إذَا شَهِدَا عِنْدَهُ بِحُكْمِهِ (وَفِيهِمَا وَجْهٌ) إذَا كَانَ الْحُكْمُ، وَالشَّهَادَةُ مَكْتُوبَيْنِ (فِي وَرَقَةٍ مَصُونَةٍ عِنْدَهُمَا) وَوَثِقَ بِأَنَّهُ خَطُّهُ وَلَمْ يُدَاخِلْهُ فِيهِ رِيبَةٌ أَنَّهُ يَعْمَلُ بِهِ. وَالْأَصَحُّ لَا فَرْقَ لِاحْتِمَالِ الرِّيبَةِ. وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ نَصُّ الشَّافِعِيِّ عَلَى جَوَازِ اعْتِمَادِهِ لِلْبَيِّنَةِ فِيمَا لَوْ نَسِيَ نُكُولَ الْخَصْمِ؛ لِأَنَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الْوَصْفِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْأَصْلِ، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ يَلْحَقُ بِالنُّكُولِ فِي ذَلِكَ كُلُّ مَا فِي مَعْنَاهُ (فَائِدَةٌ)
كَانَ السُّبْكِيُّ فِي زَمَنِ قَضَائِهِ يَكْتُبُ عَلَى مَا ظَهَرَ بُطْلَانُهُ أَنَّهُ بَاطِلٌ بِغَيْرِ إذْنِ مَالِكِهِ وَيَقُولُ: لَا يُعْطَى لِمَالِكِهِ بَلْ يُحْفَظُ فِي دِيوَانِ الْحُكْمِ لِيَرَاهُ كُلُّ قَاضٍ.
. (وَلَهُ الْحَلِفُ عَلَى اسْتِحْقَاقِ حَقٍّ أَوْ أَدَائِهِ اعْتِمَادًا عَلَى) إخْبَارِ عَدْلٍ وَعَلَى (خَطِّ) نَفْسِهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ تَنَاقُضٍ فِيهِ وَعَلَى خَطِّ نَحْوِ مُكَاتَبِهِ وَمَأْذُونِهِ وَوَكِيلِهِ وَشَرِيكِهِ (مُوَرِّثِهِ إذَا وَثِقَ بِخَطِّهِ) بِحَيْثُ انْتَفَى عَنْهُ احْتِمَالُ تَزْوِيرِهِ (وَأَمَانَتِهِ) بِأَنْ عَلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَتَسَاهَلُ فِي شَيْءٍ مِنْ حُقُوقِ النَّاسِ اعْتِضَادًا بِالْقَرِينَةِ. وَدَلِيلُ حِلِّ الْحَلِفِ بِالظَّنِّ «حَلِفُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بَيْنَ يَدَيْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ ابْنَ صَيَّادٍ هُوَ الدَّجَّالُ» وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ مَعَ أَنَّهُ غَيْرُهُ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ وَإِنَّمَا قَالَ: إنْ يَكُنْهُ فَلَنْ تُسَلَّطَ عَلَيْهِ. وَفَارَقَتْ مَا قَبْلَهَا بِأَنَّ خَطَرَهُمَا عَامٌّ بِخِلَافِهَا لِتَعَلُّقِهَا بِنَفْسِهِ.
(وَالصَّحِيحُ جَوَازُ رِوَايَةِ الْحَدِيثِ بِخَطٍّ) كَتَبَهُ هُوَ، أَوْ غَيْرُهُ، وَإِنْ لَمْ يَتَذَكَّرْ قِرَاءَةً، وَلَا سَمَاعًا وَلَا إجَازَةً (مَحْفُوظٍ عِنْدَهُ) أَوْ عِنْدَ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ بَابَ الرِّوَايَةِ أَوْسَعُ وَلِذَا عَمِلَ بِهِ السَّلَفُ، وَالْخَلَفُ. وَلَوْ رَأَى خَطَّ شَيْخِهِ لَهُ بِالْإِذْنِ فِي الرِّوَايَةِ وَعَرَفَهُ جَازَ لَهُ الِاعْتِمَادُ عَلَيْهِ أَيْضًا.
