(فَصْلٌ) فِي الْكَفَاءَةِ: وَهِيَ مُعْتَبَرَةٌ فِي النِّكَاحِ لَا لِصِحَّتِهِ مُطْلَقًا بَلْ حَيْثُ لَا رِضَا مِنْ الْمَرْأَةِ وَحْدَهَا فِي جَبٍّ وَلَا عُنَّةٍ وَمَعَ وَلِيِّهَا الْأَقْرَبِ فَقَطْ فِيمَا عَدَاهُمَا (زَوَّجَهَا الْوَلِيُّ) الْمُنْفَرِدُ كَأَبٍ أَوْ أَخٍ مُسْلِمًا أَوْ ذِمِّيًّا فِي ذِمِّيَّةٍ كَمَا يَأْتِي فِي نِكَاحِ الْمُشْرِكِ مِنْ جُمْلَةِ ضَابِطٍ ذَكَرْته أَخْذًا مِنْ أَطْرَافِ كَلَامِهِمْ فَرَاجِعْهُ فَإِنَّهُ مُهِمٌّ (غَيْرَ كُفُؤٍ بِرِضَاهَا أَوْ) زَوَّجَهَا (بَعْضُ الْأَوْلِيَاءِ) وَلَوْ (الْمُسْتَوِينَ) فِي دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ كَإِخْوَةٍ غَيْرَ كُفُؤٍ (بِرِضَاهَا) وَلَوْ سَفِيهَةً وَإِنْ سَكَتَتْ الْبِكْرُ بَعْدَ اسْتِئْذَانِهَا فِيهِ مُعَيَّنًا أَوْ بِوَصْفِ كَوْنِهِ غَيْرَ كُفُؤٍ (وَرِضَا الْبَاقِينَ) صَرِيحًا (صَحَّ) التَّزْوِيجُ مَعَ الْكَرَاهَةِ وَإِنْ نَظَرَ فِيهَا وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: يُكْرَهُ كَرَاهَةً شَدِيدَةً مِنْ فَاسِقٍ إلَّا لِرِيبَةٍ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْكَفَاءَةَ حَقُّهَا وَحَقُّهُمْ وَقَدْ رَضُوا بِهِ بِإِسْقَاطِهَا وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَمَرَ فَاطِمَةَ بِنْتَ قَيْسٍ وَهِيَ قُرَشِيَّةٌ بِنِكَاحِ أُسَامَةَ حِبِّهِ وَهُوَ مَوْلًى وَزَوَّجَ أَبُو حُذَيْفَةَ سَالِمًا مَوْلَاهُ بِنْتَ أَخِيهِ الْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا وَالْجُمْهُورُ أَنَّ مَوَالِيَ قُرَيْشٍ لَيْسُوا أَكْفَاءً لَهُمْ وَزَوَّجَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَنَاتِهِ مِنْ غَيْرِ أَكْفَاءٍ وَإِنْ جَازَ أَنْ يَكُونَ لِأَجْلِ ضَرُورَةِ بَقَاءِ نَسْلِهِنَّ كَمَا زَوَّجَ آدَم بَنَاتِهِ مِنْ بَنِيهِ لِذَلِكَ تَنْزِيلًا لِتَغَايُرِ الْحَمْلَيْنِ مَنْزِلَةَ تَغَايُرِ النَّسَبَيْنِ وَخَرَجَ بِقَوْلِهِ الْمُسْتَوِينَ الْأَبْعَدُ فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ وَلِيًّا - وَتَقْدِيمُ غَيْرِهِ عَلَيْهِ لَا يَسْلُبُ كَوْنَهُ وَلِيًّا خِلَافًا لِمَنْ زَعَمَهُ - لَا حَقَّ لَهُ فِيهَا كَمَا قَالَ.
(وَلَوْ زَوَّجَهَا الْأَقْرَبُ) غَيْرَ كُفُؤٍ (بِرِضَاهَا فَلَيْسَ لِلْأَبْعَدِ اعْتِرَاضٌ) إذْ لَا حَقَّ لَهُ الْآنَ فِي الْوِلَايَةِ وَلَا نَظَرَ إلَى تَضَرُّرِهِ بِلُحُوقِ الْعَارِ لِنَسَبِهِ لِأَنَّ الْقَرَابَةَ يَكْثُرُ انْتِشَارُهَا فَيَشُقُّ اعْتِبَارُ رِضَا الْكُلِّ وَلَا ضَابِطَ لِدُونِهِ فَيَتَقَيَّدُ الْأَمْرُ بِالْأَقْرَبِ وَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ مَا لَوْ كَانَ الْأَقْرَبُ نَحْوَ صَغِيرٍ أَوْ مَجْنُونٍ فَإِنَّ الْمُعْتَبَرَ حِينَئِذٍ رِضَا الْأَبْعَدِ لِأَنَّهُ الْوَلِيُّ وَالْأَقْرَبُ كَالْعَدَمِ (وَلَوْ زَوَّجَهَا أَحَدُهُمْ) أَيْ الْمُسْتَوِينَ (بِهِ) أَيْ غَيْرِ الْكُفُؤِ لِغَيْرِ جَبٍّ أَوْ عُنَّةٍ (بِرِضَاهَا دُونَ رِضَاهُمْ) أَيْ الْبَاقِينَ وَلَمْ يَرْضَوْا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ (لَمْ يَصِحَّ) وَإِنْ جَهِلَ الْعَاقِدُ عَدَمَ كَفَاءَتِهِ لِأَنَّ الْحَقَّ لِجَمِيعِهِمْ (وَفِي قَوْلٍ يَصِحُّ وَلَهُمْ الْفَسْخُ) لِأَنَّ النَّقْصَ يَقْتَضِي الْخِيَارَ فَقَطْ كَعَيْبِ الْمَبِيعِ وَيُجَابُ بِوُضُوحِ الْفَرْقِ أَمَّا الْمَجْبُوبُ أَوْ الْعِنِّينُ فَيَكْفِي رِضَاهَا وَحْدَهَا بِهِ لِأَنَّ الْحَقَّ فِيهِ لَهَا فَقَطْ وَأَمَّا إذَا رَضُوا بِهِ أَوَّلًا ثُمَّ بَانَتْ ثُمَّ زَوَّجَهَا أَحَدُهُمْ بِهِ بِرِضَاهَا فَقَطْ
ــ
[حاشية الشرواني]
[فَصْلٌ فِي الْكَفَاءَةِ]
(قَوْلُهُ: فِي الْكَفَاءَةِ) إلَى قَوْلِهِ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ: مِنْ جُمْلَةِ ضَابِطٍ إلَى الْمَتْنِ، وَقَوْلَهُ: وَإِنْ نَظَرَ فِيهَا وَقَوْلَهُ: كَمَا زَوَّجَ آدَم إلَى " وَخَرَجَ " (قَوْلُهُ: لَا لِصِحَّتِهِ مُطْلَقًا) الْأَوْضَحُ لِصِحَّتِهِ لَا مُطْلَقًا (قَوْلُهُ: وَلَا عُنَّةٍ) الْأَوْلَى إسْقَاطُ " لَا " (قَوْلُهُ: فِيمَا عَدَاهُمَا) أَيْ الْجَبِّ وَالْعُنَّةِ اهـ ع ش (قَوْلُ الْمَتْنِ: زَوَّجَهَا إلَخْ) عَلَى تَقْدِيرِ أَدَاةِ الشَّرْطِ أَيْ لَوْ زَوَّجَهَا (قَوْلُهُ: مُسْلِمًا إلَخْ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَ الْوَلِيُّ مُسْلِمًا إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْ ذِمِّيًّا فِي ذِمِّيَّةٍ) أَيْ إذَا تَرَافَعُوا إلَيْنَا عِنْدَ الْعَقْدِ وَإِلَّا فَلَيْسَ لَنَا التَّعَرُّضُ لَهُمْ عَلَى مَا يَأْتِي فِي نِكَاحِ الْكُفَّارِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: فِي دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ) أَيْ وَرُتْبَةٍ وَاحِدَةٍ وَقَوْلُهُ: كَإِخْوَةٍ أَيْ أَشِقَّاءَ أَوْ لِأَبٍ عِنْدَ فَقْدِهِمْ اهـ رَشِيدِيٌّ.
(قَوْلُهُ: غَيْرَ كُفْءٍ) مَفْعُولُ أَوْ زَوَّجَهَا (قَوْلُهُ: وَلَوْ سَفِيهَةً) وَلَوْ مَحْجُورَةً لِأَنَّ الْحَجْرَ إنَّمَا هُوَ فِي الْمَالِ فَلَا يَظْهَرُ لِسَفَهِهَا أَثَرٌ هُنَا وَاسْتَثْنَى شَارِحُ التَّعْجِيزِ كَفَاءَةَ الْإِسْلَامِ فَلَا تَسْقُطُ بِالرِّضَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا} [البقرة: ٢٢١] اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: وَإِنْ سَكَتَتْ) غَايَةٌ أُخْرَى اهـ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: مُعَيَّنًا) حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ فِيهِ الرَّاجِعِ إلَى غَيْرِ كُفْءٍ أَيْ مُمَيَّزًا بِشَخْصِهِ أَوْ بِاسْمِهِ وَنَسَبِهِ كَابْنِ فُلَانٍ مَثَلًا لِأَنَّهَا مُتَمَكِّنَةٌ مِنْ السُّؤَالِ عَنْهُ كَذَا فِي ع ش (قَوْلُهُ: أَوْ بِوَصْفٍ إلَخْ) أَيْ أَوْ مُمَيَّزًا بِهَذَا الْعُنْوَانِ بِأَنْ يُقَالَ مَثَلًا لِرَجُلٍ غَيْرِ كُفْءٍ لَك (قَوْلُ الْمَتْنِ: وَرِضَا الْبَاقِينَ صَحَّ) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَعْرِفْ الْكَفَاءَةَ لَا هِيَ وَلَا وَلِيُّهَا لِأَنَّهُمْ مُقَصِّرُونَ بِتَرْكِ الْبَحْثِ عَنْ ذَلِكَ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: مَعَ الْكَرَاهَةِ) إلَى قَوْلِهِ وَلَا يَرِدُ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَإِنْ نَظَرَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَيُكْرَهُ التَّزْوِيجُ مِنْ غَيْرِ كُفْءٍ بِرِضَاهَا كَمَا قَالَهُ الْمُتَوَلِّي وَإِنْ نَظَرَ فِيهِ الْأَذْرَعِيُّ وَمِنْ فَاسِقٍ بِرِضَاهَا كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ إلَّا أَنْ تَكُونَ تَخَافُ مِنْ فَاحِشَةٍ أَوْ رِيبَةٍ اهـ وَظَاهِرُهُ رُجُوعُ الِاسْتِثْنَاءِ لِكُلٍّ مِنْ الْمَعْطُوفِ وَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: إلَّا لِرِيبَةٍ) أَيْ تَنْشَأُ مِنْ عَدَمِ تَزْوِيجِهَا لَهُ كَأَنْ خِيفَ زِنَاهُ بِهَا لَوْ لَمْ يَنْكِحْهَا أَوْ تَسَلُّطُ فَاجِرٍ عَلَيْهَا ع ش وَرَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: وَذَلِكَ) رَاجِعٌ إلَى مَا فِي الْمَتْنِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: وَالْجُمْهُورُ إلَخْ) جَوَابُ سُؤَالِ عِبَارَةِ الْمُغْنِي فَإِنْ قِيلَ مَوَالِي قُرَيْشٍ أَكْفَاءٌ لَهُمْ أُجِيبَ بِأَنَّ الْجُمْهُورَ عَلَى الْمَنْعِ اهـ وَزَوَّجَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَخْ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ أَمَرَ فَاطِمَةَ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَتَقْدِيمُ غَيْرِهِ لَا يَسْلُبُ إلَخْ) جُمْلَةٌ مُعْتَرِضَةٌ اهـ ع ش وَيَجُوزُ عَطْفُهُ عَلَى اسْمِ كَانَ وَخَبَرِهِ.
(قَوْلُهُ: لَا حَقَّ لَهُ فِيهَا) أَيْ فِي الْكَفَاءَةِ (قَوْلُهُ: إذْ لَا حَقَّ لَهُ الْآنَ فِي الْوِلَايَةِ) أَيْ فِي التَّصَرُّفِ بِهَا وَتَزْوِيجِهَا وَإِلَّا لَنَا فِي قَوْلِهِ السَّابِقِ فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ وَلِيًّا إلَخْ اهـ رَشِيدِيٌّ عِبَارَةُ سم قَدْ يُنَافِي قَوْلَهُ السَّابِقَ وَإِنْ كَانَ وَلِيًّا إلَخْ إلَّا أَنْ يُرَادَ لَا حَقَّ لَهُ فِي مُقْتَضَى الْوِلَايَةِ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ فَلْيُتَأَمَّلْ اهـ أَيْ فَكَانَ الْأَوْلَى فِي التَّزْوِيجِ كَمَا عَبَّرَ فِي الْمُغْنِي وَالْمُحَلَّى وَشَرْحَيْ الرَّوْضِ وَالْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ: لِدُونِهِ) أَيْ الْكُلِّ اهـ سم عِبَارَةُ الرَّشِيدِيِّ أَيْ دُونَ رِضَا الْكُلِّ اهـ وَقَالَ ع ش أَيْ الْأَقْرَبِ اهـ وَهُوَ بَعِيدٌ (قَوْلُهُ: وَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى مَفْهُومِ الْمَتْنِ وَبِذَلِكَ يَنْدَفِعُ اعْتِرَاضُ السَّيِّدِ عُمَرَ بِمَا نَصُّهُ قَوْلُهُ: وَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ مَا الْمُورَدُ عَلَيْهِ اهـ سم (قَوْلُهُ: أَيْ غَيْرِ الْكُفْءِ) إلَى قَوْلِهِ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: وَيُجَابُ بِوُضُوحِ الْفَرْقِ (قَوْلُهُ: أَوْ عُنَّةٍ) الْوَاوُ أَنْسَبُ مِنْ " أَوْ " اهـ سَيِّدْ عُمَرْ (قَوْلُهُ: وَلَمْ يَرْضَوْا بِهِ إلَخْ) سَيَذْكُرُ مُحْتَرَزَهُ ثُمَّ يَرُدُّهُ (قَوْلُهُ: ثُمَّ بَانَتْ) أَيْ بِخُلْعٍ أَوْ فَسْخٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ سم
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
فَصْلٌ فِي الْكَفَاءَةِ) .
(قَوْلُهُ: وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ يُكْرَهُ إلَخْ) عِبَارَةُ الزَّرْكَشِيّ عَنْهُ إلَّا أَنْ يَخَافَ مِنْ فَاحِشَةٍ أَوْ رِيبَةٍ اهـ.
(قَوْلُهُ: تَنْزِيلًا) قَضِيَّتُهُ امْتِنَاعُ تَزْوِيجِ بَعْضِ أَفْرَادِ الْحَمْلِ الْوَاحِدِ لِبَعْضٍ (قَوْلُهُ: إذْ لَا حَقَّ لَهُ الْآنَ فِي الْوِلَايَةِ) قَدْ يُنَافِي قَوْلَهُ السَّابِقَ وَإِنْ كَانَ وَلِيًّا وَتَقَدُّمُ غَيْرِهِ عَلَيْهِ لَا يَسْلُبُ كَوْنَهُ وَلِيًّا إلَّا أَنْ يُرَادَ لَا حَقَّ لَهُ فِي مُقْتَضَى الْوِلَايَةِ أَوْ ثَمَرَةِ الْوِلَايَةِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَلَا ضَابِطَ لِدُونِهِ) أَيْ الْكُلِّ (قَوْلُهُ: ثُمَّ بَانَتْ) أَيْ بِخُلْعٍ أَوْ فَسْخٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ: بِرِضَاهَا فَقَطْ) أَيْ دُونَ رِضَاهُمْ فَظَاهِرُهُ وَإِنْ صَرَّحُوا بِالرُّجُوعِ