وَكَوْنُ مَقَامِهَا عِنْدَهُ أَمْنَعَ لِفُجُورِهَا فِيمَا يَظْهَرُ فِيهِمَا أَوْ سَيِّئَةَ الْخُلُقِ أَيْ بِحَيْثُ لَا يُصْبَرُ عَلَى عِشْرَتِهَا عَادَةً فِيمَا يَظْهَرُ، وَإِلَّا فَمَتَى تُوجَدُ امْرَأَةٌ غَيْرُ سَيِّئَةِ الْخُلُقِ. وَفِي الْحَدِيثِ «الْمَرْأَةُ الصَّالِحَةُ فِي النِّسَاءِ كَالْغُرَابِ الْأَعْصَمِ» كِنَايَةٌ عَنْ نُدْرَةِ وُجُودِهَا إذْ الْأَعْصَمُ، وَهُوَ أَبْيَضُ الْجَنَاحَيْنِ وَقِيلَ الرِّجْلَيْنِ أَوْ إحْدَاهُمَا كَذَلِكَ أَوْ يَأْمُرَهُ بِهِ أَحَدُ وَالِدَيْهِ أَيْ مِنْ غَيْرِ نَحْوِ تَعَنُّتٍ كَمَا هُوَ شَأْنُ الْحَمْقَى مِنْ الْآبَاءِ وَالْأُمَّهَاتِ وَمَعَ عَدَمِ خَوْفِ فِتْنَةٍ أَوْ مَشَقَّةٍ بِطَلَاقِهَا فِيمَا يَظْهَرُ أَوْ حَرَامٌ كَالْبِدْعِيِّ أَوْ مَكْرُوهٌ بِأَنْ سَلِمَ الْحَالُ عَنْ ذَلِكَ كُلِّهِ لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ «لَيْسَ شَيْءٌ مِنْ الْحَلَالِ أَبْغَضَ إلَى اللَّهِ مِنْ الطَّلَاقِ» ، وَإِثْبَاتُ بُغْضِهِ تَعَالَى لَهُ الْمَقْصُودُ مِنْهُ زِيَادَةُ التَّنْفِيرِ عَنْهُ لَا حَقِيقَتُهُ لِمُنَافَاتِهَا لِحِلِّهِ وَمِنْ ثَمَّ قَالُوا لَيْسَ فِيهِ مُبَاحٌ لَكِنْ صَوَّرَهُ الْإِمَامُ بِمَا إذَا لَمْ يَشْتَهِهَا أَيْ شَهْوَةً كَامِلَةً لِئَلَّا يُنَافِيَ مَا مَرَّ فِي عَدَمِ الْمَيْلِ إلَيْهَا وَلَا تَسَمُّحِ نَفْسِهِ بِمُؤْنَتِهَا مِنْ غَيْرِ تَمَتُّعٍ بِهَا، وَأَرْكَانُهُ زَوْجٌ وَصِيغَةٌ وَقَصْدٌ عَلَى مَا يَأْتِي فِيهِ وَمَحَلٌّ وَوِلَايَةٌ عَلَيْهِ (يُشْتَرَطُ لِنُفُوذِهِ) أَيْ لِصِحَّةِ تَنْجِيزِهِ أَوْ تَعْلِيقِهِ كَوْنُهُ مِنْ زَوْجٍ أَمَّا وَكِيلُهُ أَوْ الْحَاكِمُ فِي الْمُولِي فَلَا يَصِحُّ مِنْهُمَا تَعْلِيقُهُ، وَيُعْلَمُ هَذَا مِمَّا قَدَّمَهُ أَوَّلَ الْخُلْعِ وَمِمَّا سَيَذْكُرُهُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ قَبْلَ النِّكَاحِ وَ (التَّكْلِيفُ) فَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقٌ وَلَا تَنْجِيزٌ مِنْ نَحْوِ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَمُغْمًى عَلَيْهِ وَنَائِمٍ لِرَفْعِ الْقَلَمِ عَنْهُمْ لَكِنْ لَوْ عَلَّقَهُ بِصِفَةٍ فَوُجِدَتْ وَبِهِ نَحْوُ جُنُونٍ وَقَعَ، وَالِاخْتِيَارُ فَلَا يَقَعُ مِنْ مُكْرَهٍ كَمَا سَيَذْكُرُهُ (إلَّا السَّكْرَانَ) ، وَهُوَ مَنْ زَالَ عَقْلُهُ بِمُسْكِرٍ تَعَدِّيًا، وَهُوَ الْمُرَادُ بِهِ حَيْثُ أُطْلِقَ وَسَيَذْكُرُ أَنَّ مِثْلَهُ كُلُّ مَنْ زَالَ عَقْلُهُ بِمَا أَثِمَ بِهِ مِنْ نَحْوِ شَرَابٍ أَوْ دَوَاءٍ فَإِنَّهُ يَقَعُ طَلَاقُهُ مَعَ عَدَمِ تَكْلِيفِهِ عَلَى الْأَصَحِّ أَيْ مُخَاطَبَتِهِ حَالَ السُّكْرِ لِعَدَمِ فَهْمِهِ الَّذِي هُوَ شَرْطُ التَّكْلِيفِ
ــ
[حاشية الشرواني]
لَا يَبْعُدُ أَنْ يَكْتَفِيَ بِأَنْ لَا تُحْتَمَلَ عَادَةً سم اهـ ع ش عِبَارَةُ السَّيِّدِ عُمَرَ بَعْدَ ذِكْرِ كَلَامِ سم الْمَذْكُورِ أَقُولُ الْأَمْرُ كَمَا قَالَ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَكَوْنُ مَقَامِهَا إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ حُصُولُ مَشَقَّةٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ سَيِّئَةَ الْخُلُقِ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ غَيْرَ عَفِيفَةٍ (قَوْلُهُ: لَا يُصْبَرُ عَلَى عِشْرَتِهَا إلَخْ) بِبِنَاءِ الْمَفْعُولِ وَلَوْ قِيلَ لَا يَصْبِرُ الزَّوْجُ عَلَى عِشْرَتِهَا بِأَنْ يَحْصُلَ لَهُ مِنْهَا مَشَقَّةٌ لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً لَمْ يَكُنْ بَعِيدًا؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى تَضَرُّرِهِ وَعَدَمِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ عَلِمَ مِنْ نَفْسِهِ الصَّبْرَ يَنْبَغِي عَدَمُ النَّدْبِ صِيَانَةً لَهَا عَنْ ضَرَرِ الْغَيْرِ. اهـ. سَيِّدُ عُمَرَ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يُقَيَّدْ بِالْحَيْثِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ (قَوْلُهُ: كَذَلِكَ) أَيْ نَادِرُ الْوُجُودِ خَبَرُ إذْ الْأَعْصَمُ (قَوْلُهُ: أَوْ يَأْمُرَهُ بِهِ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ يَعْجِزَ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ مَكْرُوهٌ إلَخْ) قَدْ يَقْتَضِي أَنَّهُ فِيمَا إذَا خَشِيَ الْفُجُورَ فِي الصُّورَةِ السَّابِقَةِ وَفِيمَا إذَا كَانَ بَقَاؤُهَا عِنْدَهُ أَمْنَعَ لِفُجُورِهَا يَكُونُ مَكْرُوهًا لَا غَيْرُ وَلَوْ قِيلَ بِالْحُرْمَةِ فِي الصُّورَتَيْنِ إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ ذَلِكَ لَمْ يَبْعُدْ. اهـ. سَيِّدُ عُمَرَ وَتَقَدَّمَ عَنْ ع ش مَا يُوَافِقُهُ (قَوْلُهُ: وَإِثْبَاتُ بُغْضِهِ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ: الْمَقْصُودُ مِنْهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَا حَقِيقَتُهُ) مَا الْمَانِعُ أَنَّ الْبُغْضَ مَعْنَاهُ الْكَرَاهَةُ وَعَدَمُ الرِّضَا، وَهَذَا صَادِقٌ بِالْمَكْرُوهِ كَالْحَرَامِ وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ وَصْفَهُ بِالْحِلِّ؛ لِأَنَّهُ يُطْلَقُ، وَيُرَادُ بِهِ الْجَائِزُ سم. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: صَوَّرَهُ) أَيْ الطَّلَاقَ الْمُبَاحَ (قَوْلُهُ: لِئَلَّا يُنَافِيَ مَا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ كَأَنْ يَعْجِزَ عَنْ الْقِيَامِ بِحُقُوقِهَا وَلَوْ لِعَدَمِ الْمَيْلِ إلَيْهَا أَيْ فَمَا مَرَّ فِيمَا إذَا انْتَفَتْ الشَّهْوَةُ بِالْكُلِّيَّةِ، وَمَا هُنَا فِيمَا إذَا انْتَفَى كَمَالُهَا وَبَقِيَ أَصْلُهَا (قَوْلُهُ: وَمَحَلٌّ) أَيْ زَوْجَةٍ وَقَوْلُهُ: عَلَيْهِ أَيْ الْمَحَلِّ. اهـ. ع ش عِبَارَةُ الرَّشِيدِيِّ قَوْلُهُ: وَوِلَايَةٌ عَلَيْهِ كَأَنَّهُ أَخْرَجَ بِهِ غَيْرَ الْمُكَلَّفِ إذْ لَيْسَ لَهُ وِلَايَةُ الطَّلَاقِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: أَيْ لِصِحَّةِ تَنْجِيزِهِ) إلَى قَوْلِهِ، وَيُعْلَمُ مِمَّا مَرَّ فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ مِنْهُمَا) إلَى قَوْلِهِ، وَيُعْلَمُ مِمَّا مَرَّ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: مِنْهُمَا) أَيْ الْوَكِيلِ وَالْحَاكِمِ. اهـ. ع ش عِبَارَةُ السَّيِّدِ عُمَرَ قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ مِنْهُمَا تَعْلِيقُهُ شَامِلٌ لِمَا إذَا كَانَ الْوَكِيلُ وَكِيلًا فِي التَّعْلِيقِ، وَمَا وَجْهُ الْمَنْعِ مِنْهُ حِينَئِذٍ فَلْيُحَرَّرْ ثُمَّ رَأَيْت فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ التَّوْكِيلُ فِي تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ، وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ مُجَرَّدُ التَّعْلِيقِ؛ لِأَنَّهُ مُلْحَقٌ بِالْأَيْمَانِ، وَهِيَ لَا يَدْخُلُهَا الْوَكَالَةُ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَيُعْلَمُ هَذَا) أَيْ كَوْنُ الطَّلَاقِ مِنْ زَوْجٍ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: مِمَّا قَدَّمَهُ أَوَّلَ الْخُلْعِ) ، وَهُوَ قَوْلُهُ: شَرْطُهُ زَوْجٌ (قَوْلُهُ: وَمِمَّا سَيَذْكُرُهُ إلَخْ) قَالَ الشِّهَابُ سم فِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ. اهـ. رَشِيدِيٌّ عِبَارَةُ السَّيِّدِ عُمَرَ قَالَ الْفَاضِلُ الْمُحَشِّي فِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرًا هـ وَلَعَلَّ وَجْهَ النَّظَرِ أَنَّ وَجْهَ عَدَمِ الصِّحَّةِ فِيمَا ذُكِرَ عَدَمُ الْوِلَايَةِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ اشْتِرَاطُ خُصُوصِ أَنْ لَا يَقَعَ إلَّا مِنْ زَوْجٍ؛ لِأَنَّهُ إذَا وَقَعَ مِنْ وَكِيلِ الزَّوْجِ فَقَدْ وَقَعَ مِنْ ذِي وِلَايَةٍ، وَيُمْكِنُ أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ قَوْلَهُ هَذَا إشَارَةٌ إلَى اعْتِبَارِ كَوْنِهِ مِنْ زَوْجٍ فِي التَّنْجِيزِ وَالتَّعْلِيقِ لَا إلَى قَوْلِهِ أَمَّا وَكِيلُهُ إلَخْ ثُمَّ رَأَيْت فِي الْمُغْنِي مَا