(فَصْلٌ) فِي التَّسْوِيَةِ (لِيُسَوِّ)
ــ
[حاشية الشرواني]
حُكْمِهِ عِنْدَ قَاضٍ غَيْرِهِ نَفَذَ بِشَهَادَتِهِمَا حُكْمُ الْأَوَّلِ وَلَوْ ثَبَتَ عِنْدَهُ تَوَقُّفُهُ لَا إنْ ثَبَتَ عِنْدَهُ وَلَوْ بِعِلْمِهِ إنْكَارَهُ ذَلِكَ فَلَا يُنْفِذُهُ. وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَى الْقَاضِي فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ عِنْدَ قَاضٍ آخَرَ أَنَّك حَكَمْت لِي بِكَذَا انْتَهَتْ. اهـ. سم (قَوْلُ الْمَتْنِ: وَفِيهِمَا) أَيْ: الْعَمَلِ، وَالشَّهَادَةِ وَقَوْلُهُ: فِي وَرَقَةٍ مَصُونَةٍ مِنْ سِجِلٍّ، أَوْ مَحْضَرٍ عِنْدَهُمَا أَيْ الْقَاضِي، وَالشَّاهِدِ. اهـ. مُغْنِي (قَوْلُهُ: أَنَّهُ يَعْمَلُ بِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِ الْمَتْنِ وَجْهٌ.
(قَوْلُهُ: لَا فَرْقَ) أَيْ: بَيْنَ الْوَرَقَةِ الْمَصُونَةِ إلَخْ وَغَيْرِهَا. (قَوْلُهُ: ذَلِكَ) أَيْ: عَدَمِ جَوَازِ عَمَلِ الْقَاضِي بِشَهَادَةِ الْبَيِّنَةِ بِحُكْمِهِ مَا لَمْ يَتَذَكَّرْهُ. (قَوْلُهُ: فِي الْوَصْفِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِهِ مُقَدِّمَةُ الْحُكْمِ. (قَوْلُهُ: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ) أَيْ: مِنْ التَّعْلِيلِ. (قَوْلُهُ: يَكْتُبُ عَلَى مَا ظَهَرَ بُطْلَانُهُ إلَخْ) أَيْ: فَيَنْبَغِي لِمَنْ ظَهَرَ لَهُ مِنْ الْقُضَاةِ ذَلِكَ أَنْ يَفْعَلَ مِثْلَهُ. اهـ. ع ش.
. (قَوْلُ الْمَتْنِ: وَلَهُ) أَيْ: الشَّخْصِ. اهـ. مُغْنِي. (قَوْلُ الْمَتْنِ: الْحَلِفُ) يَشْمَلُ الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ، وَالْيَمِينَ الَّتِي مَعَهَا شَاهِدٌ. اهـ. بُجَيْرِمِيٌّ أَيْ وَغَيْرَهُمَا. (قَوْلُ الْمَتْنِ: عَلَى اسْتِحْقَاقِ حَقٍّ) لَهُ عَلَى غَيْرِهِ أَوْ أَدَائِهِ حَقًّا لِغَيْرِهِ. اهـ. مُغْنِي عِبَارَةُ الرَّوْضِ مَعَ شَرْحِهِ (فَرْعٌ)
لَوْ وَجَدَ شَخْصٌ بِخَطِّ مُوَرِّثِهِ أَنَّ لَهُ دَيْنًا عَلَى شَخْصٍ أَوْ أَنَّهُ أَدَّى لِفُلَانٍ كَذَا وَعَرَفَ أَمَانَتَهُ فَلَهُ الْحَلِفُ عَلَى اسْتِحْقَاقِهِ، أَوْ أَدَائِهِ اعْتِمَادًا عَلَى ذَلِكَ وَكَذَا لَوْ وَجَدَ خَطَّ نَفْسِهِ بِذَلِكَ. اهـ. (قَوْلُهُ: إخْبَارِ عَدْلٍ) إلَى الْفَصْلِ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: عَلَى الْمُعْتَمَدِ مِنْ تَنَاقُضٍ فِيهِ وَقَوْلَهُ: مَعَ أَنَّهُ غَيْرُهُ إلَى وَفَارَقَتْ. (قَوْلُهُ: وَعَلَى خَطِّ نَفْسِهِ) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَتَذَكَّرْ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: خَطِّ نَحْوِ مُكَاتَبِهِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْأَسْنَى، وَالْمُغْنِي خَطِّ مُكَاتَبِهِ الَّذِي مَاتَ فِي أَثْنَاءِ الْكِتَابَةِ وَخَطِّ مَأْذُونِهِ الْقِنِّ بَعْدَ مَوْتِهِ وَخَطِّ مُعَامِلِهِ فِي الْقِرَاضِ وَشَرِيكِهِ فِي التِّجَارَةِ. اهـ. (قَوْلُ الْمَتْنِ: إذَا وَثِقَ بِخَطِّهِ وَأَمَانَتِهِ إلَخْ) وَضَابِطُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ وَجَدَ عِنْدَهُ بِأَنَّ لِزَيْدٍ عَلَيَّ كَذَا سَمَحَتْ نَفْسُهُ بِدَفْعِهِ وَلَمْ يَحْلِفْ عَلَى نَفْيِهِ. اهـ. نِهَايَةٌ عِبَارَةُ الْمُغْنِي. وَضَبَطَ الْقَفَّالُ الْوُثُوقَ بِخَطِّ الْأَبِ كَمَا نَقَلَهُ الشَّيْخَانِ وَأَقَرَّاهُ بِكَوْنِهِ بِحَيْثُ لَوْ وَجَدَ فِي التَّذْكِرَةِ لِفُلَانٍ عَلَيَّ كَذَا لَمْ يَجِدْهُ فِي نَفْسِهِ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِهِ بَلْ يُؤَدِّيهِ مِنْ التَّرِكَةِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَدَلِيلُ حِلِّ الْحَلِفِ بِالظَّنِّ إلَخْ) وَسَيَأْتِي فِي الدَّعَاوَى جَوَازُ الْحَلِفِ عَلَى الْبَتِّ بِظَنٍّ مُؤَكَّدٍ يَعْتَمِدُ خَطَّهُ، أَوْ خَطَّ أَبِيهِ. اهـ. مُغْنِي. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُنْكِرْ) أَيْ: النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَذَا ضَمِيرُ وَإِنَّمَا قَالَ. (قَوْلُهُ: وَفَارَقَتْ) أَيْ: الْيَمِينُ اعْتِمَادًا عَلَى الْخَطِّ وَنَحْوِهِ مَا قَبْلَهَا أَيْ: الْقَضَاءِ، وَالشَّهَادَةِ بِأَنَّ خَطَرَهُمَا أَيْ: الْقَضَاءِ، وَالشَّهَادَةِ عَامٌّ أَيْ: بِغَيْرِ الْقَاضِي، وَالشَّاهِدِ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِهَا) أَيْ: الْيَمِينِ اعْتِمَادًا عَلَى مَا تَقَدَّمَ عِبَارَةُ ع ش أَيْ: الْمَذْكُورَاتِ مِنْ قَوْلِهِ: وَلَكِنْ الْحَلِفُ إلَخْ. اهـ. (قَوْلُهُ: بِنَفْسِهِ) أَيْ: نَفْسِ الْحَالِفِ. (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ بَابَ الرِّوَايَةِ أَوْسَعُ) ؛ لِأَنَّهَا تُقْبَلُ مِنْ الْعَبْدِ، وَالْمَرْأَةِ وَمِنْ الْفَرْعِ مَعَ حُضُورِ الْأَصْلِ بِخِلَافِ الشَّهَادَةِ؛ وَلِأَنَّ الرَّاوِيَ يَقُولُ: حَدَّثَنِي فُلَانٌ عَنْ فُلَانٍ أَنَّهُ يَرْوِي كَذَا وَلَا يَقُولُ الشَّاهِدُ: حَدَّثَنِي فُلَانٌ عَنْ فُلَانٍ أَنَّهُ يَشْهَدُ بِكَذَا أَسْنَى وَمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ رَأَى خَطَّ شَيْخِهِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي، وَالرَّوْضِ مَعَ شَرْحِهِ وَيَجُوزُ لِلشَّخْصِ أَنْ يَرْوِيَ بِإِجَازَةٍ أَرْسَلَهَا إلَيْهِ الْمُحَدِّثُ بِخَطِّهِ إنْ عَرَفَ هُوَ خَطَّهُ اعْتِمَادًا عَلَى الْخَطِّ فَيَقُولُ: أَخْبَرَنِي فُلَانٌ كِتَابَةً، أَوْ فِي كِتَابَةٍ، أَوْ كَتَبَ إلَيَّ بِكَذَا وَيَصِحُّ أَنْ يَرْوِيَ عَنْهُ بِقَوْلِهِ: أَجَزْتُك مَرْوِيَّاتِي، أَوْ نَحْوَهَا كَمَسْمُوعَاتِي، بَلْ لَوْ قَالَ: أَجَزْت الْمُسْلِمِينَ، أَوْ مَنْ أَدْرَكَ زَمَانِي، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ كَكُلِّ أَحَدٍ صَحَّ وَلَا يَصِحُّ بِقَوْلِهِ: أَجَزْت أَحَدَ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ مَثَلًا مَرْوِيَّاتِي، أَوْ نَحْوَهَا، أَوْ أَجَزْتُك أَحَدَ هَذِهِ الْكُتُبِ لِلْجَهْلِ بِالْمَجَازِ لَهُ فِي الْأُولَى وَبِالْمَجَازِ فِي الثَّانِيَةِ وَلَا بِقَوْلِهِ: أَجَزْت مِنْ سَيُولَدُ لِي مَرْوِيَّاتِي مَثَلًا لِعَدَمِ الْمَجَازِ لَهُ وَتَصِحُّ الْإِجَازَةُ لِغَيْرِ الْمُمَيِّزِ وَتَكْفِي الرِّوَايَةُ بِكِتَابَةٍ وَنِيَّةِ إجَازَةٍ كَمَا تَكْفِي بِالْقِرَاءَةِ عَلَيْهِ مَعَ سُكُوتِهِ وَإِذَا كَتَبَ الْإِجَازَةَ اُسْتُحِبَّ أَنْ يَتَلَفَّظَ بِهَا. اهـ.
[فَصْلٌ فِي التَّسْوِيَةِ بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ]
(فَصْلٌ) فِي التَّسْوِيَةِ (قَوْلُهُ: فِي التَّسْوِيَةِ) أَيْ: وَمَا يَتْبَعُهَا نِهَايَةٌ، وَمُغْنِي أَيْ: كَقَوْلِهِ: وَإِذَا جَلَسَا فَلَهُ أَنْ يَسْكُتَ
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
أَقَرَّ عِنْدَهُ سِرًّا فَهُوَ حُكْمٌ بِالْعِلْمِ قَالَهُ فِي الْأَنْوَارِ. اهـ. وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِمَجْلِسِ حُكْمِهِ مَا فِيهِ مَنْ يَثْبُتُ بِهِ الْإِقْرَارُ.
(قَوْلُهُ: غَيْرِهِ إذَا شَهِدَ عِنْدَهُ بِحُكْمِهِ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ: فَإِنْ تَوَقَّفَ وَشَهِدَا عَلَى حُكْمِهِ عِنْدَ قَاضٍ غَيْرِهِ نَفَذَ بِشَهَادَتِهِمَا حُكْمُ الْأَوَّلِ، وَلَوْ ثَبَتَ عِنْدَهُ تَوَقُّفُهُ لَا إنْ ثَبَتَ عِنْدَهُ، وَلَوْ بِعِلْمِهِ إنْكَارُهُ ذَلِكَ فَلَا يَنْفُذُ، وَلَيْسَ لَهُ أَيْ: لِأَحَدٍ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ عِنْدَ قَاضٍ أَنَّك حَكَمْت لِي. اهـ.
(فَصْلٌ)
لِيُسَوِّ بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ فِي دُخُولٍ عَلَيْهِ إلَخْ.