للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَنَّ لِلْإِمَامِ اسْتِيفَاءَهُ؛ لِأَنَّ السَّاقِطَ حَقُّ الْآدَمِيِّ وَاَلَّذِي يَسْتَوْفِيهِ الْإِمَامُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى لِلْمَصْلَحَةِ وَيَسْتَوْفِي سَيِّدُ قِنٍّ مَقْذُوفٍ مَاتَ تَعْزِيرَهُ وَإِنْ لَمْ يَرِثْهُ (وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ) إذَا مَاتَ الْمَقْذُوفُ الْحَرُّ (يَرِثُهُ كُلُّ الْوَرَثَةِ) حَتَّى الزَّوْجَيْنِ كَالْقِصَاصِ نَعَمْ قَذْفُ الْمَيِّتِ لَا يَرِثُهُ الزَّوْجُ أَوْ الزَّوْجَةُ عَلَى أَحَدِ وَجْهَيْنِ رَجَحَ لِانْقِطَاعِ الْوَصْلَةِ بَيْنَهُمَا وَفِيهِ نَظَرٌ لِتَصْرِيحِهِمْ بِبَقَاءِ آثَارِ النِّكَاحِ بَعْدَ الْمَوْتِ (وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ لَوْ عَفَا بَعْضُهُمْ) عَنْ حَقِّهِ مِنْ الْحَدِّ أَوْ كَانَ غَيْرَ مُكَلَّفٍ (فَلِلْبَاقِي) مِنْهُمْ وَإِنْ قَلَّ نَصِيبُهُ (كُلُّهُ) أَيْ اسْتِيفَاءُ جَمِيعِهِ كَمَا أَنَّ لِأَحَدِهِمْ طَلَبَ اسْتِيفَائِهِ وَإِنْ لَمْ يَرْضَ غَيْرُهُ أَوْ غَابَ؛ لِأَنَّهُ لِدَفْعِ الْعَارِ اللَّازِمِ لِلْوَاحِدِ كَالْجَمْعِ مَعَ أَنَّهُ لَا بَدَلَ لَهُ وَبِهِ فَارَقَ الْقِصَاصَ فَإِنَّ ثُبُوتَ بَدَلِهِ يَمْنَعُ مِنْ التَّفْوِيتِ فِيهِ وَيُفَرَّقُ بَيْنَ هَذَا وَنَحْوِ الْغَيْبَةِ فَإِنَّهُ لَا يُورَثُ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَكْفِ تَحْلِيلُ الْوَارِثِ مِنْهُ بِأَنَّ مَلْحَظَ مَا هُنَا الْعَارُ وَهُوَ يَشْمَلُ الْوَارِثَ أَيْضًا فَكَانَ لَهُ فِيهِ دَخْلٌ بِخِلَافِ نَحْوِ الْغَيْبَةِ فَإِنَّهُ مَحْضُ إيذَاءٍ يَخْتَصُّ بِالْمَيِّتِ فَلَا يَتَعَدَّى أَثَرُهُ لِلْوَارِثِ.

(فَصْلٌ)

فِي بَيَانِ حُكْمِ قَذْفِ الزَّوْجِ وَنَفْيِ الْوَلَدِ

ــ

[حاشية الشرواني]

وَفَائِدَتُهُ أَنَّهُ لَوْ عَفَا عَنْ التَّعْزِيرِ ثُمَّ عَادَ وَطَلَبَهُ لَا يُجَابُ وَأَنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يُقِيمَهُ لِلْمَصْلَحَةِ لَا لِكَوْنِهِ حَقَّ آدَمِيٍّ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَاكَ اهـ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ السَّاقِطَ) أَيْ بِالْعَفْوِ. (قَوْلُهُ وَيَسْتَوْفِي سَيِّدُ قِنٍّ إلَخْ) أَيْ لَا عَصَبَتُهُ الْأَحْرَارُ وَلَا السُّلْطَانُ مُغْنِي وَأَسْنَى (قَوْلُ الْمَتْنِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ) أَيْ حَدَّ الْقَذْفِ وَمِثْلُهُ التَّعْزِيرُ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ. (قَوْلُهُ إذَا مَاتَ الْمَقْذُوفُ) أَيْ قَبْلَ اسْتِيفَائِهِ اهـ مُغْنِي. (قَوْلُهُ الْحَرُّ) أَيْ أَمَّا الْقِنُّ فَقَدْ مَرَّ حُكْمُهُ آنِفًا (قَوْلُ الْمَتْنِ كُلُّ الْوَرَثَةِ) أَيْ عَلَى سَبِيلِ الْبَدَلِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ لَهُ حَدٌّ وَإِلَّا لَتَعَدَّدَ الْحَدُّ بِتَعَدُّدِ الْوَرَثَةِ مُغْنِي وَزِيَادِيٌّ.

