للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَصَحَّحَ فِي الرَّوْضَةِ أَيْضًا اعْتِبَارَهَا مِنْ حِينِ الزِّنَا بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَنَدُ اللِّعَانِ فَعَلَيْهِ إذَا وَلَدَتْ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْهُ وَلِأَكْثَرَ مِنْ دُونِهَا مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ تَبَيَّنَّا أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ ذَلِكَ الزِّنَا فَيَصِيرُ وُجُودُهُ كَعَدَمِهِ فَلَا يَجُوزُ النَّفْيُ رِعَايَةً لِلْفِرَاشِ وَوَجَّهَ الْبُلْقِينِيُّ الْمَتْنَ بِمَنْعِ تَيَقُّنِ ذَلِكَ لِاحْتِمَالِ سَبْقِ زِنَاهُ بِهَا خُفْيَةً قَبْلَ الزِّنَا الَّذِي رَآهُ.

(وَلَوْ وَطِئَ وَعَزَلَ حَرُمَ) النَّفْيُ (عَلَى الصَّحِيحِ) ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ قَدْ يَسْبِقُهُ وَلَا يَشْعُرُ بِهِ وَلَوْ كَانَ يَطَأُ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ وُصُولُ الْمَاءِ إلَيْهِ لَمْ يَلْحَقْهُ أَوْ فِي الدُّبُرِ تَنَاقَضَ فِيهِ كَلَامُهُمَا وَالْأَرْجَحُ أَنَّهُ لَا يَلْحَقُهُ أَيْضًا وَلَيْسَ مِنْ الظَّنِّ عِلْمُهُ مِنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ عَقِيمٌ عَلَى الْأَوْجَهِ خِلَافًا لِقَوْلِ الرُّويَانِيِّ يَلْزَمُهُ نَفْيُهُ بِاللِّعَانِ أَيْ بَعْدَ قَذْفِهَا وَذَلِكَ؛ لِأَنَّا نَجِدُ كَثِيرِينَ يَكَادُ أَنْ يُجْزَمَ بِعُقُمِهِمْ ثُمَّ يَحْبَلُونَ.

(وَلَوْ عَلِمَ زِنَاهَا وَاحْتُمِلَ كَوْنُ الْوَلَدِ مِنْهُ وَمِنْ الزِّنَا) عَلَى السَّوَاءِ بِأَنْ وَلَدَتْهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ مِنْ وَطْئِهِ وَمِنْ الزِّنَا وَلَا اسْتِبْرَاءَ (حَرُمَ النَّفْيُ) لِتَقَاوُمِ الِاحْتِمَالَيْنِ «وَالْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ» وَالنَّصُّ عَلَى الْحِلِّ يُحْمَلُ عَلَى مَا إذَا كَانَ احْتِمَالُهُ مِنْ الزِّنَا أَغْلَبَ لِوُجُودِ قَرِينَةٍ تُؤَكِّدُ ظَنَّ وُقُوعِهِ (وَكَذَا) يَحْرُمُ (الْقَذْفُ وَاللِّعَانُ عَلَى الصَّحِيحِ) إذْ لَا ضَرُورَةَ إلَيْهِمَا لِلُحُوقِ الْوَلَدِ بِهِ وَالْفِرَاقُ مُمْكِنٌ بِالطَّلَاقِ وَلِأَنَّهُ يَتَضَرَّرُ بِإِثْبَاتِ زِنَاهَا لِانْطِلَاقِ الْأَلْسِنَةِ فِيهِ وَقِيلَ يَحِلَّانِ انْتِقَامًا مِنْهَا وَأَطَالَ جَمْعٌ فِي تَصْوِيبِهِ وَيَرُدُّهُ مَا تَقَرَّرَ إذْ كَيْفَ يُحْتَمَلُ ذَلِكَ الضَّرَرُ الْعَظِيمُ لِمُجَرَّدِ غَرَضِ انْتِقَامٍ وَكَالزِّنَا فِيمَا ذَكَرَ وَطْءُ الشُّبْهَةِ

(فَصْلٌ) فِي كَيْفِيَّةِ اللِّعَانِ وَشُرُوطِهِ وَثَمَرَاتِهِ (اللِّعَانُ قَوْلُهُ) أَيْ الزَّوْجِ (أَرْبَعَ مَرَّاتٍ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ أَنِّي لَمِنْ الصَّادِقِينَ فِيمَا رَمَيْت بِهِ) زَوْجَتِي (هَذِهِ) إنْ حَضَرَتْ (مِنْ الزِّنَا) إنْ قَذَفَهَا بِالزِّنَا وَإِلَّا قَالَ فِيمَا رَمَيْتهَا بِهِ مِنْ إصَابَةِ غَيْرِي لَهَا عَلَى فِرَاشِي وَأَنَّ الْوَلَدَ مِنْهُ لَا مِنِّي وَلَا تُلَاعِنُ هِيَ هُنَا إذْ لَا حَدَّ عَلَيْهَا بِلِعَانِهِ وَلَوْ ثَبَتَ قَذْفٌ أَنْكَرَهُ قَالَ فِيمَا ثَبَتَ مِنْ قَذْفِي إيَّاهَا بِالزِّنَا

ــ

[حاشية الشرواني]

حَمْلُ كَلَامِ الْكِتَابِ عَلَى ذَلِكَ نِهَايَةٌ أَيْ بِأَنْ يُقَالَ الْحِلُّ فِيهِ صَادِقٌ بِاللُّزُومِ رَشِيدِيٌّ. (قَوْلُهُ وَصَحَّحَ فِي الرَّوْضَةِ إلَخْ) وَهُوَ الصَّحِيحُ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ أَيْضًا) أَيْ كَتَصْحِيحِهَا السَّابِقِ آنِفًا (قَوْلُهُ اعْتِبَارُهَا) أَيْ السِّتَّةِ الْأَشْهُرِ اهـ مُغْنِي. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ الزِّنَا مُغْنِي وَسَمِّ. (قَوْلُهُ مِنْهُ) أَيْ الزِّنَا ع ش اهـ سم. (قَوْلُهُ وُجُودُهُ إلَخْ) أَيْ الزِّنَا. (قَوْلُهُ فَلَا يَجُوزُ النَّفْيُ إلَخْ) جَزْمًا فَكَانَ يَنْبَغِي لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَزِيدَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ كَمَا زِدْتُهُ فِي كَلَامِهِ لِيَسْلَمَ مِنْ التَّنَاقُضِ اهـ مُغْنِي

(قَوْلُ الْمَتْنِ وَلَوْ وَطِئَ) أَيْ فِي الْقُبُلِ اهـ مُغْنِي (قَوْلُ الْمَتْنِ وَعَزَلَ) مِثْلُ ذَلِكَ مَا إذَا وَطِئَ وَلَمْ يُنْزِلْ كَمَا يُشْعِرُ بِهِ التَّعْلِيلُ بِأَنَّ الْمَاءَ قَدْ يَسْبِقُهُ إلَخْ سُلْطَانٌ قَالَ م ر فِي أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ وَالْعَزْلُ حَذَرًا مِنْ الْوَلَدِ مَكْرُوهٌ وَإِنْ أَذِنَتْ فِيهِ الْمَعْزُولُ عَنْهَا أَحُرَّةً كَانَتْ أَوْ أَمَةً؛ لِأَنَّهُ طَرِيقٌ إلَى قَطْعِ النَّسْلِ انْتَهَى اهـ بُجَيْرِمِيٌّ عِبَارَةٌ ع ش وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْعَزْلَ مَكْرُوهٌ فَقَطْ اهـ. (قَوْلُهُ وَالْأَرْجَحُ أَنَّهُ لَا يَلْحَقُهُ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ اهـ مُغْنِي قَالَ ع ش وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ كَوْنِ الْمَوْطُوءَةِ زَوْجَةً أَوْ أَمَةً اهـ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّا نَجِدُ كَثِيرِينَ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ أَخْبَرَهُ مَعْصُومٌ بِأَنَّهُ عَقِيمٌ وَجَبَ النَّفْيُ بَلْ يَنْبَغِي وُجُوبُ النَّفْيِ أَيْضًا فِيمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ عَقِيمًا وَأَخْبَرَهُ مَعْصُومٌ بِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ اهـ ع ش.

. (قَوْلُهُ عَلَى السَّوَاءِ) إلَى قَوْلِهِ وَكَالزِّنَا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَالنَّصُّ إلَى الْمَتْنِ. (قَوْلُهُ ظَنَّ وُقُوعَهُ) أَيْ كَوْنِ الْوَلَدِ مِنْ الزِّنَا (قَوْلُ الْمَتْنِ وَكَذَا الْقَذْفُ وَاللِّعَانُ) .

(فَرْعٌ) لَوْ أَتَتْ امْرَأَةٌ بِوَلَدٍ أَبْيَضَ وَأَبَوَاهُ أَسْوَدَانِ أَوْ عَكْسُهُ لَمْ يُبَحْ لِأَبِيهِ بِذَلِكَ نَفْيُهُ وَلَوْ كَانَ أَشْبَهَ مَنْ تُتَّهَمُ بِهِ أُمُّهُ أَوْ انْضَمَّ إلَى ذَلِكَ قَرِينَةٌ لِزِنًا لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ امْرَأَتِي وَلَدَتْ غُلَامًا أَسْوَدَ قَالَ هَلْ لَك مِنْ إبِلٍ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَمَا أَلْوَانُهَا قَالَ حُمْرٌ قَالَ هَلْ فِيهَا مِنْ أَوْرَقَ قَالَ نَعَمْ قَالَ فَأَنَّى أَتَاهَا ذَلِكَ قَالَ عَسَى أَنْ يَكُونَ نَزَعَهُ عِرْقٌ قَالَ فَلَعَلَّ هَذَا نَزَعَهُ عِرْقٌ» رَوْضٌ مَعَ شَرْحِهِ وَنِهَايَةٌ زَادَ الْمُغْنِي وَالْأَوْرَقُ جَمَلٌ أَبْيَضُ يُخَالِطُ بَيَاضَهُ سَوَادٌ اهـ.

وَفِي ع ش عَنْ مُقَدِّمَةِ الْفَتْحِ نَزَعَ الْوَلَدُ إلَى أَبِيهِ أَيْ جَذَبَهُ وَهُوَ كِنَايَةٌ فِي التَّشَبُّهِ اهـ. (قَوْلُهُ إذْ لَا ضَرُورَةَ إلَيْهِمَا إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي؛ لِأَنَّ اللِّعَانَ حُجَّةٌ ضَرُورِيَّةٌ إنَّمَا يُصَارُ إلَيْهَا لِدَفْعِ النَّسَبِ أَوْ قَطْعِ النِّكَاحِ حَيْثُ لَا وَلَدَ عَلَى الْفِرَاشِ الْمُلَطَّخِ. وَقَدْ حَصَلَ الْوَلَدُ هُنَا فَلَمْ يَبْقَ لَهُ فَائِدَةٌ وَالْفِرَاقُ مُمْكِنٌ بِالطَّلَاقِ اهـ. (قَوْلُهُ وَلِأَنَّهُ يَتَضَرَّرُ) أَيْ الْوَلَدُ عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَلِأَنَّ الْوَلَدَ يَتَضَرَّرُ بِنِسْبَةِ أُمِّهِ إلَى الزِّنَا وَإِثْبَاتِهِ عَلَيْهَا بِاللِّعَانِ إذْ يُعَيَّرُ بِذَلِكَ وَتُطْلَقُ فِيهِ الْأَلْسِنَةُ اهـ. (قَوْلُهُ مَا تَقَرَّرَ) يَعْنِي التَّعْلِيلَ الثَّانِيَ.

[فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّةِ اللِّعَانِ وَشُرُوطِهِ وَثَمَرَاتِهِ]

(فَصْلٌ) فِي كَيْفِيَّةِ اللِّعَانِ وَشُرُوطِهِ وَثَمَرَاتِهِ (قَوْلُهُ: فِي كَيْفِيَّةِ اللِّعَانِ) إلَى قَوْلِهِ وَمِنْ ثَمَّ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَثَمَرَاتِهِ) أَيْ: الْمَذْكُورَةِ فِي قَوْلِهِ وَيَتَعَلَّقُ بِلِعَانِهِ فُرْقَةٌ إلَخْ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَثَمَرَاتِهِ) أَيْ: وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ كَشِدَّةِ التَّغْلِيظِ الْآتِي اهـ ع ش (قَوْلُهُ: إنْ قَذَفَهَا إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي إنْ كَانَ قَذْفٌ وَلَمْ تُثْبِتْهُ عَلَيْهِ بِبَيِّنَةٍ وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ اللِّعَانُ لِنَفْيِ الْوَلَدِ كَأَنْ احْتَمَلَ كَوْنَهُ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ أَوْ أَثْبَتَتْ قَذْفَهُ بِبَيِّنَةٍ قَالَ فِي الْأَوَّلِ فِيمَا رَمَيْتهَا إلَخْ، وَفِي الثَّانِي فِيمَا ثَبَتَ عَلَى مَنْ رَمَى إلَخْ (قَوْلُهُ: وَأَنَّ الْوَلَدَ إلَخْ) أَيْ: وَفِي أَنَّ الْوَلَدَ الَّذِي وَلَدَتْهُ إنْ غَابَ أَوْ هَذَا الْوَلَدَ إنْ حَضَرَ مِنْ غَيْرِي لَا مِنِّي (قَوْلُهُ: هُنَا) أَيْ: فِيمَا إذَا لَمْ يَقْذِفْهَا بِالزِّنَا ش اهـ سم (قَوْلُهُ: وَلَوْ ثَبَتَ إلَخْ) أَيْ: بِبَيِّنَةٍ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مُسْتَنَدُ اللِّعَانِ إلَى قَوْلِهِ مِنْهُ) الضَّمِيرُ أَنَّ لِلزِّنَا ش

. (قَوْلُهُ وَالْأَرْجَحُ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ م ر

(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَكَذَا الْقَذْفُ وَاللِّعَانُ) ظَاهِرُهُ حُرْمَتُهُمَا وَإِنْ لَمْ يُرِدْ بِهِمَا التَّوَصُّلَ لِنَفْيِ الْوَلَدِ نَعَمْ وَلَوْ تَعَدَّى وَقَذَفَ فَيَنْبَغِي صِحَّةُ اللِّعَانِ لِدَفْعِ الْحَدِّ فَلْيُتَأَمَّلْ فَقَدْ يُقَالُ اللِّعَانُ لَا يُعْتَمَدُ بِهِ إلَّا بِتَلْقِينِ الْقَاضِي مَعَ حُرْمَتِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ غَايَتُهُ أَنَّ الْقَاضِيَ مُعْتَدٌّ أَيْضًا بِتَلْقِينِهِ وَذَلِكَ لَا يُوجِبُ عَزْلَهُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَا يَفْسُقُ بِذَلِكَ

(فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّةِ اللِّعَانِ وَشُرُوطِهِ وَثَمَرَاتِهِ) (قَوْلُهُ: وَلَا تُلَاعِنُ هِيَ هُنَا) أَيْ: فِيمَا إذَا لَمْ يَقْذِفْهَا بِالزِّنَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ ثَبَتَ قَذْفٌ أَنْكَرَهُ قَالَ فِيمَا ثَبَتَ إلَخْ) فِي الْعُبَابِ وَلَوْ ادَّعَتْ عَلَى الزَّوْجِ الْقَذْفَ وَأَقَامَتْ بِهِ بَيِّنَةً بِأَنْ كَانَ جَوَابُهُ لِدَعْوَاهَا بِلَا يَلْزَمُنِي الْحَدُّ أَوْ لَمْ يُجِبْهَا قَالَ أَشْهَدُ بِاَللَّهِ أَنِّي لَمِنْ الصَّادِقِينَ فِي إنْكَارِ مَا أَثْبَتَتْ بِهِ عَلَيَّ مِنْ رَمْيِ

<<  <  ج: ص:  >  >>