(فَصْلٌ)
فِي الْوَلَاءِ بِفَتْحِ الْوَاوِ، وَالْمَدِّ مِنْ الْمُوَالَاةِ أَيْ: الْمُعَاوَنَةُ، وَالْمُقَارَبَةُ، وَهُوَ شَرْعًا عُصُوبَةٌ نَاشِئَةٌ عَنْ حُرِّيَّةٍ حَدَثَتْ بَعْدَ زَوَالِ مِلْكٍ مُتَرَاخِيَةٌ عَنْ عُصُوبَةِ النَّسَبِ تَقْتَضِي لِلْمُعْتِقِ وَعَصَبَتِهِ الْإِرْثَ وَوِلَايَةَ النِّكَاحِ، وَالصَّلَاةِ عَلَيْهِ، وَالْعَقْلَ عَنْهُ، وَالْأَصْلُ فِيهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ الْأَخْبَارُ الصَّحِيحَةُ نَحْوُ إنَّمَا «الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» «الْوَلَاءُ لُحْمَةٌ كَلُحْمَةِ النَّسَبِ» بِضَمِّ اللَّازِمِ وَفَتْحِهَا (مَنْ عَتَقَ عَلَيْهِ) خَرَجَ بِهِ مَنْ أَقَرَّ بِحُرِّيَّةِ قِنٍّ ثُمَّ اشْتَرَاهُ فَإِنَّهُ يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِعِتْقِهِ وَيُوقَف وَلَاؤُهُ، وَمَنْ أَعْتَقَ عَنْ غَيْرِهِ، أَوْ عَنْ كَفَّارَةِ غَيْرِهِ بِعِوَضٍ، أَوْ غَيْرِهِ، وَقَدْ قُدِّرَ انْتِقَالُ مِلْكِهِ لِلْغَيْرِ قُبَيْلَ عِتْقِهِ فَوَلَاؤُهُ لِذَلِكَ الْغَيْرِ. وَوَقَعَ فِي شَرْحِ فُصُولِ ابْنِ الْهَائِمِ لِلْمَارْدِينِيِّ وَشَيْخِنَا أَنَّهُ إذَا أَعْتَقَ عَنْ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ يَكُونُ الْوَلَاءُ لِلْمَالِكِ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ بِإِذْنِهِ، أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ، لَكِنْ فِي مَعْرِضِ التَّكْفِيرِ فَإِنَّهُ يَعْتِقُ عَمَّنْ أَعْتَقَ عَنْهُ، وَالْمُعْتِقُ نَائِبٌ عَنْهُ فِي الْإِعْتَاقِ. اهـ. وَهُوَ عَجِيبٌ لِتَوَقُّفِ الْكَفَّارَةِ عَلَى النِّيَّةِ الْمُتَوَقِّفَةِ عَلَى الْإِذْنِ، وَقَدْ اتَّفَقَتْ عِبَارَاتُهُمْ عَلَى أَنَّ لِغَيْرِ الْمُكَفِّرِ التَّبَرُّعَ عَنْهُ بِالتَّكْفِيرِ بِإِذْنِهِ فَقَوْلُهُمْ: بِإِذْنِهِ صَرِيحٌ فِي تَوَقُّفِ التَّكْفِيرِ عَنْهُ بِالْإِعْتَاقِ وَغَيْرِهِ عَلَى إذْنِهِ وَكَذَا كُلُّ مَا يَحْتَاجُ لِلنِّيَّةِ لَا يُفْعَلُ عَنْ الْغَيْرِ إلَّا بِإِذْنِهِ كَإِخْرَاجِ زَكَاةِ الْفِطْرِ وَغَيْرِهَا فَاحْفَظْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ مُهِمٌّ.
نَعَمْ يَصِحُّ حَمْلُ كَلَامِهِمَا عَلَى عِتْقِ أَجْنَبِيٍّ عَنْ كَفَّارَةِ الْغَيْرِ الْمَيِّتِ إذَا كَانَتْ مُرَتَّبَةً بِنَاءً عَلَى مَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فِي الْأَيْمَانِ وَجَرَى عَلَيْهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَنَّ لِلْأَجْنَبِيِّ الْعِتْقَ عَنْهُ فِيهَا لَكِنَّهُ فِي شَرْحِ مَنْهَجِهِ فَرَّعَ مَا فِيهَا عَلَى تَعْلِيلِ الْمَنْعِ فِي الْمُخَيَّرَةِ بِسُهُولَةِ التَّكْفِيرِ بِغَيْرِ إعْتَاقٍ أَيْ، وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا السَّبَبُ اجْتِمَاعٌ بَعْدَ الْعِبَادَةِ عَنْ النِّيَابَةِ وَبَعْدَ الْوَلَاءِ لِلْمَيِّتِ وَجَزَمَ بِذَلِكَ فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ فَقَالَ: لَا يُؤَدِّي أَجْنَبِيٌّ إعْتَاقًا عَنْهُ وَلَوْ فِي مُرَتَّبَةٍ وَعَلَّلَهُ بِمَا ذُكِرَ، فَإِنْ قُلْت: يُحْمَلُ كَلَامُهُمَا عَلَى عِتْقِ الْوَارِثِ عَنْهُ قُلْت: يُمْكِنُ بَلْ يَتَعَيَّنُ بِدَلِيلِ تَعْلِيلِ شَيْخِنَا بِأَنَّ الْمُعْتِقَ نَائِبٌ عَنْهُ فِي الْإِعْتَاقِ، وَمَنْ أَعْتَقَهُ الْإِمَامُ مِنْ عَبِيدِ بَيْتِ الْمَالِ فَإِنَّ وَلَاءَهُ لِلْمُسْلِمِينَ
ــ
[حاشية الشرواني]
مِائَةٌ مِنْ الثَّلَثِمِائَةِ يُقَابَلُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْيَاءِ الْبَاقِيَةِ بَعْدَ إسْقَاطِ الْمِائَتَيْنِ مِنْ الطَّرَفِ الْآخَرِ وَتَقْسِمُ الْمِائَةِ عَلَيْهَا يَخُصُّ كُلَّ شَيْءٍ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ. اهـ.
[فَصْلٌ فِي الْوَلَاءِ]
(قَوْلُهُ: فِي الْوَلَاءِ) إلَى قَوْلِهِ: أَوْ كَفَّارَةُ غَيْرِهِ فِي الْمُغْنِي وَإِلَى قَوْلِهِ: وَقَدْ اتَّفَقَتْ عِبَارَاتُهُمْ فِي النِّهَايَةِ. (قَوْلُهُ: مِنْ الْمُوَالَاةِ أَيْ الْمُعَاوَنَةِ إلَخْ) عِبَارَةُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ وَالْمُغْنِي لُغَةً الْقَرَابَةُ مَأْخُوذٌ مِنْ الْمُوَالَاةِ وَهُوَ الْمُعَاوَنَةُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: نَاشِئَةٌ عَنْ حُرِّيَّةٍ حَدَثَتْ بَعْدَ زَوَالِ مِلْكٍ) عِبَارَةُ شَيْخِ الْإِسْلَامِ وَالْمُغْنِي عُصُوبَةٌ سَبَبُهَا زَوَالُ الْمِلْكِ عَنْ الرَّقِيقِ بِالْحُرِّيَّةِ. اهـ. (قَوْلُهُ: حَدَثَتْ بَعْدَ زَوَالِ مِلْكٍ) اُنْظُرْ مَا الْحَاجَةُ إلَى هَذَا بَعْدَ قَوْلِهِ: نَاشِئَةٌ عَنْ حُرِّيَّةٍ وَقَوْلُهُ: مُتَرَاخِيَةٌ عَنْ عُصُوبَةِ النَّسَبِ بَيَّنَ بِهَذَا وَاَلَّذِي بَعْدَهُ خَاصَّةً الْوَلَاءَ وَثَمَرَاتِهِ وَإِلَّا فَهُمَا غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِمَا فِي التَّعْرِيفِ رَشِيدِيٌّ عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَهِيَ مُتَرَاخِيَةٌ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَالصَّلَاةِ) مَعْطُوفٌ عَلَى النِّكَاحِ وَقَوْلُهُ: وَالْعَقْلَ إلَخْ مَعْطُوفٌ عَلَى الْإِرْثَ. (قَوْلُهُ: الْأَخْبَارُ الصَّحِيحَةُ إلَخْ) وقَوْله تَعَالَى {ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ} [الأحزاب: ٥] إلَى قَوْلِهِ: وَمَوَالِيكُمْ مُغْنِي (قَوْلُهُ: بِضَمِّ اللَّازِمِ) اقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْمُخْتَارِ ع ش. (قَوْلُهُ: خَرَجَ بِهِ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ عِبَارَةُ النِّهَايَةِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ، ثُمَّ لِعَصَبَتِهِ وَخَرَجَ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ مَنْ عَتَقَ عَلَيْهِ إلَخْ مَنْ أَقَرَّ إلَخْ وَهِيَ ظَاهِرَةٌ. (قَوْلُهُ: وَيُوقَفُ وَلَاؤُهُ) أَيْ: إلَى الصُّلْحِ أَوْ تَبَيُّنِ الْحَالِ ع ش عِبَارَةُ الْمُغْنِي، وَلَا يَكُونُ وَلَاؤُهُ لَهُ بَلْ هُوَ مَوْقُوفٌ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ بِزَعْمِهِ لَمْ يَثْبُتْ لَهُ وَإِنَّمَا عَتَقَ عَلَيْهِ مُؤَاخَذَةً لَهُ بِقَوْلِهِ:. اهـ. (قَوْلُهُ: وَمَنْ أَعْتَقَ إلَخْ) وَمَا لَوْ أَعْتَقَ الْكَافِرُ كَافِرًا فَلَحِقَ الْعَتِيقُ بِدَارِ الْحَرْبِ وَاسْتَرَقَّ، ثُمَّ أَعْتَقَهُ السَّيِّدُ الثَّانِي فَوَلَاؤُهُ لِلثَّانِي. (تَنْبِيهٌ)
يَثْبُتُ الْوَلَاءُ لِلْكَافِرِ عَلَى الْمُسْلِمِ كَعَكْسِهِ، وَإِنْ لَمْ يَتَوَارَثَا كَمَا تَثْبُتُ عُلْقَةُ النِّكَاحِ وَالنَّسَبِ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ لَمْ يَتَوَارَثَا، وَلَا يَثْبُتُ الْوَلَاءُ بِسَبَبٍ آخَرَ غَيْرِ الْإِعْتَاقِ كَإِسْلَامِ شَخْصٍ عَلَى يَدِ غَيْرِهِ وَحَدِيثُ «مَنْ أَسْلَمَ عَلَى يَدِ رَجُلٍ فَهُوَ أَحَقُّ النَّاسِ بِمَحْيَاهُ وَمَمَاتِهِ» قَالَ الْبُخَارِيُّ: اخْتَلَفُوا فِي صِحَّتِهِ وَكَالْتِقَاطٍ وَحَدِيثُ «وَتَحُوزُ الْمَرْأَةُ ثَلَاثَةَ مَوَارِيثَ عَتِيقِهَا وَلَقِيطِهَا وَوَلَدِهَا الَّذِي لَاعَنَتْ عَلَيْهِ» ضَعَّفَهُ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ وَكَالْحِلْفِ وَالْمُوَالَاةِ مُغْنِي.
(قَوْلُهُ: أَوْ عَنْ كَفَّارَةِ غَيْرِهِ) الْأَوْلَى كَفَّارَةٌ أَمْ لَا (قَوْلُهُ: بِعِوَضٍ إلَخْ) رَاجِعٌ لِلْمَعْطُوفَيْنِ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ قُدِّرَ انْتِقَالُ مِلْكِهِ لِلْغَيْرِ) أَيْ: بِأَنْ كَانَ الْعِتْقُ بِالْإِذْنِ بِشَرْطِهِ رَشِيدِيٌّ عِبَارَةُ ع ش أَيْ: فُرِضَ ذَلِكَ بِأَنْ أَذِنَ لَهُ الْغَيْرُ وَهُوَ الْمُكَفِّرُ عَنْهُ لِلْمَالِكِ فِي الْإِعْتَاقِ أَوْ كَانَ الْمَالِكُ وَلِيًّا لِمَحْجُورٍ لَزِمَتْهُ كَفَّارَةٌ بِالْقَتْلِ فَإِنَّ الْمَالِكَ إذَا أَعْتَقَهُ عَنْ الْآذِنِ أَوْ الْمَوْلَى عَلَيْهِ قَدَّرَ دُخُولَهُ فِي مِلْكِهِمَا قَبْلَ الْعِتْقِ. اهـ. (قَوْلُهُ: يَكُونُ الْوَلَاءُ لِلْمَالِكِ) مُعْتَمَدٌ ع ش وَقِيَاسُ التَّصَدُّقِ عَنْ الْغَيْرِ بِدُونِ إذْنِهِ حُصُولُ الثَّوَابِ هُنَا لِلْغَيْرِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْوَلَاءُ لَهُ وَقَدْ يُفِيدُهُ مَا يَأْتِي عَنْ الْمُغْنِي عِنْدَ قَوْلِ الشَّارِحِ لِلْخَبَرَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ عَجِيبٌ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ لِتَوَقُّفِ الْكَفَّارَةِ إلَخْ قَالَ ع ش: قَوْلُهُ: وَهُوَ إلَخْ أَيْ قَوْلُهُ: لَكِنْ فِي مَعْرِضِ التَّكْفِيرِ إلَخْ فَمَتَى كَانَ الْإِعْتَاقُ بِغَيْرِ إذْنِ مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ كَانَ الْوَلَاءُ لِلْمُعْتِقِ ع ش. (قَوْلُهُ: لِتَوَقُّفِ الْكَفَّارَةِ عَلَى النِّيَّةِ إلَخْ) هَذَا التَّعْلِيلُ يُوهِمُ وُقُوعَ الْعِتْقِ عَنْهُ لَكِنْ لَا عَنْ الْكَفَّارَةِ وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَيْسَ كَذَلِكَ رَشِيدِيٌّ وَفِيهِ نَظَرٌ إنْ أَرَادَ نَفْيَ حُصُولِ الثَّوَابِ لِلْغَيْرِ لِمَا مَرَّ آنِفًا مِنْ حُصُولِ الثَّوَابِ لِمَنْ تَصَدَّقَ عَنْهُ بِلَا إذْنٍ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَغَيْرِهِ) الْوَاوُ بِمَعْنَى، أَوْ. (قَوْلُهُ: حُمِلَ كَلَامُهُمَا) أَيْ: كَلَامُ الْمَارْدِينِيِّ وَشَيْخِ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ الْفُصُولِ. (قَوْلُهُ: وَجَرَى) أَيْ: شَيْخُ الْإِسْلَامِ عَلَيْهِ أَيْ: عَلَى مَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا. (قَوْلُهُ عَنْهُ) أَيْ: الْغَيْرِ الْمَيِّتِ بِنِيَّةٍ فِيهَا أَيْ: فِي الْكَفَّارَةِ. (قَوْلُهُ: مَا فِيهِمَا) أَيْ: فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا. (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا السَّبَبُ) أَيْ: سَبَبُ الْمَنْعِ وَعِلَّتِهِ.
(قَوْلُهُ: بِذَلِكَ) أَيْ بِأَنَّ السَّبَبَ إنَّمَا هُوَ ذَلِكَ الِاجْتِمَاعُ. (قَوْلُهُ: عَنْهُ) أَيْ: الْمَيِّتِ (قَوْلُهُ: بِمَا ذُكِرَ) أَيْ: بِالِاجْتِمَاعِ الْمَذْكُورِ. (قَوْلُهُ: كَلَامُهُمَا) أَيْ: الْمَارْدِينِيِّ وَشَيْخِ الْإِسْلَامِ. (قَوْلُهُ: عَنْهُ) أَيْ: الْمَيِّتِ (قَوْلُهُ: تَعْلِيلِ شَيْخِنَا إلَخْ) أَيْ الْمَارِّ آنِفًا. (قَوْلُهُ: وَمَنْ أَعْتَقَهُ الْإِمَامُ إلَخْ) لَعَلَّهُ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ:
[حاشية ابن قاسم العبادي]
فَصْلٌ مَنْ عَتَقَ عَلَيْهِ رَقِيقٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute