وَتَحَمَّلَهَا الْمَالِكُ كَمَا لَا مُؤْنَةَ لَهُ بَلْ هُوَ دَاخِلٌ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ التَّحَمُّلِ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَا مُؤْنَةَ لَهُ وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُمَا لَوْ تَرَاضَيَا عَلَى الْمِثْلِ لَمْ يَكُنْ لَهُ تَكْلِيفُهُ مُؤْنَةَ النَّقْلِ وَلَا قَوْلُ السُّبْكِيّ وَالْقَمُولِيِّ كَالْبَغَوِيِّ لَوْ قَالَ لَهُ الْغَاصِبُ خُذْهُ وَخُذْ مُؤْنَةَ حَمْلِهِ لَمْ يُجْبَرْ أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّ عَلَى الْغَاصِبِ ضَرَرًا فِي أَخْذِ الْمِثْلِ وَمُؤْنَةِ النَّقْلِ مِنْهُ، وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّ عَلَى الْمَالِكِ ضَرَرًا فِي تَكْلِيفِهِ حَمْلَهُ إلَى بَلَدِهِ، وَإِنْ أَعْطَاهُ الْغَاصِبُ مُؤْنَةً وَأَمَّا صُورَتُنَا فَلَا ضَرَرَ فِيهَا عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ إذَا رَضِيَ بِأَخْذِ الْمِثْلِ وَدَفْعِ مُؤْنَةِ حَمْلِهِ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْغَاصِبِ ضَرَرٌ بِوَجْهٍ وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ قَوْلُ الْبُرْهَانِ الْفَزَارِيِّ لَمْ تَمْتَنِعْ الْمُطَالَبَةُ بِالْمِثْلِ هُنَا لِأَجْلِ اخْتِلَافِ الْقِيمَةِ بَلْ لِأَجْلِ مُؤْنَةِ حَمْلِهِ وَقَضِيَّةُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَيْضًا أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ زِيَادَةِ سِعْرِ الْمِثْلِ فِي بَلَدِ الْمُطَالَبَةِ وَعَدَمِهَا وَهُوَ مَا رَجَّحَاهُ لَكِنْ أَطَالَ جَمْعٌ مُتَأَخِّرُونَ فِي الِانْتِصَارِ لِلتَّقْيِيدِ بِمَا إذَا لَمْ يَزِدْ وَيُرَدُّ بِأَنَّهُ حَيْثُ تَيَسَّرَ الْمِثْلُ بِلَا ضَرَرٍ لَا نَظَرَ لِلْقِيمَةِ (وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ لِنَقْلِهِ مُؤْنَةٌ وَلَمْ يَتَحَمَّلْهَا الْمَالِكُ أَخْذًا مِمَّا تَقَرَّرَ أَوْ خَافَ الطَّرِيقَ (فَلَا مُطَالَبَةَ بِالْمِثْلِ) وَلَا لِلْغَاصِبِ أَيْضًا تَكْلِيفُهُ قَبُولَهُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمُؤْنَةِ وَالضَّرَرِ (بَلْ يُغَرِّمُهُ قِيمَةَ بَلَدِ التَّلَفِ) سَوَاءٌ أَكَانَتْ بَلَدَ الْغَصْبِ أَمْ لَا هَذَا إنْ كَانَتْ أَكْثَرَ قِيمَةً مِنْ الْمَحَالِّ الَّتِي وَصَلَ إلَيْهَا الْمَغْصُوبُ، وَإِلَّا فَقِيمَةُ الْأَقْصَى مِنْ سَائِرِ الْبِقَاعِ الَّتِي حَلَّ بِهَا الْمَغْصُوبُ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ تَعَذُّرَ الرُّجُوعِ لِلْمِثْلِ كَفَقْدِهِ وَالْقِيمَةُ هُنَا لِلْفَيْصُولَةِ فَإِذَا غَرِمَهَا ثُمَّ اجْتَمَعَا فِي بَلَدِ الْمَغْصُوبِ لَمْ يَكُنْ لِلْمَالِكِ رَدُّهَا وَطَلَبُ الْمِثْلِ وَلَا لِلْغَاصِبِ اسْتِرْدَادُهَا وَبَذْلُ الْمِثْلِ.
(وَأَمَّا الْمَغْصُوبُ الْمُتَقَوِّمُ) كَالْحَيَوَانِ وَأَبْعَاضِهِ سَوَاءٌ الْقِنُّ وَغَيْرُهُ (فَيَضْمَنُهُ بِأَقْصَى قِيَمِهِ مِنْ الْغَصْبِ إلَى التَّلَفِ) ؛ لِأَنَّهُ فِي حَالَةِ زِيَادَةِ الْقِيمَةِ غَاصِبٌ مُطَالَبٌ بِالرَّدِّ فَإِذَا لَمْ يَرُدَّ ضَمِنَ بَدَلَهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ رَدَّ بَعْدَ الرُّخْصِ لَا يَغْرَمُ شَيْئًا؛ لِأَنَّهُ مَعَ بَقَاءِ الْعَيْنِ يُتَوَقَّعُ زِيَادَتُهَا عَلَى أَنَّهُ لَا نَظَرَ مَعَ وُجُودِهَا لِلْقِيمَةِ أَصْلًا وَتَجِبُ قِيمَتُهُ مِنْ غَالِبِ نَقْدِ بَلَدِ التَّلَفِ وَمَحَلُّهُ إنْ لَمْ يَنْقُلْهُ، وَإِلَّا اُعْتُبِرَ نَقْدُ مَحَلِّ الْقِيمَةِ وَهُوَ أَكْثَرُ الْمَحَالِّ الَّتِي وَصَلَ إلَيْهَا وَقَدْ يَضْمَنُ الْمُتَقَوِّمُ بِالْمِثْلِ الصُّورِيِّ كَمَا لَوْ تَلِفَ الْمَالُ الزَّكَوِيُّ فِي يَدِهِ بَعْدَ التَّمَكُّنِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَخْرَجَ مِثْلَهُ الصُّورِيَّ مَعَ بَقَائِهِ جَازَ فَأَوْلَى مَعَ تَلَفِهِ.
(فَرْعٌ)
ــ
[حاشية الشرواني]
أَيْ التَّعْلِيلِ (قَوْلُهُ وَتَحَمَّلَهَا الْمَالِكُ) أَيْ بِدَفْعِهَا كَمَا يَأْتِي. اهـ سم (قَوْلُهُ وَلَا يُنَافِيهِ) أَيْ قَوْلُهُ إنَّ مَالَهُ مُؤْنَةٌ وَتَحَمَّلَهَا الْمَالِكُ إلَخْ (قَوْلُهُ لَوْ تَرَاضَيَا) أَيْ فِيمَا إذَا كَانَ لِلنَّقْلِ مُؤْنَةٌ (قَوْلُهُ لَهُ) أَيْ لِلْمَالِكِ (تَكْلِيفُهُ) أَيْ الْغَاصِبِ (قَوْلُهُ وَدَفْعُ مُؤْنَةِ حَمْلِهِ) مِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ الْمُرَادَ مُؤْنَةُ نَقْلِهِ إلَى بَلَدِ الظَّفَرِ وَأَمَّا مُؤْنَةُ نَقْلِهِ مِنْ بَلَدِ الظَّفَرِ فَهِيَ الْمَذْكُورَةُ فِي قَوْلِهِ وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُمَا إلَخْ وَقَوْلُهُ وَلَا قَوْلُ السُّبْكِيّ إلَخْ. اهـ سم (قَوْلُهُ وَيُؤَيِّدُ ذَلِكَ) أَيْ الْقَضِيَّةُ الْمَذْكُورَةُ (قَوْلُهُ هُنَا) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ الظَّفْرِ فِيمَا إذَا كَانَ لِلنَّقْلِ مُؤْنَةٌ (قَوْلُهُ وَهُوَ مَا رَجَّحَاهُ) فِيهِ نَظَرٌ فَلْيُرَاجَعْ. اهـ سم (قَوْلُهُ لِلتَّقْيِيدِ بِمَا إذَا لَمْ يَزِدْ) اعْتَمَدَهُ م ر أَيْ فَإِنْ زَادَ فَلَيْسَ لَهُ الْمُطَالَبَةُ بِالْمِثْلِ بَلْ بِقِيمَةِ بَلَدِ التَّلَفِ. اهـ سم وَمَرَّ عَنْ الزِّيَادِيِّ وَعِ ش اعْتِمَادُهُ وَعَنْ الْمُغْنِي آنِفًا مَا يُوَافِقُهُ قَوْلُ الْمَتْنِ (وَإِلَّا فَلَا مُطَالَبَةَ إلَخْ) ، وَلَوْ ظَفِرَ بِالْمُتْلِفِ الَّذِي لَيْسَ بِغَاصِبٍ فِي غَيْرِ مَكَانِ التَّلَفِ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْغَاصِبِ فِيمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ. اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ بِأَنْ كَانَ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَأَمَّا فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَلَمْ يَتَحَمَّلْهَا إلَى أَوْ خَافَ (قَوْلُهُ بِأَنْ كَانَ لِنَقْلِهِ مُؤْنَةٌ) وَزِيَادَةُ قِيمَتِهِ هُنَاكَ مَانِعٌ مِنْ الْمُطَالَبَةِ سم عَلَى مَنْهَجٍ. اهـ ع ش (قَوْلُهُ أَوْ خَافَ الطَّرِيقَ) اُنْظُرْ لِمَ مَنَعَ الْخَوْفُ الْمُطَالَبَةَ مَعَ أَنَّ ضَرَرَهُ يَعُودُ عَلَى الْمَالِكِ وَقَدْ رَضِيَ إلَّا أَنْ يُقَالَ بَلْ يَعُودُ الضَّرَرُ عَلَى الْغَاصِبِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ حُصُولُهُ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ إنَّمَا هُوَ مَعَ الْخَطَرِ عَلَى الْغَاصِبِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ يُطَالِبُهُ بِمِثْلِهِ إنْ أَرَادَ أَخْذَهُ ثَمَّ وَقَدْ يُؤَيِّدُ هَذَا مَا مَرَّ فِي السَّلَمِ أَنَّهُ إذَا كَانَ لِنَقْلِهِ مُؤْنَةٌ وَتَحَمَّلَهَا الْمُسَلِّمُ أُجْبِرَ عَلَى التَّسْلِيمِ. اهـ ع ش (قَوْلُهُ وَلَا لِلْغَاصِبِ أَيْضًا تَكْلِيفُهُ قَبُولَهُ) أَيْ الْمِثْلِ وَمِثْلُهُ الْعَيْنُ الْمَغْصُوبَةُ لِمَا ذَكَرَهُ. اهـ ع ش (قَوْلُهُ سَوَاءٌ) إلَى قَوْلِهِ وَالْقِيمَةُ هُنَا فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ هَذَا) أَيْ اعْتِبَارُ قِيمَةِ بَلَدِ التَّلَفِ
(قَوْلُهُ كَالْحَيَوَانِ) إلَى قَوْلِهِ انْتَهَى فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ قَالَ الْقَاضِي (قَوْلُهُ وَأَبْعَاضُهُ) مَحَلُّهُ فِي الرَّقِيقِ إنْ لَمْ يَكُنْ أَقْصَى الْقِيَمِ أَكْثَرَ مِنْ مُقَدَّرِ الْعُضْوِ كَمَا مَرَّ. اهـ رَشِيدِيٌّ وَتَقَدَّمَ هُنَاكَ أَنَّهُ فِي غَيْرِ الْغَاصِبِ أَمَّا هُوَ فَيَضْمَنُ هُوَ بِمَا نَقَصَ مُطْلَقًا قَوْلُ الْمَتْنِ (بِأَقْصَى قِيَمِهِ إلَخْ) وَلَا فَرْقَ فِي اخْتِلَافِ الْقِيمَةِ بَيْنَ تَغَيُّرِ السِّعْرِ وَتَغَيُّرِ الْمَغْصُوبِ فِي نَفْسِهِ وَلَا عِبْرَةَ بِالزِّيَادَةِ بَعْدَ التَّلَفِ. اهـ مُغْنِي وَقَوْلُهُ: لِأَنَّهُ إلَى الْفَرْعِ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ عَلَى أَنَّهُ إلَى فَتَجِبُ (قَوْلُهُ يَتَوَقَّعُ زِيَادَتَهَا) أَيْ بِالنَّظَرِ لِذَاتِهَا، وَإِنْ قُطِعَ بِعَدَمِهَا عَادَةً. اهـ ع ش أَيْ فَلَمْ تَفُتْ بِالْكُلِّيَّةِ (قَوْلُهُ مِنْ غَالِبِ نَقْدِ إلَخْ) فَإِنْ غَلَبَ نَقْدَانِ وَتَسَاوَيَا عَيَّنَ الْقَاضِي وَاحِدًا كَمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ فِي كِتَابِ الْبَيْعِ. اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ وَمَحَلُّهُ) أَيْ اعْتِبَارُ غَالِبِ نَقْدِ بَلَدِ التَّلَفِ (قَوْلُهُ وَهُوَ) أَيْ مَحَلُّ الْقِيمَةِ (أَكْثَرُ الْمَحَالِّ إلَخْ) أَيْ قِيمَةً (قَوْلُهُ وَقَدْ يُضْمَنُ الْمُتَقَوِّمُ إلَخْ) غَرَضُهُ مِنْهُ مُجَرَّدُ الْفَائِدَةِ، وَإِلَّا فَالْكَلَامُ فِي الْمَغْصُوبِ نَعَمْ هُوَ مُحْتَاجٌ إلَيْهِ بِالنَّظَرِ لِتَأْوِيلِهِ قَوْلُ الْمَتْنِ السَّابِقُ يَدٌ عَادِيَةٌ بِالضَّامِنَةِ فَإِنَّ الْمَالَ الزَّكَوِيَّ بَعْدَ التَّمَكُّنِ مَضْمُونٌ عَلَى الْمَالِكِ. اهـ ع ش (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَوْ أَخْرَجَ) أَيْ الْمَالِكُ
[فَرْعٌ غَصَبَ بُرًّا قِيمَتُهُ خَمْسُونَ فَطَحَنَهُ فَعَادَ عِشْرِينَ فَخَبَزَهُ فَعَادَ خَمْسِينَ ثُمَّ تَلِفَ]
(قَوْلُهُ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
بِزِيَادَةٍ أَيْ عَلَى ثَمَنِ مِثْلِهِ قَالَ فِي شَرْحِهِ أَوْ مَنَعَهُ مِنْ الْوُصُولِ إلَيْهِ مَانِعٌ. اهـ
(قَوْلُهُ وَتَحَمَّلَهَا الْمَالِكُ) أَيْ بِدَفْعِهَا كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ وَدَفَعَ مُؤْنَةَ حَمْلِهِ) مِنْهُ تَعْلَمُ أَنَّ الْمُرَادَ مُؤْنَةُ نَقْلِهِ إلَى بَلَدِ الظَّفْرِ، وَأَمَّا مُؤْنَةُ نَقْلِهِ مِنْ بَلَدِ الظَّفْرِ فَهِيَ الْمَذْكُورَةُ فِي قَوْلِهِ وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُهُمَا إلَخْ وَقَوْلُهُ وَلَا قَوْلُ السُّبْكِيّ إلَخْ (قَوْلُهُ وَهُوَ مَا رَجَّحَاهُ) فِيهِ نَظَرٌ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ لِلتَّقْيِيدِ بِمَا إذَا لَمْ يَزِدْ) اعْتَمَدَهُ م ر أَيْ فَإِنْ زَادَ فَلَيْسَ لَهُ الْمُطَالَبَةُ بِالْمِثْلِ بَلْ بِقِيمَةِ بَلَدِ التَّلَفِ (قَوْلُهُ أَوْ خَافَ الطَّرِيقَ) اُنْظُرْ لِمَ مَنَعَ الْخَوْفُ الْمُطَالَبَةَ مَعَ أَنَّ ضَرَرَهُ يَعُودُ عَلَى الْمَالِكِ وَقَدْ رَضِيَ إلَّا أَنْ يُقَالَ: بَلْ يَعُودُ الضَّرَرُ عَلَى الْغَاصِبِ أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ حُصُولُهُ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ إنَّمَا هُوَ مَعَ الْخَطَرِ كَانَ كَذِي الْمُؤْنَةِ إذْ الْخَطَرُ وَمُعَانَاتُهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute