للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَضَاؤُهُ، وَالِاعْتِمَادُ عَلَى مَا يَشْهَدَانِ بِهِ دُونَ مَا فِي الْكِتَابِ. وَلَا بُدَّ أَنْ يَسْمَعَ التَّوْلِيَةَ مِنْ الْمُوَلِّي، وَإِذَا قُرِئَ الْكِتَابُ بِحَضْرَتِهِ فَلْيَعْلَمَا أَنَّ مَا فِيهِ هُوَ الَّذِي قُرِئَ؛ لِئَلَّا يَقْرَأَ غَيْرَ مَا فِيهِ، ثُمَّ إنْ كَانَ فِي الْبَلَدِ قَاضٍ أَدَّيَا عِنْدَهُ وَأُثْبِتَ ذَلِكَ بِشُرُوطِهِ، وَإِلَّا كَفَى إخْبَارُهُمَا لِأَهْلِ الْبَلَدِ أَيْ: لِأَهْلِ الْحَلِّ، وَالْعَقْدِ مِنْهُمْ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَحِينَئِذٍ يَتَعَيَّنُ الِاكْتِفَاءُ بِظَاهِرِي الْعَدَالَةِ لِاسْتِحَالَةِ ثُبُوتِهَا عِنْدَ غَيْر قَاضٍ مَعَ الِاضْطِرَارِ إلَى مَا يَشْهَدَانِ بِهِ فَقَوْلُهُمْ: بِصِفَاتِ عُدُولِ الشَّهَادَةِ إنَّمَا يَتَأَتَّى إنْ كَانَ ثَمَّ قَاضٍ وَاخْتَارَ الْبُلْقِينِيُّ الِاكْتِفَاءَ بِوَاحِدٍ.

(وَتَكْفِي الِاسْتِفَاضَةُ) عَنْ الشَّهَادَةِ (فِي الْأَصَحِّ) لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ وَلِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَلَا عَنْ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ إشْهَادٌ (لَا مُجَرَّدُ كِتَابٍ) فَلَا يَكْفِي (عَلَى الْمَذْهَبِ) لِإِمْكَانِ تَزْوِيرِهِ، وَإِنْ احْتَفَّتْ الْقَرَائِنُ بِصِدْقِهِ، وَلَا يَكْفِي إخْبَارُ الْقَاضِي، وَإِنْ صَدَّقُوهُ كَمَا مَرَّ بِمَا فِيهِ لِاتِّهَامِهِ.

(وَيَبْحَثُ) بِالرَّفْعِ (الْقَاضِي) نَدْبًا (عَنْ حَالِ عُلَمَاءِ الْبَلَدِ) ، أَيْ: مَحَلِّ وِلَايَتِهِ (وَعُدُولِهِ) إنْ لَمْ يَعْرِفْهُمْ قَبْلَ دُخُولِهِ، فَإِنْ تَعَسَّرَ فَعَقِبَهُ لِيُعَامِلَهُمْ بِمَا يَلِيقُ بِهِمْ (وَيَدْخُلُ) وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ " كَمَا فَعَلَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا دَخَلَ مَكَّةَ يَوْمَ الْفَتْحِ ". وَالْأَوْلَى دُخُولُهُ (يَوْمَ الِاثْنَيْنِ) صَبِيحَتَهُ "؛ لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ الْمَدِينَةَ فِيهِ حِينَ اشْتَدَّ الضُّحَى "، فَإِنْ تَعَسَّرَ فَالْخَمِيسُ فَالسَّبْتُ وَصَحَّ خَبَرُ «اللَّهُمَّ بَارِكْ لِأُمَّتِي فِي بُكُورِهَا» ، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْمُصَنِّفُ

ــ

[حاشية الشرواني]

الرَّشِيدِيِّ قَوْلُهُ: إنْ أَرَادَ الْعَمَلَ بِذَلِكَ أَيْ: وَإِلَّا فَالْمَدَارُ إنَّمَا هُوَ عَلَى الشَّهَادَةِ لَا عَلَى الْكِتَابِ. اهـ. (قَوْلُهُ: قَضَاؤُهُ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ، وَالْمُغْنِي طَاعَتُهُ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَالِاعْتِمَادُ عَلَى مَا يَشْهَدَانِ بِهِ) مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ عِبَارَةُ الْأَسْنَى وَالْمُغْنِي وَلَوْ أَشْهَدَ وَلَمْ يَكْتُبْ كَفَى فَإِنَّ الِاعْتِمَادَ عَلَى الشُّهُودِ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَلَا بُدَّ أَنْ يَسْمَعَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَعِنْدَ إشْهَادِهِمَا يَقْرَآنِ الْكِتَابَ، أَوْ يَقْرَؤُهُ الْإِمَامُ عَلَيْهِمَا فَإِذَا قَرَأَهُ الْإِمَامُ قَالَ فِي الْبَحْرِ: لَا يَحْتَاجُ الشَّاهِدَانِ إلَى أَنْ يَنْظُرَا فِي الْكِتَابِ، وَإِنْ قَرَأَهُ غَيْرُ الْإِمَامِ فَالْأَحْوَطُ أَنْ يَنْظُرَ الشَّاهِدَانِ فِيهِ لِيَعْلَمَا أَنَّ الْأَمْرَ عَلَى مَا قَرَأَهُ الْقَارِئُ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ وَلَا نُقْصَانٍ. اهـ. (قَوْلُهُ: بِحَضْرَتِهِ) أَيْ: الْمُوَلَّى. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: أَدَّيَا عِنْدَهُ) أَيْ: بِلَفْظِ الشَّهَادَةِ. اهـ. ع ش عِبَارَةُ الْمُغْنِي (تَنْبِيهٌ)

أَشَارَ بِقَوْلِهِ: يُخْبِرَانِ إلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ لَفْظُ الشَّهَادَةِ عِنْدَ أَهْلِ ذَلِكَ الْبَلَدِ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا نَقَلَهُ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْأَصْحَابِ مِنْ أَنَّ هَذِهِ الشَّهَادَةَ لَيْسَتْ عَلَى قَوَاعِدِ الشَّهَادَاتِ؛ إذْ لَيْسَ هُنَاكَ قَاضٍ يُؤَدِّي عِنْدَهُ الشَّهَادَةَ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ إنْ كَانَ هُنَاكَ قَاضٍ آخَرُ كَمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ فِي بَعْضِ الْبِلَادِ مِنْ مَنْصِبٍ لِكُلٍّ مِنْ أَتْبَاعِ الْمَذَاهِبِ الْأَرْبَعَةِ اُعْتُبِرَتْ حَقِيقَةُ الشَّهَادَةِ وَلَا شَكَّ فِيهِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: وَأَثْبَتَ) أَيْ: ذَلِكَ الْقَاضِي ذَلِكَ أَيْ: مَا شَهِدَا بِهِ مِنْ التَّوْلِيَةِ بِشُرُوطِهِ أَيْ: الْإِثْبَاتِ بِالْبَيِّنَةِ. (قَوْلُهُ: وَحِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ إذْ لَمْ يَكُنْ فِي الْبَلَدِ قَاضٍ آخَرُ. (قَوْلُهُ: لِاسْتِحَالَةِ ثُبُوتِهَا) أَيْ: الْعَدَالَةِ. (قَوْلُهُ: إنَّمَا يَتَأَتَّى إنْ كَانَ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ يَتَأَتَّى مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ كَلَامَهُمْ فِي الْإِشْهَادِ لَا فِي التَّأْدِيَةِ. اهـ. سم، وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ ثَمَرَةَ الْإِشْهَادِ التَّأْدِيَةُ. (قَوْلُهُ: وَاخْتَارَ الْبُلْقِينِيُّ إلَخْ) ضَعِيفٌ. اهـ. ع ش عِبَارَةُ الْمُغْنِي، وَالظَّاهِرُ إطْلَاقُ كَلَامِ الْأَصْحَابِ. اهـ.

(قَوْلُ الْمَتْنِ: وَتَكْفِي) بِمُثَنَّاةٍ فَوْقِيَّةٍ. اهـ. مُغْنِي. (قَوْلُ الْمَتْنِ: وَتَكْفِي الِاسْتِفَاضَةُ) أَيْ: فِي لُزُومِ الطَّاعَةِ. اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ: عَنْ الشَّهَادَةِ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي عَنْ إخْبَارِهِمَا بِالتَّوْلِيَةِ. اهـ. (قَوْلُ الْمَتْنِ: لَا مُجَرَّدُ كِتَابٍ) أَيْ: بِلَا إشْهَادٍ وَلَا اسْتِفَاضَةٍ مُغْنِي وَأَسْنَى (قَوْلُهُ: لِإِمْكَانِ تَزْوِيرِهِ) وَهَذَا مَأْخَذُ الشَّافِعِيَّةِ فِي أَنَّ الْحَجَّ لَا يَثْبُتُ بِهَا حُكْمٌ وَلَا شَهَادَةٌ وَإِنَّمَا هِيَ لِلتَّذَكُّرِ فَقَطْ فَلَا تَثْبُتُ حَقًّا وَلَا تَمْنَعُهُ عَزِيزِيٌّ. اهـ. بُجَيْرِمِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَكْفِي إخْبَارُ الْقَاضِي إلَخْ) فَإِنْ صَدَّقُوهُ لَزِمَهُمْ طَاعَتُهُ فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ نِهَايَةٌ وَأَسْنَى وَمُغْنِي قَالَ ع ش: أَيْ: صَدَّقَهُ كُلُّهُمْ، وَإِنْ صَدَّقَهُ بَعْضُهُمْ وَكَذَّبَهُ بَعْضُهُمْ فَلِكُلٍّ حُكْمُهُ حَتَّى لَوْ حَضَرَ مُتَدَاعِيَانِ وَصَدَّقَهُ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ لَمْ يَنْفُذْ حُكْمُهُ عَلَيْهِ. اهـ. (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ: فِي شَرْحٍ، وَالْمَذْهَبُ ` أَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ إلَخْ.

(قَوْلُهُ: بِالرَّفْعِ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ: ثُمَّ الْأَوْصِيَاءِ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: وَصَحَّ إلَى قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَمَا سَأُنَبِّهُ عَلَيْهِ وَقَوْلَهُ: إلَّا أَنْ يَرَاهُ فَحَسَنٌ (قَوْلُهُ: بِالرَّفْعِ) كَأَنَّهُ احْتِرَازٌ عَنْ الْجَزْمِ بِالْعَطْفِ عَلَى لِيَكْتُبْ، لَكِنْ مَا الْمَانِعُ. اهـ. سم كَقَوْلِهِ الْآتِي: لِيُعَامِلَهُمْ إلَخْ. (قَوْلُهُ: قَبْلَ دُخُولِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِبَحَثَ. اهـ. رَشِيدِيٌّ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ تَعَسَّرَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْأَسْنَى فَيَسْأَلُ عَنْ ذَلِكَ قَبْلَ الْخُرُوجِ، فَإِنْ تَعَسَّرَ فَفِي الطَّرِيقِ، فَإِنْ تَعَسَّرَ يَدْخُلُ. اهـ. زَادَ الْمُغْنِي (تَنْبِيهٌ) يُنْدَبُ إذَا وَلِيَ أَنْ يَدْعُوَ أَصْدِقَاءَهُ الْأُمَنَاءَ لِيَعْلَمُوا عُيُوبَهُ لِيَسْعَى فِي زَوَالِهَا كَمَا ذَكَرَهُ الرَّافِعِيُّ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ هَذَا الدِّينَ لَا يَتَغَيَّرُ؛ لِأَنَّ سَائِرَ الْأَلْوَانِ يُمْكِنُ تَغَيُّرُهَا بِخِلَافِ السَّوَادِ. اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ: فِيهِ) أَيْ: يَوْمِ الِاثْنَيْنِ. (قَوْلُهُ: وَصَحَّ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ: صَبِيحَتَهُ. (قَوْلُهُ: يَنْبَغِي إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَيُسْتَحَبُّ لِمَنْ كَانَ لَهُ وَظِيفَةٌ مِنْ وَظَائِفِ الْخَيْرِ كَقِرَاءَةِ قُرْآنٍ، أَوْ حَدِيثٍ، أَوْ ذِكْرٍ أَوْ صَنْعَةٌ مِنْ الصَّنَائِعِ، أَوْ عَمَلٌ مِنْ الْأَعْمَالِ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ أَوَّلَ النَّهَارِ إنْ أَمْكَنَهُ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

فِيهِ مَعَ دُونَ مَا فِي الْكِتَابِ شَيْءٌ. (قَوْلُهُ: وَالِاعْتِمَادُ عَلَى مَا يَشْهَدَانِ بِهِ إلَخْ) فِي التَّنْبِيهِ وَأَشْهَدَ عَلَى التَّوْلِيَةِ شَاهِدَيْنِ وَقِيلَ: إنْ كَانَ الْبَلَدُ قَرِيبًا بِحَيْثُ يَسْهُلُ الْخَبَرُ بِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ الْإِشْهَادُ. اهـ. وَفِي تَصْحِيحِهِ لِلْإِسْنَوِيِّ وَأَنَّهُ أَيْ: وَالصَّوَابُ أَنَّهُ إذَا كَانَ الْبَلَدُ قَرِيبًا لَمْ يَلْزَمْهُ الْإِشْهَادُ، وَالْإِلْزَامُ. (قَوْلُهُ: فَقَوْلُهُمْ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: بَلْ يَتَأَتَّى مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ كَلَامَهُمْ فِي الْإِشْهَادِ لَا فِي التَّأْدِيَةِ.

. (قَوْلُهُ: وَلَا يَكْفِي إخْبَارُ الْقَاضِي إلَخْ) فَإِنْ صَدَّقُوهُ لَزِمَهُمْ طَاعَتُهُ فِي أَوْجَهِ الْوَجْهَيْنِ ش م ر.

. (قَوْلُهُ: بِالرَّفْعِ) كَأَنَّهُ احْتِرَازٌ عَنْ الْجَزْمِ بِالْعَطْفِ عَلَى لِيَكْتُبْ، لَكِنْ مَا الْمَانِعُ. (قَوْلُهُ: لِيَتَسَاوَى) النَّاسُ فِي الْقُرْبِ مِنْهُ كَأَنَّ الْمُرَادَ تَسَاوِي كُلٍّ مَعَ نَظِيرِهِ فَأَهْلُ أَطْرَافِ الْبَلَدِ يَتَسَاوَوْنَ، وَكَذَا مَنْ يَلِيهِمْ وَهَكَذَا، وَإِلَّا فَأَهْلُ الْأَطْرَافِ مَثَلًا لَا يَتَسَاوَوْنَ مَعَ مَنْ قَرُبَ مِنْ الْوَسَطِ مَثَلًا، وَمَعَ ذَلِكَ فَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ لَوْ نَزَلَ طَرَفَ الْبَلَدِ لَتَسَاوَى كُلٌّ مِنْ نَظِيرِهِ فَلْيُتَأَمَّلْ فَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ جَمِيعَ أَهْلِ الْأَطْرَافِ لَا يَتَسَاوَوْنَ حِينَئِذٍ فِي الْقُرْبِ. (قَوْلُهُ: أَيْضًا

<<  <  ج: ص:  >  >>