قَبُولَهُ فِي لَا بَيِّنَةَ لِي، وَمَا مَعَهُ مِمَّا مَرَّ آنِفًا الظَّاهِرُ، أَوْ الصَّرِيحُ فِي أَنَّهُ لَا يَمِينَ عَلَيْهِ، وَهَذَا يَرُدُّ عَلَى ذَلِكَ الْبَعْضِ قُلْت يُمْكِنُ الْفَرْقُ بِأَنَّ التَّنَافِيَ هُنَا أَظْهَرُ؛ لِأَنَّهُ نَفَى الْقَادِحَ عَلَى الْعُمُومِ ثُمَّ أَثْبَتَ بَعْضَهُ فِي شَخْصٍ وَاحِدٍ فَاحْتَاجَ لِيَمِينٍ تُؤَيِّدُ صِدْقَهُ فِي ذَلِكَ الْإِثْبَاتِ، وَأَمَّا ثَمَّ فَإِتْيَانُهُ بِبَيِّنَةٍ لَا يُنَافِي لَا بَيِّنَةَ لِي مِنْ كُلِّ وَجْهٍ؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَتَوَارَدَا عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ، وَأَمَّا قَوْلُهُمْ قَدْ يَكُونُ لَهُ بَيِّنَةٌ، وَلَا يَعْلَمُهَا فَلَا فَارِقَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ عَدُوَّهُ مَثَلًا، وَهُوَ لَا يَعْلَمُهُ، وَلَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى إقْرَارِ الْمُدَّعِي بِأَنَّ شَاهِدَيْهِ شَرِبَا الْخَمْرَ مَثَلًا، وَقْتَ كَذَا فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُ، وَبَيْنَ الْأَدَاءِ دُونَ سَنَةٍ رُدَّا، وَإِلَّا فَلَا، وَلَوْ لَمْ يُعَيِّنَا لِلشُّرْبِ وَقْتًا سُئِلَ الْمُقِرُّ، وَحُكِمَ بِمَا يَقْتَضِيهِ تَعْيِينُهُ فَإِنْ أَبَى عَنْ التَّعْيِينِ تَوَقَّفَ عَنْ الْحُكْمِ، وَلَوْ ادَّعَى الْخَصْمُ أَنَّ الْمُدَّعِي أَقَرَّ بِنَحْوِ فِسْقِ بَيِّنَتِهِ، وَأَقَامَ شَاهِدًا لِيَحْلِفَ مَعَهُ بَنَى عَلَى مَا لَوْ قَالَ بَعْدَ بَيِّنَتِهِ: شُهُودِي فَسَقَةٌ، وَالْأَصَحُّ بُطْلَانُ بَيِّنَتِهِ لَا دَعْوَاهُ فَلَا يَحْلِفُ الْخَصْمُ مَعَ شَاهِدِهِ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ الطَّعْنُ فِي الْبَيِّنَةِ، وَهُوَ لَا يَثْبُتُ بِشَاهِدٍ، وَيَمِينٍ، وَلَوْ شَهِدَا بِأَنَّ هَذَا مِلْكُهُ، وَرِثَهُ فَشَهِدَ آخَرَانِ بِأَنَّهُمَا ذَكَرَا بَعْدَ مَوْتِ الْأَبِ أَنَّهُمَا لَيْسَا بِشَاهِدَيْنِ فِي هَذِهِ الْحَادِثَةِ، أَوْ أَنَّهُمَا ابْتَاعَا الدَّارَ مِنْهُ رُدَّا، وَإِيهَامُ الرَّوْضَةِ خِلَافُ ذَلِكَ غَيْرُ مُرَادٍ.
(بَابُ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ)
عَنْ الْبَلَدِ، أَوْ الْمَجْلِسِ بِشَرْطِهِ، وَتَوَابِعَ أُخَرَ (هُوَ جَائِزٌ) فِي كُلِّ شَيْءٍ مَا عَدَا عُقُوبَةً لِلَّهِ تَعَالَى كَمَا يَأْتِي، وَإِنْ كَانَ الْغَائِبُ فِي غَيْرِ عَمَلِهِ لِلْحَاجَةِ، وَلِتَمَكُّنِهِ مِنْ إبْطَالِ الْحُكْمِ عَلَيْهِ بِإِثْبَاتِ طَاعِنٍ فِي الْبَيِّنَةِ إذْ يَجِبُ تَسْمِيَتُهَا لَهُ إذَا حَضَرَ بِنَحْوِ فِسْقٍ، أَوْ فِي الْحَقِّ بِنَحْوِ أَدَاءً، وَلَيْسَ لَهُ سُؤَالُ الْقَاضِي أَيْ: الْأَهْلِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ عَنْ كَيْفِيَّةِ الدَّعْوَى، وَمِثْلُهَا يَمِينُ الِاسْتِظْهَارِ، وَإِنْ كَانَ فِي تَحْرِيرِهَا خَفَاءٌ يَبْعُدُ عَلَى غَيْرِ الْعَالِمِ اسْتِيفَاؤُهُ؛ لِأَنَّ تَحْرِيرَهَا إلَيْهِ نَعَمْ إنْ سُجِّلَتْ فَلَهُ الْقَدْحُ بِإِبْدَاءِ مُبْطِلٍ لَهَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِهِنْدَ امْرَأَةِ أَبِي سُفْيَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - لَمَّا شَكَتْ إلَيْهِ شُحَّهُ: «خُذِي مِنْ مَالِهِ مَا يَكْفِيك وَوَلَدَك بِالْمَعْرُوفِ» فَهُوَ قَضَاءٌ عَلَيْهِ لَا إفْتَاءٌ، وَإِلَّا لَقَالَ: لَك أَنْ تَأْخُذِي مَثَلًا، وَرَدَّهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ بِأَنَّهُ كَانَ حَاضِرًا غَيْرَ مُتَوَارٍ، وَلَا مُتَعَزِّزٍ؛ لِأَنَّ الْوَاقِعَةَ فِي فَتْحِ مَكَّةَ لَمَّا حَضَرَتْ هِنْدُ لِلْمُبَايَعَةِ، وَذَكَرَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيهَا أَنْ لَا يَسْرِقْنَ فَذَكَرَتْ هِنْدُ ذَلِكَ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا رَوَاهُ الْحَاكِمُ، وَصَحَّحَهُ، وَأَقَرَّهُ الذَّهَبِيُّ «أَنَّهَا قَالَتْ: لَا أُبَايِعُك عَلَى السَّرِقَةِ إنِّي أَسْرِقُ
ــ
[حاشية الشرواني]
فِي شَخْصٍ إلَخْ.) تَنَازَعَ فِيهِ الْفِعْلَانِ (قَوْلُهُ: لَا يُنَافِي إلَخْ.) هَذَا يُخَالِفُ قَوْلَ الْمَنَاطِقَةِ أَنَّ الْمُوجَبَةَ الْجُزْئِيَّةَ نَقِيضُ السَّالِبَةِ الْكُلِّيَّةِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَتَوَارَدَا عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ) فِيهِ شَيْءٌ فِي كُلِّ بَيِّنَةٍ أُقِيمُهَا زُورٌ، وَيُجَابُ بِأَنَّ غَايَةَ الْأَمْرِ أَنَّهُ عَامٌّ فِي الْأَشْخَاصِ، وَهُوَ يَقْبَلُ التَّخْصِيصَ. اهـ. سم (قَوْلُهُ: بَيِّنَةٌ) أَيْ: وَقْتَ الشُّرْبِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ يُعَيِّنَا) أَيْ: شَاهِدَا الْإِقْرَارِ (قَوْلُهُ: تَوَقَّفَ عَنْ الْحُكْمِ) هَلْ نَدْبًا كَمَا هُوَ قِيَاسُ مَا قَدَّمَهُ قُبَيْلَ قَوْلِ الْمَتْنِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ إلَخْ. أَوْ وُجُوبًا كَمَا هُوَ قِيَاسُ مَا قَدَّمْته عَنْ الْأَسْنَى، وَغَيْرِهِ، وَهَذَا هُوَ الْأَقْرَبُ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ:، وَالْأَصَحُّ بُطْلَانُ بَيِّنَتِهِ لَا دَعْوَاهُ) لَعَلَّ مُقَابِلَهُ بُطْلَانُ دَعْوَاهُ أَيْضًا فَعَلَيْهِ يَحْلِفُ الْخَصْمُ مَعَ شَاهِدِهِ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ حِينَئِذٍ إبْطَالُ الدَّعْوَى لَا الطَّعْنُ فِي الْبَيِّنَةِ (قَوْلُهُ: وَإِيهَامُ الرَّوْضَةِ إلَخْ.) أَقُولُ الْقِيَاسُ مَا فِي الرَّوْضَةِ كَمَا تَقَدَّمَ لِلْمُصَنِّفِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ قَالَ: لَا بَيِّنَةَ لِي ثُمَّ أَحْضَرَهَا قُبِلَتْ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا لَمْ يَعْرِفْ لَهُ بَيِّنَةً، أَوْ نَسِيَ، أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ فَكَذَلِكَ الْبَيِّنَةُ هُنَا يَحْتَمِلُ أَنَّهُمَا حِينَ قَوْلِهِمَا لَسْنَا بِشَاهِدَيْنِ فِي هَذِهِ الْقَضِيَّةِ نَسِيَا. اهـ.
ع ش
[بَابُ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ]
(قَوْلُ الْمَتْنِ عَلَى الْغَائِبِ) وَأَلْحَقَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ بِالْغَائِبِ مَا إذَا حَضَرَ الْمَجْلِسَ فَهَرَبَ قَبْلَ أَنْ يَسْمَعَ الْحَاكِمُ الْبَيِّنَةَ، أَوْ بَعْدَهُ، وَقَبْلَ الْحُكْمِ، فَإِنَّهُ يَحْكُمُ عَلَيْهِ قَطْعًا. اهـ. مُغْنِي (قَوْلُهُ: عَنْ الْبَلَدِ) إلَى قَوْلِهِ: وَلَيْسَ لَهُ فِي الْمُغْنِي، وَإِلَى الْفَرْعِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ: أَيْ: الْأَهْلِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَقَوْلُهُ:، وَمِثْلُهَا إلَى نَعَمْ، وَقَوْلُهُ: وَيُؤَيِّدُهُ إلَى، وَاعْتَرَضَهُ، وَقَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَقُولَ، وَهُوَ مُمْتَنِعٌ، وَقَوْلُهُ: وَكَذَا تُسْمَعُ إلَى، وَلَوْ كَانَ (قَوْلُهُ: عَنْ الْبَلَدِ) أَيْ: فَوْقَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى كَمَا يَأْتِي فِي أَوَّلِ الْفَصْلِ الثَّانِي (قَوْلُهُ: بِشَرْطِهِ) أَيْ: مِنْ التَّوَارِي، أَوْ التَّعَزُّزِ مُغْنِي، وَنِهَايَةٌ (قَوْلُهُ: وَتَوَابِعَ أُخَرَ) أَيْ: مِنْ قَوْلِهِ: وَيُسْتَحَبُّ كِتَابٌ بِهِ إلَى الْفَصْلِ الثَّانِي. اهـ. بُجَيْرِمِيُّ (قَوْلُهُ: كَمَا يَأْتِي) أَيْ: فِي الْفَصْلِ الثَّانِي (قَوْلُهُ: وَلِتَمَكُّنِهِ) أَيْ: الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ع ش أَيْ: بَعْدَ حُضُورِهِ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: بِنَحْوِ فِسْقٍ إلَخْ.) مُتَعَلِّقٌ بِطَاعِنٍ فِي الْبَيِّنَةِ، وَقَوْلُهُ: بِنَحْوِ أَدَاءً مُتَعَلِّقٌ بِطَاعِنٍ فِي الْحَقِّ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ: لِلْغَائِبِ إذَا حَضَرَ (قَوْلُهُ: عَنْ كَيْفِيَّةِ الدَّعْوَى) أَيْ: الْأُولَى. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهَا) أَيْ: الدَّعْوَى، وَكَذَا ضَمِيرُ تَحْرِيرِهَا (قَوْلُهُ: اسْتِيفَاؤُهُ) أَيْ: التَّحْرِيرِ (قَوْلُهُ: إلَيْهِ) أَيْ: الْقَاضِي. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: إنْ سُجِّلَتْ) أَيْ: الدَّعْوَى سم، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مِثْلُ التَّسْجِيلِ مَا لَوْ تَبَرَّعَ الْقَاضِي بِحِكَايَتِهَا لِلْخَصْمِ. اهـ. سَيِّدُ عُمَرَ (قَوْلُهُ: وَ؛ لِأَنَّهُ) إلَى قَوْلِهِ: وَيُؤَيِّدُهُ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَ؛ لِأَنَّ إلَخْ.) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ: لِلْحَاجَةِ (قَوْلُهُ: فَهُوَ إلَخْ.) الْأَوْلَى إبْدَالُ الْفَاءِ بِالْوَاوِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَقَالَ إلَخْ.) عِبَارَةُ الْمُغْنِي، وَلَوْ كَانَ فَتْوَى لَقَالَ: لَك أَنْ تَأْخُذِي، أَوْ لَا بَأْسَ عَلَيْك، أَوْ نَحْوُهُ، وَلَمْ يَقُلْ خُذِي؛ لِأَنَّ الْمُفْتِيَ لَا يَقْطَعُ فَلَمَّا قَطَعَ كَانَ حُكْمًا كَذَا اسْتَدَلُّوا بِهِ، وَقَالَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ لَا يَصِحُّ الِاسْتِدْلَال بِهِ؛ لِأَنَّ أَبَا سُفْيَانَ كَانَ حَاضِرًا إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَرَدَّهُ إلَخْ.) ، وَأَيْضًا الْمُلَازَمَةُ فِي قَوْلِهِمْ، وَإِلَّا لَقَالَ إلَخْ. مَمْنُوعَةٌ إذْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فَتْوَى، وَيَقُولُ خُذِي إلَخْ. كَمَا أَفَادَهُ الْحَلَبِيُّ. اهـ. بُجَيْرِمِيُّ (قَوْلُهُ: ذَلِكَ) أَيْ: الشِّكَايَةُ عَنْ شُحِّ زَوْجِهَا (قَوْلُهُ: وَيُؤَيِّدُهُ) أَيْ: مَا فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ (قَوْلُهُ: وَاعْتَرَضَهُ) إلَى قَوْلِهِ: خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ فِي الْمُغْنِي إلَّا
[حاشية ابن قاسم العبادي]
قَوْلُهُ: لِأَنَّهُمَا لَمْ يَتَوَارَدَا عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ) فِيهِ شَيْءٌ فِي كُلِّ بَيِّنَةٍ أُقِيمُهَا زُورٌ، وَيُجَابُ بِأَنَّ غَايَةَ الْأَمْرِ أَنَّهُ عَامٌّ فِي الْأَشْخَاصِ، وَهُوَ يَقْبَلُ التَّخْصِيصَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً عَلَى إقْرَارِ الْمُدَّعِي بِأَنَّ شَاهِدَيْهِ إلَخْ.) كَتَبَ عَلَيْهِ م ر (قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ يُعَيِّنَا لِلشُّرْبِ، وَقْتًا إلَخْ.) كَتَبَ عَلَيْهِ م ر (قَوْلُهُ: وَلَوْ ادَّعَى الْخَصْمُ أَنَّ الْمُدَّعِيَ أَقَرَّ بِنَحْوِ فِسْقٍ إلَخْ.) كَتَبَ عَلَيْهِ م ر (قَوْلُهُ: وَلَوْ شَهِدَا بِأَنَّ هَذَا مِلْكُهُ، وَرِثَهُ إلَخْ.) كَتَبَ عَلَيْهِ م ر
(بَابُ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ) (قَوْلُهُ: نَعَمْ إنْ سَجَّلَتْ) أَيْ: الدَّعْوَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute