للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ رَأَى مَنْ يُرِيدُ نَحْوَ صَلَاةٍ وَبِثَوْبِهِ نَجِسٌ غَيْرُ مَعْفُوٍّ عَنْهُ لَزِمَهُ إعْلَامُهُ لِأَنَّ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ لِزَوَالِ الْمَفْسَدَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِصْيَانٌ كَمَا قَالَهُ الْعِزُّ بْنُ عَبْدِ السَّلَامِ، وَكَذَا يَلْزَمُهُ تَعْلِيمُ مَنْ رَآهُ يُخِلُّ بِوَاجِبِ عِبَادَةٍ فِي رَأْيِ مُقَلِّدِهِ كِفَايَةٌ إنْ كَانَ ثَمَّ غَيْرُهُ يَقُومُ بِهِ وَإِلَّا فَعَيْنًا نَعَمْ إنْ قُوبِلَ ذَلِكَ بِأُجْرَةٍ لَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا بِهَا عَلَى الْمُعْتَمَدِ.

(فَرْعٌ) أَخْبَرَهُ عَدْلٌ رِوَايَةً بِنَحْوِ نَجِسٍ أَوْ كَشْفِ عَوْرَةٍ مُبْطِلٌ لَزِمَهُ قَبُولُهُ أَوْ بِنَحْوِ كَلَامٍ مُبْطِلٍ فَلَا كَمَا يَدُلُّ لَهُ كَلَامُهُمْ، وَالْفَرْقُ أَنَّ فِعْلَ نَفْسِهِ لَا يَرْجِعُ فِيهِ لِغَيْرِهِ وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهُ فِيمَا لَا يُبْطِلُ سَهْوُهُ لِاحْتِمَالِ أَنَّ مَا وَقَعَ مِنْهُ سَهْوٌ أَمَّا هُوَ كَالْفِعْلِ أَوْ الْكَلَامِ الْكَثِيرِ فَيَنْبَغِي قَبُولُهُ فِيهِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ كَالنَّجَسِ. .

(فَصْلٌ) فِي ذِكْرِ مُبْطِلَاتِ الصَّلَاةِ وَسُنَنِهَا وَمَكْرُوهَاتِهَا (تَبْطُلُ) الصَّلَاةُ (بِالنُّطْقِ بِحَرْفَيْنِ) مِنْ كَلَامِ الْبَشَرِ وَلَوْ مِنْ مَنْسُوخٍ لَفْظُهُ أَوْ مِنْ حَدِيثٍ قُدْسِيٍّ وَإِنْ لَمْ يُفِيدَا لَكِنْ إنْ تَوَالَيَا فِيمَا يَظْهَرُ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي وَذَلِكَ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «إنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ» وَأَقَلُّ مَا يُبْنَى عَلَيْهِ الْكَلَامُ لُغَةً أَيْ غَالِبًا حَرْفَانِ إذْ هُوَ يَقَعُ عَلَى الْمُفْهِمِ وَغَيْرِهِ وَتَخْصِيصُهُ بِالْمُفْهِمِ اصْطِلَاحٌ حَادِثٌ وَأَفْتَى بَعْضُهُمْ بِإِبْطَالِ زِيَادَةِ يَاءٍ قَبْلَ أَيُّهَا النَّبِيُّ فِي التَّشَهُّدِ أَخْذًا بِظَاهِرِ كَلَامِهِمْ هُنَا لَكِنَّهُ بَعِيدٌ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَجْنَبِيًّا عَنْ الذِّكْرِ بَلْ يُعَدُّ مِنْهُ وَمِنْ ثَمَّ أَفْتَى شَيْخُنَا بِأَنَّهُ

ــ

[حاشية الشرواني]

عِمَامَتَهُ فَوَجَدَ فِيهَا قِشْرَ قَمْلٍ وَجَبَ عَلَيْهِ إعَادَةُ مَا تَيَقَّنَ إصَابَتَهُ فِيهَا انْتَهَى الزِّيَادِيُّ أَقُولُ وَالْأَقْرَبُ مَا نُقِلَ عَنْ ابْنِ الْعِمَادِ مِنْ الْعَفْوِ لِمَا صَرَّحُوا بِهِ مِنْ الْعَفْوِ عَنْ قَلِيلِ النَّجَاسَةِ الَّذِي يَشُقُّ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ كَيَسِيرِ دُخَانِ النَّجَاسَةِ وَغُبَارِ السِّرْجِينِ وَشَعْرِ نَحْوِ الْحِمَارِ فَقِيَاسُ ذَلِكَ الْعَفْوُ عَنْهُ وَلَوْ فِي الصَّلَاةِ الَّتِي عَلِمَ وُجُودَهُ فِيهَا بَلْ الِاحْتِرَازُ عَنْ هَذَا أَشَقُّ مِنْ الِاحْتِرَازِ عَنْ دُخَانِ النَّجَاسَةِ وَنَحْوِهِ اهـ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ رَأَى) إلَى قَوْلِهِ وَكَذَا فِي الْمُغْنِي وَإِلَى الْفَصْلِ فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ وَلَوْ رَأَى) أَيْ مُكَلَّفٌ عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي رَأَيْنَا (قَوْلُهُ مَنْ يُرِيدُ نَحْوَ صَلَاةٍ وَبِثَوْبِهِ إلَخْ) عِبَارَةُ شَيْخِنَا كَمَا مَرَّتْ وَلَوْ رَأَيْنَا نَجِسًا فِي ثَوْبِ مَنْ يُصَلِّي أَوْ فِي بَدَنِهِ أَوْ مَكَانِهِ لَمْ يَعْلَمْهُ وَجَبَ عَلَيْنَا إعْلَامُهُ إنْ عَلِمْنَا أَنَّ ذَلِكَ مُبْطِلٌ فِي مَذْهَبِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ لِزَوَالِ الْمَفْسَدَةِ) خَبَرُ أَنَّ (قَوْلُهُ وَكَذَا يَلْزَمُهُ) أَيْ الْمُكَلَّفَ (قَوْلُهُ إنْ كَانَ ثَمَّ غَيْرُهُ) أَيْ وَرَآهُ ذَلِكَ الْغَيْرُ أَيْضًا فَلَا فَائِدَةَ فِي وُجُودِهِ بَصْرِيٌّ عِبَارَةُ ع ش أَيْ وَلَمْ يَعْلَمْ أَيْ الرَّائِي مِنْهُ أَيْ مِنْ الْغَيْرِ أَنَّهُ لَا يَعْلَمُهُ وَلَا يُرْشِدُهُ لِلصَّوَابِ وَإِلَّا فَيَصِيرُ فِي حَقِّهِ عَيْنًا؛ لِأَنَّ وُجُودَ مَنْ ذَكَرَ وَعَدَمَهُ سَوَاءٌ اهـ.

(قَوْلُهُ لَزِمَهُ قَبُولُهُ) وَلَوْ تَعَارَضَ عَلَيْهِ عُدُولٌ فِي أَنَّهُ كُشِفَتْ عَوْرَتُهُ أَوْ وَقَعَتْ عَلَيْهِ نَجَاسَةٌ فَيَنْبَغِي تَقْدِيمُ الْمُخْبِرِ بِوُقُوعِ النَّجَاسَةِ أَوْ انْكِشَافِ الْعَوْرَةِ؛ لِأَنَّهُ مُثْبِتٌ، وَهُوَ مُقَدَّمٌ عَلَى النَّافِي وَإِنْ كَثُرَ ع ش (قَوْلُهُ أَمَّا هُوَ) أَيْ مَا يُبْطِلُ سَهْوَهُ (قَوْلُهُ أَنَّ مَحَلَّهُ) أَيْ مَحَلَّ أَنَّ فِعْلَ نَفْسِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ فَيَنْبَغِي قَبُولُهُ إلَخْ) يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا تَقَدَّمَ فِي أَسْبَابِ الْحَدَثِ مِنْ أَنَّهُ لَوْ أَخْبَرَهُ عَدْلٌ بِخُرُوجِ شَيْءٍ مِنْهُ، وَهُوَ مُتَوَضِّئٌ لَا يَنْتَقِضُ طُهْرُهُ؛ لِأَنَّ الْيَقِينَ لَا يُرْفَعُ بِالشَّكِّ ع ش.

[فَصْلٌ فِي ذِكْرِ مُبْطِلَاتِ الصَّلَاةِ وَسُنَنِهَا وَمَكْرُوهَاتِهَا]

(فَصْلٌ فِي مُبْطِلَاتِ الصَّلَاةِ) (قَوْلُهُ وَسُنَنِهَا) أَيْ مَا يُسَنُّ فِعْلُهُ فِيهَا أَوْ لَهَا وَلَيْسَ مِنْهَا ع ش (قَوْلُهُ وَمَكْرُوهَاتِهَا) مَعْطُوفٌ كَاَلَّذِي قَبْلَهُ عَلَى مُبْطِلَاتٍ إلَخْ ع ش (قَوْلُهُ تَبْطُلُ الصَّلَاةُ) أَيْ فَرْضًا كَانَتْ أَوْ نَفْلًا وَمِثْلُهَا سَجْدَةُ التِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ وَصَلَاةُ الْجِنَازَةِ شَيْخُنَا قَوْلُ الْمَتْنِ (بِالنُّطْقِ) إلَخْ أَيْ مِنْ الْجَارِحَةِ الْمَخْصُوصَةِ دُونَ غَيْرِهَا كَالْيَدِ وَالرِّجْلِ مَثَلًا فِيمَا يَظْهَرُ وَنُقِلَ عَنْ خَطِّ بَعْضِ أَهْلِ الْعَصْرِ الْبُطْلَانُ بِذَلِكَ فَلْيُرَاجَعْ، وَكَذَا نُقِلَ عَنْ م ر أَنَّهُ إذَا خَلَقَ اللَّهُ تَعَالَى فِي بَعْضِ أَعْضَائِهِ قُوَّةَ النُّطْقِ وَصَارَ يَتَمَكَّنُ صَاحِبُهَا مِنْ النُّطْقِ بِهَا اخْتِيَارًا مَتَى أَرَادَ كَانَ ذَلِكَ كَنُطْقِ اللِّسَانِ فَتَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِنُطْقِهِ بِذَلِكَ بِحَرْفَيْنِ انْتَهَى وَقِيَاسُ مَا ذَكَرَ أَنْ يَثْبُتَ لِذَلِكَ الْعُضْوِ جَمِيعُ أَحْكَامِ اللِّسَانِ حَتَّى لَوْ قَرَأَ بِهِ الْفَاتِحَةَ فِي الصَّلَاةِ كَفَى، وَكَذَا لَوْ تَعَاطَى بِهِ عَقْدًا أَوْ صَلَّى صَحَّ ع ش عِبَارَةُ الْبُجَيْرِمِيِّ أَيْ عَلَى الْإِقْنَاعِ وَلَوْ مِنْ نَحْوِ يَدٍ أَوْ رِجْلٍ أَوْ جِلْدٍ إنْ كَانَ نُطْقَ ذَلِكَ الْعُضْوَ اخْتِيَارِيًّا وَإِلَّا فَلَا يَضُرُّ اهـ (قَوْلُهُ مِنْ كَلَامِ الْبَشَرِ) إلَى قَوْلِهِ وَأَفْتَى فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ أَيْ وَغَالِبًا، وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ لَكِنْ إلَى وَذَلِكَ.

(قَوْلُهُ مِنْ كَلَامِ الْبَشَرِ) أَيْ الَّذِي مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ الْآدَمِيُّونَ فِي مُحَاوَرَاتِهِمْ وَلَوْ خَاطَبَ بِهِ الْجِنَّ أَوْ الْمَلَكَ أَوْ غَيْرَ الْعَاقِلِ وَخَرَجَ بِذَلِكَ الْقُرْآنُ وَالذِّكْرُ وَالدُّعَاءُ شَيْخُنَا وَع ش (قَوْلُهُ وَلَوْ مِنْ مَنْسُوخٍ إلَخْ) أَيْ أَوْ مِنْ كُتُبِ اللَّهِ الْمُنَزَّلَةِ غَيْرِ الْقُرْآنِ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ أَيْ وَالْكَلَامُ فِيمَا لَيْسَ ذِكْرًا وَلَا دُعَاءً سم عِبَارَةُ ع ش وَتَبْطُلُ أَيْضًا بِالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَإِنْ عَلِمَ عَدَمَ تَبَدُّلِهِمَا كَمَا شَمِلَهُ قَوْلُهُمْ بِحَرْفَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْقُرْآنِ وَالذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ اهـ.

