للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَدِينًا، وَإِلَّا وَقَدْ أَلْحَقَهُ الْقَائِفُ بِالذِّمِّيِّ تَبِعَهُ نَسَبًا فَقَطْ فَلَا يَحْضُنُهُ

. (كِتَابُ الْعَتْقِ)

أَيْ: الْإِعْتَاقِ الْمُحَصَّلِ لَهُ، وَهُوَ إزَالَةُ الرِّقِّ عَنْ الْآدَمِيِّ مِنْ عَتَقَ سَبَقَ أَوْ اسْتَقَلَّ وَمَنْ عَبَّرَ بِإِزَالَةِ الْمِلْكِ احْتَاجَ لِزِيَادَةٍ لَا إلَى مَالِكٍ تَقَرُّبًا إلَى اللَّهِ تَعَالَى لِيَخْرُجَ بِقَيْدِ الْآدَمِيِّ الطَّيْرُ وَالْبَهَائِمُ فَلَا يَصِحُّ عِتْقُهُمَا عَلَى الْأَصَحِّ وَقَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: الْخِلَافُ فِيمَا يُمْلَكُ بِالِاصْطِيَادِ، أَمَّا الْبَهَائِمُ الْإِنْسِيَّةُ فَإِعْتَاقُهَا مِنْ قَبِيلِ سَوَائِبِ الْجَاهِلِيَّةِ، وَهُوَ بَاطِلٌ قَطْعًا اهـ. وَرِوَايَةُ أَبِي نُعَيْمٍ أَنَّ أَبَا الدَّرْدَاءِ كَانَ يَشْتَرِي الْعَصَافِيرَ مِنْ الصِّبْيَانِ وَيُرْسِلُهَا تُحْمَلُ إنْ صَحَّتْ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ رَأْيٌ لَهُ وَبِقَيْدِ لَا إلَى مَالِكٍ الْوَقْفُ؛ لِأَنَّهُ مَمْلُوكٌ لَهُ تَعَالَى، وَلِذَا ضُمِنَ بِالْقِيمَةِ، وَمَا بَعْدَهُ لِتَحْقِيقِ الْمَاهِيَّةِ لَا لِإِخْرَاجِ الْكَافِرِ لِصِحَّةِ عِتْقِهِ

وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قُرْبَةً عَلَى أَنَّ قَصْدَ الْقُرْبَةِ يَصِحُّ مِنْهُ وَإِنْ لَمْ يَصِحَّ لَهُ مَا قَصَدَهُ، وَأَصْلُهُ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ قَوْله تَعَالَى {فَكُّ رَقَبَةٍ} [البلد: ١٣] ، وَخَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ «مَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً مُؤْمِنَةً» وَفِي رِوَايَةٍ «امْرَأً مُسْلِمًا أَعْتَقَ اللَّهُ بِكُلِّ عُضْوٍ مِنْهَا عُضْوًا مِنْ أَعْضَائِهِ مِنْ النَّارِ حَتَّى الْفَرْجِ بِالْفَرْجِ» وَصَحَّ خَبَرُ «أَيُّمَا امْرِئٍ مُسْلِمٍ أَعْتَقَ لِلَّهِ امْرَأً مُسْلِمًا كَانَ فَكًّا لَهُ مِنْ النَّارِ وَأَيُّمَا امْرِئٍ مُسْلِمٍ أَعْتَقَ امْرَأَتَيْنِ مُسْلِمَتَيْنِ كَانَتَا فَكًّا لَهُ مِنْ النَّارِ» وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّ عِتْقَ الذَّكَرِ أَفْضَلُ وَفِي رِوَايَةِ «مَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً مُؤْمِنَةً كَانَتْ فِدَاءً لَهُ مِنْ النَّارِ» وَخُصَّتْ الرَّقَبَةُ بِالذِّكْرِ؛ لِأَنَّ الرِّقَّ كَالْغُلِّ الَّذِي فِيهَا، وَهُوَ قُرْبَةٌ

ــ

[حاشية الشرواني]

عَنْ الْبُلْقِينِيِّ رَشِيدِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَدِينًا) وَمَعْلُومٌ أَنَّ مَحَلَّ إلْحَاقِهِ بِالذِّمِّيِّ فِي الدِّينِ إذَا لَمْ تَكُنْ أُمُّهُ مُسْلِمَةً رَشِيدِيٌّ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَحْضُنُهُ) أَيْ: فَلَا يَكُونُ لَهُ حَقٌّ فِي تَرْبِيَتِهِ وَحِفْظِهِ وَلَا يُحْكَمُ بِكُفْرِهِ تَبَعًا لَهُ وَأَمَّا النَّفَقَةُ فَيُطَالَبُ بِهَا بِمُقْتَضَى دَعْوَاهُ أَنَّهُ ابْنُهُ ع ش. (خَاتِمَةٌ) لَوْ اسْتَلْحَقَ مَجْهُولًا نَسَبُهُ وَلَهُ زَوْجَةٌ فَأَنْكَرَتْهُ زَوْجَتُهُ لَحِقَهُ عَمَلًا بِإِقْرَارِهِ دُونَهَا لِجَوَازِ كَوْنِهِ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ أَوْ زَوْجَةٍ أُخْرَى وَإِنْ ادَّعَتْهُ وَالْحَالَةُ هَذِهِ امْرَأَةٌ أُخْرَى وَأَنْكَرَهُ زَوْجُهَا وَأَقَامَ زَوْجُ الْمُنْكِرَةِ وَزَوْجَةُ الْمُنْكِرِ بَيِّنَتَيْنِ تَعَارَضَتَا فَتَسْقُطَانِ وَيُعْرَضُ عَلَى الْقَائِفِ فَإِنْ أَلْحَقَهُ بِهَا لَحِقَهَا وَكَذَا زَوْجُهَا عَلَى الْمَنْصُوصِ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ خِلَافًا لِمَا جَرَى عَلَيْهِ ابْنُ الْمُقْرِي أَوْ بِالرَّجُلِ لَحِقَهُ وَزَوْجَتَهُ فَإِنْ لَمْ يُقِمْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا بَيِّنَةً فَالْأَصَحُّ كَمَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ أَنَّهُ لَيْسَ وَلَدًا لِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا وَلَا يَسْقُطُ حُكْمُ قَائِفٍ بِقَوْلِ قَائِفٍ آخَرَ مُغْنِي وَأَسْنَى

[كِتَابُ الْعَتْقِ]

(قَوْلُهُ: أَيْ: الْإِعْتَاقُ إلَخْ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ الْعِتْقَ مَجَازٌ مِنْ بَابِ إطْلَاقِ الْمُسَبَّبِ وَإِرَادَةِ السَّبَبِ وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْعِتْقَ لَازِمٌ مُطَاوِعٌ لِأَعْتَقَ إذْ يُقَالُ أَعْتَقْت الْعَبْدَ فَعَتَقَ وَجَوَّزَ بَعْضُهُمْ اسْتِعْمَالَهُ مُتَعَدِّيًا فَيُقَالُ عَتَقْت الْعَبْدَ وَأَعْتَقْته وَعَلَيْهِ فَلَا حَاجَةَ إلَى التَّجَوُّزِ ع ش عِبَارَةُ الرَّشِيدِيِّ بَلْ مَرَّ عَنْ تَحْرِيرِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْعِتْقَ مَصْدَرٌ أَيْضًا لِعَتَقَ بِمَعْنَى أَعْتَقَ اهـ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ إلَخْ) أَيْ: شَرْعًا مُغْنِي. (قَوْلُهُ: مِنْ عَتَقَ سَبَقَ إلَخْ) أَيْ: مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِمْ عَتَقَ الْفَرَسُ إذَا سَبَقَ وَعَتَقَ الْفَرْخُ إذَا طَارَ وَاسْتَقَلَّ فَكَأَنَّ الْعَبْدَ إذَا فُكَّ مِنْ الرِّقِّ يَخْلُصُ وَيَسْتَقِلُّ مُغْنِي. (قَوْلُهُ: بِإِزَالَةِ الْمِلْكِ) أَيْ: عَنْ الْآدَمِيِّ سَيِّدُ عُمَرَ. (قَوْلُهُ: لَا إلَى مَالِكٍ) كَانَ الْمُرَادُ بِالْمَالِكِ هُنَا مَالِكَ مَا هُوَ مَمْلُوكٌ عَادَةً حَتَّى يُفَارِقَ الْعِتْقُ الْوَقْفَ وَإِلَّا فَالْعَتِيقُ مَمْلُوكٌ لِلَّهِ تَعَالَى كَسَائِرِ الْمَوْجُودَاتِ سم. (قَوْلُهُ: تَقَرُّبًا إلَى اللَّهِ تَعَالَى) هَذَا مُعْتَبَرٌ عَلَى التَّعْبِيرَيْنِ مَعًا خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ صَنِيعُهُ مِنْ اخْتِصَاصِهِ بِالثَّانِي الَّذِي جَرَى عَلَيْهِ السَّيِّدُ عُمَرُ فِيمَا يَأْتِي عَنْهُ. (قَوْلُهُ: لِيَخْرُجَ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ احْتَاجَ إلَخْ لَكِنْ بِالنِّسْبَةِ لِلْمَعْطُوفِ الْآتِي فَقَطْ خِلَافًا لِمَا يُوهِمُهُ صَنِيعُهُ مِنْ تَوَقُّفِ خُرُوجِ نَحْوِ الطَّيْرِ بِقَيْدِ الْآدَمِيِّ إلَى تِلْكَ الزِّيَادَةِ وَالْأَسْبَكُ السَّالِمُ أَنْ يَقُولَ مِنْ عَتَقَ سَبَقَ أَوْ اسْتَقَلَّ وَهُوَ إزَالَةُ الرِّقِّ عَنْ الْآدَمِيِّ تَقَرُّبًا إلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَمَنْ عَبَّرَ بِإِزَالَةِ الْمِلْكِ احْتَاجَ لِزِيَادَةِ لَا إلَى مَالِكٍ لِيَخْرُجَ بِهَا الْوَقْفُ إلَخْ وَخَرَجَ بِقَيْدِ الْآدَمِيِّ إلَخْ. (قَوْلُهُ: تُحْمَلُ إلَخْ) إنَّمَا يَحْتَاجُ إلَى هَذَا الْحَمْلِ لَوْ قَصَدَ أَبُو الدَّرْدَاءِ بِإِرْسَالِ الْعَصَافِيرِ الْإِعْتَاقَ الشَّرْعِيَّ الْمُقْتَضِي لِعَدَمِ صِحَّةِ تَمَلُّكِ الْخَلْقِ لِتِلْكَ الْعَصَافِيرِ بِوَجْهٍ بِخِلَافِ مَا إذَا قَصَدَ بِذَلِكَ تَخْلِيصَهَا عَنْ إيذَاءِ الصِّبْيَانِ فَقَطْ فَإِنَّهُ لَا يُخَالِفُ الْمَذْهَبَ بَلْ يَنْبَغِي الْحَمْلُ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ تَثْبُتَ الرِّوَايَةُ بِذَلِكَ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مَمْلُوكٌ لَهُ تَعَالَى) فِي هَذَا التَّعْلِيلِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْعَتِيقَ بَلْ جَمِيعُ الْمَخْلُوقَاتِ مَمْلُوكٌ لَهُ تَعَالَى أَيْضًا وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ مَمْلُوكٌ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ حُكْمًا وَلِذَا إلَخْ.

