للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَيَجْهَرُ) وَلَوْ بِحَضْرَةِ النَّاسِ (لَيْلًا) وَبَعْدَ الْفَجْرِ إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ وَلَا يُعَارِضُهُ خِلَافًا لِمَنْ ظَنَّهُ قَوْلُهُمْ يُسَنُّ التَّوَسُّطُ فِي نَافِلَةِ اللَّيْلِ بَيْنَ الْجَهْرِ وَالْإِسْرَارِ؛ لِأَنَّ مَحَلَّهُ فِي النَّافِلَةِ الْمُطْلَقَةِ وَلَوْ نَوَاهَا مَعَ مَا سُنَّ الْإِسْرَارُ فِيهِ كَرَاتِبَةِ الْعِشَاءِ اُحْتُمِلَ نَدْبُ الْجَهْرِ مُرَاعَاةً لَهَا لِتَمَيُّزِهَا بِالْخِلَافِ الشَّهِيرِ فِي وُجُوبِهَا وَالسِّرُّ مُرَاعَاةٌ لِلرَّاتِبَةِ؛ لِأَنَّهَا أَفْضَلُ مِنْهَا كَمَا صَرَّحُوا بِهِ وَهَذَا أَقْرَبُ ثُمَّ رَأَيْت بَعْضَهُمْ بَحَثَ أَنَّهُ يُتَوَسَّطُ بَيْنَ الْإِسْرَارِ وَالْجَهْرِ مُرَاعَاةً لِلصَّلَاتَيْنِ وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ التَّوَسُّطَ بَيْنَهُمَا بِفَرْضِ تَصَوُّرِهِ وَأَنَّهُ وَاسِطَةٌ بَيْنَهُمَا لَيْسَ فِيهِ مُرَاعَاةٌ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا عَلَى أَنَّهُمْ لَمْ يَقُولُوا بِهِ إلَّا فِي النَّافِلَةِ الْمُطْلَقَةِ كَمَا تَقَرَّرَ (وَفِي قَوْلٍ تَجِبُ الْمُوَالَاةُ) بَيْنَ أَشْوَاطِهِ وَبَعْضِهَا (وَالصَّلَاةُ) عَقِبَ الطَّوَافِ الْفَرْضِ وَكَذَا النَّفَلُ عِنْدَ جَمْعٍ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَتَى بِهِمَا وَقَالَ «خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» وَجَوَابُهُ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَكْفِي فِي الْوُجُوبِ، وَإِلَّا لَوَجَبَ جَمِيعُ السُّنَنِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ عَدَمِ دَالٍّ عَلَى النَّدْبِ، وَقَدْ دَلَّ عَلَيْهِ فِي الْمُوَالَاةِ مَا مَرَّ وَفِي الصَّلَاةِ الْخَبَرُ الْمَشْهُورُ «هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا قَالَ لَا إلَّا أَنْ تَطَوَّعَ» وَمَحَلُّ الْخِلَافِ فِي تَفْرِيقِ كَثِيرٍ بِأَنْ يَغْلِبَ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ أَضْرَبَ عَنْ الطَّوَافِ بِلَا عُذْرٍ وَمِنْهُ إقَامَةُ جَمَاعَةٍ مَكْتُوبَةٍ وَفَوْتُ جِنَازَةٍ رَاتِبَةٍ لَا فِعْلُ جِنَازَةٍ وَمَكْتُوبَةٍ اتَّسَعَ وَقْتُهَا، وَهُوَ فَرْضٌ فَيُكْرَهُ قَطْعُهُ عَلَى الْأَوَّلِ تَسْقُطُ بِغَيْرِهَا أَيْ ثُمَّ إنْ نُوِيَتْ أُثِيبَ عَلَيْهَا وَإِلَّا سَقَطَ الطَّلَبُ فَقَطْ نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ وَنَحْوِهَا وَاسْتُشْكِلَ هَذَا بِقَوْلِهِمْ لَا يَسْقُطُ طَلَبًا مَا دَامَ حَيًّا وَأُجِيبَ بِأَنَّ مَحَلَّهُ إذَا نَفَاهَا عِنْدَ فِعْلِ غَيْرِهَا وَبِأَنَّهُمْ صَرَّحُوا بِأَنَّ الِاحْتِيَاطَ أَنْ يُصَلِّيَهَا بَعْدَ فِعْلِ الْفَرِيضَةِ وَالْأَفْضَلُ لِمَنْ طَافَ أَسَابِيعَ فِعْلُهَا عَقِبَ كُلٍّ وَيَلِيهِ مَا لَوْ أَخَّرَهَا إلَى مَا بَعْدَ الْكُلِّ ثُمَّ صَلَّى لِكُلٍّ رَكْعَتَيْنِ وَيَلِيهِ مَا لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى رَكْعَتَيْنِ لِلْكُلِّ وَعَلَى الثَّانِي يَجِبُ تَعَدُّدُهَا بِعَدَدِ الْأَسَابِيعِ، وَالْقِيَامُ فِيهَا وَيَتَوَقَّفُ التَّحَلُّلُ عَلَيْهَا عَلَى وَجْهٍ الْأَصَحُّ خِلَافُهُ وَيَصِحُّ السَّعْيُ قَبْلَهَا اتِّفَاقًا.

(فَرْعٌ) مِنْ سُنَنِ الطَّوَافِ السَّكِينَةُ وَالْوَقَارُ

ــ

[حاشية الشرواني]

فِيهِ مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَبَعْدَ الْفَجْرِ) إلَى قَوْلِهِ وَلَوْ نَوَاهَا فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَهَذَا أَقْرَبُ أَيْ تَغْلِيبًا لِلْأَفْضَلِ وَنَّائِيٌّ (قَوْلُهُ بَحَثَ أَنَّهُ يَتَوَسَّطُ إلَخْ) أَفْتَى بِهِ الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ جَازِمًا بِهِ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ وَاسِطَةٌ بَيْنَهُمَا) يُتَأَمَّلُ (قَوْلُهُ: كَمَا تَقَرَّرَ) أَيْ آنِفًا (قَوْلُهُ: بَيْنَ أَشْوَاطِهِ) إلَى قَوْلِهِ وَعَلَى الْأَوَّلِ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَكَذَا إلَى؛ لِأَنَّهُ وَقَوْلُهُ وَفَوَّتَ رَاتِبَةً وَقَوْلُهُ وَمَكْتُوبَةً اتَّسَعَ وَقْتُهَا (قَوْلُهُ: وَبَعْضُهَا) الْأَنْسَبُ وَأَبْعَاضُهَا بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَكَذَا النَّفَلُ إلَخْ) خِلَافًا لِلنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي عِبَارَتُهُمَا وَالْقَوْلَانِ فِي وُجُوبِ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ إذَا كَانَ فَرْضًا، فَإِنْ كَانَ نَفْلًا فَسُنَّةٌ قَطْعًا وَعَلَى الْوُجُوبِ يَصِحُّ الطَّوَافُ بِدُونِهِمَا لِانْتِفَاءِ رُكْنِيَّتِهِمَا وَشَرْطِيَّتِهِمَا اهـ.

(قَوْلُهُ: وَقَدْ دَلَّ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى النَّدْبِ (قَوْلُهُ: مَا مَرَّ) أَيْ مِنْ الْقِيَاسِ عَلَى الْوُضُوءِ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ أَضْرَبَ عَنْ الطَّوَافِ) أَيْ أَوْ أَنَّهُ أَتَمَّهُ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: بِلَا عُذْرٍ) أَيْ، فَإِنْ فَرَّقَ يَسِيرًا أَوْ كَثِيرًا بِعُذْرٍ لَمْ يَضُرَّ جَزْمًا كَالْوُضُوءِ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: وَمِنْهُ إقَامَةُ جَمَاعَةٍ إلَخْ) أَيْ وَعُرُوضُ حَاجَةٍ لَا بُدَّ مِنْهَا شَرْحُ بَافَضْلٍ أَيْ كَشُرْبِ مِنْ ذَهَبَ خُشُوعُهُ بِعَطَشِهِ وَنَّائِيٌّ (قَوْلُهُ: وَفَوْتُ رَاتِبَةٍ) خِلَافًا لِصَرِيحِ الْإِيعَابِ وَظَاهِرِ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ: لَا فِعْلُ جِنَازَةٍ) قَيَّدَهَا فِي الْإِيعَابِ وَابْنِ الْجَمَّالِ بِمَا إذَا لَمْ تَتَعَيَّنْ عَلَيْهِ وَيُنْدَبُ قَطْعُ النَّفْلِ لِذَلِكَ اهـ كُرْدِيٌّ عَلَى بَافَضْلٍ كَذَا قَيَّدَهَا بِذَلِكَ الْمُغْنِي وَالْوَنَّائِيُّ وَقَالَ ع ش، وَإِنْ تَعَيَّنَ وَيُعْذَرُ فِي التَّأْخِيرِ إلَى فَرَاغِهِ، فَإِنْ خِيفَ تَغَيُّرُ الْمَيِّتِ فَيَنْبَغِي وُجُوبُ قَطْعِهِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَعَلَى الْأَوَّلِ) أَيْ الْقَائِلِ بِكَوْنِ هَذِهِ الصَّلَاةِ سُنَّةً وَ (قَوْلُهُ: بِغَيْرِهَا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْغَيْرُ فَرْضًا أَوْ نَفْلًا اهـ كُرْدِيٌّ عَلَى بَافَضْلٍ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا سَقَطَ الطَّلَبُ) وَقَالَ م ر أَيْ وَالْخَطِيبُ يَحْصُلُ الثَّوَابُ، وَإِنْ لَمْ تَنْوِ وَنَّائِيٌّ (قَوْلُهُ: وَاسْتُشْكِلَ هَذَا) أَيْ سُقُوطُ صَلَاةِ الطَّوَافِ بِغَيْرِهَا (قَوْلُهُ: بِأَنَّ مَحَلَّهُ إذَا نَفَاهَا) أَيْ أَوْ لَمْ يُصَلِّ بَعْدَ الطَّوَافِ أَصْلًا ع ش وَوَنَّائِيٌّ (قَوْلُهُ: وبِأَنَّهُمْ صَرَّحُوا إلَخْ) عُطِفَ عَلَى بِأَنَّ مَحَلَّهُ إلَخْ عِبَارَةُ الْوَنَائِيِّ أَوْ بِأَنْ يَحْمِلَ قَوْلَهُمْ أَيْ لَا يَسْقُطُ إلَخْ عَلَى أَنَّهُ لَا يَسْقُطُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ؛ لِأَنَّهُ، وَإِنْ سَقَطَ طَلَبُهَا نَظَرًا إلَى قَوَاعِدِ مَذْهَبِنَا لَكِنَّهُ لَمْ يَسْقُطْ بِالنِّسْبَةِ لِقَوَاعِدِ مَذْهَبِ مَنْ أَوْجَبَهَا فَيُسَنُّ فِعْلُهَا بَعْدَ فِعْلِ الْفَرِيضَةِ احْتِيَاطًا نَظَرًا لِذَلِكَ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِهِ اهـ وَبِحَمْلِ كَلَامِ الشَّارِحِ عَلَى هَذَا يَنْدَفِعُ اسْتِشْكَالُ السَّيِّدِ الْبَصْرِيّ وَيَسْتَغْنِي عَمَّا تَكَلَّفَهُ فِي الْجَوَابِ عَنْهُ عِبَارَتُهُ قَوْلُهُ وَبِأَنَّهُمْ صَرَّحُوا إلَخْ مَحَلُّ تَأَمُّلٍ فَقَدْ يُقَالُ إنَّهُ مُقَوٍّ لِلْإِشْكَالِ؛ لِأَنَّ الطَّلَبَ إذَا سَقَطَ فَأَنَّى تَنْعَقِدُ الصَّلَاةُ بِتِلْكَ النِّيَّةِ فَضْلًا عَنْ أَنْ تَكُونَ الِاحْتِيَاطَ وَقَدْ يُجَابُ عَلَى بُعْدٍ بِأَنَّ قَوْلَهُ وَبِأَنَّهُمْ إلَخْ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِقَوْلِهِمْ إلَخْ وَسَكَتَ عَنْ جَوَابِهِ لِلْعِلْمِ مِنْ الْجَوَابِ الْمَذْكُورِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَبِأَنَّهُمْ صَرَّحُوا بِأَنَّ الِاحْتِيَاطَ إلَخْ) قَدْ يُجَابُ بِأَنَّ مَحَلَّهُ مَا ذُكِرَ أَيْضًا أَيْ مِنْ النَّفْيِ وَبِأَنَّ السَّاقِطَ بِغَيْرِهَا أَصْلُ الطَّلَبِ لَا كَمَالُهُ سم وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْبَصْرِيِّ مِنْ الْعَطْفِ عَلَى بِقَوْلِهِمْ إلَخْ وَتَقَدَّمَ آنِفًا مَا يُغْنِي عَنْهُ (قَوْلُهُ: وَالْأَفْضَلُ) إلَى قَوْلِهِ وَعَلَى الثَّانِي فِي الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ (قَوْلُهُ: وَيَلِيهِ مَا لَوْ أَخَّرَهَا إلَخْ) أَيْ بِلَا كَرَاهَةٍ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَيَلِيهِ مَا لَوْ اقْتَصَرَ إلَخْ) أَيْ بِلَا كَرَاهَةٍ فَهُوَ خِلَافُ الْأَفْضَلِ وَنَّائِيٌّ (قَوْلُهُ: مَا لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى رَكْعَتَيْنِ إلَخْ) يَظْهَرُ أَنْ يُقَالَ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى قَصْدِ كَوْنِهِمَا عَنْ الْجَمِيعِ بِالنِّسْبَةِ لِسُقُوطِ الطَّلَبِ وَأَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِحُصُولِ الثَّوَابِ فَلَعَلَّ الْأَقْرَبَ اشْتِرَاطُهُ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ: لِلْكُلِّ) أَيْ لِلْمَجْمُوعِ (قَوْلُهُ: وَعَلَى الثَّانِي) أَيْ الْقَائِلِ بِوُجُوبِ صَلَاةِ الطَّوَافِ (قَوْلُهُ: وَالْقِيَامُ فِيهَا) يُخَالِفُهُ قَوْلُ الْوَنَائِيِّ وَيَجُوزُ فِعْلُهُمَا مَعَ الْقُعُودِ، وَإِنْ قِيلَ بِالْوُجُوبِ قَالَهُ فِي الْمَجْمُوعِ اهـ

[فَرْعٌ فِي سُنَنِ الطَّوَافِ]

. (قَوْلُهُ: السَّكِينَةُ إلَخْ) وَمِنْهَا أَيْضًا نِيَّتُهُ إنْ كَانَ طَوَافَ نُسُكٍ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ فَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ طَوَافُ إفَاضَةٍ أَوْ نَذْرٍ وَلَوْ لَمْ يَتَعَيَّنْ زَمَنُهُ وَدَخَلَ وَقْتُ مَا عَلَيْهِ فَنَوَى غَيْرَهُ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

الْمَحَلِّ أَيْ مَحَلِّهِ الْآنَ لَيْسَ إلَّا عَلَامَةً عَلَى مَحَلِّ الصَّلَاةِ فَلْيُتَأَمَّلْ فَالْكَلَامُ بَعْدُ مَحَلُّ نَظَرٍ.

(قَوْلُهُ: وَبِأَنَّهُمْ صَرَّحُوا بِأَنَّ الِاحْتِيَاطَ أَنْ يُصَلِّيَهَا بَعْدَ فِعْلِ الْفَرِيضَةِ) قَدْ يُجَابُ بِأَنَّ مَحَلَّهُ مَا ذُكِرَ أَيْضًا وَبِأَنَّ السَّاقِطَ بِغَيْرِهَا أَصْلُ الطَّلَبِ

<<  <  ج: ص:  >  >>