للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَذَا أَوْ لِهَذَا وَمِثْلُهُ انْتَذَرْت أَوْ أَنْذَرْت مِنْ عَامِّيِّ لُغَتِهِ ذَلِكَ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا قَدَّمْته فِي زَوَّجْتُك بِفَتْحِ التَّاءِ، إذْ الْمُعْتَمَدُ الَّذِي صَرَّحَ بِهِ الْبَغَوِيّ مِنْ اضْطِرَابٍ طَوِيلٍ فِي نَذَرْت لَك، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ مَعَهَا اللَّهَ أَنَّهَا صَرِيحَةٌ وَمِمَّا يُصَرِّحُ بِذَلِكَ وَيُوَضِّحُهُ قَوْلُ مَحْصُولِ الْفَخْرِ الرَّازِيّ لَا شَكَّ أَنَّ نَحْوَ نَذَرْت، وَبِعْت صِيَغُ أَخْبَارٍ لُغَةً وَقَدْ تُسْتَعْمَلُ لَهُ شَرْعًا أَيْضًا إنَّمَا النِّزَاعُ فِي أَنَّهَا حَيْثُ تُسْتَعْمَلُ لِإِحْدَاثِ الْأَحْكَامِ كَانَتْ إخْبَارَاتٍ أَوْ إنْشَاءَاتٍ، وَالْأَقْرَبُ الثَّانِي لِوُجُوهٍ وَسَاقَهَا وَقَدْ حَكَمَا فِي نَذَرْت لِلَّهِ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا وَلَمْ يَنْوِ يَمِينًا وَلَا نَذْرًا وَجْهَيْنِ وَجَزَمَ فِي الْأَنْوَارِ بِمَا بَحَثَهُ الرَّافِعِيُّ أَنَّهُ نَذْرٌ أَيْ: نَذْرُ تَبَرُّرٍ، وَزَعْمُ شَارِحٍ أَنَّ مُخَاطَبَةَ الْمَخْلُوقِ بِنَحْوِ نَذَرْت لَك تُبْطِلُ صَرَاحَتَهَا عَجِيبٌ مَعَ قَوْلِهِمْ: إنَّ عَلَيَّ لَك كَذَا أَوْ إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَعَلَيَّ لَك كَذَا صَرِيحَانِ فِي النَّذْرِ مَعَ أَنَّ فِيهِمَا مُخَاطَبَةَ مَخْلُوقٍ، وَزَعْمُ أَنَّهُ لَا الْتِزَامَ فِي نَحْوِ نَذَرْت مَمْنُوعٌ نَعَمْ إنْ نَوَى بِهِ الْإِخْبَارَ عَنْ نَذْرٍ سَابِقٍ عُرِفَ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فِي الطَّلَاقِ فَوَاضِحٌ أَوْ الْيَمِينُ فِي نَذَرْت لَأَفْعَلَنَّ فَيَمِينٌ (تَنْبِيهٌ) .

قَوْلُهُمْ: عَلَيَّ لَك كَذَا صَرِيحٌ فِي النَّذْرِ يُنَافِيهِ أَنَّهُ صَرِيحٌ فِي الْإِقْرَارِ إلَّا أَنْ يُقَالَ لَا مَانِعَ مِنْ أَنَّهُ صَرِيحٌ فِيهِمَا وَيَنْصَرِفُ لِأَحَدِهِمَا بِقَرِينَةٍ وَنَظِيرُهُ مَا مَرَّ فِي لَفْظِ السَّلَفِ أَنَّهُ صَرِيحٌ فِي السَّلَمِ وَالْقَرْضِ لَكِنَّ الْمُمَيَّزَ ثَمَّ نَفْسُ الصِّيغَةِ بِخِلَافِهِ هُنَا

(هُوَ ضَرْبَانِ نَذْرُ لَجَاجٍ) بِفَتْحِ اللَّامِ وَهُوَ التَّمَادِي فِي الْخُصُومَةِ وَيُسَمَّى نَذْرَ وَيَمِينَ اللَّجَاجِ وَالْغَضَبِ وَالْغَلَقِ بِفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ وَاللَّامِ وَهُوَ أَنْ يَمْنَعَ نَفْسَهُ أَوْ غَيْرَهَا مِنْ شَيْءٍ أَوْ يَحُثَّ عَلَيْهِ أَوْ يُحَقِّقَ خَبَرًا غَضَبًا بِالْتِزَامِ قُرْبَةٍ (كَإِنْ كَلَّمْته) أَوْ إنْ لَمْ أُكَلِّمْهُ أَوْ إنْ لَمْ يَكُنْ الْأَمْرُ كَمَا قُلْته (فَلِلَّهِ عَلَيَّ) أَوْ فَعَلَيَّ (عِتْقٌ أَوْ صَوْمٌ) أَوْ عِتْقٌ وَصَوْمٌ وَحَجٌّ (وَفِيهِ) عِنْدَ وُجُودِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ (كَفَّارَةُ يَمِينٍ) لِخَبَرِ مُسْلِمٍ: «كَفَّارَةُ النَّذْرِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ» وَلَا كَفَّارَةَ فِي نَذْرِ التَّبَرُّرِ قَطْعًا فَتَعَيَّنَ حَمْلُهُ عَلَى نَذْرِ اللَّجَاجِ وَلِقَوْلِ كَثِيرِينَ مِنْ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - بِهِ وَلَا مُخَالِفَ لَهُ وَمِنْ ثَمَّ أَطَالَ الْبُلْقِينِيُّ فِي الِانْتِصَارِ لَهُ (وَفِي قَوْلٍ مَا الْتَزَمَ) لِخَبَرِ «مَنْ نَذَرَ وَسَمَّى فَعَلَيْهِ مَا سَمَّى» (وَفِي قَوْلٍ: أَيُّهُمَا شَاءَ) ؛ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ النَّذْرَ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ الْتَزَمَ قُرْبَةً وَالْيَمِينَ مِنْ حَيْثُ إنَّ مَقْصُودَهُ مَقْصُودُ الْيَمِينِ وَلَا سَبِيلَ لِلْجَمْعِ بَيْنَ مُوجِبَيْهِمَا وَلَا لِتَعْطِيلِهِمَا فَوَجَبَ التَّخْيِيرُ (قُلْت: الثَّالِثُ أَظْهَرُ وَرَجَّحَهُ الْعِرَاقِيُّونَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) لِمَا قُلْنَا، أَمَّا إذَا الْتَزَمَ غَيْرَ قُرْبَةٍ كَلَا آكُلُ الْخُبْزَ فَيَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ بِلَا نِزَاعٍ وَمِنْهُ مَا يُعْتَادُ عَلَى أَلْسِنَةِ النَّاسِ الْعِتْقُ يَلْزَمُنِي أَوْ يَلْزَمُنِي عِتْقُ عَبْدِي فُلَانٍ

ــ

[حاشية الشرواني]

