للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَكَأَنَّهُ رَاعَى أَصْلَ بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ لَكِنْ يُعَارِضُهُ أَنَّ الْأَصْلَ السَّلَامَةُ وَأَنَّ الْأَصْلَ فِي كُلِّ حَادِثٍ تَقْدِيرُهُ بِأَقْرَبِ زَمَنٍ وَهَذَانِ خَاصَّانِ فَلْيُقَدَّمَا عَلَى الْأَوَّلِ الْعَامِّ ثُمَّ رَأَيْتهمْ صَرَّحُوا فِي غَاصِبٍ رَدَّ الْمَغْصُوبَ نَاقِصًا وَقَالَ غَصَبْته هَكَذَا فَكَذَّبَهُ الْمَالِكُ صُدِّقَ الْغَاصِبُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَتُهُ مِنْ الزِّيَادَةِ وَهَذَا صَرِيحٌ فِي تَرْجِيحِ الْأَوَّلِ بَلْ أَوْلَى وَإِذَا رَجَعَ فِيهِ مُؤَجَّرًا فَإِنْ شَاءَ صَبَرَ لِانْقِضَاءِ الْمُدَّةِ وَلَا أُجْرَةَ لَهُ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ بَدَلَهُ وَأَفْتَى بَعْضُهُمْ فِي جِذْعٍ اقْتَرَضَهُ وَبَنَى عَلَيْهِ وَحَبٍّ بَذَرَهُ أَنَّهُ كَالْهَالِكِ فَيَتَعَيَّنُ بَدَلُهُ. نَعَمْ إنْ حُجِرَ عَلَى الْمُقْتَرِضِ بِفَلَسٍ يَأْتِي فِيهِ مَا يَأْتِي فِيمَا اشْتَرَاهُ آخِرَ التَّفْلِيسِ.

(كِتَابُ الرَّهْنِ) هُوَ لُغَةً الثُّبُوتُ وَمِنْهُ الْحَالَةُ الرَّاهِنَةُ أَوْ الْحَبْسُ وَمِنْهُ الْخَبَرُ الصَّحِيحُ «نَفْسُ الْمُؤْمِنِ مَرْهُونَةٌ بِدَيْنِهِ حَتَّى يُقْضَى عَنْهُ دَيْنُهُ» أَيْ مَحْبُوسَةٌ عَنْ مَقَامِهَا الْكَرِيمِ وَلَوْ فِي الْبَرْزَخِ إنْ عَصَى بِالدَّيْنِ أَوْ مَا لَمْ يَخْلُفْ وَفَاءً قَوْلَانِ، لَكِنَّ الْمَنْقُولَ عَنْ جُمْهُورِ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَخْلُفَ وَفَاءً وَأَنْ لَا، قِيلَ وَالتَّفْصِيلُ إنَّمَا هُوَ رَأْيٌ تَفَرَّدَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَالْكَلَامُ فِي غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ - صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ أجْمَعِينَ - وَشَرْعًا جَعْلُ عَيْنِ مَالٍ وَثِيقَةً بِدَيْنٍ يُسْتَوْفَى مِنْهَا عِنْدَ تَعَذُّرِ وَفَائِهِ. وَأَصْلُهُ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ آيَةُ

ــ

[حاشية الشرواني]

الضَّمَانَ وَالْأَقْرَبُ عَدَمُ صِحَّةِ إقْرَاضِهَا مُطْلَقًا وَزْنًا أَوْ عَدًّا اهـ ع ش وَجَزَمَ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ فِيمَا مَرَّ.

(قَوْلُهُ وَهَذَانِ) أَيْ قَوْلُهُ إنَّ الْأَصْلَ السَّلَامَةُ وَقَوْلُهُ إنَّ الْأَصْلَ فِي كُلِّ حَادِثٍ إلَخْ اهـ ع ش (قَوْلُهُ خَاصَّانِ) مَحَلُّ تَأَمُّلٍ (قَوْلُهُ عَلَى الْأَوَّلِ إلَخْ) أَيْ أَصْلِ بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ (قَوْلُهُ صَرَّحُوا إلَخْ) وَانْظُرْ مَا الْمُصَرَّحُ بِهِ وَلَعَلَّهُ كَانَ الْأَصْلُ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ النِّهَايَةِ صَرَّحُوا فِي الْغَصْبِ بِأَنَّ الْغَاصِبَ لَوْ رَدَّ الْمَغْصُوبَ إلَخْ ثُمَّ أَسْقَطَهُ النَّاسِخُ (قَوْلُهُ فِي تَرْجِيحِ الْأَوَّلِ) وَهُوَ الْإِفْتَاءُ الْمَارُّ (قَوْلُهُ بَلْ أَوْلَى) أَيْ الْمُقْتَرِضُ بِالتَّصْدِيقِ مِنْ الْغَاصِبِ (قَوْلُهُ فَإِنْ شَاءَ صَبَرَ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَهُ مَسْلُوبَ الْمَنْفَعَةِ لَا يُمَكَّنُ مِنْهُ وَهُوَ غَيْرُ مُرَادٍ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِيهِ الْآنَ وَيَأْخُذَهُ مَسْلُوبَ الْمَنْفَعَةِ وَعَلَيْهِ فَيَتَخَيَّرُ بَيْنَ الصَّبْرِ إلَى فَرَاغِ الْمُدَّةِ وَبَيْنَ أَخْذِهِ مَسْلُوبَ الْمَنْفَعَةِ حَالًّا وَبَيْنَ أَخْذِ الْبَدَلِ أَيْ وَيَنْتَفِعُ بِهِ الْمُسْتَأْجِرُ إلَى فَرَاغِ الْمُدَّةِ اهـ ع ش عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَلَا أَرْشَ لَهُ فِيمَا إذَا وَجَدَ مُؤَجِّرًا بَلْ يَأْخُذُهُ مَسْلُوبَ الْمَنْفَعَةِ اهـ.

(قَوْلُهُ نَعَمْ) لَا يَظْهَرُ وَجْهُ الِاسْتِدْرَاكِ (قَوْلُهُ فِيمَا اشْتَرَاهُ) أَيْ ثُمَّ حُجِرَ عَلَيْهِ بِالْفَلَسِ (قَوْلُهُ آخِرَ التَّفْلِيسِ) أَوْلَى أَنْ يُقَدِّمَهُ عَلَى قَوْلِهِ فِيمَا اشْتَرَاهُ

[كِتَابُ الرَّهْنِ]

[أَرْكَانُ الرَّهْن]

(كِتَابُ الرَّهْنِ) (قَوْلُهُ هُوَ لُغَةً) إلَى قَوْلِهِ قَوْلَانِ فِي النِّهَايَةِ، وَإِلَى الْمَتْنِ فِي الْمُغْنِي، إلَّا قَوْلَهُ أَوْ لَمْ يَخْلُفْ إلَى وَالْكَلَامُ، وَقَوْلُهُ وَآثَرَهُ إلَى عَلَى ثَلَاثِينَ (قَوْلُهُ الثُّبُوتُ) أَيْ وَالدَّوَامُ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ الرَّاهِنَةُ) أَيْ الثَّابِتَةُ الْمَوْجُودَةُ الْآنَ (وَقَوْلُهُ أَوْ الْحَبْسُ) الْأَوْلَى وَالْحَبْسُ بِالْوَاوِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ أَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا لُغَةً لَا أَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَى أَحَدِهِمَا لَا بِعَيْنِهِ اهـ ع ش وَعَبَّرَ الْمُغْنِي بِالِاحْتِبَاسِ بَدَلَ الْحَبْسِ (قَوْلُهُ بِدَيْنِهِ) سَوَاءٌ كَانَ لِآدَمِيٍّ أَوْ لِلَّهِ تَعَالَى اهـ ع ش (قَوْلُهُ أَيْ مَحْبُوسَةٌ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي أَيْ مَحْبُوسَةٌ فِي الْقَبْرِ غَيْرُ مُنْبَسِطَةٍ مَعَ الْأَرْوَاحِ فِي عَالَمِ الْبَرْزَخِ وَفِي الْآخِرَةِ مَعْقُولَةٌ عَنْ دُخُولِ الْجَنَّةِ حَتَّى يُقْضَى عَنْهُ اهـ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ فِي الْبَرْزَخِ) وَهُوَ الْمُدَّةُ الَّتِي بَيْنَ الْمَوْتِ وَالْبَعْثِ فَمَنْ مَاتَ فَقَدْ دَخَلَ الْبَرْزَخَ اهـ ع ش (قَوْلُهُ إنْ عَصَى إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ صَرَفَهُ فِي مُبَاحٍ وَتَابَ بَعْدَ ذَلِكَ وَقِيَاسُ مَا يَأْتِي فِي قَسْمِ الصَّدَقَاتِ أَنَّ مَنْ عَصَى بِالِاسْتِدَانَةِ وَصَرَفَهُ فِي مُبَاحٍ أُعْطَى مِنْ الزَّكَاةِ أَنَّ هَذَا كَمَنْ لَمْ يَعْصِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ قَوْلَانِ) يَعْنِي هُمَا قَوْلَانِ الْأَوَّلُ يُحْبَسُ إنْ عَصَى بِالدَّيْنِ سَوَاءٌ خَلَفَ وَفَاءً أَوْ لَا وَالثَّانِي يُحْبَسُ إنْ عَصَى بِالدَّيْنِ إنْ لَمْ يَخْلُفْ وَفَاءً هَذَا مَا ظَهَرَ لِي فِي حَلِّ عِبَارَتِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(قَوْلُهُ لَكِنَّ الْمَنْقُولَ إلَخْ) ظَاهِرُهُ تَرْجِيحُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ لَكِنْ فِي ع ش مَا نَصُّهُ وَفِي حَجّ مَا يُفِيدُ أَنَّ الرَّاجِحَ عَدَمُ الْفَرْقِ بَيْنَ مَنْ خَلَّفَ وَفَاءً وَغَيْرَهُ وَبَيْنَ مَنْ عَصَى بِالدَّيْنِ وَغَيْرِهِ وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِ كَالشَّارِحِ م ر أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَوْتِهِ فَجْأَةً وَبَيْنَ كَوْنِهِ بِمَرَضٍ وَلَعَلَّ وَجْهَ حَبْسِ رُوحِهِ حَيْثُ خَلَّفَ مَا يَفِي بِالدَّيْنِ أَنَّهُ كَانَ التَّوْفِيَةُ قَبْلَ وَفَاتِهِ فَهُوَ مَنْسُوبٌ إلَى التَّقْصِيرِ فِي الْجُمْلَةِ فَلَا يُرَدُّ أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ مُؤَجَّلًا وَالْمُؤَجَّلُ إنَّمَا يَجِبُ وَفَاؤُهُ بَعْدَ الْحُلُولِ اهـ وَقَوْلُهُ وَبَيْنَ مَنْ عَصَى بِالدَّيْنِ وَغَيْرِهِ لَعَلَّهُ أَخَذَهُ مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ قِيلَ وَالتَّفْصِيلُ إلَخْ وَفِيهِ أَنَّ الشَّارِحَ ذَكَرَهُ بِصِيغَةِ التَّمْرِيضِ وَقَوْلُهُ وَلَعَلَّ وَجْهَ حَبْسِ إلَخْ عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالْخَبَرُ مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ تَنْزِيهًا لَهُمْ وَعَلَى مَنْ لَمْ يُخْلِفُ وَفَاءً أَيْ وَقَصَّرَ أَمَّا مَنْ لَمْ يُقَصِّرْ بِأَنْ مَاتَ وَهُوَ مُعْسِرٌ وَفِي عَزْمِهِ الْوَفَاءُ فَلَا تُحْبَسُ نَفْسُهُ اهـ.

