للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَذَلِكَ احْتِيَاطٌ لَهُ لِاحْتِمَالِ إسْلَامِهِ وَلِلْمُسْلِمِينَ لِاحْتِمَالِ مَوْتِهِ مُرْتَدًّا

(كِتَابُ الزِّنَا)

بِالْمَدِّ وَالْقَصْرِ وَهُوَ الْأَفْصَحُ وَأَجْمَعَتْ الْمِلَلُ عَلَى عَظِيمِ تَحْرِيمِهِ وَمِنْ ثَمَّ كَانَ أَكْبَرَ الْكَبَائِرِ بَعْدَ الْقَتْلَ عَلَى الْأَصَحِّ وَقِيلَ هُوَ أَعْظَمُ مِنْ الْقَتْلِ؛ لِأَنَّهُ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ مَفَاسِدِ انْتِشَارِ الْأَنْسَابِ وَاخْتِلَاطِهَا مَا لَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الْقَتْلِ، وَهُوَ (إيلَاجُ) أَيْ إدْخَالُ (الذَّكَرِ) الْأَصْلِيِّ الْمُتَّصِلِ وَلَوْ أَشَلَّ أَيْ جَمِيعِ حَشَفَتِهِ الْمُتَّصِلَةِ بِهِ وَلِلزَّائِدِ وَالْمَشْقُوقِ وَنَحْوِهِمَا هُنَا حُكْمُ الْغُسْلِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ فَمَا وَجَبَ بِهِ حَدٌّ بِهِ وَمَا لَا فَلَا وَقَوْلُ الزَّرْكَشِيّ فِي الزَّائِدِ الْحَدُّ كَمَا تَجِبُ الْعِدَّةُ بِإِيلَاجِهِ مَرْدُودٌ بِتَصْرِيحِ الْبَغَوِيّ بِأَنَّهُ لَا يَحْصُلُ بِهِ إحْصَانٌ وَلَا تَحْلِيلٌ فَأَوْلَى أَنْ لَا يُوجِبَ حَدًّا وَوُجُوبُ الْعِدَّةِ لِلِاحْتِيَاطِ لِاحْتِمَالِ الْإِحْبَالِ مِنْهُ كَاسْتِدْخَالِ الْمَنِيِّ هَذَا وَاَلَّذِي يَتَّجِهُ حَمْلُ إطْلَاقِ الْبَغَوِيّ الْمَذْكُورِ فِي الْإِحْصَانِ وَالتَّحْلِيلِ عَلَى مَا ذَكَرْتُهُ فَيَأْتِي فِيهِمَا أَيْضًا التَّفْصِيلُ فِي الْغُسْلِ أَوْ قَدْرِهَا مِنْ فَاقِدِهَا لَا مُطْلَقًا خِلَافًا لِقَوْلِ الْبُلْقِينِيِّ لَوْ ثَنَى ذَكَرَهُ وَأَدْخَلَ قَدْرَهَا مِنْهُ تَرَتَّبَتْ عَلَيْهِ الْأَحْكَامُ وَلَوْ مَعَ حَائِلٍ، وَإِنْ كَثُفَ مِنْ آدَمِيٍّ وَاضِحٍ وَلَوْ ذَكَرِ نَائِمٍ اسْتَدْخَلَتْهُ امْرَأَةٌ بِخِلَافِ مَا لَا يُمْكِنُ انْتِشَارُهُ عَلَى مَا بَحَثَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَأُيِّدَ بِأَنَّ هَذَا غَيْرُ مُشْتَهًى وَفِيهِ مَا فِيهِ ثُمَّ رَأَيْتُ بَعْضَهُمْ لَمَّا حَكَى ذَلِكَ قَالَ وَفِيهِ نَظَرٌ، وَهُوَ كَمَا قَالَ.

(تَنْبِيهٌ)

صَرَّحُوا بِأَنَّهُ لَا غُسْلَ وَلَا غَيْرَهُ بِإِيلَاجِ بَعْضِ الْحَشَفَةِ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْبَعْضُ الْآخَرُ مَوْجُودًا أَوْ مَقْطُوعًا قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا لَكِنَّهُ مُشْكِلٌ فِيمَا إذَا قُطِعَ مِنْ جَانِبِهَا قِطْعَةٌ صَغِيرَةٌ ثُمَّ بَرِئَ وَصَارَتْ تُسَمَّى مَعَ ذَلِكَ حَشَفَةً وَيُحِسُّ وَيَلْتَذُّ بِهَا كَالْكَامِلَةِ فَاَلَّذِي يَتَّجِهُ فِي هَذِهِ أَنَّهَا كَالْكَامِلَةِ وَفِي غَيْرِهَا نَظِيرُ مَا قَدَّمْتُهُ فِيهِ فِي الْغُسْلِ (بِفَرْجٍ)

ــ

[حاشية الشرواني]

وَلَكِنْ نَصَّ الشَّافِعِيُّ عَلَى السُّقُوطِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالنِّيَّةِ هُنَا التَّمْيِيزُ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ إلَخْ) رَاجِعٌ لِلْجَعْلِ الْمَذْكُورِ وَمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِ مَوْتِهِ مُرْتَدًّا) .

(خَاتِمَةٌ)

لَوْ امْتَنَعَ مُرْتَدُّونَ بِنَحْوِ حِصْنٍ بَدَأْنَا بِقِتَالِهِمْ دُونَ غَيْرِهِمْ؛ لِأَنَّ كُفْرَهُمْ أَغْلَظُ وَلِأَنَّهُمْ أَعْرَفُ بِعَوْرَاتِ الْمُسْلِمِينَ فَاتَّبَعْنَا مُدْبِرَهُمْ وَذَفَّفْنَا جَرِيحَهُمْ وَاسْتَتَبْنَا أَسِيرَهُمْ وَعَلَيْهِمْ ضَمَانُ مَا أَتْلَفُوهُ فِي حَالِ الْقِتَالِ كَمَا مَرَّ وَيُقَدَّمُ الْقِصَاصُ عَلَى قَتْلِ الرِّدَّةِ وَتَجِبُ الدِّيَةُ حَيْثُ لَزِمَتْهُ فِي مَالِهِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ لَا عَاقِلَةَ لَهُ مُعَجَّلَةً فِي الْعَمْدِ وَمُؤَجَّلَةً فِي غَيْرِهِ فَإِنْ مَاتَ حَلَّتْ؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ يَسْقُطُ بِالْمَوْتِ وَلَا يَحِلُّ الدَّيْنُ الْمُؤَجَّلُ بِالرِّدَّةِ وَلَوْ وُطِئَتْ مُرْتَدَّةً بِشُبْهَةٍ كَأَنْ وُطِئَتْ مُكْرَهَةً أَوْ اُسْتُخْدِمَ الْمُرْتَدُّ أَوْ الْمُرْتَدَّةُ إكْرَاهًا فَوُجُوبُ الْمَهْرِ وَالْأُجْرَةِ مَوْقُوفَانِ وَلَوْ أَتَى فِي رِدَّتِهِ بِمَا يُوجِبُ حَدًّا كَأَنْ زَنَى أَوْ سَرَقَ أَوْ قَذَفَ أَوْ شَرِبَ خَمْرًا حُدَّ ثُمَّ قُتِلَ مُغْنِي وَرَوْضٌ مَعَ شَرْحِهِ

[كِتَابُ الزِّنَا]

(كِتَابُ الزِّنَا) (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ الْقَصْرُ (قَوْلُهُ: مِنْ مَفَاسِدِ انْتِشَارِ الْأَنْسَابِ إلَخْ) ، وَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ الْكُلِّيَّاتِ الْخَمْسِ النَّفْسُ وَالدِّينُ وَالنَّسَبُ وَالْعَقْلُ وَالْمَالُ وَشُرِعَتْ الْحُدُودُ حِفْظًا لِهَذِهِ الْأُمُورِ فَإِذَا عَلِمَ الْقَاتِلُ مَثَلًا أَنَّهُ إذَا قَتَلَ قُتِلَ انْكَفَّ عَنْ الْقَتْلِ فَشُرِعَ الْقِصَاصُ حِفْظًا لِلنَّفْسِ وَقَتْلُ الرِّدَّةِ حِفْظًا لِلدِّينِ وَحَدُّ الزِّنَا حِفْظًا لِلْأَنْسَابِ وَحَدُّ الشُّرْبِ حِفْظًا لِلْعَقْلِ وَحَدُّ السَّرِقَةِ حِفْظًا لِلْمَالِ زِيَادِيٌّ وَشُرِعَ حَدُّ الْقَذْفِ حِفْظًا لِلْعِرْضِ فَإِذَا عَلِمَ الشَّخْصُ أَنَّهُ إذَا قَذَفَ حُدَّ امْتَنَعَ مِنْ الْقَذْفِ اهـ بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ: وَهُوَ إيلَاجُ الذَّكَرِ إلَخْ) هَذَا التَّعْرِيفُ لَا يَشْمَلُ زِنَا الْمَرْأَةِ إلَّا أَنْ يُرَادَ بِالْإِيلَاجِ الْأَعَمَّ مِنْ كَوْنِهِ مَصْدَرَ أَوْلَجَ مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ وَمَصْدَرُ أُولِجَ مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ اهـ حَلَبِيٌّ (قَوْلُهُ: الْأَصْلِيِّ) إلَى الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَلِلزَّائِدِ إلَى قَوْلِهِ فَمَا وَجَبَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ أَشَلَّ) أَيْ وَغَيْرَ مُنْتَشِرٍ أَسْنَى وَمُغْنِي زَادَ الْحَلَبِيُّ وَلَوْ مِنْ طِفْلٍ اهـ وَفِيهِ وَقْفَةٌ

(قَوْلُهُ: وَلِلزَّائِدِ إلَخْ) أَيْ الذَّكَرِ الزَّائِدِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: فَمَا وَجَبَ) أَيْ الْغُسْلُ بِهِ إلَخْ وَهُوَ الزَّائِدُ الْعَامِلُ أَوْ الْمُسَامِتُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَامِلًا كَمَا مَرَّ هُنَاكَ اهـ رَشِيدِيٌّ زَادَ ع ش وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ فَمَا وَجَبَ إلَخْ أَنَّهُ إذَا عَلَتْ الْمَرْأَةُ عَلَيْهِ حَتَّى دَخَلَتْ حَشَفَتُهُ فِي فَرْجِهَا مَعَ تَمَكُّنِهِ مِنْ رَفْعِهَا وَجَبَ الْحَدُّ لِوُجُوبِ الْغُسْلِ حِينَئِذٍ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ تَمْكِينَهُ لَهَا مِنْ ذَلِكَ كَفِعْلِهِ اهـ.

(قَوْلُهُ: مَرْدُودٌ) يَعْنِي بِالنِّسْبَةِ لِإِطْلَاقِ الزَّائِدِ وَإِلَّا فَبَعْضُ أَفْرَادِهِ يُحَدُّ بِهِ كَمَا مَرَّ اهـ رَشِيدِيٌّ عِبَارَةُ ع ش وَيُمْكِنُ حَمْلُ قَوْلِ الزَّرْكَشِيّ عَلَى زَائِدٍ يَجِبُ الْغُسْلُ بِإِيلَاجِهِ اهـ (قَوْلُهُ: لَا يَحْصُلُ بِهِ) أَيْ بِالزَّائِدِ

(قَوْلُهُ: عَلَى مَا ذَكَرْتُهُ) أَيْ مَا لَا يَجِبُ الْغُسْلُ بِهِ اهـ نِهَايَةٌ أَيْ بِأَنْ لَا يَكُونَ عَامِلًا وَلَا مُسَامِتًا لِلْأَصْلِيِّ (قَوْلُهُ: أَوْ قَدْرِهَا) إلَى قَوْلِهِ وَلَوْ ذَكَرِ نَائِمٍ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: أَوْ قَدْرِهَا) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ جَمِيعِ حَشَفَتِهِ وَقَوْلُهُ وَلَوْ مَعَ حَائِلٍ إلَخْ غَايَةٌ فِيهِمَا رَشِيدِيٌّ وَعِ ش (قَوْلُهُ: مِنْ آدَمِيٍّ) يَخْرُجُ الْجِنِّيُّ، وَإِنْ كَانَ مُكَلَّفًا اهـ سم وَقَالَ ع ش قَوْلُهُ: مِنْ آدَمِيٍّ أَيْ أَوْ جِنِّيٍّ تَحَقَّقَتْ ذُكُورَتُهُ أَخْذًا مِمَّا ذَكَرَهُ فِي الْمُولَجِ فِيهِ فَيَجِبُ عَلَى الْمَرْأَةِ الْحَدُّ إذَا مَكَّنَتْهُ اهـ وَمَالَ إلَيْهِ الرَّشِيدِيُّ كَمَا يَأْتِي وَقَدْ يُصَرِّحُ بِذَلِكَ قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي وَقِيَاسُهُ عَكْسُهُ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَا يُمْكِنُ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنُ انْتِشَارُهُ كَمَا، هُوَ الْأَقْرَبُ، وَإِنْ بَحَثَ الْبُلْقِينِيُّ خِلَافَهُ اهـ وَمَرَّ عَنْ الْمُغْنِي مَا يُوَافِقُهَا (قَوْلُهُ: تَنْبِيهٌ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا قَرَرْنَاهُ أَنَّهُ لَا حَدَّ بِإِيلَاجِ بَعْضِ الْحَشَفَةِ كَالْغُسْلِ نَعَمْ يَتَّجِهُ أَنَّهُ لَوْ قُطِعَ مِنْ جَانِبِهَا فِلْقَةٌ يَسِيرَةٌ بِحَيْثُ تُسَمَّى حَشَفَةً مَعَ ذَلِكَ وَيُحِسُّ وَيَلْتَذُّ بِهَا كَالْكَامِلَةِ وَجَبَ بِهَا اهـ.

(قَوْلُهُ: ثُمَّ بَرِئَ) الْأَوْلَى التَّأْنِيثُ.

(قَوْلُهُ: وَيُحِسُّ إلَخْ) أَيْ صَاحِبُهَا (قَوْلُهُ: بِهَا) تَنَازَعَ فِيهِ الْفِعْلَانِ (قَوْلُ الْمَتْنِ بِفَرْجٍ) أَيْ وَلَوْ فَرْجِ نَفْسِهِ كَأَنْ أَدْخَلَ ذَكَرَهُ فِي دُبُرِهِ كَمَا نُقِلَ بِالدَّرْسِ عَنْ الْبُلْقِينِيِّ ثُمَّ إطْلَاقُ الْفَرْجِ يَشْمَلُ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

كِتَابُ الزِّنَا)

(قَوْلُهُ: مِنْ آدَمِيٍّ) يَخْرُجُ الْجِنِّيُّ، وَإِنْ كَانَ مُكَلَّفًا وَهَذَا فِي الْوَاطِئِ فَلَوْ كَانَ مَوْطُوءًا فَهَلْ هُوَ كَالْآدَمِيِّ أَوْ الْبَهِيمَةِ فِيهِ نَظَرٌ ثُمَّ رَأَيْتُ أَوْ جِنِّيَّةً (قَوْلُهُ: عَلَى مَا بَحَثَهُ الْبُلْقِينِيُّ) الْأَقْرَبُ خِلَافُ مَا بَحَثَهُ فَإِنَّهُ الَّذِي كَتَبَ عَلَيْهِ م ر (قَوْلُهُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>