اعْتَمَدُوا الْفَرْقَ فَقَالُوا لِأَنَّهَا لِلتَّمْلِيكِ وَتَمْلِيكُ الْمَعْدُومِ مُمْتَنِعٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الرَّافِعِيُّ تَعْلِيلًا لِلْمَذْهَبِ مِنْ بُطْلَانِ الْوَصِيَّةِ لِمَا سَتَحْمِلُهُ هَذَا الْمَرْأَةُ، وَاسْتَدَلَّ بَعْضُهُمْ لِذَلِكَ بِقَوْلِ الْبَيَانِ لَوْ أَوْصَى لِعَقِبِ زَيْدٍ فَمَاتَ الْمُوصِي، ثُمَّ زَيْدٌ فَالْوَصِيَّةُ لِوَلَدِهِ أَوْ لِأَوْلَادِ زَيْدٍ صُرِفَ لِلْمَوْجُودِينَ يَوْمَ الْوَصِيَّةِ دُونَ مَنْ يُولَدُ لَهُ بَعْدَهُ اهـ وَفِي فَرْقِهِ بَيْنَ الْعَقِبِ وَالْأَوْلَادِ نَظَرٌ وَعَلَى مَا قَالَهُ أُولَئِكَ مِنْ الْبُطْلَانِ فَاَلَّذِي يَظْهَرُ بُطْلَانُ الْوَصِيَّةِ فِي النِّصْفِ قِيَاسًا عَلَى مَا يَأْتِي فِي الْوَصِيَّةِ لِزَيْدٍ وَالْجِدَارِ أَوْ نَحْوِهِ مِمَّا لَا يُوصَفُ بِالْمِلْكِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ مَنْ سَيَحْدُثُ مِنْ ذَلِكَ فَإِفْتَاءُ بَعْضِهِمْ بِإِلْغَاءِ ذِكْرِهِمْ وَصِحَّتِهَا بِالْكُلِّ لِلْمَوْجُودِينَ غَيْرُ صَحِيحٍ وَتَخْرِيجُهَا عَلَى الْوَصِيَّةِ لِلْأَقَارِبِ وَقُلْنَا لَا تَدْخُلُ وَرَثَتُهُ فَاسِدٌ؛ لِأَنَّهُ ثَمَّ لَمْ يَذْكُرْ الْوَرَثَةَ حَتَّى يُوَزَّعَ عَلَيْهِمْ فَكَأَنَّهُمْ لَمْ يُذْكَرُوا، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ قُلْنَا بِدُخُولِهِمْ بَطَلَ فِي نَصِيبِهِمْ، ثُمَّ رَأَيْت بَعْضَهُمْ صَرَّحَ بِمَا ذَكَرْته لَكِنَّهُ اسْتَدَلَّ بِمَا لَا يَنْهَضُ وَلَا يُنَافِي الْبُطْلَانُ صِحَّةَ الْإِيصَاءِ عَلَى أَطْفَالِهِ الْمَوْجُودِينَ وَمَنْ سَيُولَدُ لَهُ أَخْذًا مِمَّا نُقِلَ أَنَّ الشَّافِعِيَّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَعَلَ ذَلِكَ فِي وَصِيَّتِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا تَمْلِيكَ هُنَا بِخِلَافِهِ فِيمَا مَرَّ وَأُورِدَ عَلَيْهِ صِحَّتُهَا مَعَ عَدَمِ ذِكْرِ جِهَةٍ وَلَا شَخْصٍ كَأَوْصَيْتُ بِثُلُثِ مَالِي، وَيُصْرَفُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ أَوْ بِثُلُثِهِ لِلَّهِ وَيُصْرَفُ فِي وُجُوهِ الْبِرِّ، وَيُجَابُ بِأَنَّ مِنْ شَأْنِ الْوَصِيَّةِ أَنْ يُقْصَدَ بِهَا أُولَئِكَ فَكَانَ إطْلَاقُهَا بِمَنْزِلَةِ ذِكْرِهِمْ فَفِيهِ ذِكْرُ جِهَةٍ ضِمْنًا، وَبِهَذَا فَارَقَتْ الْوَقْفَ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ ذِكْرِ الْمَصْرِفِ، وَسَيَأْتِي صِحَّتُهَا بِغَيْرِ الْمَمْلُوكِ، وَلَيْسَ قَضِيَّةُ الْمَتْنِ هُنَا خِلَافَ ذَلِكَ خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ لِمَا يَأْتِي مِنْ الْفَرْقِ الْوَاضِحِ بَيْنَ الْمُوصَى بِهِ وَلَهُ
(فَرْعٌ)
صَرَّحَ الصَّيْمَرِيُّ وَصَاحِبُ التَّنْبِيهِ وَتَبِعَهُمْ ابْنُ الرِّفْعَةِ وَالْقَمُولِيُّ وَلَمْ يُبَالِيَا بِاقْتِضَاءِ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ خِلَافَهُ بِأَنَّهُ يَصِحُّ تَعْلِيقُ الْوَصِيَّةِ بِالشَّرْطِ فِي الْحَيَاةِ أَوْ بَعْدَ الْمَوْتِ كَأَوْصَيْتُ بِكَذَا لَهُ إنْ تَزَوَّجَ بِنْتِي أَوْ رَجَعَ مِنْ سَفَرِهِ أَوْ إنْ مِتُّ مِنْ مَرَضِي هَذَا أَوْ إنْ شَاءَ زَيْدٌ فَشَاءَ أَوْ إنْ مَلَكْت هَذَا فَمَلَكَهُ، وَصَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ بِقَبُولِهَا لِلتَّعْلِيقِ بِأَنْ يُدْخِلَ الْأَدَاةَ عَلَى أَصْلِ الْفِعْلِ وَلِلشَّرْطِ بِأَنْ يَجْزِمَ بِالْأَصْلِ، وَيَشْتَرِطُ فِيهِ أَمْرًا آخَرَ حَيْثُ قَالَ لَوْ أَوْصَى بِعِتْقِهَا عَلَى أَنْ لَا تَتَزَوَّجَ عَتَقَتْ عَلَى الشَّرْطِ فَإِنْ تَزَوَّجَتْ لَمْ يَبْطُلْ الْعِتْقُ وَالنِّكَاحُ؛ لِأَنَّ عَدَمَ الشَّرْطِ يَمْنَعُ إمْضَاءَ الْوَصِيَّةِ وَنُفُوذَ الْعِتْقِ يَمْنَعُ الرُّجُوعَ فِيهِ لَكِنْ يُرْجَعُ عَلَيْهَا بِقِيمَتِهَا تَكُونُ مِيرَاثًا وَإِنْ طَلَّقَهَا الزَّوْجُ، وَلَوْ أَوْصَى لِأُمِّ وَلَدِهِ بِأَلْفٍ عَلَى أَنْ لَا تَتَزَوَّجَ أُعْطِيَتْهَا فَإِنْ تَزَوَّجَتْ اُسْتُرْجِعَتْ مِنْهَا بِخِلَافِ الْعِتْقِ اهـ.
ــ
[حاشية الشرواني]
عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ بَعْضَهُمْ (قَوْلُهُ اعْتَمَدُوا الْفَرْقَ) ضَعِيفٌ اهـ ع ش (قَوْلُهُ كَمَا صُرِّحَ بِهِ) أَيْ بِذَلِكَ التَّعْلِيلِ (قَوْلُهُ لِذَلِكَ) أَيْ لِلْفَرْقِ (قَوْلُهُ لِوَلَدِهِ) أَيْ الْمَوْجُودِ يَوْمَ الْوَصِيَّةِ وَالْمُحْدَثِ بَعْدَهُ (قَوْلُهُ أَوْ أَوْلَادِ زَيْدٍ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ لِعَقِبِ زَيْدٍ سم (قَوْلُهُ وَعَلَى مَا قَالَهُ إلَخْ) أَيْ الْمَرْجُوحِ (قَوْلُهُ مِنْ ذَلِكَ) خَبَرَانِ وَالْإِشَارَةُ لِمَا لَا يُوصَفُ بِالْمِلْكِ (قَوْلُهُ ذِكْرِهِمْ) لِأَوْلَى الْأَفْرَادِ (قَوْلُهُ وَتَخْرِيجُهَا) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ فَاسِدٌ، وَالضَّمِيرُ رَاجِعٌ إلَى الْوَصِيَّةِ لِلْمَوْجُودِينَ وَمَنْ سَيَحْدُثُ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ) أَيْ الْمُوصِيَ ثَمَّ أَيْ فِي الْوَصِيَّةِ لِلْأَقَارِبِ وَقَوْلُهُ فَكَأَنَّهُمْ أَيْ الْوَرَثَةَ لَمْ يَذْكُرُوا أَيْ لَا صَرَاحَةً وَلَا ضِمْنًا.
(قَوْلُهُ وَلَا يُنَافِي الْبُطْلَانَ) أَيْ عَلَى مَا قَالَهُ الْجَمْعُ الْمُتَقَدِّمُ الْمَرْجُوحُ (قَوْلُهُ بِمَا ذَكَرْته) أَيْ بِبُطْلَانِ الْوَصِيَّةِ فِي النِّصْفِ (قَوْلُهُ وَأُورِدَ عَلَيْهِ) أَيْ الْمُصَنِّفِ أَيْ مَا اقْتَضَاهُ تَقْسِيمُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ الْمُوصَى لَهُ مُعَيَّنًا أَوْ عَامًّا اهـ مُغْنِي عِبَارَةُ الْكُرْدِيِّ أَيْ عَلَى الْمَتْنِ كَانَ وَجْهُ الْإِيرَادِ أَنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ الْجِهَةَ وَالشَّخْصَ تُوُهِّمَ عَدَمُ الصِّحَّةِ بِغَيْرِ ذِكْرِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَعَ صِحَّتِهَا بِدُونِ ذِكْرِهِمَا اهـ.
(قَوْلُهُ وَيُصْرَفُ إلَخْ) أَيْ فَإِنَّهُ يَصِحُّ مَعَ عَدَمِ ذِكْرِ مَصْرِفٍ وَيُصْرَفُ لِلْفُقَرَاءِ إلَخْ اهـ ع ش (قَوْلُهُ فِي وُجُوهِ الْبِرِّ) أَيْ وَلَا يَخْتَصُّ بِالْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ وَيُجَابُ إلَخْ) فِي هَذَا الْجَوَابِ مَا لَا يَخْفَى اهـ سم (قَوْلُهُ أُولَئِكَ) أَيْ الْفُقَرَاءُ وَالْمَسَاكِينُ وَوُجُوهُ الْبِرِّ اهـ ع ش (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ فِيهِ إلَخْ) هَذَا هُوَ الْحُكْمُ وَالْمَطْلُوبُ بَيَانُ مَعْنًى اقْتَضَى ذَلِكَ فِيهِ دُونَهَا اهـ سم (قَوْلُهُ وَسَيَأْتِي صِحَّتُهَا إلَخْ) كَأَنَّهُ دَفَعَ بِهِ مَا يُتَوَهَّمُ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ أَنْ يَتَصَوَّرَ لَهُ الْمِلْكَ مِنْ عَدَمِ صِحَّتِهَا بِغَيْرِ الْمَمْلُوكِ اهـ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ خِلَافَ ذَلِكَ) الْإِشَارَةُ رَاجِعَةٌ إلَى الصِّحَّةِ اهـ سم
[تَعْلِيقُ الْوَصِيَّةِ بِالشَّرْطِ فِي الْحَيَاةِ أَوْ بَعْدَ الْمَوْتِ]
(قَوْلُهُ بِالشَّرْطِ فِي الْحَيَاةِ أَوْ بَعْدَ الْمَوْتِ) أَيْ يَتَجَدَّدُ أَمْرٌ فِي حَيَاةِ الْمُوصِي أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ وَبِهَذَا ظَهَرَ أَنَّ الْوَاوَ لَا مَوْقِعَ لَهَا (قَوْلُهُ كَأَوْصَيْتُ إلَخْ) هَذِهِ الْأَمْثِلَةُ كُلٌّ مِنْهَا يَصِحُّ مِثَالًا لِلشَّرْطِ فِي الْحَيَاةِ وَالشَّرْطِ بَعْدَ الْمَوْتِ إلَّا قَوْلُهُ أَوْ إنْ مِتُّ مِنْ مَرَضِي هَذَا فَلَا يَصِحُّ مِثَالًا لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَقَوْلُهُ أَوْ إنْ مَلَكْت إلَخْ فَمُخْتَصٌّ بِالشَّرْطِ فِي الْحَيَاةِ ثُمَّ قَوْلُهُ فَشَاءَ فِي الْمِثَالِ الرَّابِعِ وَقَوْلُهُ فَمَلَكَهُ فِي الْمِثَالِ الْخَامِسِ لَا مَدْخَلَ لَهُمَا فِي التَّمْثِيلِ، وَلَا يَظْهَرُ لِتَخْصِيصِ هَذَيْنِ الْمِثَالَيْنِ بِذِكْرِ تَحَقُّقِ الشَّرْطِ دُونَ مَا قَبْلَهُمَا فَائِدَةٌ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ بِأَنْ يُدْخِلَ الْأَدَاةَ إلَخْ) أَيْ كَالْأَمْثِلَةِ الْمَارَّةِ آنِفًا (قَوْلُهُ وَلِلشَّرْطِ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ لِلتَّعْلِيقِ (قَوْلُهُ بِأَنْ يُجْزَمَ بِالْأَصْلِ إلَخْ) أَيْ كَالْأَمْثِلَةِ الْآتِيَةِ آنِفًا (قَوْلُهُ حَيْثُ قَالَ) أَيْ الْمَاوَرْدِيُّ (قَوْلُهُ عَتَقَتْ) أَيْ بِمُجَرَّدِ الْمَوْتِ وَالْقَبُولِ وَقَوْلُهُ عَلَى الشَّرْطِ يَعْنِي مَعَ رِعَايَةِ شَرْطِ عَدَمِ التَّزَوُّجِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ عَدَمَ الشَّرْطِ إلَخْ) أَيْ بِالتَّزَوُّجِ مَعَ قَوْلِهِ وَنُفُوذُ الْعِتْقِ إلَخْ نَشْرٌ عَلَى تَرْتِيبِ اللَّفِّ، فَالْأَوَّلُ عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ عَلَى الشَّرْطِ وَالثَّانِي عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ فَإِنْ تَزَوَّجَتْ لَمْ يَبْطُلْ إلَخْ (قَوْلُهُ يَمْنَعُ الرُّجُوعَ فِيهِ) أَيْ فِي الْعِتْقِ بِالْبُطْلَانِ (قَوْلُهُ لَكِنْ يُرْجَعُ إلَخْ) بِبِنَاءِ الْمَفْعُولِ وَقَوْلُهُ وَإِنْ طَلَّقَهَا إلَخْ غَايَةٌ (قَوْلُهُ وَلَوْ أَوْصَى إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى لَوْ أَوْصَى إلَخْ (قَوْلُهُ أُعْطِيتَهَا)
[حاشية ابن قاسم العبادي]
كَذَلِكَ فَهَذَا بَعْدَ تَسَلُّمِهِ لَا يَدُلُّ عَلَى امْتِنَاعِ خِلَافِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ عَدَمَ وُقُوعِ الشَّيْءِ لَا يَدُلُّ عَلَى امْتِنَاعِهِ (قَوْلُهُ أَوْ لِأَوْلَادِ) عَطْفٌ عَلَى لِعَقِبِ (قَوْلُهُ وَأُورِدَ عَلَيْهِ إلَخْ) أَقُولُ إنَّمَا يُتَّجَهُ هَذَا الْإِيرَادُ لَوْ شَرَطَ الْمُصَنِّفُ لِصِحَّتِهَا ذِكْرَ الْجِهَةِ أَوْ الشَّخْصِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ إنَّمَا ذُكِرَ شَرْطُ الْجِهَةِ إنْ وَقَعَتْ الْوَصِيَّةُ لَهَا وَالشَّخْصُ إنْ وَقَعَتْ الْوَصِيَّةُ لَهُ وَهَذَا لَا يُنَافِي جَوَازَ الْوَصِيَّةِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَلْيُتَأَمَّلْ - (قَوْلُهُ وَيُجَابُ إلَخْ) فِي هَذَا الْجَوَابِ مَا لَا يَخْفَى (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ فِيهِ إلَخْ) هَذَا هُوَ الْحُكْمُ وَالْمَطْلُوبُ بَيَانُ مَعْنًى اقْتَضَى ذَلِكَ فِيهِ دُونَهَا (قَوْلُهُ خِلَافُ ذَلِكَ) الْإِشَارَةُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute