الزَّرْكَشِيُّ أَنَّهُ لَوْ أَوْصَى بِشِرَاءِ عَقَارٍ بِثُلُثِهِ وَوَقَفَهُ عَلَى زَيْدٍ وَعَمْرٍو وَثُمَّ عَلَى الْفُقَرَاءِ فَمَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ وَقْفِهِ لَمْ يَبْطُلْ فِي نِصْفِ الْمَيِّتِ بَلْ يَنْتَقِلُ لِلْفُقَرَاءِ وَفَارَقَ الْوَقْفَ عَلَى هَذَيْنِ، ثُمَّ الْفُقَرَاءِ فَإِنَّ أَحَدَهُمَا إذَا مَاتَ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ لِلْآخَرِ بِأَنَّهُ هُنَا مَاتَ بَعْدَ الِاسْتِحْقَاقِ وَثَمَّ قَبْلَهُ فَكَأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ وَقَفَ عَلَى زَيْدٍ وَعَمْرٍو فَبَانَ أَحَدُهُمَا مَيِّتًا كَانَ الْكُلُّ لِلْآخَرِ كَمَا قَالَهُ الْخَفَّافُ وَغَيْرُهُ (تَنْبِيهٌ)
الْوَجْهُ فِي أَوْصَيْت لَهُ بِرَقَبَتِهِ أَنَّهُ لَيْسَ كَمَا لَوْ أَوْصَى بِإِعْتَاقِهِ لِاقْتِضَاءِ الْأُولَى أَنَّهُ مَلَّكَهُ رَقَبَتَهُ كَمَا مَرَّ بِخِلَافِ الثَّانِيَةِ كَمَا تَقَرَّرَ، وَحِينَئِذٍ فَلَوْ كَانَ غَيْرَ مُتَأَهِّلٍ لِلْقَبُولِ فِي الْأُولَى لِسَفَهٍ أَوْ جُنُونٍ وُقِفَ كَسْبُهُ وَإِنْفَاقُهُ إلَى قَبُولِهِ نَظِيرَ مَا مَرَّ فِي وَصِيَّةِ التَّمَلُّكِ وَلَا يُنْظَرُ لِتَضَرُّرِ الْوَرَثَةِ لِكَوْنِ إفَاقَةِ الْمَجْنُونِ غَيْرَ مُنْتَظَرَةٍ؛ لِأَنَّ تَعَلُّقَ حَقِّ الْوَصِيَّةِ بِهِ أَوْجَبَ الِاحْتِيَاطَ لَهُ، وَهُوَ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِالْوَقْفِ فَيَسْتَكْسِبُهُ الْقَاضِي وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ إلَى تَأَهُّلِهِ
(فَصْلٌ)
فِي أَحْكَامٍ لَفْظِيَّةٍ لِلْمُوصَى بِهِ وَلَهُ إذَا (أَوْصَى بِشَاةٍ) وَأَطْلَقَ (تَنَاوَلَ) لَفْظُهُ (صَغِيرَةَ الْجُثَّةِ وَكَبِيرَتَهَا سَلِيمَةً وَمَعِيبَةً) وَكَوْنُ الْإِطْلَاقِ يَقْتَضِي السَّلَامَةَ إنَّمَا هُوَ فِي غَيْرِ مَا أُنِيطَ بِمَحْضِ اللَّفْظِ كَالْبَيْعِ وَالْكَفَّارَةِ دُونَ الْوَصِيَّةِ، وَمِنْ ثَمَّ لَوْ قَالَ: اشْتَرُوا لَهُ شَاةً أَوْ عَبْدًا تَعَيَّنَ السَّلِيمُ؛ لِأَنَّ إطْلَاقَ الْأَمْرِ بِالشِّرَاءِ يَقْتَضِيهِ كَمَا فِي التَّوْكِيلِ بِهِ (ضَأْنًا وَمَعْزًا) وَإِنْ كَانَ عُرْفُ الْمُوصِي اخْتِصَاصَهَا بِالضَّأْنِ؛ لِأَنَّهُ عُرْفٌ خَاصٌّ وَهُوَ لَا يُعَارِضُ اللُّغَةَ وَلَا الْعُرْفَ الْعَامَّ، وَخَرَجَ بِهِمَا نَحْوُ أَرْنَبٍ وَظَبْيٍ وَنَعَامٍ وَحُمُرِ وَحْشٍ وَبَقَرِهِ وَزَعْمُ ابْنِ عُصْفُورٍ إطْلَاقَهَا عَلَى هَذِهِ كُلِّهَا ضَعِيفٌ بَلْ شَاذٌّ نَعَمْ لَوْ قَالَ شَاةٌ مِنْ شِيَاهِي، وَلَيْسَ لَهُ إلَّا ظِبَاءٌ أُعْطِيَ ظَبْيَةً (وَكَذَا ذَكَرٌ) وَخُنْثَى (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهَا اسْمُ جِنْسٍ كَالْإِنْسَانِ وَتَاؤُهَا لِلْوَحْدَةِ وَنُوزِعَ فِيهِ بِأَنَّهُ فِي الْأُمِّ نَصَّ عَلَى أَنَّهَا لَا تَشْمَلُهُ لِلْعُرْفِ قَالَ السُّبْكِيُّ وَهُوَ أَعْرَفُ بِاللُّغَةِ فَلَمْ يَخْرُجْ عَنْهَا إلَّا لِعُرْفٍ مُطَّرِدٍ فَإِنْ صَحَّ عُرْفٌ بِخِلَافِهِ اُتُّبِعَ اهـ وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ الْجَوَابُ بِأَنَّ الْأَكْثَرِينَ لَمْ يَخْرُجُوا عَمَّا قَالَهُ إلَّا؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ عِنْدَهُمْ أَنَّ الْعُرْفَ لَمْ يُثْبِتْ اطِّرَادَهُ بِخِلَافِ اللُّغَةِ
ــ
[حاشية الشرواني]
اسْتَمَرَّ النِّكَاحُ، وَإِنْ أَوْصَى بِهَا لِأَجْنَبِيٍّ، وَالزَّوْجُ وَارِثُ الْمُوصِي وَقَبِلَ الْأَجْنَبِيُّ الْوَصِيَّةَ لَمْ يَنْفَسِخْ النِّكَاحُ وَإِنْ رَدَّ انْفَسَخَ هَذَا إنْ خَرَجَتْ مِنْ الثُّلُثِ فَإِنْ لَمْ تَخْرُجْ مِنْهُ أَوْ أَوْصَى بِهَا الْوَارِثُ آخَرَ، وَأَجَازَ الزَّوْجُ الْوَصِيَّةَ فِيهَا لَمْ يَنْفَسِخْ وَإِلَّا انْفَسَخَ اهـ مُغْنِي.
(قَوْلُهُ وَوَقْفِهِ) بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى شِرَاءِ إلَخْ (قَوْلُهُ فِي نِصْفِ الْمَيِّتِ) أَيْ فِي نَصِيبِهِ (قَوْلُهُ بَلْ يَنْتَقِلُ إلَخْ) أَيْ نِصْفُ الْمَيِّتِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ بِأَنَّهُ هُنَا) أَيْ فِي الْوَقْفِ عَلَى هَذَيْنِ إلَخْ (قَوْلُهُ وَثَمَّ) أَيْ فِيمَا لَوْ أَوْصَى بِشِرَاءِ عَقَارٍ إلَخْ (قَوْلُهُ قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ الِاسْتِحْقَاقِ هَلْ الْمُرَادُ بِقَبْلِهِ قَبْلَ الْقَبُولِ أَوْ قَبْلَ حُصُولِ مَنْفَعَةِ الْوَقْفِ اهـ سم.
أَقُولُ قَضِيَّةُ السِّيَاقِ أَنَّ الْمُرَادَ قَبْلَ وُجُودِ الْوَقْفِ بِالْكُلِّيَّةِ (قَوْلُهُ وَثَمَّ قَبْلَهُ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ ثَمَّ بَعْدَ الِاسْتِحْقَاقِ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ لِلْفُقَرَاءِ اهـ سم وَقَوْلُهُ لِلْفُقَرَاءِ لَعَلَّ صَوَابَهُ لِلْآخَرِ (قَوْلُهُ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ وَقَفَ إلَخْ) اُنْظُرْ مَا وَجْهُ هَذَا الِاسْتِنْتَاجِ مَعَ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الَّذِي يُنْتِجُهُ مَا مَرَّ مِنْ الْفَرْقِ عَدَمُ الِانْتِقَالِ فِي هَذَا لِلْآخَرِ كَالْأَوَّلِ إذْ هُوَ هُنَا مَاتَ أَيْضًا قَبْلَ الِاسْتِحْقَاقِ بَلْ وَقَبْلَ الْوَقْفِ بِالْكُلِّيَّةِ اهـ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ عَلَى زَيْدٍ وَعَمْرٍو) أَيْ ثُمَّ عَلَى الْفُقَرَاءِ (قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي شَرْحِ اشْتِرَاطِ الْقَبُولِ (قَوْلُهُ لِكَوْنِ إلَخْ) عِلَّةٌ لِلتَّضَرُّرِ وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّ إلَخْ عِلَّةٌ لِنَفْيِ النَّظَرِ وَقَوْلُهُ بِهِ أَيْ الْقِنِّ الْغَيْرِ الْمُتَأَهِّلِ
[فَصْلٌ فِي أَحْكَامٍ لَفْظِيَّةٍ لِلْمُوصَى بِهِ]
(فَصْلٌ فِي أَحْكَامٍ لَفْظِيَّةٍ لِلْمُوصَى بِهِ وَلَهُ)
(قَوْلُهُ فِي أَحْكَامٍ لَفْظِيَّةٍ) إلَى قَوْلِهِ وَنُوزِعَ فِي النِّهَايَةِ وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ إلَى وَخَرَجَ وَقَوْلُهُ وَزَعَمَ إلَى نَعَمْ (قَوْلُهُ وَأَطْلَقَ) سَيُذْكَرُ مُحْتَرَزُهُ بِقَوْلِهِ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إلَخْ (قَوْلُهُ فِي غَيْرِ مَا أُنِيطَ إلَخْ) أَيْ فِي غَيْرِ مَا قَالُوا إنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِمَحْضِ اللَّفْظِ كَالْوَصِيَّةِ وَهَذَا فِي الْحَقِيقَةِ كَتَعْلِيلِ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُنَبِّهْ عَلَى أَمْرٍ مَعْنَوِيٍّ اهـ ع ش عِبَارَةُ الْمُغْنِي لِأَمْرٍ زَائِدٍ عَلَى مُقْتَضَى اللَّفْظِ، وَهُنَا لَا يُزَادُ عَلَيْهِ لِعَدَمِ الدَّلِيلِ عَلَيْهِ اهـ.
(قَوْلُهُ كَالْبَيْعِ إلَخْ) مِثَالٌ لِلْغَيْرِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ إلَخْ) غَايَةٌ (قَوْلُهُ وَهُوَ) أَيْ الْعُرْفُ الْخَاصُّ (قَوْلُهُ وَلَا الْعُرْفَ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى اللُّغَةَ وَذِكْرُهُ اسْتِطْرَادِيٌّ (قَوْلُهُ وَخَرَجَ بِهِمَا إلَخْ) وَخَرَجَ أَيْضًا مَا تَوَلَّدَ بَيْنَ الضَّأْنِ أَوْ الْمَعْزِ وَغَيْرِهِ وَإِنْ كَانَ عَلَى صُورَةِ أَحَدِهِمَا اهـ ع ش (قَوْلُهُ نَحْوُ أَرْنَبٍ وَظَبْيٍ إلَخْ) فَلَوْ أَرَادَ الْوَارِثُ إعْطَاءَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ وَلَا لِلْمُوصَى لَهُ قَبُولُهُ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ وَظَبْيٍ إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا ظِبَاءٌ وَعَلَيْهِ فَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا لَوْ قَالَ شَاةٌ مِنْ شِيَاهِي وَلَيْسَ لَهُ إلَّا ظِبَاءٌ حَيْثُ يُعْطَى وَاحِدَةً مِنْهَا أَنَّ إضَافَةَ الشِّيَاهِ إلَيْهِ قَرِينَةٌ عَلَى إرَادَةِ مَا يَخْتَصُّ بِهِ اهـ ع ش.
(قَوْلُهُ وَبَقَرِهِ) وَمِثْلُهُ الْأَهْلِيُّ بِالْأَوْلَى اهـ ع ش (قَوْلُهُ وَلَيْسَ لَهُ إلَّا ظِبَاءٌ) شَامِلٌ لِمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَقْتَ الْوَصِيَّةِ إلَّا ظِبَاءٌ وَوَقْتَ الْمَوْتِ إلَّا غَنْمٌ أَوْ ظِبَاءٌ وَغَنَمٌ، وَلِمَا إذَا اقْتَصَرَ عَلَى الصِّيغَةِ الْمَذْكُورَةِ، وَلَمْ يُقَيِّدْ بِبَعْدَ مَوْتِي أَوْ غَيْرِهِ وَلِمَا إذَا قَيَّدَهَا بِبَعْدِ مَوْتِي، وَالظَّاهِرُ أَخْذًا مِنْ نَظَائِرِهِ الْآتِيَةِ أَنَّ الْعِبْرَةَ بِوَقْتِ الْمَوْتِ اهـ ع ش، وَسَيَأْتِي عَنْ السَّيِّدِ عُمَرَ مَا يُوَافِقُهُ (قَوْلُهُ وَتَاؤُهَا لِلْوَحْدَةِ) أَيْ لَا لِلتَّأْنِيثِ كَحَمَامٍ وَحَمَامَةٍ، وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُهُمْ لَفْظُ الشَّاةِ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ وَلِهَذَا حَمَلُوا خَبَرَ فِي أَرْبَعِينَ شَاةً عَلَى الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي وَقَوْلُهُمَا كَحَمَامٍ إلَخْ مِثَالٌ لِمَا تَاؤُهُ لِلْوَحْدَةِ (قَوْلُهُ وَنُوزِعَ فِيهِ) أَيْ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَكَذَا ذُكِرَ إلَخْ (قَوْلُهُ بِأَنَّهُ إلَخْ) أَيْ الْإِمَامَ الشَّافِعِيَّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَكَذَا الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ وَهُوَ أَعْرَفُ إلَخْ وَقَوْلُهُ فَلَمْ يَخْرُجْ وَقَوْلُهُ عَمَّا قَالَهُ (قَوْلُهُ عَلَى أَنَّهَا) أَيْ لَفْظَةَ الشَّاةِ لَا تَشْمَلُهُ أَيْ الذَّكَرَ (قَوْلُهُ عُرِفَ بِخِلَافِهِ) أَيْ بِالشُّمُولِ (قَوْلُهُ وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ قَوْلِ السُّبْكِيّ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ اللُّغَةِ) مُتَعَلِّقٌ بِالِاطِّرَادِ (قَوْلُهُ بِأَنَّ الْأَكْثَرِينَ إلَخْ) أَيْ الْمُشَارَ إلَيْهِمْ بِقَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي الْأَصَحِّ
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
لِلْوَارِثِ اعْتَمَدَهُ م ر (قَوْلُهُ وَثَمَّ قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ الِاسْتِحْقَاقِ هَلْ الْمُرَادُ بِمَا قَبْلَهُ قَبْلَ الْقَبُولِ أَوْ قَبْلَ حُصُولِ مَنْفَعَةِ الْوَقْفِ (قَوْلُهُ وَثَمَّ قَبْلَهُ) قَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ، ثُمَّ بَعْدَ الِاسْتِحْقَاقِ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ لِلْفُقَرَاءِ
(فَصْلٌ فِي أَحْكَامٍ لَفْظِيَّةٍ لِلْمُوصَى بِهِ وَلَهُ)
(قَوْلُهُ كَالْبَيْعِ) مِثَالٌ لِلْغَيْرِ