(قَوْلُهُ لَفْظُهُ) أَيْ وَإِنْ بَقِيَ حُكْمُهُ كَالشَّيْخِ وَالشَّيْخَةِ إذَا زَنَيَا إلَخْ بِخِلَافِ مَنْسُوخِ الْحُكْمِ مَعَ بَقَاءِ التِّلَاوَةِ كَآيَةِ {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا} [البقرة: ٢٤٠] إلَخْ شَيْخُنَا وَنِهَايَةٌ وَمُغْنِي (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يُفِيدَا) أَيْ وَإِنْ كَانَ لِمَصْلَحَةِ الصَّلَاةِ كَقَوْلِهِ لِإِمَامِهِ إذَا قَامَ لِرَكْعَةٍ زَائِدَةٍ لَا تَقُمْ أَوْ اُقْعُدْ أَوْ هَذِهِ خَامِسَةٌ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي وَشَيْخُنَا (قَوْلُهُ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي) أَيْ فِي الْأَفْعَالِ نِهَايَةٌ فَلَوْ قَصَدَ أَنْ يَأْتِيَ بِحَرْفَيْنِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ بِشُرُوعِهِ فِي ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِحَرْفٍ كَامِلٍ اهـ بُجَيْرِمِيٌّ عَنْ الْحَلَبِيِّ.

(قَوْلُهُ أَيْ غَالِبًا) احْتِرَازٌ عَمَّا وُضِعَ عَلَى حَرْفٍ وَاحِدٍ كَبَعْضِ الضَّمَائِرِ سم وَرَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ حَرْفَانِ) أَيْ عَلَى مَا اشْتَهَرَ فِي اللُّغَةِ وَإِلَّا فَفِي الرِّضَى مَا نَصُّهُ الْكَلَامُ مَوْضُوعٌ لِجِنْسِ مَا يُتَكَلَّمُ بِهِ سَوَاءٌ كَانَ كَلِمَةً عَلَى حَرْفٍ كَوَاوِ الْعَطْفِ أَوْ عَلَى حَرْفَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ أَوْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ كَلِمَةٍ وَسَوَاءٌ كَانَ مُهْمَلًا أَمْ لَا ثُمَّ قَالَ وَاشْتَهَرَ الْكَلَامُ لُغَةً فِي الْمُرَكَّبِ مِنْ حَرْفَيْنِ فَصَاعِدًا انْتَهَى اهـ ع ش (قَوْلُهُ اصْطِلَاحٌ حَادِثٌ) أَيْ لِلنُّحَاةِ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ أَفْتَى شَيْخُنَا بِأَنَّهُ إلَخْ) وَيُؤَيِّدُهُ مَا قَدَّمَهُ الشَّارِحُ فِي الْقِرَاءَةِ مِنْ أَنَّ الزِّيَادَةَ الَّتِي لَا تُغَيِّرُ الْمَعْنَى لَا تَضُرُّ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

فَصْلٌ فِي ذِكْرِ مُبْطِلَاتِ الصَّلَاةِ وَسُنَنِهَا وَمَكْرُوهَاتِهَا) (قَوْلُهُ وَلَوْ مِنْ مَنْسُوخٍ) أَيْ أَوْ مِنْ كُتُبِ اللَّهِ الْمُنَزَّلَةِ غَيْرِ الْقُرْآنِ كَمَا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ أَيْ وَالْكَلَامُ فِيمَا لَيْسَ ذِكْرًا وَلَا دُعَاءً (قَوْلُهُ أَيْ غَالِبًا) احْتِرَازًا عَمَّا وُضِعَ

<<  <  ج: ص:  >  >>