للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَمَّا لَمْ يَعْرِفْ مَدْلُولَهَا يَسْتَحِيلُ عَلَيْهِ قَصْدُهَا وَيُرَدُّ بِأَنَّ لِهَذَا اللَّفْظِ عُرْفًا يَفْهَمُهُ الْعَامِّيُّ أَيْضًا، وَكَلَامُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فِي لَفْظٍ لَا يَعْرِفُهُ الْعَامِّيُّ أَصْلًا لَكِنَّ الْأَوْجَهَ أَنَّ الْعَامِّيَّ الَّذِي يُخَالِطُنَا يُقْبَلُ مِنْهُ دَعْوَى الْجَهْلِ بِمَدْلُولِ أَكْثَرِ أَلْفَاظِ الْفُقَهَاءِ بِخِلَافِ الْمُخَالِطِ لَنَا لَا يُقْبَلُ إلَّا فِي الْخَفِيِّ الَّذِي لَا عُرْفَ لَهُ يَصْرِفُهُ إلَيْهِ، وَلَوْ تَعَارَضَتْ بَيِّنَتَا إقْرَارِ زَيْدٍ وَإِبْرَاءِ غَرِيمِهِ فَإِنْ عَلِمَ تَأَخُّرَ أَحَدِهِمَا فَالْحُكْمُ لَهُ وَإِلَّا، فَلَا شَيْءَ

(وَلَوْ قَالَ اقْضِ الْأَلْفَ الَّذِي لِي عَلَيْك) أَوْ لِي عَلَيْك أَلْفٌ، أَوْ أَلَيْسَ لِي عَلَيْك أَلْفٌ، أَوْ أُخْبِرْتُ أَنَّ لِي عَلَيْك أَلْفًا (فَقَالَ نَعَمْ) أَوْ جَيْرِ، أَوْ بَلَى، أَوْ إيْ (أَوْ أَقْضِي غَدًا أَوْ أَمْهِلْنِي يَوْمًا) أَوْ أَمْهِلْنِي، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ يَوْمًا وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُ غَدًا بَعْدَ أَقْضِي (أَوْ حَتَّى أَقْعُدَ أَوْ أَفْتَحَ الْكِيسَ، أَوْ أَجِدَ) أَيْ الْمِفْتَاحَ، أَوْ الدَّرَاهِمَ مَثَلًا (فَإِقْرَارٌ فِي الْأَصَحِّ) حَيْثُ لَا اسْتِهْزَاءَ أَخْذًا مِمَّا مَرَّ؛ لِأَنَّهُ الْمَفْهُومُ مِنْ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ عُرْفًا.

(تَنْبِيهٌ) ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ، أَوْ صَرِيحُهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ نَحْوُ ضَمِيرٍ، أَوْ خِطَابٍ فِي أَقْضِي، أَوْ أَمْهِلْنِي وَيُشْكِلُ عَلَيْهِ اشْتِرَاطُهُ فِي أَبْرَأْتَنِي وَأَبْرِئْنِي، أَوْ أَنَا مُقِرٌّ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ فِي أَقْضِي: لَا بُدَّ مِنْ نَحْوِ ضَمِيرٍ لِاحْتِمَالِهِ لِلْمَذْكُورِ وَغَيْرِهِ عَلَى السَّوَاءِ. اهـ. وَلَك أَنْ تَقُولَ هُمْ لَمْ يَغْفُلُوا عَنْ ذَلِكَ بَلْ أَشَارُوا لِلْجَوَابِ بِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ هَذِهِ الْأَلْفَاظِ عُرْفًا مَا ذَكَرُوهُ فِيهَا وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ أَنَّ الْوَعْدَ بِالْقَضَاءِ وَطَلَبَ الْإِمْهَالِ لَا يَتَبَادَرُ مِنْهُمَا إلَّا الِاعْتِرَافُ وَطَلَبُ الرِّفْقِ بِخِلَافِهِ فِي أَبْرَأْتنِي؛ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُ احْتِمَالًا قَرِيبًا أَنَّهُ مُخْبِرٌ عَنْ إبْرَائِهِ مِنْ الدَّعْوَى عَلَيْهِ بِالْبَاطِلِ وَأَبْرِئْنِي بِالْأَمْرِ؛ لِأَنَّهُ يُسْتَعْمَلُ عُرْفًا لِلِاحْتِيَاطِ كَثِيرًا أَلَا تَرَى إلَى قَوْلِهِمْ يُسَنُّ لِنَحْوِ مُرِيدِ سَفَرٍ طَلَبُ الْإِبْرَاءِ وَالِاسْتِحْلَالِ مِنْ كُلِّ مَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ مُعَامَلَةٌ وَأَنَا مُقِرٌّ؛ لِأَنَّهُ يُسْتَعْمَلُ كَثِيرًا لِلْإِقْرَارِ بِالْوَحْدَانِيَّةِ وَنَحْوِهَا

