للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَلَا يَسْتَحِقُّ ذُو وَظِيفَةٍ كَقِرَاءَةٍ أَخَلَّ بِهَا فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ وَقَالَ الْمُصَنِّفُ إنْ أَخَلَّ وَاسْتَنَابَ لِعُذْرٍ كَمَرَضٍ، أَوْ حَبْسٍ بَقِيَ اسْتِحْقَاقُهُ وَإِلَّا لَمْ يَسْتَحِقَّ لِمُدَّةِ الِاسْتِنَابَةِ فَأَفْهَمَ بَقَاءَ أَثَرِ اسْتِحْقَاقِهِ لِغَيْرِ مُدَّةِ الْإِخْلَالِ وَهُوَ مَا اعْتَمَدَهُ السُّبْكِيُّ كَابْنِ الصَّلَاحِ فِي كُلِّ وَظِيفَةٍ تَقْبَلُ الْإِنَابَةَ كَالتَّدْرِيسِ بِخِلَافِ التَّعَلُّمِ قِيلَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِ جَوَازُ اسْتِنَابَةِ الْأَدْوَنِ لَكِنْ صَرَّحَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْمِثْلِ، وَالْكَلَامُ فِي غَيْرِ أَيَّامِ الْبَطَالَةِ، وَالْعِبْرَةُ فِيهَا بِنَصِّ الْوَاقِفِ وَإِلَّا فَبِعُرْفِ زَمَنِهِ الْمُطَّرِدِ الَّذِي عَرَفَهُ وَإِلَّا فَبِعَادَةِ مَحَلِّ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ وَأَفْتَى بَعْضُهُمْ بِأَنَّ الْمُعَلِّمَ فِي سَنَةٍ لَا يُعْطِي مِنْ غَلَّةٍ غَيْرِهَا وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ مِنْ الْأُولَى شَيْءٌ وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ، وَلَعَلَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا عَلِمَ ذَلِكَ مِنْ شَرْطِ الْوَاقِفِ، أَوْ قَرَائِنِ حَالِهِ الظَّاهِرَةِ فِيهِ.

(فَصْلٌ) فِي أَحْكَامِ الْوَقْفِ الْمَعْنَوِيَّةِ (الْأَظْهَرُ أَنَّ الْمِلْكَ فِي رَقَبَةِ الْمَوْقُوفِ) عَلَى مُعَيَّنٍ (أَوْ جِهَةٍ يَنْتَقِلُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى أَيْ:) تَفْسِيرٌ لِمَعْنَى الِانْتِقَالِ إلَيْهِ تَعَالَى وَإِلَّا فَجَمِيعُ الْمَوْجُودَاتِ مِلْكٌ لَهُ فِي جَمِيعِ الْحَالَاتِ بِطَرِيقِ الْحَقِيقَةِ وَغَيْرُهُ إنْ سُمِّيَ مَالِكًا فَإِنَّمَا هُوَ بِطَرِيقِ التَّوَسُّعِ (يَنْفَكُّ عَنْ اخْتِصَاصِ الْآدَمِيِّينَ)

ــ

[حاشية الشرواني]

حُجَّةُ الْإِسْلَامِ بِتَخْصِيصِ الْأَمْلَاكِ بِالْعَقَارِ فَلَعَلَّ إفْتَاءَهُ الْمَذْكُورَ مَبْنِيٌّ عَلَيْهِ وَيُرْشِدُ إلَى ذَلِكَ تَعْلِيلُهُ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ إلَخْ اهـ سَيِّدُ عُمَرَ (قَوْلُهُ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إلَخْ) (فَرْعٌ)

فِي فَتَاوَى السُّيُوطِيّ (مَسْأَلَةٌ)

رَجُلٌ وَقَفَ مُصْحَفًا عَلَى مَنْ يَقْرَأُ فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ حِزْبًا وَيَدْعُو لَهُ وَجَعَلَ لَهُ عَلَى ذَلِكَ مَعْلُومًا مِنْ عَقَارِ وَقْفِهِ لِذَلِكَ فَأَقَامَ الْقَارِئُ مُدَّةً يَتَنَاوَلُ الْمَعْلُومَ وَلَمْ يَقْرَأْ شَيْئًا، ثُمَّ أَرَادَ التَّوْبَةَ فَمَا طَرِيقَةُ الْجَوَابِ طَرِيقُهُ أَنْ يَحْسِبَ الْأَيَّامَ الَّتِي لَمْ يَقْرَأْ فِيهَا وَيَقْرَأْ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ حِزْبًا وَيَدْعُو عَقِبَ كُلِّ حِزْبٍ الْوَاقِفُ حَتَّى يُوَفِّيَ ذَلِكَ انْتَهَى وَظَاهِرُ مَا نَقَلَهُ الشَّارِحُ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَعَنْ الْمُصَنِّفِ خِلَافُ ذَلِكَ فَلْيُحَرَّرْ اهـ سم (قَوْلُهُ: وَلَا يَسْتَحِقُّ إلَخْ) (فَائِدَةٌ)

