للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفَارَقَ مَا تَقَرَّرَ فِي الْمَعَانِي كَالضَّوْءِ بِأَنَّهَا لَا تُوجَدُ مُسْتَقِلَّةً بَلْ تَابِعَةٌ لِغَيْرِهَا فَلَا يُقْصَدُ بِالْجِنَايَةِ عَلَيْهَا إلَّا مَحَلُّهَا أَوْ مُجَاوِرَةً فَكَانَتْ الْجِنَايَةُ عَلَيْهِ تُعَدُّ قَصْدًا لِتَفْوِيتِهَا فَتَحَقَّقَتْ الْعَمْدِيَّةُ فِيهَا وَالْأَجْرَامُ تُوجَدُ مُسْتَقِلَّةٌ فَلَمْ يَقْصِدْ بِالْجِنَايَةِ عَلَيْهَا غَيْرَهَا وَلَمْ تُعَدَّ قَصْدًا لِتَفْوِيتِهَا فَلَمْ يُنْظَرْ لِلسِّرَايَةِ فِيهَا لِعَدَمِ تَحَقُّقِ الْعَمْدِيَّةِ حِينَئِذٍ وَمِنْ ثَمَّ لَمْ تَقَعْ سِرَايَةُ جِسْمٍ لِجِسْمٍ قِصَاصًا فَلَوْ قَطَعَ أُصْبُعًا فَسَرَتْ لِلْبَقِيَّةِ فَقُطِعَتْ أُصْبُعُهُ فَسَرَتْ كَذَلِكَ لَزِمَهُ أَرْبَعَةُ أَخْمَاسِ دِيَةِ الْعَمْدِ؛ لِأَنَّهَا سِرَايَةُ جِنَايَةٍ عَمْدًا، وَإِنَّمَا جُعِلَتْ خَطَأً فِي سُقُوطِ الْقِصَاصِ فَقَطْ وَتَدْخُلُ فِيهَا حُكُومَةُ مَنَابِتِ الْكَفِّ وَفَارَقَ مَا هُنَا وُجُوبَ الْقَوَدِ فِيمَا لَوْ ضَرَبَ يَدَهُ فَتَوَرَّمَتْ ثُمَّ سَقَطَتْ بَعْدَ أَيَّامٍ بِأَنَّ الْجِنَايَةَ عَلَى جَمِيعِ الْيَدِ قَصْدًا فَلَا سِرَايَةَ.

(بَابُ كَيْفِيَّةِ الْقِصَاصِ) مِنْ قَصَّ قَطَعَ أَوْ اقْتَصَّ تَبِعَ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحَقَّ يَتْبَعُ الْجَانِيَ إلَى أَنْ يَسْتَوْفِيَ مِنْهُ (وَمُسْتَوْفِيهِ وَالِاخْتِلَافِ فِيهِ) وَالْعَفْوِ عَنْهُ وَالزِّيَادَةُ عَلَى مَا فِي التَّرْجَمَةِ لَا مَحْذُورَ فِيهَا بِخِلَافِ عَكْسِهِ وَكَأَنَّهُ إنَّمَا قَدَّمَ الْمُسْتَوْفِيَ فِي التَّرْجَمَةِ عَلَى مَا بَعْدَهُ؛ لِأَنَّهُ الْأَنْسَبُ بِالْكَيْفِيَّةِ وَأَخَّرَهُ عَنْهُ فِي الْكَلَامِ عَلَيْهِ لِطُولِهِ وَمِنْ دَأْبِهِمْ تَقْدِيمُ الْقَلِيلِ لِيُحْفَظَ (لَا تُقْطَعُ) عَبَّرَ بِهِ لِلْغَالِبِ وَالْمُرَادُ لَا تُؤْخَذُ لِيَشْمَلَ الْمَعَانِيَ أَيْضًا (يَسَارٌ بِيَمِينٍ) مِنْ سَائِرِ الْأَعْضَاءِ وَالْمَعَانِي لِاخْتِلَافِهِمَا مَحَلًّا وَمَنْفَعَةً فَلَمْ تُوجَدْ الْمُسَاوَاةُ الَّتِي هِيَ الْمَقْصُودَةُ مِنْ الْقِصَاصِ (وَلَا شَفَةٌ سُفْلَى بِعُلْيَا) وَلَا جَفْنٌ أَسْفَلُ بِأَعْلَى (وَعَكْسُهُ) لِذَلِكَ وَإِنْ تَرَاضَيَا فَفِي الْمَأْخُوذِ بَدَلًا الدِّيَةُ وَيَسْقُطُ الْقَوَدُ فِي الْأَوَّلِ لِتَضَمُّنِ التَّرَاضِي الْعَفْوَ عَنْهُ (وَلَا أُنْمُلَةٌ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَضَمِّ الْمِيمِ فِي الْأَفْصَحِ (بِأُخْرَى) وَلَا أُصْبُعٍ بِأُخْرَى

ــ

[حاشية الشرواني]

الدِّيَةُ فِي مَالِ الْجَانِي؛ لِأَنَّهُ سِرَايَةُ جِنَايَةِ عَمْدٍ وَإِنْ جَعَلْنَاهَا خَطَأً فِي سُقُوطِ الْقِصَاصِ وَيُطَالِبُ بِدِيَةِ الْمُتَآكِلِ عَقِبَ قَطْعِ أُصْبُعِ الْجَانِي؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ سَرَى الْقَطْعُ إلَى الْكَفِّ لَمْ يَسْقُطْ بَاقِي الدِّيَةِ فَلَا مَعْنَى لِانْتِظَارِ السِّرَايَةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ سَرَتْ الْجِنَايَةُ إلَى النَّفْسِ فَاقْتَصَّ فِي الْجِنَايَةِ لَمْ يُطَالِبْ فِي الْحَالِ فَلَعَلَّ جِرَاحَةَ الْقِصَاصِ تَسْرِي فَيَحْصُلُ التَّقَاصُّ مُغْنِي وَرَوْضٌ مَعَ الْأَسْنَى وَسَمِّ (قَوْلُهُ: وَفَارَقَ إلَى الْبَابِ) فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي.

(قَوْلُهُ: وَفَارَقَ) أَيْ عَدَمُ وُجُوبِ الْقِصَاصِ فِي ذَهَابِ نَحْوِ أُصْبُعٍ بِالسِّرَايَةِ (قَوْلُهُ: مَا تَقَرَّرَ إلَخْ) أَيْ مِنْ وُجُوبِ الْقِصَاصِ (قَوْلُهُ: بِأَنَّهَا) أَيْ الْمَعَانِيَ (قَوْلُهُ: عَلَيْهِ) أَيْ مَحَلِّ الْمَعَانِي أَوْ مُجَاوِرِهِ (قَوْلُهُ: وَالْإِجْرَامَ) عُطِفَ عَلَى الْهَاءِ فِي قَوْلِهِ بِأَنَّهَا (قَوْلُهُ: وَلَمْ تَعُدْ) أَيْ الْجِنَايَةُ عَلَى غَيْرِ الْإِجْرَامِ (قَوْلُهُ: أُصْبُعُهُ) أَيْ الْجَانِي (قَوْلُهُ: وَتَدْخُلُ فِيهَا) أَيْ فِي الْأَرْبَعَةِ أَخْمَاسٍ.

١ -

(قَوْلُ الْمَتْنِ فَلَا قِصَاصَ فِي الْمُتَأَكِّلِ) وَلَكِنْ تَجِبُ دِيَتُهُ عَلَى الْجَانِي حَالَّةً فِي مَالِهِ لِأَنَّهَا سِرَايَةُ جِنَايَةِ

عَمْدٍ وَإِنْ جُعِلَتْ خَطَأً فِي سُقُوطِ الْقِصَاصِ كَمَا سَيَأْتِي الْإِشَارَةُ إلَيْهِ.

(فَائِدَةٌ) فِي الْعُبَابِ فَرْعٌ مَنْ قَتَلَ قَاتِلَ أَبِيهِ مَثَلًا أَوْ قَطَعَ قَاطِعَهُ خَطَأً أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ وَقَعَ قَوَدًا خِلَافًا لِلرَّوْضَةِ أَوْ وَهُوَ صَبِيٌّ أَوْ مَجْنُونٌ لَمْ يَقَعْ قَوَدًا فَيَنْتَقِلُ حَقُّهُ إلَى الدِّيَةِ وَيَلْزَمُهُ دِيَةُ الْجَانِي وَلَا تَحْمِلُهُمَا عَاقِلَةُ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَكَذَا لَوْ كَانَ الْقَوَدُ لَهُمَا فِي طَرَفِهِمَا فَقَطَعَا طَرَفَ الْجَانِي بِلَا تَمْكِينٍ مِنْهُ وَإِلَّا هَدَرٌ اهـ وَقَوْلُهُ وَقَعَ قَوَدًا عِبَارَةُ الرَّوْضِ فَفِي كَوْنِهِ مُسْتَوْفِيًا خِلَافٌ قَالَ فِي شَرْحِهِ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ مُسْتَوْفٍ كَمَا جَزَمْنَا بِهِ بَعْدُ تَبَعًا لِجَزْمِ الْأَصْلِ بِهِ ثَمَّ إلَخْ.

٢ -

(خَاتِمَةٌ) لَوْ اقْتَصَّ مِنْ الْجَانِي عَلَيْهِ خَطَأً أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ فَفِي كَوْنِهِ مُسْتَوْفِيًا خِلَافٌ وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ مُسْتَوْفٍ وَإِنْ اقْتَصَّ مِنْ قَاتِلِ مُوَرِّثِهِ وَهُوَ صَبِيٌّ أَوْ مَجْنُونٌ لَمْ يَكُنْ مُسْتَوْفِيًا فَيَنْتَقِلُ حَقُّهُ إلَى دِيَةٍ مُتَعَلِّقَةٍ بِتَرِكَةِ الْجَانِي وَيَلْزَمُهُ دِيَةُ عَمْدٍ بِقَتْلِهِ الْجَانِيَ؛ لِأَنَّ عَمْدَهُ عَمْدٌ فَإِنْ اقْتَصَّ بِإِذْنِ الْجَانِي أَوْ تَمْكِينِهِ بِأَنْ أَخْرَجَ إلَيْهِ طَرَفَهُ فَقَطَعَهُ فَهَدَرٌ وَالطَّرَفُ كَالنَّفْسِ فِيمَا ذُكِرَ مُغْنِي وَسَمِّ

[بَابُ كَيْفِيَّةِ الْقِصَاصِ]

(بَابُ كَيْفِيَّةِ الْقِصَاصِ) (قَوْلُهُ: مِنْ قَصَّ) إلَى التَّنْبِيهِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ مَضْمُونَةٍ وَقَوْلُهُ حَيْثُ لَمْ يَقْتَضِ إلَى الْمَتْنِ وَقَوْلُهُ وَفَارَقَ الدَّيْنَ إلَى الْمَتْنِ (قَوْلُهُ: مِنْ قَصَّ) وَالْأَخْذُ مِنْهُ لِلْمُوَافَقَةِ بَيْنَهُمَا فِي التَّجَرُّدِ عَنْ الزِّيَادَةِ أَنْسَبُ ع ش أَوْ اقْتَصَّ عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَقِيلَ مِنْ قَصَّ الْأَثَرَ إذَا تَبِعَهُ اهـ وَعِبَارَةُ الْقَامُوسِ قَصَّ أَثَرَهُ تَتَبَّعَهُ اهـ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمُسْتَحِقَّ إلَخْ) رَاجِعٌ لِلثَّانِي فَقَطْ (قَوْلُ الْمَتْنِ وَمُسْتَوْفِيهِ) عُطِفَ عَلَى كَيْفِيَّتِهِ عَمِيرَةُ (قَوْلُ الْمَتْنِ وَالِاخْتِلَافِ) أَيْ بَيْنَ الْجَانِي وَخَصْمِهِ مُغْنِي.

