وَبِفَرْضِهِ يَتَعَيَّنُ تَقْيِيدُهُ بِقَاضٍ مَرْضِيِّ السِّيرَةِ ظَاهِرِ الْعِفَّةِ، وَالدِّيَانَةِ وَخَرَجَ بِمَا ذُكِرَ الدَّعْوَى عَلَى مُتَوَلٍّ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ عِنْدَ قَاضٍ أَنَّهُ حَكَمَ بِكَذَا فَلَا تُسْمَعُ بِخِلَافِهِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهَا وَبِخِلَافِ الْمَعْزُولِ فَتُسْمَعُ الدَّعْوَى، وَالْبَيِّنَةُ وَلَا يَحْلِفُ.
(فَصْلٌ)
فِي آدَابِ الْقَضَاءِ وَغَيْرِهَا (لِيَكْتُبْ الْإِمَامُ) ، أَوْ نَائِبُهُ كَالْقَاضِي الْكَبِيرِ نَدْبًا (لِمَنْ يُوَلِّيهِ) كِتَابًا بِالتَّوْلِيَةِ، وَمَا فَوَّضَهُ إلَيْهِ، وَمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْقَاضِي، وَيُعَظِّمُهُ فِيهِ وَيَعِظُهُ، وَيُبَالِغُ فِي وَصِيَّتِهِ بِالتَّقْوَى وَمُشَاوَرَةِ الْعُلَمَاءِ، وَالْوَصِيَّةِ بِالضُّعَفَاءِ اتِّبَاعًا لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي " عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ لَمَّا وَلَّاهُ الْيَمَنَ، وَهُوَ ابْنُ سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً " رَوَاهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ " وَاقْتَصَرَ فِي مُعَاذٍ لَمَّا بَعَثَهُ إلَيْهَا عَلَى الْوَصِيَّةِ مِنْ غَيْرِ كِتَابَةٍ " (وَيُشْهِدْ بِالْكِتَابِ) يَعْنِي لَا بُدَّ إنْ أَرَادَ الْعَمَلَ بِذَلِكَ الْكِتَابِ أَنْ يُشْهِدَ بِمَا فِيهِ مِنْ التَّوْلِيَةِ (شَاهِدَيْنِ) بِصِفَاتِ عُدُولِ الشَّهَادَةِ (يَخْرُجَانِ مَعَهُ إلَى الْبَلَدِ) أَيْ: مَحَلِّ التَّوْلِيَةِ، وَإِنْ قَرُبَ (يُخْبِرَانِ بِالْحَالِ) حَتَّى يَلْزَمَ أَهْلَ الْبَلَدِ
ــ
[حاشية الشرواني]
مَرَّ مَا ذَكَرَهُ فِي الشَّرْحِ وَقِيلَ لَا حَتَّى إلَخْ مِنْ قَوْلِهِ، وَيُرَدُّ بِأَنَّ هَذَا الظَّاهِرَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَبِفَرْضِهِ) أَيْ: فَرْضِ صِحَّةِ كَلَامِ السُّبْكِيّ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ، وَالْمُغْنِي وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَى مُتَوَلٍّ إلَخْ. (قَوْلُهُ: بِمَا ذُكِرَ) أَيْ: قَوْلُ الْمَتْنِ: وَلَوْ اُدُّعِيَ عَلَى قَاضٍ جَوْرٌ فِي حُكْمٍ وَقَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَتَعَلَّقْ بِحُكْمِهِ إلَخْ؛ إذْ الدَّعْوَى عَلَيْهِ بِأَنَّهُ حَكَمَ بِكَذَا لَيْسَ مِنْهُمَا بَلْ هِيَ دَعْوَى نَفْسِ حُكْمِهِ تَأَمَّلْ. اهـ. بُجَيْرِمِيٌّ. (قَوْلُهُ: أَنَّهُ حَكَمَ بِكَذَا إلَخْ) فَطَرِيقُهُ أَنْ يَدَّعِيَ عَلَى الْخَصْمِ، وَيُقِيمَ الْبَيِّنَةَ بِأَنَّ الْقَاضِيَ حَكَمَ لَهُ بِكَذَا ع ش. اهـ. بُجَيْرِمِيٌّ. (قَوْلُهُ: بِكَذَا) أَيْ: جَوْرًا. اهـ. رَشِيدِيٌّ. (قَوْلُهُ: فَلَا تُسْمَعُ) ظَاهِرُهُ خُصُوصًا مَعَ مُقَابَلَتِهِ بِمَا بَعْدَهُ عَدَمُ السَّمَاعِ وَلَوْ مَعَ الْبَيِّنَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ م ر. اهـ. سم عِبَارَةُ ع ش قَوْلُهُ: فَلَا تُسْمَعُ أَيْ: الدَّعْوَى؛ لِأَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي مَحَلِّ وِلَايَتِهِ حَكَمْت بِكَذَا فَالدَّعْوَى مَعَ قَبُولِ قَوْلِهِ: تُخِلُّ بِمَنْصِبِهِ وَسَيَأْتِي فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْبَيِّنَةَ لَوْ شَهِدَتْ بِأَنَّهُ حَكَمَ بِكَذَا لَمْ يُعْمَلْ بِهِ حَتَّى يَتَذَكَّرَهُ فَلَا فَائِدَةَ فِي سَمَاعِ الدَّعْوَى؛ إذْ غَايَتُهَا إقَامَةُ بَيِّنَةٍ. اهـ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِهِ فِي غَيْرِ مَحَلِّهَا) أَيْ: الَّذِي هُوَ صُورَةُ الْمَتْنِ الْمَارَّةُ كَمَا مَرَّ. اهـ. رَشِيدِيٌّ.
(قَوْلُهُ: فَتُسْمَعُ الدَّعْوَى) أَيْ: بِالْجَوْرِ. اهـ. رَشِيدِيٌّ. (قَوْلُهُ: فَتُسْمَعُ الدَّعْوَى، وَالْبَيِّنَةُ وَلَا يَحْلِفُ) ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فَمَا مَرَّ فِي الْمَعْزُولِ مَحَلُّهُ فِي غَيْرِ هَذَا مُغْنِي وَنِهَايَةٌ أَيْ فِي غَيْرِ الدَّعْوَى عَلَيْهِ بِأَنَّهُ حَكَمَ بِكَذَا ع ش وَقَالَ الرَّشِيدِيُّ قَوْلُهُ: فَمَا مَرَّ فِي الْمَعْزُولِ مَحَلُّهُ فِي غَيْرِ هَذَا مُرَادُهُ بِذَلِكَ الْجَمْعُ بَيْنَ تَصْحِيحِ الْمُصَنِّفِ هُنَا تَحْلِيفَ الْمَعْزُولِ وَتَصْحِيحِهِ فِي الرَّوْضَةِ عَدَمَ تَحْلِيفِهِ. اهـ. عِبَارَةُ شَرْحِ الْمَنْهَجِ ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فَمَا ذَكَرْته فِي الْمَعْزُولِ مَحَلُّهُ فِي غَيْرِ مَا ذَكَرَاهُ. اهـ. قَالَ الْبُجَيْرِمِيُّ قَوْلُهُ: وَلَا يَحْلِفُ أَيْ: عِنْدَ عَدَمِ الْبَيِّنَةِ وَقَوْلُهُ: فَمَا ذَكَرْته فِي الْمَعْزُولِ هُوَ قَوْلُهُ: أَوْ عَلَى مَعْزُولٍ بِشَيْءٍ فَكَغَيْرِهِمَا فَهُوَ مُفَرَّعٌ عَلَى قَوْلِهِ: وَلَا يَحْلِفُ وَحَاصِلُهُ دَعْوَى التَّنَافِي بَيْنَ كَلَامِهِ سَابِقًا وَبَيْنَ كَلَامِ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا عِبَارَةُ الزِّيَادِيِّ قَوْلُهُ: فَمَا ذَكَرْته فِي الْمَعْزُولِ إلَخْ أَيْ: مِنْ أَنَّهُ كَغَيْرِهِ فَتُفْصَلُ الْخُصُومَةُ بِإِقْرَارٍ، أَوْ حَلِفٍ، أَوْ إقَامَةِ بَيِّنَةٍ، وَمَا ذَكَرَاهُ فِيهِ أَيْ: الْمَعْزُولِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْحُكْمِ فَتُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ وَلَا يَحْلِفُ. اهـ. وَعِبَارَةُ سم أَيْ مِنْ أَنَّهُ كَغَيْرِهِ الْمُفِيدُ أَنَّهُ يَحْلِفُ مَحَلُّهُ فِي غَيْرِ مَا ذَكَرَاهُ فِيهِ أَيْ: فَيُسْتَثْنَى بِالنِّسْبَةِ لِلتَّحْلِيفِ مَا إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ حَكَمَ بِكَذَا وَكَانَ وَجْهُهُ أَنَّ فَائِدَةَ التَّحْلِيفِ أَنَّهُ قَدْ يُقِرُّ عِنْدَ عَرْضِ الْيَمِينِ عَلَيْهِ، أَوْ يَنْكُلُ فَيَحْلِفُ الْمُدَّعِي الْيَمِينَ الْمَرْدُودَةَ الَّتِي هِيَ كَالْإِقْرَارِ وَإِقْرَارِ الْمَعْزُولِ، وَمَنْ فِي غَيْرِ مَحَلِّ وِلَايَتِهِ أَنَّهُ حَكَمَ بِكَذَا غَيْرُ مَقْبُولٍ كَمَا تَقَدَّمَ فَلَا فَائِدَةَ لِتَحْلِيفِهِ فَلَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى لِأَجْلِهِ. اهـ. كَلَامُ الْبُجَيْرِمِيِّ.
[فَصْلٌ فِي آدَابِ الْقَضَاءِ وَغَيْرِهَا]
(فَصْلٌ)
فِي آدَابِ الْقَضَاءِ وَغَيْرِهَا. (قَوْلُهُ: فِي آدَابِ الْقَضَاءِ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ: ثُمَّ الْأَوْصِيَاءِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا مَا سَأُنَبِّهُ عَلَيْهِ وَنِزَاعُ الْبُلْقِينِيِّ فِي مَوْضِعَيْنِ. (قَوْلُهُ: وَغَيْرِهَا) أَيْ: كَقَوْلِهِ: لِيَكْتُبْ الْإِمَامُ إلَى قَوْلِهِ: وَيَبْحَثُ الْقَاضِي (قَوْلُهُ: نَدْبًا) إلَى قَوْلِهِ: أَيْ: لِأَهْلِ الْحَلِّ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: لَا بُدَّ إلَى يُشْهِدَ بِمَا فِيهِ وَقَوْلَهُ: بِصِفَاتِ عُدُولِ الشَّهَادَةِ. (قَوْلُهُ: وَمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ الْقَاضِي) أَيْ: مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِمَصَالِحِ الْمَحَلِّ الَّذِي يَتَوَلَّاهُ لَا الْأَحْكَامِ فَإِنَّهُ إنْ كَانَ مُجْتَهِدًا يَحْكُمُ بِاجْتِهَادِهِ، وَإِلَّا فَبِمَذْهَبِ مُقَلَّدِهِ ع ش. اهـ. بُجَيْرِمِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَمُشَاوَرَةِ الْعُلَمَاءِ) وَتَفَقُّدِ الشُّهُودِ. اهـ. مُغْنِي. (قَوْلُهُ: وَاقْتَصَرَ فِي مُعَاذٍ إلَخْ) يَعْنِي وَلَمْ يَجِبْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَكْتُبْ لِمُعَاذٍ بَلْ اقْتَصَرَ فِيهِ لَمَّا بَعَثَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: إلَيْهَا) أَيْ: الْيَمِينِ (قَوْلُهُ: لَا بُدَّ إنْ أَرَادَ الْعَمَلَ إلَخْ) فِيهِ مَعَ قَوْلِهِ: دُونَ مَا فِي الْكِتَابِ بِشَيْءٍ. اهـ. سم عِبَارَةُ
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
فَلَا تُسْمَعُ) أَيْ: وَلَوْ مَعَ الْبَيِّنَةِ كَمَا سَيَأْتِي مَا يُعْلَمُ مِنْهُ ذَلِكَ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَلَوْ رَأَى وَرَقَةً فِيهَا حُكْمُهُ فِي الشَّرْحِ وَهَامِشِهِ عَنْ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: أَيْضًا فَلَا تُسْمَعُ) ظَاهِرُهُ خُصُوصًا مَعَ مُقَابَلَتِهِ بِمَا بَعْدَهُ عَدَمِ السَّمَاعِ، وَلَوْ مَعَ الْبَيِّنَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ م ر. (قَوْلُهُ أَيْضًا: فَلَا تُسْمَعُ) عِبَارَةُ الْعُبَابِ فِي هَذَا، وَإِنْ اُدُّعِيَ عَلَى الْقَاضِي، أَوْ الشَّاهِدِ أَنَّهُ حَكَمَ، أَوْ شَهِدَ لَهُ وَأَنْكَرَ لَمْ يَرْفَعْهُ لِقَاضٍ وَلَمْ يُحَلِّفْهُ كَمَنْ أَنْكَرَ الشَّهَادَةَ. اهـ. (قَوْلُهُ: فَتُسْمَعُ الدَّعْوَى، وَالْبَيِّنَةُ، وَلَا يَحْلِفُ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ: ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فِيمَا ذَكَرْته فِي الْمَعْزُولِ أَيْ: مِنْ أَنَّهُ كَغَيْرِهِ الْمُفِيدُ أَنَّهُ يَحْلِفُ مَحِلُّهُ فِي غَيْرِ مَا ذَكَرَاهُ فِيهِ. اهـ. فَيُسْتَثْنَى بِالنِّسْبَةِ لِلتَّحْلِيفِ مَا إذَا اُدُّعِيَ عَلَيْهِ أَنَّهُ حَكَمَ بِكَذَا، وَكَانَ وَجْهُهُ أَنَّ فَائِدَةَ التَّحْلِيفِ أَنَّهُ قَدْ يُقِرُّ عِنْدَ عَرْضِ الْيَمِينِ، أَوْ يَنْكُلُ فَيُحَلِّفُ الْمُدَّعِي الْمَرْدُودَةَ الَّتِي هِيَ كَالْإِقْرَارِ وَإِقْرَارُ الْمَعْزُولِ وَمَنْ فِي غَيْرِ مَحِلِّ وِلَايَتِهِ بِأَنَّهُ حَكَمَ غَيْرُ مَقْبُولٍ كَمَا تَقَدَّمَ فَلَا فَائِدَةَ لِتَحْلِيفِهِ فَلَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى لِأَجْلِهِ.
(فَصْلٌ لِيَكْتُبْ الْإِمَامُ لِمَنْ يُوَلِّيهِ وَيُشْهِدْ بِالْكِتَابِ إلَخْ) .
(قَوْلُهُ: لَا بُدَّ إنْ أَرَادَ الْعَمَلَ بِذَلِكَ الْكِتَابِ أَنْ يُشْهِدَ إلَخْ)