قَالَ الْمِنَاوِيُّ فِي كِتَابِهِ الْمُسَمَّى بِتَيْسِيرِ الْوُقُوفِ عَلَى غَوَامِضِ أَحْكَامِ الْوُقُوفِ فِي آخِرِ الْكِتَابِ السَّادِسِ فِي تَرْجَمَةِ مَا جَمَعَ مِنْ فَتَاوَى شَيْخِ الْإِسْلَامِ الشَّيْخِ زَكَرِيَّا الْأَنْصَارِيِّ مَا نَصُّهُ وَأَنَّهُ سُئِلَ عَنْ قَوْلِ الْعِزِّ بْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فِي كِتَابِهِ فَوَائِدِ الْقُرْآنِ الْوَقْفُ عَلَى الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ فِي مَسْجِدٍ وَعَلَى قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ فِي التُّرَبِ هِيَ شُرُوطٌ لَا أَعْوَاضٌ فَمَنْ أَتَى بِجَمِيعِ أَجْزَاءِ الشَّرْطِ إلَّا جُزْءًا كَأَنْ أَخَلَّ الْإِمَامُ بِصَلَاةٍ مِنْهَا، وَالْقَارِئُ بِقِرَاءَةِ يَوْمٍ فَلَا شَيْءَ لَهُ أَلْبَتَّةَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ مَفْهُومُ الشَّرْطِ مِنْهُ وَكَذَا وَقْفُ الْمُدَرِّسِ إذَا قَالَ الْوَاقِفُ، أَوْ شَهِدَ الْعُرْفُ أَنَّ مَنْ يَشْتَغِلُ شَهْرًا فَلَهُ دِينَارٌ فَاشْتَغَلَ أَقَلَّ مِنْهُ وَلَوْ بِيَوْمٍ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَلَمْ تُوَزَّعْ الْجَامَكِيَّةُ عَلَى قَدْرِ مَا يَشْتَغِلُ بِهِ انْتَهَى فَأَجَابَ: كَلَامُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَام صَرِيحٌ فِي عَدَمِ التَّوْزِيعِ فِيمَا ذُكِرَ وَأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا وَهُوَ اخْتِيَارٌ لَهُ يَلِيقُ بِالْمُتَوَرَّعِينَ وَقَالَ السُّبْكِيُّ إنَّهُ فِي غَايَةِ الضِّيقِ وَيُؤَدِّي إلَى مَحْذُورٍ فَإِنَّ أَحَدًا لَا يُمْكِنُهُ أَنْ لَا يُخِلَّ بِيَوْمٍ وَلَا بِصَلَاةٍ إلَّا نَادِرًا وَلَا يَقْصِدُ الْوَاقِفُونَ ذَلِكَ وَفِي فَتَاوَى ابْنِ الصَّلَاحِ مَا يُخَالِفُهُ حَيْثُ قَالَ وَأَمَّا مَنْ أَخَلَّ بِشَرْطِ الْوَاقِفِ فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ فَيَنْظُرُ فِي كَيْفِيَّةِ اشْتِرَاطِ الشَّرْطِ الَّذِي أَخَلَّ بِهِ فَإِنْ كَانَ مُقْتَضَاهُ تَقْيِيدَ الِاسْتِحْقَاقِ فِي تِلْكَ الْأَيَّامِ بِالْقِيَامِ بِهِ فِيهَا سَقَطَ اسْتِحْقَاقُهُ فِيهَا وَإِلَّا فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مَشْرُوطًا عَلَى وَجْهٍ يَكُونُ تَرْكُهُ فِيهَا إخْلَالًا بِالْمَشْرُوطِ فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ الْحُضُورَ كُلَّ يَوْمٍ فَلَا يَسْقُطُ اسْتِحْقَاقُهُ فِيهَا وَحَيْثُ سَقَطَ لَا يُتَوَهَّمُ سُقُوطُهُ فِي آخِرِ الْأَيَّامِ.

وَأَمَّا الْبَطَالَةُ فِي رَجَبٍ وَشَعْبَانَ وَرَمَضَانَ فَمَا وَقَعَ مِنْهَا فِي رَمَضَانَ وَنِصْفِ شَعْبَانَ لَا يَمْنَعُ مِنْ الِاسْتِحْقَاقِ حَيْثُ لَمْ يَنُصَّ الْوَاقِفُ عَلَى اشْتِرَاطِ الْحُضُورِ فِيهَا، وَمَا وَقَعَ قَبْلَ ذَلِكَ يَمْنَعُ إذْ لَيْسَ فِيهَا عُرْفٌ مُسْتَمِرٌّ وَلَا يُخْفَى الِاحْتِيَاطُ وَذَكَرَ الزَّرْكَشِيُّ نَحْوَهُ فَقَالَ لَوْ وَرَدَتْ الْجَعَالَةُ عَلَى شَيْئَيْنِ يَنْفَكُّ أَحَدُهُمَا عَنْ الْآخَرِ كَقَوْلِهِ مَنْ رَدَّ عَبْدَيَّ فَلَهُ كَذَا فَرَدَّ أَحَدَهُمَا اسْتَحَقَّ نِصْفَ الْجُعْلِ وَعَلَيْهِ يُخَرَّجُ غَيْبَةُ الطَّالِبِ عَنْ الدَّرْسِ فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ إذَا قَالَ الْوَاقِفُ مَنْ حَضَرَ شَهْرَ كَذَا فَلَهُ كَذَا فَإِنَّ الْأَيَّامَ كَالْعَبِيدِ فَإِنَّهَا أَشْيَاءُ مُتَفَاصِلَةٌ فَيَسْتَحِقُّ بِقِسْطِ مَا حَضَرَ فَتَفَطَّنْ لِذَلِكَ فَإِنَّهُ مِمَّا يُغْلَطُ فِيهِ انْتَهَى اهـ ع ش

وَقَوْلُهُ فَإِنَّ فِي قَوْلِهِ فَإِنْ كَانَ إلَخْ وَقَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يُشْتَرَطْ إلَخْ لَعَلَّهُ مُحَرَّفٌ عَنْ بِأَنَّ بِالْبَاءِ وَقَوْلُهُ يَكُونُ تَرْكُهُ إلَخْ لَعَلَّ صَوَابَهُ لَا يَكُونُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ: بِأَنْ اسْتَنَابَ بِغَيْرِ عُذْرٍ (قَوْلُهُ: لِغَيْرِ مُدَّةِ الْإِخْلَالِ) أَيْ: وَإِنْ أَخَلَّ بِلَا عُذْرٍ وَلَا اسْتِنَابَةٍ (قَوْلُهُ: بِأَنَّ الْمُعَلِّمَ) أَيْ: وَنَحْوَهُ مِمَّنْ جَعَلَ الْغَلَّةَ فِي مُقَابَلَةِ عَمَلِهِ.

[فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْوَقْفِ الْمَعْنَوِيَّةِ]

(فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْوَقْفِ الْمَعْنَوِيَّةِ) (قَوْلُهُ: فِي أَحْكَامِ الْوَقْفِ) إلَى قَوْلِهِ وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِمْ فِي النِّهَايَةِ، وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ: لِمَعْنَى الِانْتِقَالِ) أَيْ: لِلْمُرَادِ بِهِ (قَوْلُهُ بِطَرِيقِ التَّوَسُّعِ) أَيْ: وَالْمَالِكُ الْحَقِيقِيُّ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى لَكِنَّهُ لَمَّا أَذِنَ فِي التَّصَرُّفِ فِيهِ لِمَنْ هُوَ فِي يَدِهِ بِالطَّرِيقِ الشَّرْعِيِّ رَتَّبَ عَلَيْهِ أَحْكَامًا خَاصَّةً كَالْقَطْعِ بِسَرِقَتِهِ وَوُجُوبِ رَدِّهِ عَلَى مَنْ غُصِبَ مِنْهُ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَحْكَامِ اهـ ع ش

(قَوْلُهُ: عَنْ اخْتِصَاصِ الْآدَمِيِّينَ) أَيْ: اخْتِصَاصِ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

قَوْلُهُ: قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَلَا يَسْتَحِقُّ إلَخْ) فَرْعٌ فِي فَتَاوَى السُّيُوطِيّ (مَسْأَلَةٌ)

رَجُلٌ وَقَفَ مُصْحَفًا عَلَى مَنْ يَقْرَأُ فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ حِزْبًا وَيَدْعُو لَهُ وَجَعَلَ لَهُ عَلَى ذَلِكَ مَعْلُومًا مِنْ عَقَارٍ وَقَفَهُ لِذَلِكَ فَأَقَامَ الْقَارِئُ مُدَّةً يَتَنَاوَلُ الْمَعْلُومَ وَلَمْ يَقْرَأْ شَيْئًا، ثُمَّ أَرَادَ التَّوْبَةَ فَمَا طَرِيقَهُ الْجَوَابُ طَرِيقُهُ أَنْ يَحْسِبَ الْأَيَّامَ الَّتِي لَمْ يَقْرَأْ فِيهَا وَيَقْرَأَ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ حِزْبًا وَيَدْعُو عَقِبَ كُلِّ حِزْبٍ لِلْوَاقِفِ حَتَّى يُوَفِّيَ ذَلِكَ اهـ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ إذَا فَعَلَ هَذَا الطَّرِيقَ اسْتَحَقَّ مَا يَتَنَاوَلُهُ فِي الْأَيَّامِ الَّتِي عَطَّلَهَا وَظَاهِرُ مَا نَقَلَهُ الشَّارِحُ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَعَنْ الْمُصَنِّفِ خِلَافُ ذَلِكَ فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ) كَذَا م ر.

(فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْوَقْفِ الْمَعْنَوِيَّةِ) (قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ أَيْ يَنْفَكُّ عَنْ اخْتِصَاصِ الْآدَمِيِّينَ) أَيْ اخْتِصَاصِ

<<  <  ج: ص:  >  >>