للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(فَصْلٌ) فِي النِّيَّةِ وَتَوَابِعِهَا

(النِّيَّةُ شَرْطٌ لِلصَّوْمِ) أَيْ: لَا بُدَّ مِنْهَا لِصِحَّتِهِ كَمَا بِأَصْلِهِ؛ إذْ هِيَ رُكْنٌ دَاخِلَةٌ فِي مَاهِيَّتِه لِمَا مَرَّ فِي الْوُضُوءِ وَغَيْرِهِ وَمَحَلُّهَا الْقَلْبُ وَلَا تَكْفِي بِاللِّسَانِ وَحْدَهُ وَلَا يُشْتَرَطُ التَّلَفُّظُ بِهَا قَطْعًا فِيهِمَا كَذَا قَالَهُ شَارِحٌ وَيُنَافِيهِ مَا حَكَاهُ غَيْرُهُ مِنْ مُوجِبِ التَّلَفُّظِ بِالنِّيَّةِ بِطَرْدِهِ فِي كُلِّ عِبَادَةٍ وَجَبَتْ لَهَا نِيَّةٌ وَيَصِحُّ تَعْقِيبُهَا بِإِنْ شَاءَ اللَّهُ إنْ قَصَدَ التَّبَرُّكَ لَا التَّعْلِيقَ وَلَا إنْ أَطْلَقَ وَلَا يُجْزِئُ عَنْهَا التَّسَحُّرُ وَإِنْ قَصَدَ بِهِ التَّقَوِّيَ عَلَى الصَّوْمِ وَلَا الِامْتِنَاعُ مِنْ تَنَاوُلِ مُفْطِرٍ خَوْفَ الْفَجْرِ مَا لَمْ يَخْطِرْ بِبَالِهِ الصَّوْمُ بِالصِّفَاتِ الَّتِي يَجِبُ التَّعَرُّضُ لَهَا فِي النِّيَّةِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ قَصْدَهُ غَالِبًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا لِلْأَذْرَعِيِّ هُنَا.

(وَيُشْتَرَطُ لِفَرْضِهِ) كَرَمَضَانَ

ــ

[حاشية الشرواني]

[فَصْلٌ فِي النِّيَّةِ وَتَوَابِعِهَا]

فَصْلٌ فِي النِّيَّةِ) (قَوْلُهُ أَيْ: لَا بُدَّ مِنْهَا) إلَى قَوْلِهِ وَالْأَصْلُ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ كَذَا إلَى وَلَا يُجْزِئُ وَقَوْلُهُ غَالِبًا إلَى الْمَتْنِ (قَوْلُهُ لِمَا مَرَّ إلَخْ) أَيْ: لِخَبَرِ «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ وَلَا تَكْفِي إلَخْ) الْأَوْلَى فَلَا إلَخْ كَمَا فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ وَلَا يُشْتَرَطُ التَّلَفُّظُ إلَخْ) لَكِنَّهُ يُنْدَبُ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ قَطْعًا فِيهِمَا كَذَا قَالَهُ إلَخْ) الْقَطْعُ بِعَدَمِ اشْتِرَاطِ التَّلَفُّظِ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَغَيْرِهِ مِنْ مَبْسُوطَاتِ الْمَذْهَبِ كَالْجَوَاهِرِ فَلَا يَرُدُّ عَلَيْهِ قَوْلُ الشَّارِحِ وَيُنَافِيهِ إلَخْ؛ لِأَنَّ النَّوَوِيَّ صَرَّحَ فِي الرَّوْضَةِ فِي الصَّلَاةِ بِتَغْلِيطِ قَائِلِهِ وَوَجْهُ تَلْغِيطِهِ عَلَى مَا يُفْهَمُ مِنْ الْعَزِيزِ أَنَّ قَائِلَهُ أَخَذَهُ مِنْ نَصٍّ لِلشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَأَنَّ الْجُمْهُورَ بَيَّنُوا النَّصَّ بِطَرِيقٍ آخَرَ لَا يُنَافِي الْمَذْهَبِ فَإِنْ أَرَدْت تَحْقِيقَ ذَلِكَ فَرَاجِعْهُ مِنْ الْعَزِيزِ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ وَيُنَافِيهِ إلَخْ) قَدْ تُمْنَعُ الْمُنَافَاةُ؛ إذْ غَايَةُ الْمَحْكِيِّ أَنَّهُ عَامٌّ وَهُوَ لَا يُنَافِي الْخَاصَّ سم وَفِيهِ تَأَمُّلٌ (قَوْلُهُ أَنَّ مُوجِبَ التَّلَفُّظِ) أَيْ: مَنْ أَوْجَبَهُ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ بِطَرْدِهِ) أَيْ: وُجُوبِ التَّلَفُّظِ بِالنِّيَّةِ.

(قَوْلُهُ إنْ قَصَدَ التَّبَرُّكَ) أَيْ: وَحْدَهُ و (قَوْلُهُ لَا التَّعْلِيقَ) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ الْإِتْيَانَ بِهِ أَوَّلًا؛ لِأَنَّ الْإِتْيَانَ بِهِ بَعْدَ النِّيَّةِ إبْطَالٌ لَهَا؛ إذْ قَصْدُ تَعْلِيقِهَا بَعْدَ وُجُودِهَا إبْطَالٌ لَهَا وَهِيَ تَقْبَلُ الْإِبْطَالَ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ وُجُودِهِ لَا يُمْكِنُ إبْطَالُهُ سم (قَوْلُهُ وَلَا إنْ أَطْلَقَ) فِيهِ نَظَرٌ نَظِيرُ مَا تَقَدَّمَ فِي نِيَّةِ الْوُضُوءِ فَإِنَّ النِّيَّةَ مَحَلُّهَا الْقَلْبُ وَجَرَيَانُ لَفْظٍ عَلَى لِسَانِهِ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ لِمَعْنَاهُ الْمُنَافِي لِلْجَزْمِ بِالنِّيَّةِ لَا يَقْتَضِي تَرَدُّدًا فِيهَا ثُمَّ رَاجَعْتُ كَلَامَ الشَّيْخَيْنِ فَرَأَيْتهمَا لَمْ يَتَعَرَّضَا لِمَسْأَلَةِ الْمَشِيئَةِ إلَّا فِي الصَّلَاةِ وَعِبَارَتُهُمَا فِيهَا مَا نَصُّهُ وَلَوْ عَقَّبَ النِّيَّةَ بِقَوْلِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ بِالْقَلْبِ وَبِاللِّسَانِ فَإِنْ قَصَدَ بِهِ التَّبَرُّكَ وَوُقُوعَ الْفِعْلِ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى لَمْ يَضُرَّ وَإِنْ قَصَدَ الشَّكَّ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ انْتَهَتْ، وَفُسِّرَ فِي الْخَادِمِ الشَّكُّ بِالتَّعْلِيقِ فَالْحَاصِلُ أَنَّهُمَا لَمْ يَتَعَرَّضَا لِصُورَةِ الْإِطْلَاقِ لِعَدَمِ تَعَقُّلِهَا فِي الْقَوْلِ الْقَلْبِيِّ وَلِعَدَمِ ضَرَرِهَا فِي اللَّفْظِ فِيمَا يَظْهَرُ لِمَا ذَكَرْته فَلْيُتَأَمَّلْ حَقَّ التَّأَمُّلِ بَصْرِيٌّ أَقُولُ قَوْلُهُ لِعَدَمِ تَعَلُّقِهَا فِي الْقَوْلِ الْقَلْبِيِّ يَشْهَدُ بِخِلَافِهِ الْوِجْدَانُ وَقَوْلُهُمْ إنَّمَا تُتَصَوَّرُ الْمَعَانِي بِالنِّسْبَةِ إلَيْنَا بِأَلْفَاظِهَا الذِّهْنِيَّةِ ثُمَّ رَأَيْتُ فِي الْإِيعَابِ وَالنِّهَايَةِ مَا نَصُّهُ وَيُشْتَرَطُ أَنْ يُحْضِرَ فِي الذِّهْنِ صِفَاتِ الصَّوْمِ مَعَ ذَاتِهِ ثُمَّ يَضُمُّ الْقَصْدَ إلَى ذَلِكَ الْمَعْلُومِ فَلَوْ أَحْضَرَ بِبَالِهِ الْكَلِمَاتِ وَلَمْ يَدْرِ مَعْنَاهَا لَمْ يَصِحَّ اهـ. وَهَذَا صَرِيحٌ فِيمَا قُلْتُ وَفِي سم مَا نَصُّهُ قَوْلُهُ وَلَا إنْ أَطْلَقَ قَدْ يُشْكِلُ بِنَظِيرِهِ مِنْ نَحْوِ الطَّلَاقِ حَيْثُ لَمْ يُؤَثِّرْ الشَّرْطُ فِيهِ إلَّا عِنْدَ قَصْدِهِ فِيهِ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ وَضْعَهَا التَّعَلُّقُ الْمُبْطِلُ وَالنِّيَّةُ تَتَأَثَّرُ بِالْإِبْطَالِ الْمُتَأَخِّرِ بِخِلَافِ نَحْوِ الطَّلَاقِ اهـ وَهَذَا بِنَاءً عَلَى وُجُودِ دَالِّ الْمَشِيئَةِ فِي الذِّهْنِ.

(قَوْلُهُ التَّسَحُّرُ إلَخْ) أَيْ: أَوْ الشُّرْبُ لِدَفْعِ الْعَطَشِ عَنْهُ نَهَارًا نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ مِنْ تَنَاوُلِ مُفْطِرٍ) أَيْ: مِنْ الْأَكْلِ أَوْ الشُّرْبِ أَوْ الْجِمَاعِ خَوْفَ الْفَجْرِ أَيْ: خَوْفَ طُلُوعِهِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: لِأَنَّ ذَلِكَ إلَخْ) يَعْنِي لَوْ تَسَحَّرَ لِيَصُومَ أَوْ امْتَنَعَ مِنْ الْفِطْرِ خَوْفَ طُلُوعِ الْفَجْرِ مَعَ خُطُورِ الصَّوْمِ بِبَالِهِ كَذَلِكَ كَفَاهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ خُطُورَ الصَّوْمِ بِبَالِهِ كَذَلِكَ مَعَ فِعْلِ مَا يُعِينُ عَلَيْهِ أَوْ تَرْكِ مَا يُنَافِيهِ يَتَضَمَّنُ قَصْدَ الصَّوْمِ إيعَابٌ وَنِهَايَةٌ وَمُغْنِي وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّهُ إنْ وُجِدَ مِنْهُ حَقِيقَةُ الْقَصْدِ الَّذِي هُوَ النِّيَّةُ مَعَ اسْتِحْضَارِ مَا يُعْتَبَرُ اسْتِحْضَارُهُ أَجْزَأَ بِلَا شَكٍّ، وَأَمَّا الِاكْتِفَاءُ بِمُجَرَّدِ التَّصَوُّرِ وَالِاسْتِحْضَارِ فَيَبْعُدُ كُلَّ الْبُعْدِ لِخُلُوِّهِ عَنْ حَقِيقَةِ النِّيَّةِ سَيِّدِي عُمَرُ الْبَصْرِيُّ.

(قَوْلُهُ غَالِبًا) هَذَا الْقَيْدُ سَاقِطٌ مِنْ نَحْوِ شَرْحِ الرَّوْضِ سم أَيْ: كَالْإِيعَابِ وَالنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا لِلْأَذْرَعِيِّ) أَيْ: قَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ مُعْتَرِضًا عَلَى الشَّيْخَيْنِ أَنَّ خُطُورَ مَا ذُكِرَ بِبَالِهِ لَا يَكْفِي فَإِنْ أُرِيدَ بِهِ الْعَزْمُ عَلَى الصَّوْمِ بِالصِّفَاتِ الْمُعْتَبَرَةِ فَهَذِهِ نِيَّةٌ جَازِمَةٌ فَلَا يَبْقَى لِمَا ذُكِرَ مِنْ السُّحُورِ وَغَيْرِهِ مَعْنًى إيعَابٌ وَلَا يَخْفَى عَلَى الْمُنْصِفِ أَنَّ اعْتِرَاضَ الْأَذْرَعِيِّ أَقْوَى مِنْ دَفْعِهِ وَلِذَا

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

أُخْرَى كَمَا اعْتَمَدَ ذَلِكَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ م ر وَالْبُدْنُ فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ نَظِيرُ الْمَالِ فِي زَكَاتِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ

(فَصْلٌ فِي النِّيَّةِ)

(قَوْلُهُ وَيُنَافِيهِ مَا حَكَاهُ غَيْرُهُ إلَخْ) قَدْ تُمْنَعُ الْمُنَافَاةُ؛ إذْ غَايَةُ هَذَا الْمَحْكِيِّ أَنَّهُ عَامٌّ وَهُوَ لَا يُنَافِي الْخَاصَّ (قَوْلُهُ إنْ قَصَدَ التَّبَرُّكَ) أَيْ: وَحْدَهُ.

(قَوْلُهُ لَا التَّعْلِيقَ) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ الْإِتْيَانَ بِهِ أَوَّلًا؛ لِأَنَّ الْإِتْيَانَ بِهِ بَعْدَ النِّيَّةِ إبْطَالٌ لَهَا؛ إذْ قَصْدُ تَعْلِيقِهَا بَعْدَ وُجُودِهَا إبْطَالٌ لَهَا وَهِيَ تَقْبَلُ الْإِبْطَالَ بِخِلَافِ نَحْوِ الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ وُجُودِهِ لَا يُمْكِنُ إبْطَالُهُ (قَوْلُهُ وَلَا إنْ أَطْلَقَ) قَدْ يُشْكِلُ بِنَظِيرِهِ مِنْ نَحْوِ الطَّلَاقِ حَيْثُ لَمْ يُؤَثِّرْ الشَّرْطُ فِيهِ إلَّا عِنْدَ قَصْدِهِ وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ وَضْعَهَا التَّعْلِيقُ الْمُبْطِلُ وَالنِّيَّةُ تَتَأَثَّرُ بِالْإِبْطَالِ الْمُتَأَخِّرِ بِخِلَافِ نَحْوِ الطَّلَاقِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَسْتَلْزِمُ قَصْدَهُ غَالِبًا) قَيْدُ الْغَلَبَةِ سَاقِطٌ مِنْ نَحْوِ شَرْحِ الرَّوْضِ.

(قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ وَيُشْتَرَطُ لِفَرْضِهِ التَّبْيِيتُ) أَيْ:

<<  <  ج: ص:  >  >>