للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فِي عِدَّةِ) طَلَاقٍ (رَجْعِيٍّ) إجْمَاعًا (لَا بَائِنٍ) لِانْقِطَاعِ الزَّوْجِيَّةِ (وَفِي الْقَدِيمِ) وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْجَدِيدِ أَيْضًا (تَرِثُهُ) بِشُرُوطٍ لَيْسَ هَذَا مَحَلُّ ذِكْرِهَا وَبِهِ قَالَ الْأَئِمَّةُ الثَّلَاثَةُ؛ لِأَنَّ ابْنَ عَوْفٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ الْكَلْبِيَّةَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ فَوَرِثَهَا عُثْمَانُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - فَصُولِحَتْ مِنْ رُبْعِ الثُّمُنِ عَلَى ثَمَانِينَ أَلْفًا قِيلَ دَنَانِيرُ وَقِيلَ دَرَاهِمُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ قَصَدَ حِرْمَانَهَا فَعُومِلَ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ كَمَا لَا يَرِثُ الْقَاتِلُ، وَإِذَا قَصَدَ بِهِ الْفِرَارَ عَلَى الْجَدِيدِ كُرِهَ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي نَحْوِ بَيْعِ مَالِ الزَّكَاةِ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ فِرَارًا مِنْهَا وَالْقِيَاسُ التَّحْرِيمُ لِفَرْقِهِمْ بَيْنَ تَرَدُّدِ الشَّافِعِيِّ هُنَا وَجَزْمِهِ ثَمَّ بِنَفْعِ الْحِيلَةِ بِأَنَّ هَذَا حَقُّ آدَمِيٍّ مُعَيَّنٌ أَيْ أَصَالَةً فَاحْتِيطَ لَهُ وَبِقَوْلِي أَصَالَةً انْدَفَعَ إيرَادُ مَا إذَا انْحَصَرَ مُسْتَحِقُّوهَا وَبِأَنَّ الْمَرِيضَ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ فَمُنِعَ مِنْ إسْقَاطِ بَعْضِ الْوَرَثَةِ بِخِلَافِ الْمَالِكِ ثَمَّ.

(فَصْلٌ) فِي تَعَدُّدِ الطَّلَاقِ بِنِيَّةِ الْعَدَدِ فِيهِ أَوْ ذِكْرِهِ، وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ (قَالَ طَلَّقْتُك أَوْ أَنْتِ طَالِقٌ) أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ مِنْ سَائِرِ الصَّرَائِحِ (وَنَوَى عَدَدًا) ثِنْتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا (وَقَعَ) مَا نَوَاهُ وَلَوْ فِي غَيْرِ مَوْطُوءَةٍ؛ لِأَنَّ اللَّفْظَ لَمَّا احْتَمَلَهُ بِدَلِيلِ جَوَازِ تَفْسِيرِهِ بِهِ كَانَ كِنَايَةً فِيهِ فَوَقَعَ قَطْعًا وَاسْتُشْكِلَ بِأَنَّهُ لَوْ نَذَرَ الِاعْتِكَافَ وَنَوَى أَيَّامًا فَفِي وُجُوبِهَا وَجْهَانِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَكَأَنَّ الْفَرْقَ أَنَّ الطَّلَاقَ تَدْخُلُهُ الْكِنَايَةُ بِخِلَافِ الِاعْتِكَافِ. انْتَهَى.

وَلَيْسَ بِشَافٍ بَلْ لَيْسَ بِصَحِيحٍ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ فِي الْفَرْقِ أَنَّ التَّعَدُّدَ فِي الْأَيَّامِ خَارِجٌ عَنْ حَقِيقَةِ الِاعْتِكَافِ الشَّرْعِيَّةِ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ لَمْ يَرْبِطْهَا بِعَدَدٍ مُعَيَّنٍ بِخِلَافِ التَّعَدُّدِ فِي الطَّلَاقِ فَإِنَّهُ غَيْرُ خَارِجٍ عَنْ حَقِيقَتِهِ الشَّرْعِيَّةِ فَكَانَ الْمَنْوِيُّ هُنَا دَاخِلًا فِي لَفْظِهِ لِاحْتِمَالِهِ لَهُ شَرْعًا بِخِلَافِهِ ثَمَّ فَإِنَّهُ خَارِجٌ عَنْ لَفْظِهِ وَالنِّيَّةُ وَحْدَهَا لَا تُؤَثِّرُ فِي النَّذْرِ.

(وَكَذَا الْكِنَايَةُ) إذَا نَوَى بِهَا عَدَدًا وَقَعَ لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ «أَنَّ رُكَانَةَ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ

ــ

[حاشية الشرواني]

قَوْلُ الْمَتْنِ تَرِثُهُ) إنَّمَا عَبَّرَ بِهِ دُونَ يَتَوَارَثَانِ تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّهَا لَوْ مَاتَتْ لَا يَرِثُهَا، وَهُوَ كَذَلِكَ. اهـ. مُغْنِي (قَوْلُهُ: بِشُرُوطٍ إلَخْ) أَحَدُهَا كَوْنُ الزَّوْجَةِ وَارِثَةً فَلَوْ أَسْلَمَتْ بَعْدَ الطَّلَاقِ فَلَا. ثَانِيهَا عَدَمُ اخْتِيَارِهَا فَلَوْ اخْتَلَعَتْ أَوْ سَأَلَتْ فَلَا. ثَالِثُهَا كَوْنُ الْبَيْنُونَةِ فِي مَرَضٍ مَخُوفٍ وَنَحْوِهِ وَمَاتَ بِسَبَبِهِ فَإِنْ بَرِئَ مِنْهُ لَا. رَابِعُهَا كَوْنُهَا بِالطَّلَاقِ لَا بِلِعَانٍ وَفَسْخٍ. خَامِسُهَا كَوْنُهُ مُنْشَأً لِيَخْرُجَ مَا إذَا أَقَرَّ بِهِ. سَادِسُهَا كَوْنُهُ مُنَجَّزًا. اهـ. مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَبِهِ) أَيْ بِالْقَدِيمِ (قَوْلُهُ: طَلَّقَ امْرَأَتَهُ إلَخْ) أَيْ طَلَاقًا بَائِنًا. اهـ زِيَادِيٌّ (قَوْلُهُ: مِنْ رُبْعِ الثَّمَنِ) أَيْ؛ لِأَنَّ زَوْجَاتِهِ كُنَّ أَرْبَعًا. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: بِهِ) أَيْ بِطَلَاقِهَا الْفِرَارُ أَيْ مِنْ إرْثِهَا (قَوْلُهُ: كُرِهَ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: بِنَفْعِ الْحَلِيلَةِ) تَنَازَعَ فِيهِ تَرَدُّدُ وَجَزْمُ وَقَوْلُهُ: بِأَنَّ هَذَا مُتَعَلِّقٌ لِفَرْقِهِمْ وَالْإِشَارَةُ إلَى الْإِرْثِ.

[فَصْلٌ فِي تَعَدُّدِ الطَّلَاقِ بِنِيَّةِ الْعَدَدِ فِيهِ أَوْ ذِكْرِهِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ]

(فَصْلٌ فِي تَعَدُّدِ الطَّلَاقِ) (قَوْلُهُ: وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ) أَيْ مِنْ قَصْدِ التَّأْكِيدِ أَوْ الِاسْتِئْنَافِ وَغَيْرِ ذَلِكَ. اهـ. ع ش (قَوْلُ الْمَتْنِ قَالَ طَلَّقْتُك إلَخْ) أَيْ لَوْ قَالَ شَخْصٌ لِزَوْجَتِهِ وَلَوْ نَائِمَةً أَوْ مَجْنُونَةً طَلَّقْتُك إلَخْ. اهـ. مُغْنِي (قَوْلُهُ: أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ) إلَى قَوْلِهِ وَاسْتُشْكِلَ فِي الْمُغْنِي، وَإِلَى قَوْلِهِ وَلَوْ قَالَ أَنْتُمَا فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَاسْتُشْكِلَ إلَى الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ إلَخْ) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يُخَاطِبْهَا كَقَوْلِهِ هَذِهِ طَالِقٌ. اهـ. مُغْنِي (قَوْلُهُ: جَوَازِ تَفْسِيرِهِ بِهِ) أَيْ تَفْسِيرِ اللَّفْظِ بِالْعَدَدِ أَيْ بِالْمَصْدَرِ الْعَدَدِيِّ كَأَنْ يُقَالَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثَ تَطْلِيقَاتٍ فَإِنَّ ثَلَاثَ تَطْلِيقَاتٍ تَفْسِيرٌ لِطَالِقٍ. اهـ. كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: وَاسْتُشْكِلَ) أَيْ كَوْنُ الْوُقُوعِ قَطْعِيًّا (قَوْلُهُ: بَلْ لَيْسَ بِصَحِيحٍ) يُمْكِنُ أَنْ يُوَجَّهَ عَدَمُ الصِّحَّةِ بِأَنَّ مَا ذَكَرَ نَذْرُ اعْتِكَافٍ لَا اعْتِكَافٌ وَالنَّذْرُ صِيغَةُ الْتِزَامٍ يَدْخُلُهَا الصَّرِيحُ وَالْكِنَايَةُ سَيِّدُ عُمَرَ وَسم (قَوْلُهُ: وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ فِي الْفَرْقِ إلَخْ) قَدْ يُنَاقَشُ فِي هَذَا الْفَرْقِ بِأَنَّهُ لَا خَفَاءَ أَنَّ مَعْنَى كَوْنِهِ نَوَى أَيَّامًا أَنَّهُ نَوَى الِاعْتِكَافَ فِي تِلْكَ الْأَيَّامِ وَالِاعْتِكَافُ فِي تِلْكَ الْأَيَّامِ غَيْرُ خَارِجٍ عَنْ حَقِيقَةِ الِاعْتِكَافِ كَعَدَمِ خُرُوجِ الْعَدَدِ عَنْ حَقِيقَةِ الطَّلَاقِ فَلْيُتَأَمَّلْ. اهـ. سم أَقُولُ الْأَوْلَى فِي الْمُنَاقَشَةِ أَنْ يُقَالَ إنَّ حَقِيقَةَ الطَّلَاقِ الشَّرْعِيَّةِ الْعَدَدُ خَارِجٌ عَنْهَا أَيْضًا إذْ هِيَ لَيْسَتْ إلَّا حَلَّ عِصْمَةِ النِّكَاحِ، وَالْعَدَدُ مِنْ عَوَارِضِهَا كَسَائِرِ الْمَعْدُودَاتِ، وَهَذَا كُلُّهُ عَلَى سَبِيلِ التَّنَزُّلِ أَنَّ كَلَامَهُمْ الْمُسْتَشْكَلَ مَفْرُوضٌ فِي الِاعْتِكَافِ وَالْحَقُّ أَنَّهُ مَفْرُوضٌ فِي نَذْرِهِ كَمَا أَسْلَفْنَاهُ آنِفًا. اهـ. سَيِّدُ عُمَرَ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ عَدَمِ خُرُوجِ التَّعَدُّدِ عَنْ الْحَقِيقَةِ الشَّرْعِيَّةِ أَنْ يَكُونَ لَهُ فِي الشَّرْعِ عَدَدٌ مُعَيَّنٌ لَا يُتَجَاوَزُ عَنْهُ كَمَا أَفَادَهُ التَّعْلِيلُ، وَهَذَا مَوْجُودٌ فِي الطَّلَاقِ دُونَ الِاعْتِكَافِ.

(قَوْلُهُ: لَمْ يَرْبِطْهَا) الْأَوْلَى تَذْكِيرُ ضَمِيرِ الْمَفْعُولِ (قَوْلُهُ: لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ أَنَّ رُكَانَةَ إلَخْ) كَأَنَّ مَبْنَى الِاسْتِدْلَالِ أَنَّ الْمُرَادَ بِكَوْنِهِ طَلَّقَهَا أَلْبَتَّةَ أَنَّهُ طَلَّقَهَا بِصِيغَةِ أَلْبَتَّةَ فَلْيُتَأَمَّلْ. اهـ سم، وَأَقَرَّهُ ع ش وَرَشِيدِيٌّ وَعَقَّبَهُ السَّيِّدُ عُمَرَ بِمَا نَصُّهُ وَلَك أَنْ تَقُولَ إنَّ الْحَدِيثَ لَيْسَ صَرِيحًا وَلَا ظَاهِرًا فِيمَا ذَكَرَ مِنْ أَنَّ الطَّلَاقَ وَقَعَ بِصِيغَةِ أَلْبَتَّةَ الَّتِي هِيَ مِنْ صِيَغِ الْكِنَايَةِ، وَلَعَلَّهُ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ.

وَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ إنَّ مَا ذَكَرَ لَيْسَ دَلِيلًا عَلَى خُصُوصِ الْكِنَايَةِ بَلْ عَلَى عُمُومِ أَنَّهُ إذَا أَوْقَعَ طَلَاقًا صَرِيحًا كَانَ أَوْ كِنَايَةً وَنَوَى عَدَدًا وَلَمْ يَتَلَفَّظْ بِهِ أَنَّهُ يَقَعُ وَالْحَدِيثُ حِينَئِذٍ وَاضِحُ الدَّلَالَةِ عَلَى ذَلِكَ، وَإِنْ جُوِّزَ أَنْ يَكُونَ تَطْلِيقُ رُكَانَةَ بِلَفْظٍ صَرِيحٍ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكِنَايَةِ إلَّا فِي إفَادَةِ حَلِّ الْعِصْمَةِ فَإِنَّ الْأَوَّلَ نَصٌّ فِيهِ وَالثَّانِيَ مُحْتَمَلٌ، وَأَمَّا مَا نَوَاهُ مِنْ الْعَدَدِ فَهُمَا مُتَسَاوِيَانِ فِي عَدَمِ إفَادَتِهِ فَحَيْثُ صَحَّ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

(فَصْلٌ) فِي تَعَدُّدِ الطَّلَاقِ إلَخْ (قَوْلُهُ: بَلْ لَيْسَ بِصَحِيحٍ إلَخْ) يُحْتَمَلُ أَنَّ وَجْهَ ذَلِكَ أَنَّ الِاعْتِكَافَ أَيْضًا تَدْخُلُهُ الْكِنَايَةُ فِي الْعَدَدِ فِي الْجُمْلَةِ فَإِنَّهُ لَوْ نَذَرَ اعْتِكَافَ يَوْمٍ وَنَوَى مَعَ لَيْلَتِهِ لَزِمَهُ اعْتِكَافُهَا أَيْضًا (قَوْلُهُ: وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ فِي الْفَرْقِ أَنَّ إلَخْ) قَدْ يُنَاقَشُ فِي هَذَا الْفَرْقِ بِأَنَّهُ لَا خَفَاءَ أَنَّ مَعْنَى كَوْنِهِ نَوَى أَيَّامًا أَنَّهُ نَوَى الِاعْتِكَافَ فِي تِلْكَ الْأَيَّامِ وَالِاعْتِكَافُ فِي تِلْكَ الْأَيَّامِ غَيْرُ خَارِجٍ عَنْ حَقِيقَةِ الِاعْتِكَافِ كَعَدَمِ خُرُوجِ الْعَدَدِ عَنْ حَقِيقَةِ الطَّلَاقِ فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ أَنَّ رُكَانَةَ إلَخْ) كَأَنَّ مَبْنَى الِاسْتِدْلَالِ أَنَّ الْمُرَادَ بِكَوْنِهِ طَلَّقَهَا أَلْبَتَّةَ أَنَّهُ طَلَّقَهَا بِصِيغَةِ أَلْبَتَّةَ فَلْيُتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: ثَلَاثًا) لَوْ لَمْ يَزِدْ ثَلَاثًا وَلَا نِيَّةَ لَهُ وَقَعَتْ وَاحِدَةٌ كَمَا أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ تَبَعًا لِابْنِ الصَّبَّاغِ

<<  <  ج: ص:  >  >>