نَصُّهُ فَإِنْ قِيلَ أَهْمَلَ الْمُصَنِّفُ كَوْنَهُ مِنْ زَوْجٍ أَوْ وَكِيلِهِ فَلَا يَقَعُ طَلَاقُ غَيْرِهِ إلَّا فِيمَا سَيَأْتِي فِي الْمُولِي يُطَلِّقُ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ أُجِيبَ بِأَنَّهُ أَحَالَهُ عَلَى مَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْخُلْعِ وَعَلَى مَا سَيَذْكُرُهُ مِنْ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُهُ قَبْلَ مِلْكِ النِّكَاحِ، وَهُوَ يُعَيِّنُ حَمْلَ عِبَارَةِ الشَّارِحِ عَلَى مَا أَجَبْت. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَمُغْمًى عَلَيْهِ وَنَائِمٍ) ذِكْرُهُمَا يَقْتَضِي حَمْلَ التَّكْلِيفِ عَلَى مَا يَشْمَلُ التَّمْيِيزَ وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ عَدَمُ صِحَّتِهِ مِنْ النَّائِمِ، وَإِنْ أَثِمَ بِنَوْمِهِ؛ لِأَنَّ إثْمَهُ بِهِ بِالْخَارِجِ لَا لِذَاتِهِ. اهـ سم (قَوْلُهُ: لَوْ عَلَّقَهُ) أَيْ فِي حَالَةِ التَّكْلِيفِ (قَوْلُ الْمَتْنِ إلَّا السَّكْرَانَ) اسْتِثْنَاءٌ مِنْ الْمَفْهُومِ، وَهُوَ قَوْلُهُ: فَلَا يَصِحُّ تَعْلِيقٌ وَلَا تَنْجِيزٌ مِنْ نَحْوِ صَبِيٍّ إلَخْ (قَوْلُهُ: تَعَدِّيًا) شَمِلَ ذَلِكَ الْكَافِرَ، وَإِنْ لَمْ يَعْتَقِدْ حُرْمَةَ شُرْبِ الْخَمْرِ؛ لِأَنَّهُ مُخَاطَبٌ بِفُرُوعِ الشَّرِيعَةِ، وَخَرَجَ بِهِ غَيْرُ الْمُتَعَدِّي كَمَنْ أُكْرِهَ عَلَى شُرْبِ مُسْكِرٍ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ مُسْكِرٌ أَوْ شَرِبَ دَوَاءً مُجَنِّنًا لِحَاجَةٍ فَلَا يَقَعُ طَلَاقُهُ مُغْنِي وع ش (قَوْلُهُ: وَهُوَ الْمُرَادُ بِهِ إلَخْ) فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ مَنْ شَرِبَ الْمُسْكِرَ مُطْلَقًا، وَإِنْ لَمْ يَزُلْ عَقْلُهُ. اهـ. رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ إلَخْ) أَيْ السَّكْرَانَ (قَوْلُهُ:
[حاشية ابن قاسم العبادي]
قَوْلُهُ: لَا حَقِيقَتُهُ) مَا الْمَانِعُ أَنَّ الْبُغْضَ مَعْنَاهُ الْكَرَاهَةُ وَعَدَمُ الرِّضَا، وَهَذَا صَادِقٌ فِي الْمَكْرُوهِ كَالْحَرَامِ وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ وَصْفُهُ بِالْحِلِّ؛ لِأَنَّهُ يُطْلَقُ، وَيُرَادُ بِهِ الْجَائِزُ (قَوْلُهُ: وَمِمَّا سَيَذْكُرُهُ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ: وَمُغْمًى عَلَيْهِ وَنَائِمٍ إلَخْ) ذِكْرُ الْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالنَّائِمِ يَقْتَضِي حَمْلَ التَّكْلِيفِ عَلَى مَا يَشْمَلُ التَّمْيِيزَ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ عَدَمُ صِحَّتِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute