للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ مُغَلَّظٍ لِمَا مَرَّ أَنَّ الْفَرْعَ يَتْبَعُ أَخَسَّ أَبَوَيْهِ فِي النَّجَاسَةِ فَعُلِمَ أَنَّهُمْ حَيْثُ أَطْلَقُوا حُكْمَ الْحَمْلِ أَرَادُوا بِهِ غَيْرَ هَذَا عَلَى أَنَّهُ نَادِرٌ جِدًّا فَلَا يَرِدُ عَلَيْهِمْ وَذَلِكَ لِاسْتِثْنَائِهِ شَرْعًا فَكَانَ كَاسْتِثْنَائِهِ حِسًّا وَمِثْلُهُ لَبُونٌ بِضَرْعِهَا لَبَنٌ لِغَيْرِ مَالِكِهَا وَإِنَّمَا صَحَّ بَيْعُ الدَّارِ الْمُسْتَأْجَرَةِ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ لَيْسَتْ عَيْنًا مُسْتَثْنَاةً وَالْحَمْلُ جَزْءٌ مُتَّصِلٌ فَلَمْ يَصِحَّ اسْتِثْنَاؤُهُ وَأَيْضًا فَالْمَنْفَعَةُ يَصِحُّ إيرَادُ الْعَقْدِ عَلَيْهَا وَحْدَهَا فَصَحَّ اسْتِثْنَاؤُهَا بِخِلَافِ الْحَمْلِ (وَلَوْ بَاعَ حَامِلًا مُطْلَقًا) مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِدُخُولٍ أَوْ عَدَمِهِ (دَخَلَ الْحَمْلُ فِي الْبَيْعِ) إنْ اتَّحَدَ مَالِكُهُمَا إجْمَاعًا وَإِلَّا بَطَلَ وَلَوْ وَضَعَتْ ثُمَّ بَاعَهَا فَوَلَدَتْ آخَرَ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الْأَوَّلِ كَانَ لِلْمُشْتَرِي كَمَا قَالَهُ الشَّيْخَانِ فِي الْكِتَابَةِ لِانْفِصَالِهِ فِي مِلْكِهِ وَعَنْ النَّصِّ لِلْبَائِعِ لِأَنَّهُمَا حَمْلٌ وَاحِدٌ وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى الِاسْتِتْبَاعِ حَالَةَ الْبَيْعِ وَمَا انْفَصَلَ لَا اسْتِتْبَاعَ فِيهِ بِخِلَافِ مَا اتَّصَلَ فَأُعْطِيَ كُلٌّ حُكْمَهُ.

(فَصْلٌ) فِي الْقِسْمِ الثَّانِي مِنْ الْمَنْهِيَّاتِ الَّتِي لَا يَقْتَضِي النَّهْيُ فَسَادَهَا كَمَا قَالَ (وَمِنْ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ مَا) أَيْ نَوْعٌ مُغَايِرٌ لِلْأَوَّلِ (لَا يَبْطُلُ) بِفَتْحٍ ثُمَّ ضَمٍّ كَمَا نُقِلَ عَنْ ضَبْطِهِ أَيْ بَيْعِهِ لِدَلَالَةِ السِّيَاقِ عَلَيْهِ وَيَصِحُّ أَنْ تَكُونَ مَا وَاقِعَةً عَلَى بَيْعٍ

ــ

[حاشية الشرواني]

كَالْحُرِّ وَاعْتَمَدَ الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ الصِّحَّةَ فِيهِ كَذَا بِهَامِشٍ صَحِيحٍ أَقُولُ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَيُوَافِقُهُ اقْتِصَارُ الشَّارِحِ م ر أَيْ وَالْمُغْنِي فِي الْبُطْلَانِ عَلَى مَا لَوْ كَانَ الْحَمْلُ حُرًّا أَوْ رَقِيقًا لِغَيْرِ مَالِكِ الْأُمِّ وَقَدْ يُوَجَّهُ مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الشَّارِحِ م ر تَبَعًا لِوَالِدِهِ مِنْ الصِّحَّةِ بِمَا يَأْتِي فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ مِنْ أَنَّهُ مَتَى كَانَ الْحَرَامُ غَيْرَ مَقْصُودٍ كَالدَّمِ كَانَ الْبَيْعُ فِي الْحَالِ صَحِيحًا بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَيَلْغُو ذِكْرُ غَيْرِهِ لِتَنْزِيلِهِ مَنْزِلَةَ الْعَدَمِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ مَقْصُودًا اهـ ع ش (قَوْلُهُ: مِنْ مُغَلَّظٍ) نُوزِعَ فِي ذَلِكَ بِأَنَّ مَا فِي الْبَاطِنِ لَا يُحْكَمُ بِنَجَاسَتِهِ قَبْلَ ظُهُورِهِ وَبَعْدَ ظُهُورِهِ وَإِنَّمَا يُعْطَى حُكْمَ النَّجَسِ مِنْ حِينَئِذٍ فَيَنْبَغِي صِحَّةُ الْبَيْعِ لِعَدَمِ الْحُكْمِ بِالنَّجَاسَةِ انْتَهَى وَيُجَابُ بَعْدَ تَسْلِيمِ أَنَّهُ لَا يُحْكَمُ بِنَجَاسَتِهِ قَبْلَ الِانْفِصَالِ بِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَقَوِّمٍ فَهُوَ كَالْحُرِّ وَقَدْ يُقَالُ الْمُرَادُ بِعَدَمِ الْحُكْمِ بِنَجَاسَتِهِ فِي الْبَاطِنِ أَنَّهُ لَا يَنْجُسُ مَا لَاقَاهُ فِي الْبَاطِنِ مِمَّا فِي الْبَاطِنِ وَإِلَّا فَهُوَ فِي نَفْسِهِ نَجَسٌ اهـ سم وَمَيْلُ الْقَلْبِ إلَى مَا مَرَّ عَنْ الشِّهَابِ الرَّمْلِيِّ مِنْ صِحَّةِ الْبَيْعِ.

(قَوْلُهُ: غَيْرَ هَذَا) أَيْ الْحَمْلِ مِنْ مُغَلَّظٍ (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ) أَيْ عَدَمُ صِحَّةِ بَيْعِ الْحَامِلِ بِحُرٍّ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَمِثْلُهُ) أَيْ الْحَامِلِ بِحُرٍّ فَلَا يَصِحُّ (قَوْلُهُ: فَصَحَّ اسْتِثْنَاؤُهَا) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ فَصَحَّ اسْتِثْنَاؤُهَا شَرْعًا دُونَهُ انْتَهَتْ وَقَضِيَّةُ التَّقْيِيدِ بِشَرْعًا امْتِنَاعُ اسْتِثْنَائِهَا لَفْظًا كَمَا لَوْ قَالَ فِي غَيْرِ الْمُسْتَأْجَرَةِ بِعْتُكَهَا إلَّا مَنْفَعَتَهَا سَنَةً فَلْيُرَاجَعْ اهـ سم عِبَارَةُ الْمُغْنِي فَإِنْ قِيلَ يُشْكِلُ عَلَى عَدَمِ صِحَّةِ بَيْعِ الْحَامِلِ بِحُرٍّ أَوْ بِرَقِيقٍ لِغَيْرِ مَالِكِ الْأُمِّ صِحَّةُ بَيْعِ الدَّارِ الْمُسْتَأْجَرَةِ مَعَ أَنَّ الْمَنْفَعَةَ لَا تَدْخُلُ فَكَأَنَّهُ اسْتَثْنَاهَا أُجِيبَ بِأَنَّ الْحَمْلَ أَشَدُّ اتِّصَالًا مِنْ الْمَنْفَعَةِ بِدَلِيلِ جَوَازِ إفْرَادِهَا بِالْعَقْدِ بِخِلَافِهِ وَبِأَنَّ اسْتِثْنَاءَ الْمَنْفَعَةِ قَدْ وَرَدَ فِي قِصَّةِ جَابِرٍ لَمَّا بَاعَ جَمَلَهُ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاسْتَثْنَى ظَهْرَهُ إلَى الْمَدِينَةِ فَيَبْقَى مَا سِوَاهَا عَلَى الْأَصْلِ اهـ وَقَضِيَّةُ جَوَابِهِ الثَّانِي جِوَارُ الِاسْتِثْنَاءِ لَفْظًا فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: ثُمَّ بَاعَهَا) أَيْ بَعْدَ مَوْتِ الْوَلَدِ الْمُنْفَصِلِ لِحُرْمَةِ التَّفْرِيقِ بَيْنَ الْأُمِّ وَوَلَدِهَا حَتَّى يُمَيِّزَا وَبَاعَهُمَا مَعًا اهـ.

(قَوْلُهُ: لِلْمُشْتَرِي) مُعْتَمَدٌ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: لِلْبَائِعِ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي أَنَّهُ لِلْبَائِعِ اهـ.

(قَوْلُهُ: فَأُعْطِيَ كُلٌّ حُكْمَهُ) فَعُلِمَ أَنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ غَيْرُ مُسْتَثْنَاةٍ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَمَنْ اسْتَثْنَاهَا فَقَدْ وَهِمَ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي قَالَ ع ش قَوْلُهُ: م ر غَيْرُ مُسْتَثْنَاةٍ أَيْ لِدُخُولِهِ فِي بَيْعِهَا عِنْدَ الْإِطْلَاقِ اهـ.

[فَصْلٌ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي مِنْ الْمَنْهِيَّاتِ الَّتِي لَا يَقْتَضِي النَّهْيُ فَسَادَهَا]

(فَصْلٌ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي مِنْ الْمَنْهِيَّاتِ) (قَوْلُهُ: فِي الْقِسْمِ الثَّانِي) إلَى قَوْلِهِ كَذَا قَالُوهُ فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ: الَّتِي لَا يَقْتَضِي النَّهْيُ إلَخْ) الصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ الَّذِي لَا يَقْتَضِي النَّهْيُ فَسَادَهُ لِيَكُونَ وَصْفًا لِلْقِسْمِ الثَّانِي لَا مُطْلَقُ الْمَنْهِيَّاتِ فَإِنَّهَا شَامِلَةٌ لِمَا يَقْتَضِي النَّهْيُ فَسَادَهُ وَلِغَيْرِهِ سم عَلَى حَجّ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنْ يَجْعَلَ مِنْ بَيَانِيَّةً أَوْ قَوْلَهُ الَّتِي إلَخْ صِفَةً لِلْقِسْمِ الثَّانِي وَالتَّأْنِيثُ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ عِبَارَةٌ عَنْ مَنْهِيَّاتٍ مَخْصُوصَةٍ هِيَ بَعْضُ مُطْلَقِ الْمَنْهِيَّاتِ اهـ ع ش عِبَارَةُ الْمُغْنِي فِيمَا يُنْهَى عَنْهُ مِنْ الْبُيُوعِ نَهْيًا لَا يَقْتَضِي بُطْلَانَهَا وَفِيهِ أَيْضًا مَا يَقْتَضِي الْبُطْلَانَ وَغَيْرُ ذَلِكَ اهـ وَهِيَ ظَاهِرَةٌ (قَوْلُهُ: أَيْ بَيْعُهُ) أَيْ الْبَيْعُ الْمُتَرَتِّبُ عَلَيْهِ كَتَلَقِّي الرُّكْبَانِ مَثَلًا وَلَكِنْ فِيهِ تَسَمُّحٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْبَيْعِ عَلَى بَيْعِ غَيْرِهِ إذْ هَذَا النَّوْعُ لَا تَصْلُحُ إضَافَةُ بَيْعٍ إلَيْهِ كَمَا لَا يَخْفَى اهـ رَشِيدِيٌّ وَسَيَأْتِي عَنْ الْحِفْنِيِّ مَا يَنْدَفِعُ بِهِ التَّسَمُّحُ بِتَكَلُّفٍ (قَوْلُهُ: عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى تَقْدِيرِ بَيْعٍ.

(قَوْلُهُ: وَاقِعَةً عَلَى بَيْعٍ) يُنَاسِبُ هَذَا تَمْثِيلُهُ بِقَوْلِهِ كَبَيْعِ حَاضِرٍ لِبَادٍ وَكَذَا نَحْوُ قَوْلِهِ وَالْبَيْعُ عَلَى بَيْعِ غَيْرِهِ فَتَأَمَّلْهُ بِخِلَافِ قَوْلِهِ وَتَلَقِّي الرُّكْبَانِ فَتَأَمَّلْ اهـ سم عِبَارَةُ الْبُجَيْرِمِيِّ عَنْ الْحِفْنِيِّ وَإِنْ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

إذَا حَمَلَتْ بِآدَمِيٍّ أَمَّا لَوْ حَمَلَتْ بِكَلْبٍ مَثَلًا فَدَعْوَى طَهَارَتِهِ مَمْنُوعَةٌ إذْ لَيْسَ آدَمِيًّا (قَوْلُهُ: مِنْ مُغَلَّظٍ) نُوزِعَ فِي ذَلِكَ بِأَنَّ مَا فِي الْبَاطِنِ لَا يُحْكَمُ بِنَجَاسَتِهِ قَبْلَ ظُهُورِهِ وَبَعْدَ ظُهُورِهِ إنَّمَا يُعْطَى حُكْمَ النَّجَسِ مِنْ حِينَئِذٍ فَيَنْبَغِي صِحَّةُ الْبَيْعِ لِعَدَمِ الْحُكْمِ بِالنَّجَاسَةِ اهـ وَيُجَابُ بَعْدَ تَسْلِيمِ أَنَّهُ لَا يُحْكَمُ بِنَجَاسَتِهِ قَبْلَ الِانْفِصَالِ بِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَقَوِّمٍ فَهُوَ كَالْحُرِّ وَقَدْ يُقَالُ الْمُرَادُ بِعَدَمِ الْحُكْمِ بِنَجَاسَةِ مَا فِي الْبَاطِنِ إنَّهُ لَا يَنْجُسُ مَا لَاقَاهُ فِي الْبَاطِنِ مِمَّا فِي الْبَاطِنِ وَإِلَّا فَهُوَ فِي نَفْسِهِ نَجَسٌ (قَوْلُهُ: فَصَحَّ اسْتِثْنَاؤُهَا) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ فَصَحَّ اسْتِثْنَاؤُهَا شَرْعًا دُونَهُ اهـ وَقَضِيَّةُ التَّقْيِيدِ بِشَرْعًا امْتِنَاعُ اسْتِثْنَائِهَا لَفْظًا كَمَا لَوْ قَالَ فِي غَيْرِ الْمُسْتَأْجَرِ بِعْتُكهَا إلَّا مَنْفَعَتَهَا سَنَةً فَلْيُرَاجَعْ.

(فَصْلٌ) (قَوْلُهُ: فِي الْقِسْمِ الثَّانِي مِنْ الْمَنْهِيَّاتِ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْمَنْهِيَّاتِ الَّتِي الْقِسْمُ الثَّانِي مِنْهَا هِيَ جُمْلَةُ الْمَنْهِيَّاتِ الشَّامِلَةِ لِلَّتِي يَقْتَضِي النَّهْيُ فَسَادَهَا فَلَا يَصِحُّ وَصْفُهَا بِقَوْلِهِ الَّتِي لَا يَقْتَضِي النَّهْيُ فَسَادَهَا فَكَانَ الصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ الَّذِي لَا يَقْتَضِي النَّهْيُ فَسَادَهُ لِيَكُونَ وَصْفًا لِلْقِسْمِ الثَّانِي فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَاقِعَةٌ عَلَى بَيْعٍ) يُنَاسِبُ هَذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>