للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(كِتَابُ الظِّهَارِ) سُمِّيَ بِهِ لِتَشْبِيهِ الزَّوْجَةِ بِظَهْرِ نَحْوِ الْأُمِّ وَخُصَّ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الرُّكُوبِ وَالْمَرْأَةُ مَرْكُوبُ الزَّوْجِ وَمِنْ ثَمَّ سُمِّيَ الْمَرْكُوبُ ظَهْرًا وَكَانَ طَلَاقًا فِي الْجَاهِلِيَّةِ قِيلَ وَأَوَّلِ الْإِسْلَامِ وَقِيلَ لَمْ يَكُنْ طَلَاقًا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ بَلْ لِتَبْقَى مُعَلَّقَةً لَا ذَاتَ زَوْجٍ وَلَا خَلِيَّةً تَنْكِحُ غَيْرَهُ فَنَقَلَ الشَّرْعُ حُكْمَهُ إلَى تَحْرِيمِهَا بَعْدَ الْعَوْدِ وَلُزُومِ الْكَفَّارَةِ وَهُوَ حَرَامٌ بَلْ كَبِيرَةٌ؛ لِأَنَّ فِيهِ إقْدَامًا عَلَى إحَالَةِ حُكْمِ اللَّهِ وَتَبْدِيلِهِ وَهَذَا أَحْظَرُ مِنْ كَثِيرٍ مِنْ الْكَبَائِرِ إذْ قَضِيَّتُهُ الْكُفْرُ لَوْلَا خُلُوُّ الِاعْتِقَادِ عَنْ ذَلِكَ وَاحْتِمَالُ التَّشْبِيهِ لِذَلِكَ وَغَيْرِهِ وَمِنْ ثَمَّ سَمَّاهُ تَعَالَى مُنْكَرًا مِنْ الْقَوْلِ وَزُورًا فِي الْآيَةِ أَوَّلَ الْمُجَادَلَةِ وَسَبَبُهَا كَثْرَةُ مُرَاجَعَةِ الْمُظَاهَرِ مِنْهَا لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا قَالَ لَهَا حَرُمْتِ عَلَيْهِ وَكَرَّرَهُ وَإِنَّمَا كَرِهَ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ؛ لِأَنَّ الزَّوْجِيَّةَ وَمُطْلَقَ الْحُرْمَةِ يَجْتَمِعَانِ بِخِلَافِهَا مَعَ التَّحْرِيمِ الْمُشَابِهِ لِتَحْرِيمِ نَحْوِ الْأُمِّ وَمِنْ ثَمَّ وَجَبَ هُنَا الْكَفَّارَةُ الْعُظْمَى وَثَمَّ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَأَرْكَانُهُ مَظَاهِرُ وَمُظَاهَرٌ مِنْهَا وَمُشَبَّهٌ بِهِ وَصِيغَةٌ (يَصِحُّ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ مُكَلَّفٍ) مُخْتَارٌ دُونَ أَجْنَبِيٍّ وَإِنْ نَكَحَ بَعْدُ وَصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَمُكْرَهٍ لِمَا مَرَّ فِي الطَّلَاقِ نَعَمْ لَوْ عَلَّقَهُ بِصِفَةٍ فَوُجِدَتْ وَهُوَ مَجْنُونٌ مَثَلًا

ــ

[حاشية الشرواني]

الْمَجْلِسِ وَنَظِيرُهُمَا جَارٍ فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ وَكَذَا الْحُكْمُ لَوْ حَلَفَ يَمِينًا سَنَةً وَيَمِينًا سَنَتَيْنِ مَثَلًا وَعِنْدَ الْحُكْمُ بِتَعَدُّدِ الْيَمِينِ يَكْفِيهِ لِانْحِلَالِهَا وَطْءٌ وَاحِدٌ وَيَتَخَلَّصُ بِالطَّلَاقِ عَنْ الْإِيمَانِ كُلِّهَا وَيَكْفِيهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ وَرَوْضٌ مَعَ شَرْحِهِ قَالَ ع ش قَوْلُهُ وَلَوْ كَرَّرَ يَمِينَ الْإِيلَاءِ أَيْ وَإِنْ كَانَ يَمِينُهُ بِالطَّلَاقِ وَقَوْلُهُ وَعِنْدَ الْحُكْمِ بِتَعَدُّدِ الْيَمِينِ إلَخْ يُتَأَمَّلُ وَجْهُ انْحِلَالِهَا وَأَيُّ فَرْقٍ حِينَئِذٍ بَيْنَ التَّعَدُّدِ وَعَدَمِهِ وَلَعَلَّهُ أَنَّهُ عِنْدَ عَدَمِ التَّعَدُّدِ تَكْفِيهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ وَعِنْدَ التَّعَدُّدِ تَجِبُ كَفَّارَاتٌ بِعَدَدِ الْأَيْمَانِ بِالْوَطْأَةِ الْوَاحِدَةِ وَلَا يَجِبُ شَيْءٌ بِمَا زَادَ عَلَيْهَا اهـ أَقُولُ فَهَذَا خِلَافُ صَرِيحِ قَوْلِهِمَا وَيَكْفِيهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ

[كِتَابُ الظِّهَارِ]

(كِتَابُ الظِّهَارِ) (قَوْلُهُ سُمِّيَ بِهِ) إلَى قَوْلِهِ؛ لِأَنَّ فِيهِ إقْدَامًا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَمِنْ ثَمَّ سُمِّيَ الْمَرْكُوبُ ظَهْرًا وَإِلَى قَوْلِهِ وَإِنَّمَا كُرِهَ فِي النِّهَايَةِ. (قَوْلُهُ سُمِّيَ بِهِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي هُوَ لُغَةً مَأْخُوذٌ مِنْ الظَّهْرِ؛ لِأَنَّ صُورَتَهُ الْأَصْلِيَّةَ أَنْ يَقُولَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي وَخَصُّوا الظَّهْرَ دُونَ الْبَطْنِ وَالْفَخِذِ وَغَيْرِهِمَا؛ لِأَنَّهُ إلَخْ وَحَقِيقَتُهُ الشَّرْعِيَّةُ تَشْبِيهُ الزَّوْجَةِ غَيْرِ الْبَائِنِ بِأُنْثَى لَمْ تَكُنْ حِلَّا عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ وَسُمِّيَ هَذَا الْمَعْنَى ظِهَارًا لِتَشْبِيهِ الزَّوْجَةِ بِظَهْرِ الْأُمِّ اهـ.

(قَوْلُهُ وَخُصَّ) أَيْ الظَّهْرُ بِالتَّشْبِيهِ اهـ سم. (قَوْلُهُ وَمِنْ ثَمَّ) أَيْ مِنْ أَجْلِ أَنَّ الظَّهْرَ مَحَلُّ الرُّكُوبِ. (قَوْلُهُ وَكَانَ طَلَاقًا إلَخْ) أَيْ لَا حِلَّ بَعْدَهُ لَا بِرَجْعَةٍ وَلَا بِعَقْدٍ؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ الْمُظَاهَرَ مِنْهَا الَّتِي هِيَ سَبَبُ النُّزُولِ لَمَّا جَاءَتْ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَظْهَرَتْ ضَرُورَتَهَا بِأَنَّ مَعَهَا مِنْ زَوْجِهَا صِغَارًا إنْ ضَمَمْتُهُمْ إلَى نَفْسِي جَاعُوا وَإِنْ رَدَدْتُهُمْ إلَى أَبِيهِمْ ضَاعُوا؛ لِأَنَّهُ قَدْ كَانَ عَمَى وَكَبِرَ وَلَيْسَ عِنْدَهُ مَنْ يَقُومُ بِأَمْرِهِمْ وَجَاءَ زَوْجُهَا لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ يُقَادُ فَلَمْ يُرْشِدْهُمْ إلَى مَا يَكُونُ سَبَبًا فِي عَوْدِهَا إلَى زَوْجِهَا بَلْ قَالَ حُرِّمْت عَلَيْهِ فَلَوْ كَانَ رَجْعِيًّا لَأَرْشَدَهُ إلَى الرَّجْعَةِ أَوْ بَائِنًا تَحِلُّ لَهُ بِعَقْدٍ لَأَمَرَهُ بِتَجْدِيدِ نِكَاحِهَا فَتَوَقُّفُهُ وَانْتِظَارُهُ لِلْوَحْيِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ كَانَ طَلَاقًا لَا حِلَّ بَعْدَهُ بِرَجْعَةٍ وَلَا بِعَقْدٍ اهـ ع ش. (قَوْلُهُ وَلُزُومُ الْكَفَّارَةِ) عَطْفٌ عَلَى تَحْرِيمِهَا.

(قَوْلُهُ وَهُوَ) أَيْ الظِّهَارُ. (قَوْلُهُ بَلْ كَبِيرَةٌ) مُعْتَمَدٌ اهـ ع ش. (قَوْلُهُ عَلَى إحَالَةِ حُكْمِ اللَّهِ) أَيْ نِسْبَتِهِ بِالْجَهْلِ وَبِهِ يَنْدَفِعُ تَوَقُّفُ السَّيِّدِ عُمَرَ. (قَوْلُهُ وَتَبْدِيلِهِ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ لِلْإِحَالَةِ اهـ كُرْدِيٌّ. (قَوْلُهُ عَنْ ذَلِكَ) أَيْ إحَالَةِ حُكْمِ اللَّهِ تَعَالَى اهـ ع ش. (قَوْلُهُ وَاحْتِمَالُ التَّشْبِيهِ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى خُلُوِّ الِاعْتِقَادِ اهـ سم زَادَ الْكُرْدِيُّ أَيْ وَقَضِيَّتُهُ الْكُفْرُ لَوْ لَمْ يَكُنْ التَّشْبِيهُ مُحْتَمَلًا لِذَلِكَ الْإِقْدَامِ وَغَيْرِهِ بِأَنْ يَحْتَمِلَ الْإِقْدَامَ فَقَطْ أَمَّا إذَا كَانَ مُحْتَمِلًا لَهُ وَلِغَيْرِهِ الَّذِي هُوَ التَّحْرِيمُ الْمُشَابِهُ لِتَحْرِيمِ الْمَحَارِمِ لَمْ يَكُنْ كُفْرًا اهـ. (قَوْلُهُ لِذَلِكَ إلَخْ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ أَوْ قَضِيَّتُهُ إلَخْ وَالْإِشَارَةُ إلَى قَوْلِهِ أَنَّ فِيهِ إقْدَامًا إلَخْ. (قَوْلُهُ وَمِنْ ثَمَّ) أَيْ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ كَبِيرَةٌ عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَهُوَ مِنْ الْكَبَائِرِ قَالَ تَعَالَى {وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا} [المجادلة: ٢] اهـ.

(قَوْلُهُ وَسَبَبُهَا إلَخْ) أَيْ الْمُجَادَلَةِ أَيْ سَبَبُ نُزُولِهَا اهـ سم وَالْأُولَى أَيْ الْآيَةُ أَوَّلَ الْمُجَادَلَةِ عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالْأَصْلُ فِي الْبَابِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} [المجادلة: ٣] الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي «أَوْسِ بْنِ الصَّامِتِ لَمَّا ظَاهَرَ مِنْ زَوْجَتِهِ فَاشْتَكَتْ إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ لَهَا حَرُمْتِ عَلَيْهِ وَكَرَّرَتْ وَهُوَ يَقُولُ حَرُمْتِ عَلَيْهِ فَلَمَّا أَيِسَتْ اشْتَكَتْ إلَى اللَّهِ تَعَالَى فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا} [المجادلة: ١] » الْآيَاتِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ حِبَّانَ اهـ. (قَوْلُهُ مُرَاجَعَةُ الْمُظَاهَرِ مِنْهَا) وَهِيَ خَوْلَةُ بِنْتُ ثَعْلَبَةَ عَلَى اخْتِلَافٍ فِي اسْمِهَا وَنَسَبِهَا كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ اهـ ع ش. (قَوْلُهُ بِخِلَافِهَا) أَيْ الزَّوْجِيَّةِ. (قَوْلُهُ وَأَرْكَانُهُ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ كَطَلَاقِهِ فِي الْمُغْنِي وَإِلَى قَوْلِهِ فَإِنْ قُلْت فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ الَّذِي نَظَرَ إلَى مَمْنُوعٍ وَقَوْلُهُ أَوْ جُزْؤُك. (قَوْلُهُ دُونَ أَجْنَبِيٍّ) يَشْمَلُ السَّيِّدَ عِبَارَةُ الْمُغْنِي فَلَا يَصِحُّ مُظَاهَرَةُ السَّيِّدِ مِنْ أَمَتِهِ وَلَوْ كَانَتْ أُمَّ وَلَدٍ اهـ. (قَوْلُهُ وَمَجْنُونٍ) أَيْ وَمُغْمًى عَلَيْهِ اهـ مُغْنِي. (قَوْلُهُ لَوْ عَلَّقَهُ) أَيْ عَلَّقَ الْمُكَلَّفُ الظِّهَارَ. (قَوْلُهُ وَهُوَ مَجْنُونٌ مَثَلًا) أَيْ أَوْ مُغْمًى

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

(كِتَابُ الظِّهَارِ) (قَوْلُهُ وَخُصَّ) أَيْ الظة بِالتَّشْبِيهِ بِهِ. (قَوْلُهُ وَاحْتِمَالُ التَّشْبِيهِ) عَطْفٌ عَلَى خُلُوِّ الِاعْتِقَادِ. (قَوْلُهُ وَسَبَبُهَا) أَيْ الْمُجَادَلَةِ أَيْ سَبَبُ نُزُولِهَا. (قَوْلُهُ وَهُوَ مَجْنُونٌ) أَيْ أَوْ نَاسٍ رَوْضٌ وَقَالَ فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ وَإِنَّمَا يُؤَثِّرُ النِّسْيَانُ وَالْجُنُونُ فِي فِعْلِ الْمَحْلُوفِ عَلَى فِعْلِهِ وَلَا عَوْدَ مِنْهُ حَتَّى يُفِيقَ مِنْ جُنُونِهِ أَوْ يَذْكُرَ أَيْ يَتَذَكَّرَ بَعْدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>