وَمَفْهُومُهُ كَمَا فِي الْبُجَيْرِمِيِّ عَنْ الْعَنَانِيِّ أَنَّ مَنْ خَلَّفَ وَفَاءً لَا يُحْبَسُ وَإِنْ لَمْ يَقْضِ؛ لِأَنَّ التَّقْصِيرَ حِينَئِذٍ مِنْ الْوَرَثَةِ فَالْإِثْمُ عَلَيْهِمْ لِتَعَلُّقِ الدَّيْنِ بِالتَّرِكَةِ فَإِذَا تَصَرَّفُوا فِيهَا تَعَلَّقَ الدَّيْنُ بِذِمَّتِهِمْ وَأَمَّا مَنْ مَاتَ وَلَمْ يُخْلِفْ وَفَاءً وَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْ أَدَائِهِ فَلَا يَكُونُ نَفْسُهُ مَرْهُونَةً؛ لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ اهـ.

(قَوْلُهُ وَالتَّفْصِيلُ) إشَارَةٌ إلَى هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ يَعْنِي هُمَا رَأْيُ الْمَاوَرْدِيِّ لَا قَوْلَانِ اهـ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ وَالْكَلَامُ) إلَى الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَآثَرَهُ إلَى عَلَى ثَلَاثِينَ (قَوْلُهُ فِي غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ إلَخْ) أَيْ وَغَيْرِ الْمُكَلَّفِينَ كَأَنْ لَزِمَهُمْ دَيْنٌ بِسَبَبِ إتْلَافِهِمْ ع ش وَحَلَبِيٌّ (قَوْلُهُ وَشَرْعًا)

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِثْلَهُ مِنْ التَّرِكَةِ وَإِلَّا فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ مَا دَفَعَ بِعَيْنِهِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِمْ لَهُ الرُّجُوعُ فِي عَيْنِهِ مَا دَامَ بَاقِيًا بِحَالِهِ بَلْ يُؤْخَذُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ مِنْ الْوَكِيلِ بَعْدَ رُجُوعِهِ إذَا كَانَ فِي يَدِهِ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْوَكِيلِ فِي دَفْعِهِ لَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ وَكَأَنَّهُ رَاعَى أَصْلَ بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ) مِمَّا يُؤَيِّدُهُ أَيْضًا بَلْ يُعَيِّنُهُ وَيَرُدُّ مُعَارَضَةَ الشَّارِحِ بِمَا ذَكَرَهُ مَا صَرَّحُوا بِهِ فِي الْغَصْبِ مِنْ أَنَّ الْغَاصِبَ لَوْ أَتَى بِالْمَغْصُوبِ نَاقِصًا وَقَالَ قَبَضْته هَكَذَا صُدِّقَ بِيَمِينِهِ م ر وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(كِتَابُ الرَّهْنِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>