(فَرْعٌ)

لَوْ قَذَفَهُ أَوْ قَذَفَ مُوَرِّثَهُ شَخْصٌ فَلَهُ وَإِنْ لَمْ يَعْجَزْ عَنْ بَيِّنَةِ الزِّنَا أَوْ بَيِّنَةِ الْإِقْرَارِ بِهِ تَحْلِيفُهُ فِي الْأُولَى أَنَّهُ لَمْ يَزْنِ وَفِي الثَّانِيَةِ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ زِنَا مُوَرِّثِهِ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يُقِرُّ فَيَسْقُطُ الْحَدُّ عَنْ الْقَاذِفِ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ وَرَوْضٌ مَعَ شَرْحِهِ (قَوْلُهُ حَتَّى الزَّوْجَيْنِ) إلَى الْفَصْلِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَفِيهِ نَظَرٌ إلَى الْمَتْنِ وَقَوْلُهُ أَوْ كَانَ غَيْرَ مُكَلَّفٍ. (قَوْلُهُ قَذَفَ الْمَيِّتَ إلَخْ) هَذَا تَصْرِيحٌ بِأَنَّ قَذْفَ الْمَيِّتِ يُوجِبُ الْعُقُوبَةَ كَقَذْفِ الْحَيِّ وَلَوْ مَاتَ زَيْدٌ مَثَلًا عَنْ وَلَدٍ ثُمَّ مَاتَ الْوَلَدُ عَنْ وَلَدٍ أَوْ عَمٍّ ثُمَّ قُذِفَ زَيْدٌ فَهَلْ الْمُسْتَحِقُّ لِحَدِّ الْقَذْفِ الْإِمَامُ أَوْ الْمُسْتَحِقُّ لَهُ وَلَدُ الْوَلَدِ أَوْ الْعَمُّ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ الثَّانِي اهـ سم بِحَذْفٍ (قَوْلُهُ عَلَى أَحَدِ وَجْهَيْنِ رَجَحَ) اعْتَمَدَهُ الْأَسْنَى وَالنِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي. (قَوْلُهُ وَبِهِ) أَيْ بِقَوْلِهِ مَعَ أَنَّهُ لَا بَدَلَ لَهُ. (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا يُورَثُ) لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ كَوْنِ الْغَيْبَةِ فِي حَيَاةِ الْمُغْتَابِ أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ اهـ ع ش

[فَصْلٌ فِي بَيَانِ حُكْمِ قَذْفِ الزَّوْجِ وَنَفْيِ الْوَلَدِ جَوَازًا أَوْ وُجُوبًا]

(فَصْلٌ فِي بَيَانِ حُكْمِ قَذْفِ الزَّوْجِ) (قَوْلُهُ فِي بَيَانِ حُكْمِ) إلَى الْفَصْلِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي آخِرَ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

قَوْلُهُ أَنَّ لِلْإِمَامِ اسْتِيفَاءَهُ إلَخْ) هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْآتِيَ فِي بَابِهِ تَعْزِيرُ الْقَذْفِ.