لَك كَذَا عِبَارَةُ شَيْخِنَا الزِّيَادِيِّ وَلَوْ قَالَ نَذَرْت لِفُلَانٍ بِكَذَا لَمْ يَنْعَقِدْ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَوْ نَوَى بِهِ الْإِقْرَارَ أُلْزِمَ بِهِ اهـ وَعَلَيْهِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ بِأَنَّ الْخِطَابَ يَدُلُّ عَلَى الْإِنْشَاءِ بِحَسَبِ الْعُرْفِ كَمَا فِي بِعْتُك هَذَا بِخِلَافِ الِاسْمِ الظَّاهِرِ فَإِنَّهُ لَا يَتَبَادَرُ مِنْهُ الْإِنْشَاءُ. اهـ. ع ش أَقُولُ مَا ذَكَرَهُ عَنْ الزِّيَادِيِّ مُخَالِفٌ لِقَوْلِ الشَّارِحِ أَوْ لِهَذَا وَلِلصُّوَرِ الْآتِيَةِ فِي الشَّارِحِ كَالنِّهَايَةِ كَعَلَيَّ صَدَقَةٌ لِفُلَانٍ أَوْ أَنْ أُعْطِيَهُ وَجَعَلْت هَذَا لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ لِقَبْرِ الشَّيْخِ الْفُلَانِيِّ (قَوْلُهُ: بِكَذَا) الْأَوْلَى تَأْخِيرُهُ عَنْ أَوْ لِهَذَا (قَوْلُهُ: إذْ الْمُعْتَمَدُ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ أَوْ لَك إلَخْ وَكَانَ الْأَوْلَى لِيَتَّصِلَ الْعِلَّةُ بِمَعْلُولِهَا أَنْ يَذْكُرَ قَوْلَهُ وَمِثْلُهُ إلَخْ عَقِبَ قَوْلِهِ نَذَرْت (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ إلَخْ) الْأَوْلَى تَأْخِيرُهُ عَنْ قَوْلِهِ إنَّهَا صَرِيحَةٌ (قَوْلُهُ لَا شَكَّ أَنَّ نَحْوَ نَذَرْت إلَخْ) قَدْ يُقَالُ لَا شَكَّ أَنَّ مُجَرَّدَ نَذَرْت غَيْرُ كَافٍ بَلْ مَعَ مَا يُذْكَرُ مَعَهُ مِنْ الْمُتَعَلِّقَاتِ وَكَلَامُ الْفَخْرِ سَاكِتٌ عَنْهَا فَمَا وَجْهُ كَوْنِهِ صَرِيحًا فِيمَا ذَكَرَ. اهـ. سَيِّدُ عُمَرَ (قَوْلُهُ: كَانَتْ إلَخْ) خَبَرُ أَنَّ (قَوْلُهُ: إخْبَارَاتٍ) يَعْنِي وَضْعًا لَا اسْتِعْمَالًا أَوْ إنْشَاءَاتٍ أَيْ: وَضْعًا وَاسْتِعْمَالًا

(قَوْلُهُ: عَجِيبٌ إلَخْ) خَبَرٌ وَزَعْمُ شَارِحٍ (قَوْلُهُ: إخْبَارَاتٍ) أَيْ: بِخِلَافِ قَوْلِهِمْ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ مَمْنُوعٌ) خَبَرٌ وَزَعَمَ أَنَّهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَكِنَّ الْمُمَيَّزَ) بِفَتْحِ الْيَاءِ أَيْ: بِالْقَرِينَةِ بِخِلَافِهِ هُنَا يَعْنِي أَنَّ الْمُمَيَّزَ هُنَا قَصْدُ الْإِخْبَارِ أَوْ الْإِنْشَاءِ وَفِيهِ تَأَمُّلٌ.

[النَّذْر ضربان]

[نَذْر اللجاج]

(قَوْلُهُ: بِفَتْحِ اللَّامِ) إلَى قَوْلِهِ كَمَا نَصَّ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَلَا مُخَالِفَ لَهُمْ إلَى الْمَتْنِ وَقَوْلُهُ أَوْ وَالْعِتْقِ إلَى فَإِنْ لَمْ يَنْوِ وَإِلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَنَذْرُ تَبَرُّرٍ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَلِقَوْلِ كَثِيرِينَ إلَى الْمَتْنِ وَقَوْلُهُ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي بَعْضِ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ إذْ تَعَيُّنُ الْكَفَّارَةِ إلَى وَيُؤَيِّدُ (قَوْلُهُ وَهُوَ التَّمَادِي إلَخْ) سُمِّيَ بِذَلِكَ لِوُقُوعِهِ حَالَ الْغَضَبِ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: أَوْ يُحَقِّقُ خَبَرًا إلَخْ) كَذَا فِي النِّهَايَةِ قَالَ الرَّشِيدِيُّ قَوْلُهُ: أَوْ يُحَقِّقُ خَبَرًا إلَخْ اُنْظُرْهُ مَعَ قَوْلِهِ الْآتِي وَقَوْلِهِ الْعِتْقُ أَوْ عِتْقُ قِنِّي فُلَانٍ يَلْزَمُنِي أَوْ وَالْعِتْقِ مَا فَعَلْت كَذَا لَغْوٌ وَلَمْ أَرَ قَوْلَهُ أَوْ يُحَقِّقُ خَبَرًا فِي كَلَامِ غَيْرِهِ إلَّا فِي التُّحْفَةِ وَشَرْحِ الْمَنْهَجِ وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ كَالرَّوْضَةِ هُوَ أَنْ يَمْنَعَ نَفْسَهُ مِنْ شَيْءٍ أَوْ يَحْمِلَهَا عَلَيْهِ بِتَعْلِيقِ الْتِزَامِ قُرْبَةٍ وَكَذَا عِبَارَةُ الْأَذْرَعِيِّ. اهـ. (قَوْلُهُ غَضَبًا إلَخْ) تُنَازِعُ فِيهِ الْأَفْعَالُ الثَّلَاثَةُ عِبَارَةُ الْبُجَيْرِمِيَّ عَنْ الزِّيَادِيِّ وَالْبِرْمَاوِيِّ وَالْحَلَبِيِّ قَوْلُهُ غَضَبًا رَاجِعٌ لِلْجَمِيعِ أَيْ شَأْنُهُ ذَلِكَ فَلَيْسَ قَيْدًا وَإِنَّمَا قُيِّدَ بِهِ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ. اهـ. (قَوْلُهُ: أَوْ عِتْقٌ وَصَوْمٌ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَتَعْبِيرُهُ بِأَوْ لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ لَوْ عَطَفَ بِالْوَاوِ فَقَالَ إنْ كَلَّمْته فَلِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمٌ وَعِتْقٌ وَحَجٌّ وَأَوْجَبْنَا الْكَفَّارَةَ فَوَاحِدَةٌ عَلَى الْمَذْهَبِ أَوْ الْوَفَاءَ بِمَا الْتَزَمَهُ لَزِمَهُ الْكُلُّ. اهـ. (قَوْلُهُ: بِهِ) أَيْ: لُزُومِ الْكَفَّارَةِ (قَوْلُ الْمَتْنِ وَفِي قَوْلٍ: أَيُّهُمَا شَاءَ) هَلْ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِ أَحَدُهُمَا بِاخْتِيَارِهِ؟ الظَّاهِرُ لَا يَتَعَيَّنُ. اهـ. سَيِّدُ عُمَرَ وَجَزَمَ بِذَلِكَ الْمُغْنِي نَاقِلًا لَهُ نَقْلَ الْمَذْهَبِ عِبَارَتُهُ فَيَخْتَارُ وَاحِدًا مِنْهُمَا مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى قَوْلِهِ اخْتَرْت حَتَّى لَوْ اخْتَارَ مُعَيَّنًا مِنْهُمَا لَمْ يَتَعَيَّنْ وَلَهُ الْعُدُولُ إلَى غَيْرِهِ. اهـ. (قَوْلُهُ: مَقْصُودُ الْيَمِينِ) مِنْ الْمَنْعِ أَوْ الْحَثِّ أَوْ تَحْقِيقِ الْخَبَرِ (قَوْلُهُ: أَمَّا إذَا مَا الْتَزَمَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي (تَنْبِيهٌ)

قَضِيَّةُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فَلِلَّهِ عَلَيَّ عِتْقٌ أَوْ صَوْمٌ، أَنَّ نَذْرَ اللَّجَاجِ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْتِزَامِ قُرْبَةٍ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْمُحَرَّرِ لَكِنَّ الصَّحِيحَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ فِيمَا لَوْ قَالَ إنَّ دَخَلْت الدَّارَ فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ آكُلَ الْخُبْزَ مِنْ صُوَرِ اللَّجَاجِ وَأَنَّهُ يَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ لَكِنْ هُنَا إنَّمَا يَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُشْبِهُ الْيَمِينَ لَا النَّذْرَ؛ لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ غَيْرُ قُرْبَةٍ. اهـ. وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا مُنَافٍ لِقَوْلِ الشَّارِحِ الْمَارِّ وَمِنْ ثَمَّ اخْتَصَّ بِالْقُرَبِ (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ) أَيْ نَذْرِ اللَّجَاجِ ع ش وَرَشِيدِيٌّ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

خِلَافًا لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ م ر..

<<  <  ج: ص:  >  >>