عَلَى الْأَوْجَهِ فِيهِمَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْعِصْمَةُ إذْ «كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ» فَقَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ الْأَشْبَهُ بِالْمَذْهَبِ فِي الْأَخِيرَةِ عَدَمُ الضَّمَانِ مَرْدُودٌ (فَكَمَجُوسِيٍّ) فَفِيهِ دِيَةُ مَجُوسِيٍّ.
(فَصْلٌ) فِي الدِّيَاتِ الْوَاجِبَةِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ مِنْ الْجُرُوحِ وَالْأَعْضَاءِ وَالْمَعَانِي. تَجِبُ (فِي مُوضِحَةِ الرَّأْسِ) وَمِنْهُ هُنَا لَا فِي نَحْوِ الْوُضُوءِ الْعَظْمُ الَّذِي خَلْفَ أَوَاخِرِ الْأُذُنِ مُتَّصِلًا بِهَا وَمَا انْحَدَرَ عَنْ آخِرِ الرَّأْسِ إلَى الرَّقَبَةِ (وَالْوَجْهِ) وَمِنْهُ هُنَا لَا ثَمَّ أَيْضًا مَا تَحْتَ الْمُقَبَّلِ مِنْ اللَّحْيَيْنِ وَكَانَ الْفَرْقُ بَيْنَ مَا هُنَا وَثَمَّ أَنَّ الْمَدَارَ هُنَا عَلَى الْخَطَرِ، أَوْ الشَّرَفِ كَمَا يُفْهِمُهُ الْفَرْقُ الْآتِي فِي شَرْحِ قَوْلِهِ كَجَرْحِ سَائِرِ الْبَدَنِ مَعَ مَا هُوَ مُقَرَّرٌ أَنَّ الرَّأْسَ وَالْوَجْهَ أَشْرَفُ مَا فِي الْبَدَنِ وَمَا جَاوَزَ الْخَطَرَ أَوْ الشَّرِيفَ مِثْلُهُ وَثَمَّ عَلَى مَا رَأَسَ وَعَلَا وَعَلَى مَا تَقَعُ بِهِ الْمُوَاجَهَةُ وَلَيْسَ مُجَاوِرُهُمَا كَذَلِكَ (لِحُرٍّ) أَيْ مِنْ حُرٍّ (مُسْلِمٍ) ذَكَرٍ مَعْصُومٍ غَيْرِ جَنِينٍ (خَمْسَةُ أَبْعِرَةٍ) إنْ لَمْ تُوجِبْ قَوَدًا، أَوْ عُفِيَ عَنْهُ عَلَى الْأَرْشِ وَفِي غَيْرِهِ بِحِسَابِهِ وَضَابِطُهُ أَنَّ فِي مُوضِحَةِ كُلٍّ وَهَاشِمَتِهِ بِلَا إيضَاحٍ وَمُنْقِلَتِهِ بِدُونِهِمَا نِصْفُ عُشْرِ دِيَتِهِ وَاقْتَصَرَ عَلَى الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْحَدِيثَ الصَّحِيحَ فِيهِ
ــ
[حاشية الشرواني]
يُصَوَّرَ بِنَحْوِ أَنْ يُعْلَمَ أَنَّهُ نَصْرَانِيٌّ، وَلَا يُعْلَمَ هَلْ وَاجِبُهُ الثُّلُثُ؛ لِأَنَّهُ مِمَّنْ تَحِلُّ مُنَاكَحَتُهُ أَوْ ثُلُثُ خُمُسٍ؛ لِأَنَّهُ مِمَّنْ لَا تَحِلُّ مُنَاكَحَتُهُ، أَوْ يُعْلَمَ أَنَّهُ نَصْرَانِيٌّ، وَلَا نَعْلَمَ أَذَكَرٌ هُوَ، أَوْ أُنْثَى لِنَحْوِ ظُلْمَةٍ مَعَ فَقْدِهِ بَعْدَ الْقَتْلِ سم (قَوْلُهُ عَلَى الْأَوْجَهِ فِيهِمَا) وِفَاقًا لِشَيْخِ الْإِسْلَامِ وَالْمُغْنِي وَخِلَافًا فِي الْأَخِيرَةِ لِلنِّهَايَةِ (قَوْلُهُ فَقَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ إلَخْ) وَافَقَهُ النِّهَايَةُ كَمَا مَرَّ آنِفًا (قَوْلُ الْمَتْنِ فَكَمَجُوسِيٍّ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَعَلَى الْمَذْهَبِ يَجِبُ فِيمَنْ تَمَسَّكَ الْآنَ بِالْيَهُودِيَّةِ أَوْ النَّصْرَانِيَّةِ دِيَةُ مَجُوسِيٍّ؛ لِأَنَّهُ لَحِقَهُ التَّبْدِيلُ. اهـ أَيْ إذَا لَمْ تَحِلَّ مُنَاكَحَتُهُمْ (تَتِمَّةٌ) لَا يَجُوزُ قَتْلُ مَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ وَيُقْتَصُّ لِمَنْ أَسْلَمَ بِدَارِ الْحَرْبِ، وَلَمْ يُهَاجِرْ مِنْهَا بَعْدَ إسْلَامِهِ وَإِنْ تَمَكَّنَ؛ لِأَنَّ الْعِصْمَةَ بِالْإِسْلَامِ مُغْنِي.
[فَصْلٌ الدِّيَاتِ الْوَاجِبَةِ فِيمَا دُونَ النَّفْسِ]
(فَصْلٌ) فِي الدِّيَاتِ الْوَاجِبَةِ فِيمَا دُونَ النُّفُوسِ (قَوْلُهُ فِي الدِّيَاتِ) إلَى قَوْلِهِ وَكَانَ الْفَرْقُ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ مُتَّصِلًا إلَى الْمَتْنِ (قَوْلُهُ وَالْأَعْضَاءِ) الْأَوْلَى وَالْأَطْرَافِ كَمَا فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ وَمِنْهُ) أَيْ الرَّأْسِ ع ش (قَوْلُهُ فِي نَحْوِ الْوُضُوءِ) أَيْ كَالْإِحْرَامِ (قَوْلُهُ أَوَاخِرَ الْأُذْنِ) جَمْعُ آخِرٍ (قَوْلُهُ بِهَا) أَيْ الْأُذْنِ (قَوْلُهُ وَمَا انْحَدَرَ إلَخْ) أَيْ الْعَظْمُ الَّذِي انْحَدَرَ إلَخْ (قَوْلُهُ إلَى الرَّقَبَةِ) وَهِيَ مُؤَخِّرُ أَصْلِ الْعُنُقِ مُخْتَارٌ ع ش (قَوْلُهُ وَمِنْهُ) أَيْ الْوَجْهِ (قَوْلُهُ لِإِثْمٍ) أَيْ فِي نَحْوِ الْوُضُوءِ (قَوْلُهُ عَلَى الْخَطَرِ) أَيْ الْخَوْفِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ عَطْفُ الشَّرَفِ عَلَيْهِ بِ أَوْ خِلَافًا لِمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ رَشِيدِيٍّ أَيْ مِنْ جَعْلِ الْعَطْفِ لِلتَّفْسِيرِ ثُمَّ اسْتِشْكَالُهُ بِأَنَّهُ إنَّمَا يَكُونُ بِالْوَاوِ فَالْأَوْلَى إسْقَاطُ الْأَلِفِ (قَوْلُهُ وَثَمَّ) أَيْ وَالْمَدَارُ فِي نَحْوِ الْوُضُوءِ (قَوْلُهُ عَلَى مَا رَأَسَ إلَخْ) مِنْ بَابِ فَتَحَ ع ش
(قَوْلُهُ أَيْ مِنْ حُرٍّ) يُحْتَمَلُ أَنَّ غَرَضَهُ مِنْ هَذَا تَفْسِيرِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ لِحُرٍّ فَاللَّامُ بِمَعْنَى مِنْ وَهُوَ الَّذِي فَهِمَهُ سم عَلَى حَجّ وَعَقَّبَهُ بِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ وَيُحْتَمَلُ، وَهُوَ الظَّاهِرُ أَنَّ غَرَضَهُ مِنْهُ إثْبَاتُ قَيْدٍ آخَرَ، وَهُوَ أَنَّ الْمُوضِحَةَ إنَّمَا تُوجِبُ الْخَمْسَةَ أَبْعِرَةٍ إذَا صَدَرَتْ مِنْ حُرٍّ بِخِلَافِ مَا إذَا صَدَرَتْ مِنْ عَبْدٍ فَإِنَّهَا إنَّمَا تَتَعَلَّقُ بِالرَّقَبَةِ لَا غَيْرُ حَتَّى لَوْ لَمْ تَفِ بِالْخَمْسَةِ لَمْ يَكُنْ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ غَيْرُ مَا وَفَّتْ بِهِ وَهَذَا نَظِيرُ مَا قَدَّمَهُ الشَّارِحُ كَالشِّهَابِ ابْنِ حَجَرٍ فِي مُوجِبِ النَّفْسِ أَوَّلَ الْبَابِ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ ذَكَرٍ) إلَى قَوْلِهِ وَمُنَازَعَةُ الْبُلْقِينِيِّ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ مَعْصُومٍ وَإِلَى قَوْلِهِ، وَلَوْ دَفَعَ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ كَمَا يُفْهِمُهُ إلَى مَعَ مَا هُوَ مُقَرَّرٌ وَقَوْلُهُ وَمُنَازَعَةُ الْبُلْقِينِيِّ إلَى الْمَتْنِ (قَوْلُهُ غَيْرِ جَنِينٍ) وَأَمَّا الْجَنِينُ فَإِنْ أَوْضَحَهُ الْجَانِي ثُمَّ انْفَصَلَ مَيِّتًا بِغَيْرِ الْإِيضَاحِ فَفِيهِ نِصْفُ عُشْرِ غُرَّةٍ، وَإِنْ انْفَصَلَ مَيِّتًا بِالْإِيضَاحِ فَفِيهِ غُرَّةٌ وَإِنْ انْفَصَلَ حَيًّا وَمَاتَ بِسَبَبٍ غَيْرِ الْجِنَايَةِ فَفِيهِ نِصْفُ عُشْرِ دِيَةٍ، وَإِنْ انْفَصَلَ حَيًّا وَمَاتَ بِالْجِنَايَةِ فَفِيهِ دِيَةٌ كَامِلَةٌ، وَلَا تُفْرَدُ الْمُوضِحَةُ هُنَا، وَلَا فِيمَا مَرَّ بِأَرْشٍ؛ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّ الْجِنَايَةَ عَلَى نَفْسِ الْجَنِينِ ع ش (قَوْلُ الْمَتْنِ خَمْسَةُ أَبْعِرَةٍ) أَيْ مُثَلَّثَةٌ إذَا كَانَتْ عَمْدًا، أَوْ شِبْهَهُ جَذَعَةٌ وَنِصْفٌ وَحِقَّةٌ وَنِصْفٌ وَخَلِفَتَانِ بُجَيْرِمِيٌّ عَنْ الْحَلَبِيِّ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ وَفِي غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الْحُرِّ الْمَذْكُورِ ع ش أَيْ مِنْ الْمَرْأَةِ وَالْكِتَابِيِّ وَغَيْرِهِمَا مُغْنِي أَيْ مِنْ الْخُنْثَى وَنَحْوِ الْمَجُوسِيِّ (قَوْلُهُ بِحِسَابِهِ) أَيْ فَفِي مُوضِحَةِ الْكِتَابِيِّ بَعِيرٌ وَثُلُثَانِ وَفِي مُوضِحَةِ الْمَجُوسِيِّ وَنَحْوِهِ ثُلُثُ بَعِيرٍ مُغْنِي زَادَ الْحَلَبِيُّ وَالْحِفْنِيُّ وَلِحُرَّةٍ مُسْلِمَةٍ بَعِيرَانِ وَنِصْفٌ وَلِكِتَابِيَّةٍ خَمْسَةُ أَسْدَاسِ بَعِيرٍ وَلِمَجُوسِيَّةٍ وَنَحْوِهَا سُدُسُ بَعِيرٍ. اهـ
(قَوْلُهُ وَضَابِطُهُ) أَيْ مَا يَجِبُ فِي الْمُوضِحَةِ وَالْهَاشِمَةِ وَالْمُنَقِّلَةِ (قَوْلُهُ عَلَى الْأَوَّلِ) يَعْنِي الْمُوضِحَةَ (قَوْلُهُ الصَّحِيحُ) قَضِيَّةُ صَنِيعِ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي حَيْثُ قَالَا لِخَبَرِ: فِي الْمُوضِحَةِ خَمْسٌ مِنْ الْإِبِلِ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ. اهـ أَنَّ الْحَدِيثَ حَسَنٌ لَمْ يَبْلُغْ
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
بِقَوْلِهِ عَلَى الْأَوْجَهِ وَقَوْلُهُ فَقَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ إلَخْ فِي صُورَةِ الشَّكِّ الْمَذْكُورِ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ تَحَقَّقَ أَنَّهُ لَمْ تَبْلُغْهُ دَعْوَةُ نَبِيٍّ جَزَمَ بِأَنَّهُ لَا ضَمَانَ إذْ لَوْ كَانَ حِينَئِذٍ يَضْمَنُ لَمْ يَكُنْ لِلتَّرَدُّدِ حَالَ الشَّكِّ مَعْنًى لِضَمَانِهِ بِكُلِّ حَالٍ عَلَى ذَلِكَ التَّقْدِيرِ وَهَذَا يَقْتَضِي أَمْرَيْنِ الْأَوَّلُ تَقْيِيدُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَالْمَذْهَبُ أَنَّ مَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ دَعْوَةُ نَبِيِّنَا بِمَا إذَا بَلَغَتْهُ دَعْوَةُ غَيْرِهِ، وَالثَّانِي أَنَّ مَا ذَكَرَهُ هُنَا عَلَى هَذَا الَّذِي قَرَّرْنَاهُ يُخَالِفُ مَا ذَكَرَهُ فِي فَصْلِ الْغَنِيمَةِ مِنْ بَابِ قَسْمِ الْفَيْءِ، وَالْغَنِيمَةِ مِمَّا حَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ دَعْوَةُ نَبِيٍّ مَضْمُونٍ مُطْلَقًا خِلَافًا لِلْأَذْرَعِيِّ حَيْثُ قَالَ وَكَذَا مَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ أَصْلًا أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِنَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنْ تَمَسَّكَ بِدِينٍ حَقٍّ أَيْ الْمَالُ الْحَاصِلُ مِنْهُ يُرَدُّ عَلَيْهِ كَكُلِّ حَاصِلٍ مِنْ الذِّمِّيِّينَ يُرَدُّ إلَيْهِمْ وَإِلَّا فَهُوَ كَحَرْبِيٍّ عَلَى مَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَيَرُدُّهُ مَا يَأْتِي فِي الدِّيَاتِ مِنْ وُجُوبِ دِيَةِ مَجُوسِيٍّ فِي قَتْلِهِ، وَهُوَ صَرِيحٌ فِي عِصْمَتِهِ فَالْوَجْهُ أَنَّهُ كَالذِّمِّيِّ. اهـ فَإِنَّ حَاصِلَ ذَلِكَ كَمَا تَرَى أَنَّهُ مَعْصُومٌ سَوَاءٌ تَمَسَّكَ بِدِينٍ حَقٍّ أَوْ لَا فَلْيُتَأَمَّلْ.
(فَصْلٌ) فِي الدِّيَاتِ الْوَاجِبَةِ (قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ لِحُرٍّ) أَيْ مِنْ حُرٍّ أَيْ حَاجَةٍ إلَيْهِ