(كِتَابُ الطَّلَاقِ) هُوَ لُغَةً حَلُّ الْقَيْدِ وَشَرْعًا حَلُّ قَيْدِ النِّكَاحِ بِاللَّفْظِ الْآتِي وَالْأَصْلُ فِيهِ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ، وَإِجْمَاعُ الْأُمَّةِ بَلْ سَائِرُ الْمِلَلِ، وَهُوَ إمَّا وَاجِبٌ كَطَلَاقِ مُولٍ لَمْ يُرِدْ الْوَطْءَ وَحَكَمَيْنِ رَأَيَاهُ. أَوْ مَنْدُوبٌ كَأَنْ يَعْجِزَ عَنْ الْقِيَامِ بِحُقُوقِهَا وَلَوْ لِعَدَمِ الْمَيْلِ إلَيْهَا أَوْ تَكُونَ غَيْرَ عَفِيفَةٍ مَا لَمْ يَخْشَ الْفُجُورَ بِهَا وَمِنْ ثَمَّ أَمَرَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْ قَالَ لَهُ إنَّ زَوْجَتِي لَا تَرُدُّ يَدَ لَامِسٍ أَيْ لَا تَمْنَعُ مَنْ يُرِيدُ الْفُجُورَ بِهَا عَلَى أَحَدِ أَقْوَالٍ فِي مَعْنَاهُ بِإِمْسَاكِهَا خَشْيَةً مِنْ ذَلِكَ، وَيَلْحَقُ بِخَشْيَةِ الْفُجُورِ بِهَا حُصُولُ مَشَقَّةٍ لَهُ بِفِرَاقِهَا تُؤَدِّي إلَى مُبِيحِ تَيَمُّمٍ
ــ
[حاشية الشرواني]
[كِتَابُ الطَّلَاقِ]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (كِتَابُ الطَّلَاقِ) (قَوْلُ الْمَتْنِ الطَّلَاقِ) اسْمُ مَصْدَرٍ لِطَلَّقَ بِتَشْدِيدِ اللَّامِ وَمَصْدَرُهُ التَّطْلِيقُ وَمَصْدَرٌ لِطَلَّقَ بِتَخْفِيفِ اللَّامِ. اهـ بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ: هُوَ لُغَةً) إلَى الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَمِنْ ثَمَّ إلَى أَوْ سَيِّئَةَ الْخُلُقِ (قَوْلُهُ: حَلُّ الْقَيْدِ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقَيْدِ مَا يَشْمَلُ الْحِسِّيَّ وَالْمَعْنَوِيَّ لِيَكُونَ بَيْنَ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ وَالْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ عُمُومٌ وَخُصُوصٌ كَمَا هُوَ الْغَالِبُ. اهـ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: وَالْأَصْلُ فِيهِ) أَيْ فِي الطَّلَاقِ وَوُقُوعِهِ وَمَشْرُوعِيَّتِهِ (قَوْلُهُ: وَحَكَمَيْنِ) لَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ حَيْثُ دَامَا عَلَى الْوَكَالَةِ وَجَبَ عَلَيْهِمَا ذَلِكَ، وَإِلَّا فَالْوَكِيلُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ التَّصَرُّفُ فِيمَا وُكِّلَ فِيهِ. اهـ ع ش (قَوْلُهُ: كَأَنْ يَعْجِزُ عَنْ الْقِيَامِ إلَخْ) يَنْبَغِي وَلَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهَا تُؤَثِّرُ مُعَاشَرَتِهِ مَعَ ذَلِكَ عَلَى الْفُرْقَةِ وَتَسْمَحُ بِمَا قَدْ يَقَعُ مِنْ تَقْصِيرِ مُسَامَحَةٍ بَاطِنِيَّةٍ. اهـ سَيِّدُ عُمَرَ.
(قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَخْشَ الْفُجُورَ بِهَا) أَيْ فُجُورَ غَيْرِهِ بِهَا فَلَا يَكُونُ مَنْدُوبًا؛ لِأَنَّ فِي إبْقَائِهَا صَوْنًا لَهَا فِي الْجُمْلَةِ بَلْ يَكُونُ مُبَاحًا، وَيَنْبَغِي أَنَّهُ إنْ عَلِمَ فُجُورَ غَيْرِهِ بِهَا لَوْ طَلَّقَهَا وَانْتِفَاءُ ذَلِكَ عَنْهَا مَا دَامَتْ فِي عِصْمَتِهِ حُرْمَةُ طَلَاقِهَا إنْ لَمْ يَتَأَذَّ بِبَقَائِهَا تَأَذِّيًا لَا يُحْتَمَلُ عَادَةً. اهـ ع ش (قَوْلُهُ: بِإِمْسَاكِهَا إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ أَمَرَ إلَخْ (قَوْلُهُ: خَشْيَةً مِنْ ذَلِكَ) فِيهِ شَيْءٌ فَإِنَّ قَوْلَهُ لَا تَرُدُّ يَدَ لَامِسٍ أَفَادَ أَنَّ كَوْنَهَا تَحْتَهُ لَمْ يَمْنَعْ وُقُوعَ ذَلِكَ سم، وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ مَا لَمْ يَخْشَ إلَخْ أَنَّهُ يَخْشَى وُقُوعَ الْفُجُورِ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْأَجْنَبِيِّ، وَالْحَمْلُ عَلَى هَذَا بَعِيدٌ إذْ لَا فَائِدَةَ فِي تَرْكِ الطَّلَاقِ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ يَخْشَى حُصُولَ فُجُورٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا بَعْدَ الطَّلَاقِ لِمَا يَعْلَمُهُ مِنْ نَفْسِهِ مِنْ مَزِيدِ الْمَيْلِ فَلْيُتَأَمَّلْ.
وَبِتَسْلِيمِ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مَا فَهِمَهُ الْمُحَشِّي فَقَدْ يَكُونُ فِي إبْقَائِهَا تَقْلِيلٌ لِلْفُجُورِ الْمُتَوَقَّعِ فِي الْجُمْلَةِ وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُ: الْمَذْكُورُ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّ ذَلِكَ ثَابِتٌ لَهَا بِالْقُوَّةِ لَا بِالْفِعْلِ الْمُتَوَقَّعِ تَحَقُّقُهُ عَلَى تَقْدِيرِ فِرَاقِهِ لَهَا اهـ سَيِّدُ عُمَرَ أَقُولُ وَمَا فَهِمَهُ الْمُحَشِّي هُوَ الظَّاهِرُ الْمُتَبَادَرُ وَلِذَا جَزَمَ بِهِ ع ش كَمَا مَرَّ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ إلَخْ مَعَ بُعْدِهِ عَنْ الْقِيَامِ يُفِيدُهُ قَوْلُ الشَّارِحِ الْآتِي، وَيَلْحَقُ إلَخْ فَيَصِيرُ مُكَرَّرًا (قَوْلُهُ: تُؤَدِّي إلَى مُبِيحِ تَيَمُّمٍ)
[حاشية ابن قاسم العبادي]
(كِتَابُ الطَّلَاقِ) (قَوْلُهُ: خَشْيَةً مِنْ ذَلِكَ) فِيهِ شَيْءٌ فَإِنَّ قَوْلَهُ لَا تَرُدُّ يَدَ لَامِسٍ أَفَادَ أَنَّ كَوْنَهَا تَحْتَهُ لَمْ يَمْنَعْ وُقُوعَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: تُؤَدِّي إلَى مُبِيحِ تَيَمُّمٍ) لَا يَبْعُدْ أَنْ يُكْتَفَى بِأَنْ لَا يُحْتَمَلَ عَادَةً
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute