للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَنَعَ التَّاجُ الْفَزَارِيّ مِنْ إهْدَاءِ الْقُرَبِ لِنَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُعَلِّلًا لَهُ بِأَنَّهُ لَا يُتَجَرَّأُ عَلَى جَنَابِهِ الرَّفِيعِ بِمَا لَمْ يُؤْذَنْ فِيهِ شَيْءٌ انْفَرَدَ بِهِ وَمِنْ ثَمَّ خَالَفَهُ غَيْرُهُ وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ -، وَمَرَّ فِي الْإِجَارَةِ مَا لَهُ تَعَلُّقٌ بِذَلِكَ وَلَوْ أَوْصَى بِكَذَا لِمَنْ يَقْرَأُ عَلَى قَبْرِهِ كُلَّ يَوْمٍ جُزْءَ قُرْآنٍ، وَلَمْ يُعَيِّنْ الْمُدَّةَ صَحَّ ثُمَّ مَنْ قَرَأَ عَلَى قَبْرِهِ مُدَّةَ حَيَاتِهِ اسْتَحَقَّ الْوَصِيَّةَ وَإِلَّا فَلَا كَذَا أَفْتَى بِهِ بَعْضُهُمْ وَفِي فَتَاوَى الْأَصْبَحِيِّ لَوْ أَوْصَى بِوَقْفِ أَرْضٍ عَلَى مَنْ يَقْرَأُ عَلَى قَبْرِهِ حُكِّمَ الْعُرْفُ فِي غَلَّةِ كُلِّ سَنَةٍ بِسَنَتِهَا فَمَنْ قَرَأَ بَعْضَهَا اسْتَحَقَّ بِالْقِسْطِ أَوْ كُلَّهَا اسْتَحَقَّ غَلَّةَ السَّنَةِ كُلِّهَا أَوْ بِنَفْسِ الْأَرْضِ فَإِنْ عَيَّنَ مُدَّةً لَمْ يَسْتَحِقَّ الْأَرْضَ إلَّا مَنْ قَرَأَ جَمِيعَ الْمُدَّةِ، وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْ مُدَّةً فَالِاسْتِحْقَاقُ تَعَلَّقَ بِشَرْطٍ مَجْهُولٍ لَا آخِرَ لِوَقْتِهِ فَيُشْبِهُ مَسْأَلَةَ الدِّينَارِ الْمَجْهُولَةِ اهـ وَمُرَادُهُ بِمَسْأَلَةِ الدِّينَارِ مَا مَرَّ فِي الْفَرْعِ قَبْلَ قَوْلِهِ وَتَصِحُّ بِحَجِّ تَطَوُّعٍ وَاعْتُرِضَ بِأَنَّهُ لَا يُشْبِهُهَا أَيْ لِإِمْكَانِ حَمْلِ هَذَا عَلَى أَنَّهُ شَرَطَ لِاسْتِحْقَاقِ الْوَصِيَّةِ قِرَاءَتَهُ عَلَى قَبْرِهِ جَمِيعَ حَيَاتِهِ فَلْيُحْمَلْ عَلَيْهِ تَصْحِيحًا لِلَّفْظِ مَا أَمْكَنَ وَمَرَّ فِي الْوَقْفِ مَا لَهُ تَعَلُّقٌ بِذَلِكَ فَرَاجِعْهُ

(فَصْلٌ)

فِي الرُّجُوعِ عَنْ الْوَصِيَّةِ (لَهُ الرُّجُوعُ عَنْ الْوَصِيَّةِ) إجْمَاعًا وَكَالْهِبَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ بَلْ أَوْلَى وَمِنْ

ــ

[حاشية الشرواني]

وَلَا يُخَالِفُ فِيهِ الْبُرْهَانُ فِيمَا يَظْهَرُ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ تَعْلِيلِهِ اهُوَ سَيِّدُ عُمَرَ.

(قَوْلُهُ وَمَنْعُ التَّاجِ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ شَيْءٌ انْفَرَدَ بِهِ (قَوْلُهُ بِمَا لَمْ يُؤْذَنْ فِيهِ) وَلَمْ يُؤْذَنْ إلَّا فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَسُؤَالِهِ الْوَسِيلَةَ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ وَاخْتَارَهُ) أَيْ الْجَوَازَ السُّبْكِيُّ وَاحْتَجَّ بِأَنَّ ابْنَ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - كَانَ يَعْتَمِرُ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عُمْرًا بَعْدَ مَوْتِهِ مِنْ غَيْرِ وَصِيَّةٍ، وَحَكَى الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمُوَفَّقِ وَكَانَ مِنْ طَبَقَةِ الْجُنَيْدِ أَنَّهُ حَجَّ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِجَجًا وَعَدَّهَا الْقُضَاعِيُّ سِتِّينَ حِجَّةً وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ السَّرَّاجِ النَّيْسَابُورِيِّ أَنَّهُ خَتَمَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَكْثَرَ مِنْ عَشْرَةِ آلَافِ خَتْمَةٍ وَضَحَّى عَنْهُ مِثْلَ ذَلِكَ انْتَهَى، وَلَكِنَّ هَؤُلَاءِ أَئِمَّةٌ مُجْتَهِدُونَ فَإِنَّ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ أَنَّ التَّضْحِيَةَ عَنْ الْغَيْرِ بِغَيْرِ إذْنِهِ لَا يَجُوزُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ الْأُضْحِيَّةِ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا) ظَاهِرُهُ أَنَّ مَنْ تَرَكَ الْقِرَاءَةَ فِي بَعْضِ الْأَيَّامِ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا، وَلَوْ كَانَ التَّرْكُ لِعُذْرٍ وَقَضَاهُ بَعْدُ وَفِيهِ وَقْفَةٌ، وَلَعَلَّ لِذَلِكَ عَقَّبَهُ بِمَا فِي فَتَاوَى الْأَصْبَحِيِّ فَإِنَّ قِيَاسَهُ الِاسْتِحْقَاقُ بِالْقِسْطِ هُنَا فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ بِسَنَتِهَا) أَيْ الْغَلَّةِ بِبَاءٍ فَسِينٍ فَنُونٍ وَلَعَلَّهُ مِنْ تَحْرِيفِ النَّسَّاخِينَ، وَالْأَصْلُ بِنِسْبَتِهَا بِبَاءٍ فَنُونٍ فَسِينٍ فَبَاءٍ فَالضَّمِيرُ لِلسَّنَةِ أَوْ الْقِرَاءَةِ (قَوْلُهُ أَوْ بِنَفْسِ الْأَرْضِ) عَطْفٌ عَنْ قَوْلِهِ بِوَقْفِ أَرْضٍ إلَخْ (قَوْلُهُ وَمُرَادُهُ) أَيْ الْأَصْبَحِيِّ (قَوْلُهُ قَبْلَ قَوْلِهِ) أَيْ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ بِأَنَّهُ) أَيْ الْإِيصَاءَ بِنَفْسِ الْأَرْضِ بِلَا تَعْيِينِ مُدَّةٍ وَكَذَا الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ هَذَا الْآتِي (قَوْلُهُ لِإِمْكَانِ حَمْلِ هَذَا إلَخْ) أَيْ نَظِيرُ مَا مَرَّ آنِفًا فِي الْوَصِيَّةِ لِمَنْ يَقْرَأُ عَلَى قَبْرِهِ كُلَّ يَوْمٍ جُزْءَ قُرْآنٍ.

(قَوْلُهُ فَرَاجِعْهُ) فُرِّعَ فِي الْقُوتِ فَصْلٌ فِي مَسَائِلَ مُهِمَّةٍ نَخْتِمُ بِهَا الْبَابَ الْأُولَى رَأَيْت بِخَطِّ الْكَمَالِ إِسْحَاقَ نَقْلًا عَنْ الْأَصْحَابِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ أَعْطُوا زَيْدًا مَا يَبْقَى مِنْ ثُلُثِي، وَلَمْ يَكُنْ قَدْ أَوْصَى بِشَيْءٍ يُعْطَى الثُّلُثَ كَامِلًا انْتَهَى وَفِي النَّفْسِ مِنْهُ شَيْءٌ ثُمَّ قَالَ الرَّابِعَةُ قَالَ الصَّيْمَرِيُّ لَوْ قَالَ إنْ رُزِقَتْ وَلَدًا أَوْ سَلِمْت مِنْ سَفَرِي هَذَا أَوْ مَاتَ فُلَانٌ أَوْ وَجَدَتْ كَذَا فَقَدْ أَوْصَيْت بِثُلُثِ مَالِي جَازَ ذَلِكَ وَعُمِلَ بِالشَّرْطِ قُلْت وَهَذَا نَذْرٌ فِي الْمَعْنَى فَيُنْظَرُ فِي قَوْلِهِ أَوْ مَاتَ فُلَانٌ وَمَا أَشْبَهَهُ مِنْ الْقَصْدِ الصَّالِحِ بِذَلِكَ وَغَيْرِهِ، ثُمَّ قَالَ السَّادِسَةُ إذَا ادَّعَى الْوَصِيُّ صَرْفَ الثُّلُثِ إلَى الْفُقَرَاءِ صُدِّقَ سَوَاءٌ صَدَّقَهُ الْفُقَرَاءُ أَمْ لَا، وَكَذَا لَوْ قَالَ تَصَدَّقْت بِهِ عَلَى فُلَانٍ وَفُلَانٍ وَفُلَانٍ فَكَذَّبُوهُ وَيُفَارِقُ مَا لَوْ أَوْصَى لِفُلَانٍ الْفَقِيرِ وَفُلَانٍ بِكَذَا لَمْ يُصَدَّقْ عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّ الْحَقَّ هَاهُنَا لِمُعَيَّنٍ وَهُنَاكَ لِغَيْرِهِ، فَالْوَصِيُّ نَائِبٌ عَنْ الْمَسَاكِينِ قَالَهُ الْقَفَّالُ وَقَدْ يَخْرُجُ مِنْهُ أَنَّ فُقَرَاءَ الْبَلَدِ الْمَحْصُورِينَ كَالْمُعَيَّنِينَ السَّابِعَةُ قَالَ الْقَفَّالُ وَلَوْ ادَّعَى أَنَّ أَبَاكُمْ أَوْصَى لِي بِأَلْفٍ لَمْ تُسْمَعْ الدَّعْوَى مَا لَمْ يَقُلْ وَقَبِلْت الْوَصِيَّةَ، وَهَذَا مُشْكِلٌ انْتَهَى وَرَأَيْت فِي أَدَبِ الْقَضَاءِ لِلزَّبِيلِيِّ أَنَّهُ إذَا ادَّعَى أَنَّ أَبَاهُ أَوْصَى بِشَيْءٍ لَا قَوَامَ عَلَى يَدِهِ لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدَّعِي لِنَفْسِهِ وَلَوْ ادَّعَى قَوْمٌ أَنَّ أَبَاهُ أَوْصَى لَهُمْ بِمَالٍ حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ أَنَّ أَبَاهُ أَوْصَى لَهُمْ بِذَلِكَ فَإِنْ نَكَلَ وَالْقَوْمُ مُعَيَّنُونَ حَلَفُوا وَاسْتَحَقُّوا، وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا مُعَيَّنِينَ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ عَلَى وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا يُحْكَمُ عَلَى الْوَارِثِ وَالثَّانِي يُحْبَسُ حَتَّى يَحْلِفَ انْتَهَى، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِاشْتِرَاطِ الْقَبُولِ فِي صِحَّةِ الدَّعْوَى، وَلَكِنَّهُ أَيْ الِاشْتِرَاطَ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ مِنْ شُرُوطِ الدَّعْوَى كَوْنُهَا مُلْزِمَةً، وَلَيْسَتْ قَبْلَ الْقَبُولِ مُلْزِمَةً ثُمَّ قَالَ الثَّامِنَةُ لَوْ أَوْصَى بِأَنْ يُبْنَى عَلَى قَبْرِهِ مَسْجِدٌ أَوْ قُبَّةٌ وَنَحْوُ ذَلِكَ لَغَتْ وَصِيَّتُهُ انْتَهَى، ثُمَّ شَنَّعَ عَلَى مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ وَمَنْ يُنْفِذُهُ مِنْ الْقُضَاةِ اهـ سم

[فَصْلٌ فِي الرُّجُوعِ عَنْ الْوَصِيَّةِ]

(فَصْلٌ فِي الرُّجُوعِ عَنْ الْوَصِيَّةِ) (قَوْلُهُ فِي الرُّجُوعِ إلَخْ) أَيْ فِي بَيَانِ حُكْمِ الرُّجُوعِ عَنْ الْوَصِيَّةِ وَمَا يَحْصُلُ بِهِ اهـ ع ش (قَوْلُ الْمَتْنِ لَهُ الرُّجُوعُ) أَيْ يَجُوزُ لَهُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَأْتِيَ فِيهِ مَا تَقَدَّمَ فِي حُكْمِ الْوَصِيَّةِ مِنْ أَنَّهُ إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّ الْمُوصَى لَهُ يَصْرِفُهُ فِي مَكْرُوهٍ كُرِهَتْ أَوْ فِي مُحَرَّمٍ حَرُمَتْ فَيُقَالُ هُنَا بَعْدَ حُصُولِ الْوَصِيَّةِ وَإِنْ كَانَتْ مَطْلُوبَةً حِينَ فِعْلِهَا إذَا عَرَضَ لِلْمُوصَى لَهُ مَا يَقْتَضِي أَنْ يَصْرِفَهَا فِي مُحَرَّمٍ وَجَبَ الرُّجُوعُ أَوْ فِي مَكْرُوهٍ نُدِبَ الرُّجُوعُ أَوْ فِي طَاعَةٍ كُرِهَ الرُّجُوعُ اهـ ع ش (قَوْلُهُ إجْمَاعًا) إلَى قَوْلِهِ وَسُئِلْتُ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَالْأَوْجَهُ إلَى الْمَتْنِ وَقَوْلُهُ وَسَوَاءٌ أَنَسِيَ الْوَصِيَّةَ أَمْ ذَكَرَهَا (قَوْلُهُ وَكَالْهِبَةِ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَلِأَنَّهُ عَطِيَّةٌ لَمْ يَزُلْ عَنْهَا مِلْكُ مُعْطِيهَا فَأَشْبَهَتْ الْهِبَةَ قَبْلَ الْقَبْضِ اهـ.

(قَوْلُهُ بَلْ أَوْلَى) أَيْ لِعَدَمِ تَنْجِيزِهَا بِخِلَافِ الْهِبَةِ وَقَوْلُهُ وَمِنْ ثَمَّ أَيْ مِنْ أَجْلِ أَنَّ الرُّجُوعَ فِي الْوَصِيَّةِ جَائِزٌ لِتَعَلُّقِهَا بِالْمَوْتِ كَمَا فُهِمَ مِنْ قِيَاسِهَا عَلَى الْهِبَةِ اهـ ع ش عِبَارَةُ الرَّشِيدِيِّ قَوْلُهُ وَمِنْ ثَمَّ إلَخْ اُنْظُرْ مِنْ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

فَصْلٌ فِي الرُّجُوعِ عَنْ الْوَصِيَّةِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>