للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(كِتَابُ الْكَفَّارَةِ)

مِنْ الْكُفْرِ وَهُوَ السَّتْرُ لِسَتْرِهَا الذَّنْبَ بِمَحْوِهِ أَوْ تَخْفِيفِ إثْمِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا زَوَاجِرُ كَالْحُدُودِ وَالتَّعَازِيرِ أَوْ جَوَابِرُ لِلْخَلَلِ وَرَجَّحَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الثَّانِيَ؛ لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ لِافْتِقَارِهَا لِلنِّيَّةِ أَيْ فَهِيَ كَسُجُودِ السَّهْوِ فَإِنْ قُلْت الْمُقَرَّرُ فِي الدَّفْنِ لِكَفَّارَةِ الْبَصْقِ أَنَّهُ يَقْطَعُ دَوَامَ الْإِثْمِ وَهُنَا الْكَفَّارَةُ عَلَى الثَّانِي لَا تَقْطَعُ دَوَامَهُ وَإِنَّمَا تُخَفِّفُ بَعْضَ إثْمِهِ قُلْت يُفَرَّقُ بِأَنَّ الدَّفْنَ مُزِيلٌ لِعَيْنِ مَا بِهِ الْمَعْصِيَةُ فَلَمْ يَبْقَ بَعْدَهُ شَيْءٌ يَدُومُ إثْمُهُ بِخِلَافِ الْكَفَّارَةِ هُنَا فَإِنَّهَا لَيْسَتْ كَذَلِكَ فَتَأَمَّلْهُ وَعَلَى الْأَوَّلِ الْمَمْحُوُّ هُوَ حَقُّ اللَّهِ مِنْ حَيْثُ هُوَ حَقُّهُ وَأَمَّا بِالنَّظَرِ لِنَحْوِ الْفَاسِقِ بِمُوجِبِهَا فَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ التَّوْبَةِ نَظِيرَ نَحْوِ الْحَدِّ (يُشْتَرَطُ نِيَّتُهَا) بِأَنْ يَنْوِيَ الْإِعْتَاقَ مَثَلًا عَنْهَا لَا الْوَاجِبَ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ غَيْرُهُ لِشُمُولِهِ النَّذْرَ نَعَمْ إنْ نَوَى أَدَاءَ الْوَاجِبِ بِالظِّهَارِ مَثَلًا كَفَى وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا لِلتَّطْهِيرِ كَالزَّكَاةِ نَعَمْ هِيَ فِي كَافِرٍ كُفْرٌ بِالْإِعْتَاقِ

ــ

[حاشية الشرواني]

عَلَى مَوْتِ أَحَدِهِمَا وَالْفَرْقُ بَيْنَ إنْ وَإِذَا مَرَّ بَيَانُهُ فِي الطَّلَاقِ وَلَوْ قَالَ إنْ دَخَلْت الدَّارَ فَوَاَللَّهِ مَا وَطِئْتُك وَكَفَّرَ قَبْلَ الدُّخُولِ لَمْ يُجْزِهِ لِتَقَدُّمِهِ عَلَى السَّبَبَيْنِ جَمِيعًا كَتَقْدِيمِ الزَّكَاةِ عَلَى الْحَوْلِ وَالنِّصَابِ وَلَوْ عَلَّقَ الظِّهَارَ بِصِفَةٍ وَكَفَّرَ قَبْلَ وُجُودِهَا أَوْ عَلَّقَ عِتْقَ كَفَّارَتِهِ بِوُجُودِ الصِّفَةِ لَمْ يُجْزِهِ لِمَا مَرَّ وَإِنْ مَلَكَ مَنْ ظَاهَرَ مِنْهَا وَأَعْتَقَهَا عَنْ ظِهَارِهِ صَحَّ وَلَوْ ظَاهِرًا وَآلَى مِنْ امْرَأَتِهِ الْأَمَةِ فَقَالَ لِسَيِّدِهَا وَلَوْ قَبْلَ الْعَوْدِ أَعْتِقْهَا عَنْ ظِهَارِي أَوْ إيلَائِي فَفَعَلَ عَتَقَتْ عَنْهُ وَانْفَسَخَ النِّكَاحُ؛ لِأَنَّ إعْتَاقَهَا يَتَضَمَّنُ تَمْلِيكَهَا لَهُ اهـ مُغْنِي وَكَذَا فِي النِّهَايَةِ إلَّا مَسْأَلَةَ الْفَسْخِ وَالْجُنُونِ وَالتَّحْرِيمِ الْمُؤَبَّدِ

[كِتَابُ الْكَفَّارَةِ]

أَيْ جِنْسُهَا لَا كَفَّارَةُ الظِّهَارِ فَقَطْ اهـ مُغْنِي. (قَوْلُهُ مِنْ الْكُفْرِ) إلَى قَوْلِهِ أَيْ فَهِيَ فِي النِّهَايَةِ وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ بِمَحْوِهِ. (قَوْلُهُ بِمَحْوِهِ) أَيْ إنْ قُلْنَا أَنَّهَا جَوَابِرُ وَقَوْلُهُ أَوْ تَخْفِيفٌ أَيْ إنْ قُلْنَا أَنَّهَا زَوَاجِرُ إلَخْ وَقَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا زَوَاجِرُ قَضِيَّتُهُ أَنَّهَا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا زَوَاجِرُ تَمْحُو الذَّنْبَ أَوْ تُخَفِّفُهُ وَيَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّهُ عَلَى هَذَا يَسْتَوِي الْقَوْلَانِ وَاَلَّذِي يَنْبَغِي أَنَّهُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهَا زَوَاجِرُ يَكُونُ الْغَرَضُ مِنْهَا مَنْعَ الْمُكَلَّفِ مِنْ الْوُقُوعِ فِي الْمَعْصِيَةِ فَإِذَا اتَّفَقَ أَنَّهُ فَعَلَ الْمَعْصِيَةَ ثُمَّ كَفَّرَ لَا يَحْصُلُ بِهَا تَخْفِيفٌ لِلْإِثْمِ وَلَا مَحْوٌ وَتَكُونُ حِكْمَةُ تَسْمِيَتِهَا كَفَّارَةً عَلَى هَذَا سَتْرَ الْمُكَلَّفِ مِنْ ارْتِكَابِ الذَّنْبِ؛ لِأَنَّهُ إذَا عَلِمَ إذَا فَعَلَ شَيْئًا مِنْ مُوجِبَاتِ الْكَفَّارَةِ لَزِمَتْهُ تَبَاعُدٌ عَنْهُ فَلَا يَظْهَرُ عَلَيْهِ ذَنْبٌ يَفْتَضِحُ بِهِ لِعَدَمِ تَعَاطِيهِ إيَّاهُ اهـ ع ش. (قَوْلُهُ بِمَحْوِهِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي تَخْفِيفًا مِنْ اللَّهِ تَعَالَى وَهَلْ الْكَفَّارَاتُ بِسَبَبِ حَرَامٍ زَوَاجِرُ كَالْحُدُودِ وَالتَّعَازِيرِ أَوْ جَوَابِرُ لِلْخَلَلِ الْوَاقِعِ وَجْهَانِ أَوْجَهُهُمَا الثَّانِي كَمَا رَجَّحَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ اهـ.

(قَوْلُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّهَا زَوَاجِرُ إلَخْ) يَتَبَادَرُ مِنْهُ أَنَّا إذَا قُلْنَا أَنَّهَا زَوَاجِرُ مَحَتْ الذَّنْبَ أَوْ جَوَابِرُ خَفَّفَتْ فَلْيُتَأَمَّلْ وَجْهُ الْبِنَاءِ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ فَإِنَّهُ قَدْ يُقَالُ إنَّمَا بِنَاؤُهُمَا عَلَى أَنَّهَا جَوَابِرُ؛ لِأَنَّ الْجَبْرَ يُتَصَوَّرُ بِالْمَحْوِ وَالتَّخْفِيفِ وَأَمَّا الزَّجْرُ فَلَا يَسْتَلْزِمُ وَاحِدًا مِنْهُمَا ثُمَّ يَظْهَرُ أَنَّ مَحَلَّ الْخِلَافِ فِي الْمَقْصُودِ أَصَالَةً مِنْهَا وَإِلَّا فَلَا مَانِعَ مِنْ اجْتِمَاعِهِمَا عَلَى أَنَّهُ لَا يَظْهَرُ مَانِعٌ أَيْضًا مِنْ كَوْنِ كُلٍّ مِنْهُمَا مَقْصُودًا أَصَالَةً إلَّا أَنْ يَظْهَرَ نَصٌّ مِنْ الشَّارِعِ بِخِلَافِهِ فَتَأَمَّلْ ثُمَّ رَأَيْتُ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ أَشَارَ لِنَحْوِ مَا اسْتَظْهَرْنَاهُ فِي حَمْلِ الْخِلَافِ وَعِبَارَتُهُ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِمَا مَرَّ أَنَّ الْمُغَلَّبَ فِيهَا مَاذَا وَإِلَّا فَكِلَا الْمَعْنَيَيْنِ مَوْجُودٌ فِيهَا انْتَهَى اهـ سَيِّدُ عُمَرُ وَقَوْلُهُ يَتَبَادَرُ مِنْهُ أَنَّا إلَخْ أَقُولُ بَلْ هَذَا صَرِيحُ آخِرِ كَلَامِهِ. (قَوْلُهُ أَوْ جَوَابِرُ) قِسْمُ قَوْلِهِ زَوَاجِرُ اهـ ع ش. (قَوْلُهُ الثَّانِي) أَيْ قَوْلُهُ جَوَابِرُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ اهـ ع ش عِبَارَةُ سم أَيْ أَنَّهَا جَوَابِرُ وَنَبَّهَ صَاحِبُ التَّقْرِيبِ عَلَى أَنَّهَا فِي حَقِّ الْكَافِرِ بِمَعْنَى الزَّجْرِ لَا غَيْرُ وَهُوَ ظَاهِرٌ بِرْمَاوِيٌّ اهـ. (قَوْلُهُ عَلَى الثَّانِي) أَيْ تَخْفِيفِ الْإِثْمِ اهـ سم.

(قَوْلُهُ وَعَلَى الْأَوَّلِ) أَيْ مَحْوِ الْإِثْمِ. (قَوْلُهُ مِنْ حَيْثُ هُوَ حَقُّهُ) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ الْحُكْمُ الْأُخْرَوِيُّ وَهُوَ الْعِقَابُ وَبِقَوْلِهِ وَأَمَّا بِالنَّظَرِ إلَخْ الْحَكَمِ الدُّنْيَوِيِّ وَهُوَ الْحُكْمُ عَلَيْهِ بِكَوْنِهِ فَاسِقًا اهـ سَيِّدُ عُمَرُ. (قَوْلُهُ بِأَنْ يَنْوِيَ) إلَى قَوْلِهِ وَلِأَنَّهُ لَوْ قَالَ فِي النِّهَايَةِ وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ فَإِنْ عَجَزَ إلَى وَيُتَصَوَّرُ وَقَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ إلَى وَأَفَادَ وَقَوْلُهُ وَيَكْفِي إلَى وَلَوْ عَلِمَ (قَوْلُهُ مَثَلًا) أَيْ أَوْ الصَّوْمُ أَوْ الْإِطْعَامُ اهـ مُغْنِي. (قَوْلُهُ لَا الْوَاجِبُ إلَخْ) أَيْ فَلَا يَكْفِي الْإِعْتَاقُ أَوْ الصَّوْمُ أَوْ الْكِسْوَةُ أَوْ الْإِطْعَامُ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ غَيْرَهُ) الْأَوْلَى التَّأْنِيثُ كَمَا فِي النِّهَايَةِ. (قَوْلُهُ لِشُمُولِهِ) أَيْ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ النَّذْرُ أَيْ الْوَاجِبُ بِهِ (قَوْلُهُ إنْ نَوَى أَدَاءَ الْوَاجِبِ إلَخْ) هَلْ لِذِكْرِ الْأَدَاءِ دَخْلٌ أَوْ هُوَ مَحْضُ تَصْوِيرٍ حَتَّى لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الْوَاجِبِ أَجْزَأَ مَحَلُّ تَأَمُّلٍ وَلَعَلَّ الثَّانِيَ أَقْرَبُ اهـ سَيِّدُ عُمَرُ أَقُولُ وَيُصَرِّحُ بِالثَّانِي قَوْلُ الْمُغْنِي نَعَمْ لَوْ نَوَى الْوَاجِبَ بِالظِّهَارِ أَوْ الْقَتْلِ كَفَى اهـ. (قَوْلُهُ وَذَلِكَ) أَيْ اشْتِرَاطُ نِيَّةِ الْكَفَّارَةِ. (قَوْلُهُ نَعَمْ هِيَ) أَيْ النِّيَّةُ اهـ ع ش. (قَوْلُهُ فِي كَافِرٍ إلَخْ) شَامِلٌ لِلْمُرْتَدِّ عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالرَّوْضِ مَعَ شَرْحِهِ وَكَالذِّمِّيِّ فِيمَا ذُكِرَ مُرْتَدٌّ بَعْدَ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ وَتَجْزِيهِ الْكَفَّارَةُ بِالْإِعْتَاقِ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

تَعْلِيقِ الظِّهَارِ بِالدُّخُولِ فَقَوْلَانِ أَظْهَرُهُمَا مَا جَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْأَنْوَارِ عَدَمُ التَّعَدُّدِ وَنَظَرَهُ الْبُلْقِينِيُّ بِالظِّهَارِ الْمُنْجَزِ وَبِمَا أَفْتَى بِهِ النَّوَوِيُّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ كَرَّرَ تَعْلِيقَ الطَّلَاقِ بِالدُّخُولِ وَأَطْلَقَ وَقَعَ عَلَيْهِ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ اهـ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(كِتَابُ الْكَفَّارَةِ) .

(قَوْلُهُ وَرَجَّحَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ الثَّانِيَ) أَيْ إنَّهَا جَوَابِرُ وَنَبَّهَ صَاحِبُ التَّقْرِيبِ عَلَى أَنَّهَا فِي حَقِّ الْكَافِرِ بِمَعْنَى الزَّوَاجِرِ لَا غَيْرَ وَهُوَ ظَاهِرُ بِرّ. (قَوْلُهُ عَلَى الثَّانِي) أَيْ تَخْفِيفِ الْإِثْمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>