(فَرْعٌ)

فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ لَوْ قَذَفَهُ أَوْ قَذَفَ مُوَرِّثَهُ فَلَهُ وَإِنْ لَمْ يَعْجَزْ عَنْ بَيِّنَةِ الزِّنَا أَوْ بَيِّنَةِ الْإِقْرَارِ بِهِ تَحْلِيفُهُ أَنَّهُ لَمْ يَزْنِ فِي الْأُولَى أَوْ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ زِنَا مُوَرِّثِهِ فِي الثَّانِيَةِ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يُقِرُّ فَيَسْقُطُ الْحَدُّ عَنْ الْقَاذِفِ قَالَ فِي الْأَصْلِ عَنْ الْأَكْثَرِينَ قَالُوا وَلَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى بِالزِّنَا وَالتَّحْلِيفِ عَلَى نَفْيِهِ إلَّا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ اهـ مَا فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ أَيْ فَإِنْ حَلَفَ حُدَّ الْقَاذِفُ وَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ الْقَاذِفُ وَسَقَطَ عَنْهُ الْحَدُّ وَلَا يُحَدُّ الْمَقْذُوفُ، نَعَمْ تُسْمَعُ الدَّعْوَى وَالتَّحْلِيفُ فِي مَسْأَلَةٍ أُخْرَى وَهِيَ مَا لَوْ وَقَفَ عَلَى وَلَدَيْهِ عَلَى أَنَّ مَنْ زَنَى مِنْهُمَا رَجَعَ نَصِيبُهُ لِأَخِيهِ فَلَوْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ أَنَّهُ زَنَى فَيَرْجِعُ إلَيْهِ نَصِيبُهُ سُمِعْتَ دَعْوَاهُ وَلَهُ تَحْلِيفُهُ.

(قَوْلُهُ نَعَمْ قَذْفُ الْمَيِّتِ لَا يَرِثُهُ إلَخْ) هَذَا تَصْرِيحٌ بِأَنَّ قَذْفَ الْمَيِّتِ يُوجِبُ الْعُقُوبَةَ كَقَذْفِ الْحَيِّ وَبِأَنَّهُ يَرِثُهُ وَرَثَتُهُ فَكَانَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يُقَدَّرُ ثُبُوتُهُ لِلْمَيِّتِ قُبَيْلَ مَوْتِهِ ثُمَّ انْتِقَالُهُ لِوَرَثَتِهِ كَمَا يُقَدَّرُ دُخُولُ دِيَةِ الْمَقْتُولِ فِي مِلْكِهِ قُبَيْلَ مَوْتِهِ ثُمَّ انْتِقَالُهَا لِوَرَثَتِهِ وَكَمَا يُقَدَّرُ دُخُولُ الصَّيْدِ الَّذِي وَقَعَ بَعْدَ مَوْتِهِ فِي شَبَكَةِ نَصْبِهَا فِي حَيَاتِهِ فِي مِلْكِهِ قُبَيْلَ مَوْتِهِ ثُمَّ انْتِقَالُهُ لِوَرَثَتِهِ بَقِيَ مَا لَوْ مَاتَ زَيْدٌ مَثَلًا عَنْ وَلَدٍ ثُمَّ مَاتَ الْوَلَدُ عَنْ وَلَدٍ أَوْ عَمٍّ ثُمَّ قُذِفَ زَيْدٌ فَهَلْ الْمُسْتَحِقُّ لَحَدّ الْقَذْفِ الْإِمَامُ؛ لِأَنَّهُ لَا وَارِثَ لَهُ الْآنَ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ الَّذِي هُوَ الْوَارِثُ غَيْرُ مَوْجُودٍ وَوَلَدَ الْوَلَدِ أَوْ الْعَمِّ لَمْ يَكُنْ وَارِثًا عِنْدَ الْمَوْتِ لِحَجْبِهِ بِالْوَلَدِ أَوْ الْمُسْتَحِقُّ لَهُ وَلَدُ الْوَلَدِ أَوْ عَمُّ الْعَمِّ؛ لِأَنَّا نُقَدِّرُ انْتِقَالَهُ عَنْ الْمَيِّتِ لِلْوَلَدِ ثُمَّ عَنْ الْوَلَدِ لِوَلَدِهِ أَوْ عَمِّهِ كَمَا أَنَّا فِيمَا إذَا أَلْحَقَ إنْسَانٌ النَّسَبَ بِجَدِّهِ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ وَارِثًا لِجَدِّهِ حَائِزًا وَنَكْتَفِي بِكَوْنِهِ وَارِثًا حَائِزًا لِتَرِكَةِ أَبِيهِ الْحَائِزِ لِتَرِكَةِ جَدِّهِ فِيهِ نَظَرٌ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ الثَّانِي فَإِنْ قِيلَ لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ بَلْ يَكْفِي أَنْ يُقَدَّرَ مَوْتُ زَيْدٍ عِنْدَ الْقَذْفِ فَيَرِثُهُ الْوَارِثُ حِينَئِذٍ وَهُوَ وَالِدُ الْوَلَدِ أَوْ الْعَمِّ قُلْنَا هَذَا لَا يُخَالِفُ مَا قُلْنَاهُ وَلِهَذَا قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ فِي مَسْأَلَةِ الْإِلْحَاقِ الْمَذْكُورَةِ أَنَّهُ يُفْهِمُ أَنْ يَعْتَبِرَ كَوْنَ الْمُقِرِّ حَائِزَ الْمِيرَاثِ الْمُلْحَقِ بِهِ لَوْ قُدِّرَ مَوْتُهُ حِينَ الْإِلْحَاقِ.

ثُمَّ اُعْتُرِضَ عَلَى هَذَا بِمَا أُجِيبُ عَنْهُ إلَّا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ مُلَاحَظَةِ مَا قُلْنَاهُ إذْ لَوْ قَطَعْنَا النَّظَرَ عَنْهُ وَنَظَرْنَا لِمُجَرَّدِ حَالِ الْقَذْفِ وَتَقْدِيرِ مَوْتِ الْمَقْذُوفِ حِينَئِذٍ لَزِمَ أَنْ يَسْتَحِقَّ وَلَدُ الْوَلَدِ أَوْ الْعَمِّ فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ وَإِنْ كَانَا كَافِرَيْنِ عِنْدَ مَوْتِ زَيْدٍ وَوَلَدِهِ ثُمَّ أَسْلَمَا عِنْدَ الْقَذْفِ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُمَا حِينَئِذٍ كَمَا صَرَّحُوا بِنَظِيرِهِ فِي مَسْأَلَةِ الِاسْتِلْحَاقِ الْمَذْكُورَةِ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ عَلَى أَحَدِ وَجْهَيْنِ رَجَحَ) اعْتَمَدَهُ م ر وَقَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ أَنَّهُ أَوْجَهُهُمَا. (قَوْلُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ لِتَصْرِيحِهِمْ إلَخْ) يُجَابُ بِضَعْفِ الْعَلَقَةِ بَعْدَ الْمَوْتِ فَلَمْ تَثْبُتْ جَمِيعُ الْآثَارِ وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ ثُبُوتَ الزَّوْجِيَّةِ بَيْنَهُمَا فِي الْجَنَّةِ؛ لِأَنَّ الزَّوْجِيَّةَ تَعُودُ فِي الْجَنَّةِ بَعْدَ انْقِطَاعِ أَحْكَامِهَا الدُّنْيَوِيَّةِ بِالْمَوْتِ بِدَلِيلِ جَوَازِ تَزَوُّجِ أُخْتِ الزَّوْجَةِ وَأَرْبَعٍ سِوَاهَا بَعْدَ مَوْتِهَا. (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَأَنَّهُ لَوْ عَفَا بَعْضُهُمْ) أَيْ أَوْ وَرِثَ الْقَاذِفُ مِنْ الْمَيِّتِ بَعْضَ حَدِّ الْقَذْفِ كَمَا فِي الرَّوْضِ.

(قَوْلُهُ فَإِنَّهُ) أَيْ نَحْوَ الْغَيْبَةِ ش.

(فَصْلٌ فِي بَيَانِ حُكْمِ قَذْفِ الزَّوْجِ وَنَفْيِ الْوَلَدِ

<<  <  ج: ص:  >  >>