للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ قَبْلَ الْغُرُوبِ وَلَوْ أَغْنِيَاءُ وَأَرِقَّاءُ وَلَا يَجُوزُ الْخُرُوجُ بِهِ مِنْهُ وَلِلنَّاظِرِ التَّفْضِيلُ وَالتَّخْصِيصُ انْتَهَى وَالْوَجْهُ أَنَّهُ لَا يَتَقَيَّدُ بِمَنْ فِي الْمَسْجِدِ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ حِيَازَةُ فَضْلِ الْإِفْطَارِ وَهُوَ لَا يَتَقَيَّدُ بِمَحَلٍّ قَالَ الْقَفَّالُ وَتَبِعُوهُ وَيَجُوزُ شَرْطُ رَهْنٍ مِنْ مُسْتَعِيرِ كِتَابِ وَقْفٍ يَأْخُذُهُ النَّاظِرُ مِنْهُ لِيَحْمِلَهُ عَلَى رَدِّهِ وَأُلْحِقُ بِهِ شَرْطُ ضَامِنٍ فَلَيْسَ الْمُرَادُ مِنْهُمَا حَقِيقَتَهُمَا وَذَكَرُوا فِي الْجَعَالَةِ أَنَّهُ يَجُوزُ أَخْذُ الْعِوَضِ عَلَى النُّزُولِ عَنْ الْوَظَائِفِ نَعَمْ إنْ بَانَ بُطْلَانُ النُّزُولِ رَجَعَ بِمَا دَفَعَهُ وَإِنْ كَانَ قَدْ أَبْرَأَ مِنْهُ كَمَا أَفْتَى بِهِ بَعْضُهُمْ قَالَ؛ لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ وَقَعَ فِي مُقَابَلَةِ اسْتِحْقَاقِ الْوَظِيفَةِ وَلَمْ تَحْصُلْ فَهُوَ كَمَا لَوْ صَالَحَهُ عَنْ عَشْرَةِ دَرَاهِمَ مُؤَجَّلَةً عَلَى خَمْسَةِ حَالَّةٍ فَالصُّلْحُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ أَبْرَأهُ مِنْ الْخَمْسَةِ فِي مُقَابَلَةِ حُلُولِ الْبَاقِي وَهُوَ لَا يَحِلُّ فَلَا يَصِحُّ الْإِبْرَاءُ انْتَهَى وَفِي قِيَاسِهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الصُّلْحَ الْمَذْكُورَ مُتَضَمِّنٌ لِاشْتِرَاطِ كَوْنِ الْإِبْرَاءِ فِي مُقَابَلَةِ الْحُلُولِ فَإِذَا انْتَفَى الْحُلُولُ انْتَفَى الْإِبْرَاءُ وَفِي مَسْأَلَتِنَا لَمْ يَقَعْ شَرْطُ ذَلِكَ لَا صَرِيحًا وَلَا ضِمْنًا وَإِنَّمَا وَقَعَ الْإِبْرَاءُ مُبْتَدَأٌ مُسْتَقِلًّا وَذَلِكَ يَقْتَضِي التَّبَرُّعَ وَأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ: صِدْتُهُ فِي مُقَابَلَةِ صِحَّةِ النُّزُولِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ سَكَتَ عَنْهُ رَجَعَ فَتَصْرِيحُهُ بِهِ قَرِينَةٌ عَلَى التَّبَرُّعِ، وَالْكَلَامُ فِي إبْرَاءٍ بَعْدَ تَلَفِ الْمُعْطِي وَإِلَّا فَالْإِبْرَاءُ مِنْ الْأَعْيَانِ بَاطِلٌ اتِّفَاقًا وَلَوْ مَاتَ ذُو وَظِيفَةٍ فَقَرَّرَ النَّاظِرُ آخَرَ فَبَانَ أَنَّهُ نَزَلَ عَنْهَا لِآخَرَ لَمْ يَقْدَحْ ذَلِكَ فِي التَّقْرِيرِ كَمَا أَفْتَى بِهِ بَعْضُهُمْ وَهُوَ ظَاهِرٌ بَلْ لَوْ قَرَّرَهُ مَعَ عِلْمِهِ بِذَلِكَ فَكَذَلِكَ؛ لِأَنَّ مُجَرَّدَ النُّزُولِ سَبَبٌ ضَعِيفٌ إذْ لَا بُدَّ مِنْ انْضِمَامِ تَقْرِيرِ النَّاظِرِ إلَيْهِ وَلَمْ يُوجَدْ فَقُدِّمَ الْمُقَرَّرُ.

وَأَفْتَى بَعْضُهُمْ فِي الْوَقْفِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ النَّذْرِ لَهُ بِأَنَّهُ يُصْرَفُ لِمَصَالِح حُجْرَتِهِ الشَّرِيفَةِ فَقَطْ أَوْ عَلَى أَهْلِ بَلَدٍ أُعْطِيَ مُقِيمٌ بِهَا غَابَ عَنْهَا لِحَاجَةٍ غَيْبَةً لَا تَقْطَعُ نِسْبَتَهُ إلَيْهَا عُرْفًا انْتَهَى وَالْأُولَى تَأْتِي فِي النَّذْرِ بِزِيَادَةِ.

(فَصْلٌ) فِي أَحْكَامِ الْوَقْفِ اللَّفْظِيَّةِ (قَوْلُهُ وَقَفْت عَلَى أَوْلَادِي وَأَوْلَادِ أَوْلَادِي يَقْتَضِي التَّسْوِيَةَ بَيْنَ الْكُلِّ) فِي الْإِعْطَاءِ وَقَدْرِ الْمُعْطَى؛ لِأَنَّ الْوَاوَ لِمُطْلَقِ الْجَمْعِ وَقَوْلُ الْعَبَّادِيِّ إنَّهَا لِلتَّرْتِيبِ شَاذٌّ

ــ

[حاشية الشرواني]

الصُّوَّامِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَبْلَ الْغُرُوبِ إلَخْ) غَايَةٌ لِيَصْرِفَ (قَوْلُهُ الْخُرُوجُ بِهِ مِنْهُ) أَيْ بِذَلِكَ الْمَوْقُوفِ مِنْ الْمَسْجِدِ يَعْنِي الصَّرْفَ لَهُمْ فِي خَارِجِ الْمَسْجِدِ (قَوْلُهُ وَهُوَ) أَيْ فَضْلُ الْأَنْظَارِ (قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ إلَخْ) مَقُولُ قَالَ (قَوْلُهُ: كِتَابُ وَقْفٍ) بِالتَّوْصِيفِ أَوْ الْإِضَافَةِ (قَوْلُهُ: يَأْخُذُهُ) أَيْ الرَّهْنِ وَ (قَوْلُهُ: مِنْهُ) أَيْ الْمُسْتَعِيرِ (قَوْلُهُ: لِيَحْمِلَهُ) أَيْ الرَّهْنَ الْمُسْتَعِيرُ وَالْجَارُّ مُتَعَلِّقٌ بِشَرْطِ رَهْنٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: مِنْهُمَا) أَيْ الرَّهْنِ وَالضَّامِنِ (قَوْلُهُ: قَدْ أَبْرَأهُ) أَيْ الدَّافِعَ الْآخِذَ (مِنْهُ) أَيْ الْعِوَضِ (قَوْلُهُ: وَفِي قِيَاسِهِ) أَيْ وَفَتْوَاهُ الْمَبْنِيُّ عَلَيْهِ كَمَا يُفِيدُهُ آخِرُ كَلَامِهِ لَكِنَّ الْقَلْبَ إلَى الْفَتْوَى أَمْيَلُ (قَوْلُهُ: شَرْطُ ذَلِكَ) أَيْ الْإِبْرَاءُ عَمَّا دَفَعَهُ فِي مُقَابَلَةِ النُّزُولِ (قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ: إلَخْ) قِيَاسُ نَظَائِرِهِ تَقْيِيدُهُ بِالظَّاهِرِ فَيُقْبَلُ بَاطِنًا فَلْيُرَاجَعْ.

(قَوْلُهُ: قَصَدْته) أَيْ وُقُوعِ الْإِبْرَاءِ (قَوْلُهُ: لَوْ سَكَتَ عَنْهُ) أَيْ عَنْ الْإِبْرَاءِ (قَوْلُهُ: الْمُعْطَى) بِفَتْحِ الطَّاءِ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ) أَيْ صَاحِبَ الْوَظِيفَةِ (نَزَلَ) أَيْ فِي حَيَاتِهِ وَ (قَوْلُهُ: لِآخَرَ) أَيْ لِغَيْرِ مَا قَرَّرَهُ النَّاظِرُ (قَوْلُهُ: بِذَلِكَ) أَيْ بِالنُّزُولِ لِآخَرَ (قَوْلُهُ: فَكَذَلِكَ) أَيْ فَالتَّقْرِيرُ صَحِيحٌ (قَوْلُهُ: فَقَدَّمَ الْمُقَرَّرُ) أَيْ عَلَى الْمَنْزُولِ لَهُ (قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ يُصْرَفُ لِمَصَالِحِ حُجْرَتِهِ الشَّرِيفَةِ فَقَطْ) أَفْتَى بِذَلِكَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ وَهَذَا إذَا وَقَفَ عَلَيْهِ بَعْدَ مَمَاتِهِ فَيُحْمَلُ عَلَى مَا ذُكِرَ وَبَقِيَ مَا لَوْ وَقَفَ عَلَيْهِ فِي حَيَاتِهِ فَهَلْ يَصِحُّ الْوَقْفُ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ صَدَقَةٌ وَهِيَ مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِ وَفِي أُنْمُوذَجِ اللَّبِيبِ فِي خَصَائِصِ الْحَبِيبِ لِلسُّيُوطِيِّ مَا نَصُّهُ اخْتَصَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِتَحْرِيمِ الزَّكَاةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْكَفَّارَةِ عَلَيْهِ إلَى أَنْ قَالَ وَالْمَنْذُورَاتِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَخَرَّجْت عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَنْ يُوقَفَ عَلَيْهِ مُعَيَّنًا؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ صَدَقَةُ تَطَوُّعٍ وَفِي الْجَوَاهِرِ لِلْقَمُولِيِّ مَا يُؤَيِّدُهُ. اهـ. اهـ. سم أَقُولُ وَيُعْلَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُنْذَرَ لَهُ مُعَيَّنًا كَمَا قَالَهُ ع ش وَإِنْ خَالَفَهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ وَأَطَالَ فِي الرَّدِّ عَلَيْهِ بِتَأْلِيفٍ مُسْتَقِلٍّ بِمُجَرَّدِ الْفَهْمِ بِدُونِ نَقْلٍ (قَوْلُهُ: غَابَ إلَخْ) يَعْنِي وَلَوْ غَابَ إلَخْ وَإِنَّمَا خَصَّهُ بِالذِّكْرِ لِكَوْنِهِ مَحَلَّ تَوَهُّمٍ (قَوْلُهُ: وَالْأَوْلَى) أَيْ مَسْأَلَةُ الْوَقْفِ أَوْ النَّذْرِ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

[فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْوَقْفِ اللَّفْظِيَّةِ]

(فَصْلٌ) فِي أَحْكَامِ الْوَقْفِ اللَّفْظِيَّةِ (قَوْلُهُ: اللَّفْظِيَّةِ) أَيْ الْمُتَعَلِّقَةِ بِلَفْظِ الْوَاقِفِ عِبَارَةُ ع ش أَيْ: الَّتِي هِيَ مَدْلُولُ اللَّفْظِ اهـ أَيْ كَالْوَاوِ وَثُمَّ، قَوْلُ الْمَتْنِ (يَقْتَضِي التَّسْوِيَةَ) أَيْ: ثُمَّ إنْ زَادَ عَلَيْهِ مَا تَنَاسَلُوا كَانَ لِلتَّعْمِيمِ فِي جَمِيعِ أَوْلَادِ الْأَوْلَادِ وَإِلَّا كَانَ مُنْقَطِعَ الْآخِرِ بَعْدَ الْبَطْنَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ كَمَا يَأْتِي اهـ ع ش قَوْلُ الْمَتْنِ (بَيْنَ الْكُلِّ) وَهُوَ جَمِيعُ أَفْرَادِ الْأَوْلَادِ وَأَوْلَادِهِمْ ذُكُورِهِمْ وَإِنَاثِهِمْ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: فِي الْإِعْطَاءِ) إلَى الْمَتْنِ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

قَالَ وَقَفْتُ نِصْفَهَا عَلَى زَيْدٍ وَثُلُثَهَا عَلَى عَمْرٍو بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ وَقَفْتُهَا عَلَيْهِمَا عَلَى أَنَّ لِزَيْدٍ النِّصْفَ وَلِعَمْرِو الثُّلُثَ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ

(قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ يُصْرَفُ لِمَصَالِحِ حُجْرَتِهِ الشَّرِيفَةِ فَقَطْ) أَفْتَى بِذَلِكَ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ وَهَذَا إذَا وَقَفَ عَلَيْهِ بَعْدَ مَمَاتِهِ فَيُحْمَلُ عَلَى مَا ذُكِرَ وَيَبْقَى مَا لَوْ وَقَفَ عَلَيْهِ فِي حَيَاتِهِ فَهَلْ يَصِحُّ الْوَقْفُ أَوْ لَا لِأَنَّهُ صَدَقَةٌ وَهِيَ مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِ؟ وَفِي أُنْمُوذَجِ اللَّبِيبِ فِي خَصَائِصِ الْحَبِيبِ لِلسُّيُوطِيِّ مَا نَصُّهُ اُخْتُصَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِتَحْرِيمِ الزَّكَاةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْكَفَّارَةِ عَلَيْهِ إلَى أَنْ قَالَ وَالْمَنْذُورَاتِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ وَخَرَجَتْ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَنْ يُوقَفَ عَلَيْهِ مُعَيَّنًا لِأَنَّ الْوَقْفَ صَدَقَةُ تَطَوُّعٍ وَفِي الْجَوَاهِرِ لِلْقَمُولِيِّ مَا يُؤَيِّدُهُ فَإِنَّهُ قَالَ صَدَقَةُ التَّطَوُّعِ كَانَتْ حَرَامًا عَلَيْهِ عَلَى الصَّحِيحِ وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ صَدَقَةَ الْأَعْيَانِ كَانَتْ حَرَامًا عَلَيْهِ دُونَ الْعَامَّةِ كَالْمَسَاجِدِ وَمِيَاهِ الْآبَارِ. اهـ. وَبَحَثَ م ر فِي ذَلِكَ بِأَنَّهُ كَانَ يُمْكِنُ دَعْوَى الْجَوَازِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَسْتَحِقُّ فِي الْمَوْقُوفِ بَعْدَ تَمَامِ الْوَقْفِ وَبِتَمَامِهِ يَنْتَقِلُ الْمِلْكُ إلَى اللَّهِ تَعَالَى فَانْتِفَاعُهُ بَعْدَ ذَلِكَ انْتِفَاعٌ بِمَمْلُوكٍ لِلَّهِ فَلَا ذُلَّ فِيهِ وَسَيَأْتِي فِي الْهِبَةِ عَنْ السُّبْكِيّ أَنَّ الْمَنَافِعَ لَمْ يَمْلِكْهَا الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ بِتَمْلِيكِ الْوَاقِفِ. بَلْ بِتَسْلِيمِهِ مِنْ جِهَةِ اللَّهِ تَعَالَى

(فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْوَقْفِ اللَّفْظِيَّةِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>