(فَرْعٌ) قَالَ الزَّبِيلِيُّ لَوْ قَالَ اُكْتُبُوا لِزَيْدٍ عَلَيَّ أَلْفَ دِرْهَمٍ لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَمْرٌ بِالْكِتَابَةِ فَقَطْ وَيُوَافِقُهُ قَوْلُ جَمْعٍ مُتَقَدِّمِينَ لَوْ قَالَ اشْهَدُوا عَلَيَّ بِكَذَا، أَوْ بِمَا فِي هَذَا الْكِتَابِ لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إلَّا الْإِذْنُ بِالشَّهَادَةِ عَلَيْهِ وَلَا تَعَرُّضَ فِيهِ لِلْإِقْرَارِ بِالْمَكْتُوبِ أَيْ مَثَلًا قَالُوا بِخِلَافِ أُشْهِدُكُمْ مُضَافًا لِنَفْسِهِ. اهـ. وَفِي الْفَرْقِ بَيْنَ أُشْهِدُكُمْ وَاشْهَدُوا عَلَيَّ نَظَرٌ ظَاهِرٌ ثُمَّ رَأَيْت كَلَامَ الْغَزَالِيِّ صَرِيحًا فِي أَنْ اشْهَدُوا عَلَيَّ بِكَذَا إقْرَارٌ أَيْضًا وَعِبَارَةُ فَتَاوِيهِ لَوْ قَالَ اشْهَدُوا عَلَيَّ أَنِّي وَقَفْتُ جَمِيعَ أَمْلَاكِي وَذَكَرَ مَصْرِفَهَا وَلَمْ يُحَدِّدْ شَيْئًا مِنْهَا صَارَتْ جَمِيعُ أَمْلَاكِهِ الَّتِي يَصِحُّ وَقْفُهَا وَقْفًا وَلَا يَضُرُّ جَهْلُ الشُّهُودِ بِحُدُودِهَا وَلَا سُكُوتُهُ عَنْهَا وَمَهْمَا شَهِدُوا بِهَذَا اللَّفْظِ ثَبَتَ الْوَقْفُ انْتَهَتْ فَهِيَ صَرِيحَةٌ كَمَا تَرَى فِي الصِّحَّةِ مَعَ قَوْلِهِ: اشْهَدُوا عَلَيَّ إلَى آخِرِهِ وَوَافَقَهُ عَلَى ذَلِكَ أَبُو بَكْرٍ الشَّاشِيُّ وَأَقَرَّهُمَا فِي التَّوَسُّطِ وَلَا يُعَارِضُهُ قَوْلُ فَتَاوَى الْبَغَوِيّ لَوْ قَالَ: الْمَوَاضِعُ الَّتِي أُثْبِتُ أَسَامِيَهَا وَحُدُودَهَا فِي هَذَا مِلْكٌ لِفُلَانٍ وَكَانَ الشَّاهِدُ لَا يَعْرِفُ حُدُودَهَا ثَبَتَ الْإِقْرَارُ وَلَمْ تَجُزْ الشَّهَادَةُ عَلَيْهَا أَيْ بِحُدُودِهَا

ــ

[حاشية الشرواني]

إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَلَا يُنَافِي مَا تَقَرَّرَ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ لَوْ لُقِّنَ الْعَرَبِيُّ. إلَخْ؛ لِأَنَّ هَذَا اللَّفْظَ يَفْهَمُهُ. إلَخْ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَيَرُدُّ) أَيْ تَنْظِيرُ الزَّرْكَشِيّ (قَوْلُهُ لِهَذَا اللَّفْظِ) أَيْ نَعَمْ (قَوْلُهُ: الَّذِي لَا عُرْفَ. إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ الَّذِي يَخْفَى عَلَى مِثْلِهِ مَعْنَاهُ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا، فَلَا شَيْءَ) كَانَ وَجْهُهُ تَسَاقُطَهُمَا وَالرُّجُوعَ لِأَصْلِ بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ. اهـ. سم

(قَوْلُهُ: أَوْ لِي عَلَيْك أَلْفٌ، أَوْ أَلَيْسَ لِي عَلَيْك أَلْفٌ) لَا حَاجَةَ إلَى ذِكْرِهِ لِسَبْقِ ذِكْرِ الْأَوَّلِ فِي شَرْحِ، وَلَوْ قَالَ بَلَى وَسَبْقِ ذِكْرِ الثَّانِي فِي قَوْلِ الْمَتْنِ، وَلَوْ قَالَ أَلَيْسَ. إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَقُلْ) الْأَوْلَى إسْقَاطُ إنْ (قَوْلُهُ: مِمَّا مَرَّ) أَيْ فِي شَرْحِ فَهُوَ إقْرَارٌ (قَوْلُهُ: وَيُشْكِلُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِ مَا ذُكِرَ (قَوْلُهُ: اشْتِرَاطُهُ فِي أَبْرَأْتَنِي وَأَبْرِئْنِي) أَيْ مِنْهُ وَ (قَوْلُهُ: وَأَنَا مُقِرٌّ) أَيْ بِهِ (قَوْلُهُ: قَالَ الْإِسْنَوِيُّ. إلَخْ) أَقَرَّهُ الْمُغْنِي وَكَذَا النِّهَايَةُ عِبَارَتُهُ مَعَ الْمَتْنِ، أَوْ أَقْضِ غَدًا ذَلِكَ، أَوْ نَحْوَهُ مِمَّا يُخْرِجُهُ عَنْ احْتِمَالِ الْوَعْدِ كَمَا بَحَثَهُ الْإِسْنَوِيُّ، أَوْ أَمْهِلْنِي فِي ذَلِكَ. اهـ.

قَالَ ع ش قَوْلُهُ: م ر، أَوْ نَحْوُهُ أَيْ كَقَوْلِهِ: اصْبِرْ حَتَّى يَتَيَسَّرَ أَوْ إذَا جَاءَنِي مَالٌ قَضَيْتُ. اهـ. (قَوْلُهُ: عَنْ ذَلِكَ) أَيْ عَنْ وُرُودِ الْإِشْكَالِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِهِ) أَيْ الْمَفْهُومِ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ) أَيْ الْمُجِيبُ بِأَبْرَأْتَنِي (قَوْلُهُ: أَوْ أَبْرِئْنِي) عَطْفٌ عَلَى أَبْرَأْتَنِي وَكَذَا قَوْلُهُ: أَنَا مُقِرٌّ ش. اهـ. سم (قَوْلُهُ: لِنَحْوِ مُرِيدٍ. إلَخْ) أَيْ كَالْمَرِيضِ

[فَرْعٌ قَالَ اُكْتُبُوا لِزَيْدٍ عَلَيَّ أَلْفَ دِرْهَمٍ]

(قَوْلُهُ لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا) اعْتَمَدَهُ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ وَيُوَافِقُهُ) أَيْ قَوْلُ الزَّبِيلِيُّ (قَوْلُهُ: وَأَنَا بِكَذَا) أَيْ بِأَلْفٍ لِزَيْدٍ عَلَى (قَوْلِهِ: أَوْ بِمَا فِي هَذَا الْكِتَابِ لَمْ يَكُنْ إقْرَارًا) اعْتَمَدَهُ الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: أَيْ مَثَلًا) أَيْ: أَوْ بِالْمَلْفُوظِ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى (قَوْلُهُ: قَالُوا) أَيْ الْجَمْعُ الْمَذْكُورُ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ أُشْهِدُكُمْ) أَيْ بِكَذَا، أَوْ بِمَا فِي هَذَا الْكِتَابِ فَيَكُونُ إقْرَارًا (قَوْلُهُ:. انْتَهَى.) أَيْ قَوْلُ الْجَمْعِ (قَوْلُهُ: إقْرَارٌ أَيْضًا) اعْتَمَدَهُ النِّهَايَةُ أَيْضًا عِبَارَتُهَا، وَلَوْ قَالَ اشْهَدُوا عَلَيَّ بِكَذَا كَانَ إقْرَارًا كَمَا أَفْتَى بِهِ الْغَزَالِيُّ وَاعْتَمَدَهُ الْوَالِدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي فَتَاوِيهِ آخِرًا اهـ.

(قَوْلُهُ: وَعِبَارَةُ فَتَاوِيهِ) إلَى التَّنْبِيهِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ: وَبَحَثَ إلَيَّ وَأَفْتَى (قَوْلُهُ وَذَكَرَ) عَطْفٌ عَلَى قَالَ (قَوْلُهُ: شَيْئًا مِنْهَا) أَيْ مِنْ الْأَمْلَاكِ (قَوْلُهُ: وَلَا سُكُوتُهُ) أَيْ الْوَاقِفُ (عَنْهَا) أَيْ الْحُدُودِ (قَوْلُهُ: فِي الصِّحَّةِ) أَيْ صِحَّةِ الْإِقْرَارِ (قَوْلُهُ مُوَافَقَةٌ) أَيْ الْغَزَالِيُّ (عَلَى ذَلِكَ) أَيْ ثُبُوتِ الْوَقْفِ بِتِلْكَ الشَّهَادَةِ وَكَذَا ضَمِيرُ النِّصْفِ فِي قَوْلِهِ: وَلَا يُعَارِضُهُ (قَوْلُهُ: فِي هَذَا) أَيْ الْمَكْتُوبِ مَثَلًا. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: وَكَانَ. إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَالَ. إلَخْ (قَوْلُهُ: عَلَيْهَا) أَيْ الْمَوَاضِعُ الْمَذْكُورَةُ (قَوْلُهُ: أَيْ بِحُدُودِهَا) لَمْ يُبَيِّنْ م ر وَجْهُ عَدَمِ الْمُعَارَضَةِ وَلَعَلَّهُ أَنَّ الشَّهَادَةَ إنَّمَا اُمْتُنِعَتْ فِي مَسْأَلَةِ الْبَغَوِيّ لِأَنَّ الْمُقِرَّ لَمْ يُبَيِّنْ شَيْئًا مِنْ الْحُدُودِ حَتَّى يَشْهَدَ بِهِ وَجَازَتْ فِيمَا أَفْتَى بِهِ وَالِدُهُ م ر لِأَنَّهُمْ إنَّمَا يَشْهَدُونَ عَلَى مُجَرَّدِ أَنَّهُ وَقَفَ مَا يَمْلِكُهُ وَلَمْ يُثْبِتُوا شَيْئًا بِخُصُوصِهِ أَنَّهُ مِلْكُهُ وَعَلَيْهِ فَمَا ثَبَتَ أَنَّهُ مِلْكُهُ وَقَفَهُ، فَلَا. اهـ. ع ش

وَقَالَ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

بَلْ يَكْفِي فِي الْفَرْقِ أَنَّ نَعَمْ كَثُرَ فِي الْعُرْفِ اسْتِعْمَالُهَا لِلتَّصْدِيقِ. (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ) كَانَ وَجْهُهُ لِتَسَاقُطِهِمَا وَالرُّجُوعِ لِأَصْلِ بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ.

(قَوْلُهُ وَأَبْرِئْنِي) عَطْفٌ عَلَى أَبْرَأْتَنِي وَكَذَا قَوْلُهُ: وَأَنَا مُقِرٌّ ش.

(قَوْلُهُ ثُمَّ رَأَيْت كَلَامَ الْغَزَالِيِّ إلَخْ) أَفْتَى بِهِ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ ثَانِيًا، بَعْدَ أَنْ كَانَ أَفْتَى بِالْأَوَّلِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>