(قَوْلُ الْمَتْنِ: فِيهِ) يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ الِاخْتِلَافَ الْآتِيَ بِقَوْلِهِ قَدَّ مَلْفُوفًا إلَخْ فِي سَبَبِ الْقَوَدِ وَهُوَ الْقَتْلُ لَا فِي الْقَوَدِ إلَّا أَنْ يُقَالَ يَلْزَمُ مِنْ الِاخْتِلَافِ فِي السَّبَبِ الِاخْتِلَافُ فِي الْمُسَبَّبِ بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ: وَالزِّيَادَةُ إلَخْ) جَوَابُ سُؤَالٍ نَشَأَ عَنْ قَوْلِهِ وَالْعَفْوِ عَنْهُ (قَوْلُهُ: لَا مَحْذُورَ فِيهَا) بَلْ قَالَ السَّيِّدُ عِيسَى الصَّفَوِيُّ إنَّ مَا كَانَ مِنْ التَّوَابِعِ لَا يُعَدُّ زِيَادَةً عِبَارَتُهُ وَلَيْسَ مُرَادُهُمْ بِكَوْنِ الْبَابِ فِي كَذَا الْحَصْرَ بَلْ إنَّهُ الْمَقْصُودُ بِالذَّاتِ أَوْ الْمُعْظَمُ فَلَوْ ذُكِرَ غَيْرُهُ نَادِرًا أَوْ اسْتِطْرَادًا لَا يَضُرُّ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: عَلَى مَا بَعْدَهُ) أَيْ عَلَى الِاخْتِلَافِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ الْمُسْتَوْفِيَ (قَوْلُهُ: وَمِنْ دَأْبِهِمْ) أَيْ الْمُؤَلَّفِينَ (قَوْلُهُ: لَا تُؤْخَذُ) أَيْ لَا يَجُوزُ الْأَخْذُ، وَلَوْ بِالرِّضَا كَمَا يَأْتِي ع ش (قَوْلُهُ: مِنْ سَائِرِ الْأَعْضَاءِ) مِنْ يَدٍ وَرِجْلٍ وَأُذُنٍ وَجَفْنٍ وَمَنْخِرٍ مُغْنِي.

(قَوْلُهُ: وَلَا جَفْنٌ) إلَى قَوْلِهِ حَيْثُ لَمْ يَقْتَضِ فِي الْمُغْنِي إلَّا مَسْأَلَةَ أَخْذِ زَائِدٍ بِأَصْلِيٍّ وَقَوْلُهُ مَضْمُونَةٍ (قَوْلُهُ: لِذَلِكَ) أَيْ لِلِاخْتِلَافِ (قَوْلُهُ فَفِي الْمَأْخُوذِ بَدَلًا الدِّيَةُ) لَعَلَّهُ إذَا قَالَ لَهُ وَخُذْهَا قِصَاصًا أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فَلْيُرَاجَعْ رَشِيدِيٌّ عِبَارَةُ ع ش يَشْمَلُ مَا لَوْ أَخَذَ بِلَا إذْنٍ مِنْ الْجَانِي وَمَا لَوْ كَانَ بِإِذْنِهِ وَلَمْ يَقُلْ قِصَاصًا وَهُوَ يُخَالِفُ مَا يَأْتِي مِنْ التَّفْصِيلِ فِيمَا لَوْ قَطَعَ صَحِيحَةً بِشَلَّاءَ فَلْيَنْظُرْ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا وَلَعَلَّهُ أَطْلَقَ هُنَا اعْتِمَادًا عَلَى التَّفْصِيلِ الْآتِي فَلْيُحَرَّرْ وَعَلَيْهِ فَتَصَوُّرُ الْمَسْأَلَةِ هُنَا بِمَا لَوْ قَالَ خُذْهُ قَوَدًا فَتَجِبُ الدِّيَةُ فِي الْمَقْطُوعِ وَيَسْقُطُ حَقُّهُ أَيْ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ مِنْ الْقَوَدِ لِتَضَمُّنِهِ الْعَفْوَ عَنْهُ وَيَسْتَحِقُّ دِيَةَ عُضْوِهِ لِفَسَادِ الْعِوَضِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْفُ مَجَّانًا بَلْ عَلَى عِوَضٍ فَاسِدٍ فَيَسْقُطُ الْقِصَاصُ بِالْعَفْوِ وَيَجِبُ بَدَلُهُ لِفَسَادِ الْعِوَضِ كَمَا لَوْ عَفَى عَنْ الْقَوَدِ عَلَى نَحْوِ خَمْرٍ اهـ.

(قَوْلُهُ: فِي الْأَوَّلِ) أَيْ عُضْوِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: فِي الْأَفْصَحِ) أَيْ مِنْ لُغَاتِهَا التِّسْعِ وَهِيَ تَثْلِيثُ أَوَّلِهَا مَعَ تَثْلِيثِ الْمِيمِ ع ش

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

<<  <  ج: ص:  >  >>