للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَيْضًا كَمَا أَفَادَهُ خَبَرُ «وَلَا تُصَلُّوا إلَيْهَا» فَحِينَئِذٍ الْكَرَاهَةُ لِشَيْئَيْنِ اسْتِقْبَالِ الْقَبْرِ وَمُحَاذَاةِ النَّجَاسَةِ، وَهَذَا الثَّانِي مُنْتَفٍ عَنْ الْأَنْبِيَاءِ وَالْأَوَّلُ يَقْتَضِي الْحُرْمَةَ فِيهِمْ بِالْقَيْدِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى الشِّرْكِ وَتُكْرَهُ أَيْضًا عَلَى ظَهْرِ الْكَعْبَةِ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْأَدَبِ وَفِي الْوَادِي الَّذِي نَامَ فِيهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ لِنَصِّهِ عَلَى أَنَّ فِيهِ شَيْطَانًا دُونَ غَيْرِهِ مِنْ الْأَوْدِيَةِ وَمَحَلُّ الْكَرَاهَةِ فِي الْكُلِّ مَا لَمْ يُعَارِضْهَا خَشْيَةُ خُرُوجِ وَقْتٍ، وَكَذَا فَوَاتُ جَمَاعَةٍ عَلَى الْأَوْجَهِ وَإِنَّمَا لَمْ تَقْتَضِ الْفَسَادَ عِنْدَنَا بِخِلَافِ كَرَاهَةِ الزَّمَانِ لِأَنَّ تَعَلُّقَ الصَّلَاةِ بِالْأَوْقَاتِ أَشَدُّ لِأَنَّ الشَّارِعَ جَعَلَ لَهَا أَوْقَاتًا مَخْصُوصَةً لَا تَصِحُّ فِي غَيْرِهَا فَكَانَ الْخَلَلُ فِيهَا أَعْظَمَ بِخِلَافِ الْأَمْكِنَةِ تَصِحُّ فِي كُلِّهَا وَلَوْ مَغْصُوبًا لِأَنَّ النَّهْيَ فِيهَا كَالْحَرِيرِ لِأَمْرٍ خَارِجٍ يَنْفَكُّ عَنْ الْعِبَادَةِ فَلَمْ يَقْتَضِ فَسَادَهَا.

(بَابٌ بِالتَّنْوِينِ) فِي بَيَانِ سَبَبِ سُجُودِ السَّهْوِ

ــ

[حاشية الشرواني]

الشَّارِحِ وَأَمَّا قَوْلُهُ فَهَلْ هُوَ مَكْرُوهٌ أَوْ لَا إلَخْ فَقَوْلُ الشَّارِحِ فَحِينَئِذٍ الْكَرَاهَةُ لِشَيْئَيْنِ إلَخْ كَالصَّرِيحِ فِي الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ أَيْضًا) أَيْ كَمَنْعِ اسْتِقْبَالِ قُبُورِ الْأَنْبِيَاءِ (قَوْلُهُ وَهَذَا الثَّانِي) أَيْ مُحَاذَاةُ النَّجَاسَةِ وَ (قَوْلُهُ وَالْأَوَّلُ) أَيْ الِاسْتِقْبَالُ (قَوْلُهُ يَقْتَضِي الْحُرْمَةَ) أَيْ فَقَوْلُهُ أَمَّا مَقْبَرَةُ الْأَنْبِيَاءِ فَلَا تُكْرَهُ إلَخْ أَيْ إذَا انْتَفَى الْقَيْدُ الْمَذْكُورُ أَوْ مِنْ حَيْثُ النَّجَاسَةُ وَإِنْ حَرُمَتْ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى فَلْيُتَأَمَّلْ سم (قَوْلُهُ بِالْقَيْدِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ) أَيْ قَصْدِ اسْتِقْبَالِهَا لِتَبَرُّكٍ أَوْ نَحْوِهِ رَشِيدِيٌّ وَعِ ش زَادَ الْكُرْدِيُّ وَأَمَّا إذَا لَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ الْقَيْدُ فَلَا حُرْمَةَ وَلَا كَرَاهَةَ لِعَدَمِ عِلَّتِهَا اهـ وَفِيهِ نَظَرٌ ظَاهِرٌ لِمَا مَرَّ آنِفًا (قَوْلُهُ وَتُكْرَهُ) إلَى قَوْلِهِ وَمَحَلُّ الْكَرَاهَةِ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ الْأَوْدِيَةِ) أَيْ وَإِنْ أَطْلَقَ الرَّافِعِيُّ تَبَعًا لِلْإِمَامِ الْغَزَالِيِّ الْكَرَاهَةَ فِي بُطُونِ الْأَوْدِيَةِ مُطْلَقًا وَعَلَّلُوهُ بِاحْتِمَالِ السَّيْلِ الْمُذْهِبِ لِلْخُشُوعِ مُغْنِي وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُ مُخْتَصَرِ بَافَضْلٍ مَعَ شَرْحِهِ لِلشَّارِحِ وَفِي بَطْنِ الْوَادِي أَيْ كُلِّ وَادٍ مَعَ تَوَقُّعِ السَّيْلِ لِخَشْيَةِ الضَّرَرِ وَانْتِفَاءِ الْخُشُوعِ اهـ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ يَقْتَضِي الْكَرَاهَةَ وَإِنْ لَمْ يَتَوَقَّعْ السَّيْلَ (قَوْلُهُ وَكَذَا فَوَاتُ جَمَاعَةٍ إلَخْ) لَعَلَّ الْمُرَادَ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ حَاقِنًا أَوْ نَحْوَهُ لِمَا مَرَّ مِنْ كَرَاهَةِ ذَلِكَ وَإِنْ خَافَ فَوْتَ الْجَمَاعَةِ ع ش (قَوْلُهُ فَلَمْ يَقْتَضِ فَسَادَهَا) . (خَاتِمَةٌ) فِي أَحْكَامِ الْمَسْجِدِ يَحْرُمُ تَمْكِينُ الصِّبْيَانِ غَيْرِ الْمُمَيِّزِينَ وَالْمَجَانِينِ وَالْبَهَائِمِ وَالْحُيَّضِ وَنَحْوِهِنَّ وَالسَّكْرَانِ مِنْ دُخُولِهِ إنْ غَلَبَ تَنْجِيسُهُمْ وَإِلَّا كُرِهَ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا سَيَأْتِي فِي الشَّهَادَاتِ، وَكَذَا يَحْرُمُ دُخُولُ الْكَافِرِ لَهُ إلَّا بِإِذْنِ مُسْلِمٍ قَالَ الْجُوَيْنِيُّ مُكَلَّفٍ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَلَمْ يُشْتَرَطْ عَلَى الْكَافِرِ فِي عَهْدِهِ عَدَمُ الدُّخُولِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ وَإِنْ أَذِنَ لَهُ أَوْ قَعَدَ قَاضٍ لِلْحُكْمِ فِيهِ وَكَانَ لَهُ حُكُومَةٌ جَازَ لَهُ الدُّخُولُ وَلَوْ كَانَ جُنُبًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْتَقِدُ حُرْمَةَ ذَلِكَ وَيُسْتَحَبُّ الْإِذْنُ لَهُ فِيهِ لِسَمَاعِ قُرْآنٍ وَنَحْوِهِ كَفِقْهٍ وَحَدِيثٍ رَجَاءَ إسْلَامِهِ لَا لِأَكْلٍ وَنَوْمٍ فِيهِ فَلَا يُسْتَحَبُّ الْإِذْنُ لَهُ بَلْ يُسْتَحَبُّ عَدَمُهُ، وَهُوَ الظَّاهِرُ بَلْ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ يَنْبَغِي تَحْرِيمُهُ وَالْكَلَامُ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ؛ لِأَنَّ فِي دُخُولِ حَرَمِ مَكَّةَ تَفْصِيلًا يَأْتِي فِي الْجِزْيَةِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَيُكْرَهُ نَقْشُ الْمَسْجِدِ وَاِتِّخَاذُ الشُّرُفَاتِ لَهُ بَلْ إنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ رِيعِ مَا وُقِفَ عَلَى عِمَارَتِهِ فَحَرَامٌ وَيُكْرَهُ دُخُولُهُ بِلَا ضَرُورَةٍ لِمَنْ أَكَلَ مَا لَهُ رِيحٌ كَرِيهٌ كَثُومٍ بِضَمِّ الْمُثَلَّثَةِ وَبَقِيَ رِيحُهُ وَحَفْرُ بِئْرٍ وَغَرْسُ شَجَرَةٍ فِيهِ بَلْ إنْ حَصَلَ بِذَلِكَ ضَرَرٌ حَرُمَ وَعَمَلُ صِنَاعَةٍ فِيهِ إنْ كَثُرَ هَذَا إذَا لَمْ تَكُنْ خَسِيسَةً تُزْرِي بِالْمَسْجِدِ وَلَمْ يَتَّخِذْهُ حَانُوتًا يَقْصِدُ فِيهِ بِالْعَمَلِ وَإِلَّا فَيَحْرُمُ ذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي فَتَاوِيهِ وَلَا بَأْسَ بِإِغْلَاقِهِ فِي غَيْرِ أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ صِيَانَةً لَهُ وَحِفْظًا لِمَا فِيهِ وَمَحَلُّهُ كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ إذَا خِيفَ امْتِهَانُهُ وَضَيَاعُ مَا فِيهِ وَلَمْ تَدْعُ حَاجَةٌ إلَى فَتْحِهِ وَإِلَّا فَالسُّنَّةُ عَدَمُ إغْلَاقِهِ وَلَوْ كَانَ فِيهِ مَاءٌ مُسَبَّلٌ لِلشُّرْبِ لَمْ يَجُزْ غَلْقُهُ وَمَنْعُ النَّاسِ مِنْ الشُّرْبِ.

وَلَا بَأْسَ بِالنَّوْمِ وَالْوُضُوءِ وَالْأَكْلِ فِيهِ إذَا لَمْ يَتَأَذَّ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ النَّاسُ وَلِحَائِطِهِ وَلَوْ مِنْ خَارِجِهِ مِثْلُ حُرْمَتِهِ فِي كُلِّ شَيْءٍ مِنْ بُصَاقٍ وَغَيْرِهِ وَيُسَنُّ أَنْ يُقَدِّمَ رِجْلَهُ الْيُمْنَى دُخُولًا وَالْيُسْرَى خُرُوجًا وَأَنْ يَقُولَ أَعُوذُ بِاَللَّهِ الْعَظِيمِ وَبِوَجْهِهِ الْكَرِيمِ وَسُلْطَانِهِ الْقَدِيمِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي ذُنُوبِي وَافْتَحْ لِي أَبْوَابَ رَحْمَتِك ثُمَّ يَقُولُ بِسْمِ اللَّهِ وَيَدْخُلُ، وَكَذَا يَقُولُ عِنْدَ الْخُرُوجِ إلَّا أَنَّهُ يَقُولُ أَبْوَابَ فَضْلِك قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ فَإِنْ طَالَ عَلَيْهِ هَذَا فَلْيَقْتَصِرْ عَلَى مَا فِي مُسْلِمٍ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «إذَا دَخَلَ أَحَدُكُمْ الْمَسْجِدَ فَلْيَقُلْ اللَّهُمَّ افْتَحْ لِي أَبْوَابَ رَحْمَتِك وَإِذَا خَرَجَ فَلْيَقُلْ اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك مِنْ فَضْلِك» وَتُكْرَهُ الْخُصُومَةُ وَرَفْعُ الصَّوْتِ وَنَشْدُ الضَّالَّةِ فِيهِ وَلَا بَأْسَ أَنْ يُعْطَى السَّائِلُ فِيهِ شَيْئًا وَلَا بِإِنْشَادِ الشِّعْرِ فِيهِ إذَا كَانَ مَدْحًا لِلنُّبُوَّةِ أَوْ لِلْإِسْلَامِ أَوْ كَانَ حِكْمَةً أَوْ فِي مَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ أَوْ الزُّهْدِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ مُغْنِي وَرَوْضٌ مَعَ شَرْحِهِ

[بَابٌ سُجُودِ السَّهْوِ]

(بَابُ سُجُودِ السَّهْوِ) (قَوْلُهُ بِالتَّنْوِينِ) إلَى قَوْلِهِ مَا عَدَا صَلَاةَ الْجِنَازَةِ فِي الْمُغْنِي وَإِلَى قَوْلِ الْمَتْنِ أَوْ بَعْضًا فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ فِي بَيَانِ سَبَبِ سُجُودِ السَّهْوِ) أَيْ السُّجُودِ الَّذِي سَبَبُهُ سَهْوٌ فَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الْمُسَبَّبِ لِلسَّبَبِ وَالسَّهْوُ لُغَةً نِسْيَانُ الشَّيْءِ وَالْغَفْلَةُ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

اعْتِرَاضِهِ عَلَى اسْتِثْنَاءِ قُبُورِهِمْ لَا سِيَّمَا مَعَ تَحْرِيمِ اسْتِقْبَالِ رَأْسِ قُبُورِهِمْ (قَوْلُهُ يَقْتَضِي الْحُرْمَةَ) فَقَوْلُهُ أَمَّا مَقْبَرَةُ الْأَنْبِيَاءِ فَلَا تُكْرَهُ الصَّلَاةُ فِيهَا أَيْ إذَا انْتَفَى الْقَيْدُ الْمَذْكُورُ أَوْ مِنْ حَيْثُ النَّجَاسَةُ وَإِنْ حَرُمَتْ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى فَلْيُتَأَمَّلْ.

(بَابٌ) (قَوْلُهُ سُجُودُ السَّهْوِ) هُوَ أَعْنِي السَّهْوَ جَائِزٌ عَلَى الْأَنْبِيَاءِ بِخِلَافِ النِّسْيَانِ لِأَنَّهُ نَقْصٌ، وَمَا فِي الْأَخْبَارِ مِنْ نِسْبَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>