلُهُ: ثُمَّ يَزِيدُ مِنْ تِلْكَ السُّورَةِ إلَخْ) وَهَلْ يُطْلَبُ مِنْهُ الْإِسْرَارُ حِينَئِذٍ بِالْقِرَاءَةِ لِأَنَّهُ إذَا جَهَرَ فِي حَالَةِ قِرَاءَتِهِمْ لِفَاتِحَتِهِمْ فَوَّتَ عَلَيْهِمْ سَمَاعَ قِرَاءَةِ إمَامِهِمْ أَوَّلًا فِيهِ نَظَرٌ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

إذَا قَامَتْ لِرَكْعَتِهَا الثَّانِيَةِ بِلَا نِيَّةِ مُفَارَقَةٍ، وَأَمَّا حَيْثُ جَازَتْ فِي الْأَمْنِ فَلَا مَعْنَى لِاشْتِرَاطِ ذَلِكَ فِي صِحَّتِهَا (قَوْلُهُ وَلِصِحَّتِهَا بِالْإِجْمَاعِ فِي الْجُمْلَةِ) كَذَا فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ قَالَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الْبُرُلُّسِيُّ قَدْ بَيَّنَ مُرَادَهُ مِنْهُ بِقَوْلِهِ الْآتِي وَفَارَقَتْ صَلَاةَ عُسْفَانَ إلَخْ انْتَهَى (أَقُولُ) وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ أَرَادَ بِفِي الْجُمْلَةِ صِحَّتَهَا فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ، وَذَلِكَ لِلْفِرْقَةِ الْأُولَى مُطْلَقًا وَلِلثَّانِيَةِ إنْ نَوَتْ الْمُفَارَقَةَ بِخِلَافِهِمَا، فَإِنَّ فِي صَلَاةِ بَطْنِ نَخْلٍ اقْتِدَاءَ الْمُفْتَرِضِ بِالْمُتَنَفِّلِ وَفِي جَوَازِهِ خِلَافٌ، وَفِي صَلَاةِ عُسْفَانَ تَخَلَّفَ عَنْ الْإِمَامِ بِثَلَاثَةِ أَرْكَانٍ، ثُمَّ التَّأَخُّرُ لِلْإِتْيَانِ بِهَا وَذَلِكَ مُبْطِلٌ فِي الْأَمْنِ فَتَأَمَّلْهُ انْتَهَى، ثُمَّ قَالَ شَيْخُنَا الْمَذْكُورُ وَاعْلَمْ أَنَّ الْحُكْمَ بِتَفْضِيلِهَا عَلَى صَلَاةِ عُسْفَانَ لَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ وَتَعْلِيلُهُ بِمَا قَالَهُ فِيهِ بَحْثٌ، وَذَلِكَ لِأَنَّ صَلَاةَ ذَاتِ الرِّقَاعِ فِيهَا قَطْعُ الْقُدْوَةِ فِي الْفِرْقَةِ الْأُولَى وَإِتْيَانُ الْفِرْقَةِ الثَّانِيَةِ بِرَكْعَةٍ لِنَفْسِهَا مَعَ دَوَامِ الْقُدْوَةِ، وَالْأَمْرُ الْأَوَّلُ مَنَعَهُ أَبُو حَنِيفَةَ مُطْلَقًا وَكَذَا الْإِمَامُ أَحْمَدُ إذَا كَانَ بِغَيْرِ عُذْرٍ وَهُوَ أَحَدُ الْقَوْلَيْنِ عِنْدَنَا، وَأَمَّا الثَّانِي فَمَمْنُوعٌ حَالَةَ الْأَمْنِ اتِّفَاقًا وَالِاعْتِذَارُ بِجَوَازِ الثَّانِي فِي الْأَمْنِ عِنْدَ نِيَّةِ الْمُفَارَقَةِ خُرُوجٌ عَنْ صُورَةِ الْمَسْأَلَةِ، وَأَيْضًا فَمِنْ الْبَيِّنِ أَنَّ الْكَيْفِيَّتَيْنِ لَوْ كَانَتَا فِي الْأَمْنِ كَانَتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ عَلَى كَيْفِيَّةِ صَلَاةِ عُسْفَانَ صَحِيحَةً اتِّفَاقًا، وَعَلَى كَيْفِيَّةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ بَاطِلَةً فِي قَوْلٍ عِنْدَنَا لِطُولِ الِانْتِظَارِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ، هَذَا وَلَكِنْ عُذْرُ الشَّارِحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّ صَلَاةَ الْفِرْقَةِ الْأُولَى صَحِيحَةٌ فِي الْأَمْنِ عَلَى كَيْفِيَّةِ ذَاتِ الرِّقَاعِ، بِخِلَافِ صَلَاةِ عُسْفَانَ فَإِنَّ صَلَاةَ الْفِرْقَتَيْنِ بَاطِلَةٌ عِنْدَ الْأَمْنِ، وَبِالْجُمْلَةِ فَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْأَصْحَابَ لَمْ يَتَكَلَّمُوا عَلَى تَفْضِيلِ ذَاتِ الرِّقَاعِ عَلَى عُسْفَانَ لِأَنَّ الْحَالَةَ الَّتِي تُشْرَعُ فِيهَا هَذِهِ غَيْرُ الْحَالَةِ الَّتِي تُشْرَعُ فِيهَا الْأُخْرَى، بِخِلَافِ ذَاتِ الرِّقَاعِ وَبَطْنِ نَخْلٍ فَإِنَّهُمَا يُشْرَعَانِ فِي حَالَةٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>