(قَوْلُهُ: لِتَحْقِيقِ الْمَاهِيَّةِ إلَخْ) لَك أَنْ تَقُولَ يَلْزَمُ مِنْ تَحْقِيقِهَا بِهِ اعْتِبَارُهُ فِيهَا وَإِلَّا فَلَا مَعْنَى لِتَحْقِيقِهَا بِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَيَلْزَمُ مِنْ اعْتِبَارِهِ فِيهَا إخْرَاجُ الْكَافِرِ لِعَدَمِ تَحَقُّقِهِ فِيهِ كَمَا هُوَ مَبْنِيُّ مَا قَبْلَ الْعِلَاوَةِ وَإِلَّا لَاتَّحَدَ مَعَهَا فَتَأَمَّلْ سم وَكَتَبَ عَلَيْهِ السَّيِّدُ عُمَرُ أَيْضًا مَا نَصُّهُ هَذَا لَا يُلَائِمُ قَوْلَهُ آنِفًا احْتَاجَ لِزِيَادَةٍ إلَخْ إلَّا أَنْ يُقَالَ هَذَا أَيْضًا مُحْتَاجٌ إلَيْهِ فِي تَحْقِيقِ الْمَاهِيَّةِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُحْتَاجًا إلَيْهِ فِي الْجَامِعِيَّةِ وَالْمَانِعِيَّةِ اهـ. وَقَدْ يُقَالُ يَلْزَمُ عَلَى هَذَا الْجَوَابِ أَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا بُدَّ مِنْهُ فِي التَّعْبِيرِ الْأَوَّلِ أَيْضًا وَلَيْسَ مِنْ مَدْخُولِ الزِّيَادَةِ كَمَا يُفِيدُهَا أَيْ: اللَّيْسِيَّةَ صَنِيعُ النِّهَايَةِ. (قَوْلُهُ: وَخُصَّتْ الرَّقَبَةُ إلَخْ) أَيْ: فِي الْآيَةِ وَالْخَبَرِ. (قَوْلُهُ: كَالْغُلِّ الَّذِي فِيهَا) أَيْ: فِي رَقَبَةِ الرَّقِيقِ فَهُوَ مُحْبَسٌ بِهِ كَمَا تُحْبَسُ الدَّابَّةُ بِالْحَبْلِ فِي عُنُقِهَا فَإِذَا أَعْتَقَهُ أَطْلَقَهُ مِنْ ذَلِكَ الْغُلِّ الَّذِي كَانَ فِي رَقَبَتِهِ مُغْنِي. (قَوْلُهُ: وَهُوَ قُرْبَةٌ إلَخْ) أَيْ: الْعِتْقُ الْمُنَجَّزُ مِنْ الْمُسْلِمِ أَمَّا الْمُعَلَّقُ فَفِي الصَّدَاقِ مِنْ الرَّافِعِيِّ أَنَّ التَّعْلِيقَ لَيْسَ عَقْدَ قُرْبَةٍ وَإِنَّمَا يُقْصَدُ بِهِ حَثٌّ أَوْ مَنْعٌ أَيْ: أَوْ تَحْقِيقُ خَبَرٍ بِخِلَافِ التَّدْبِيرِ وَكَلَامُهُ يَقْتَضِي أَنَّ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

كِتَابُ الْعِتْقِ) (قَوْلُهُ: لَا إلَى مَالِكٍ) كَانَ الْمُرَادُ بِالْمَالِكِ هُنَا مَالِكُ مَا هُوَ مَمْلُوكٌ عَادَةً حَتَّى يُفَارِقَ الْعِتْقُ الْوَقْفَ، وَإِلَّا فَالْعَتِيقُ مَمْلُوكٌ لِلَّهِ تَعَالَى كَسَائِرِ الْمَوْجُودَاتِ. (قَوْلُهُ: لِتَحْقِيقِ الْمَاهِيَّةِ إلَخْ) لَكَ أَنْ تَقُولَ: يَلْزَمُ مِنْ تَحْقِيقِهَا اعْتِبَارُهُ فِيهَا، وَإِلَّا فَلَا مَعْنَى لِتَحْقِيقِهَا بِهِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ وَيَلْزَمُ مِنْ اعْتِبَارِهِ فِيهَا إخْرَاجُ الْكَافِرِ لِعَدَمِ تَحَقُّقِهِ فِيهِ كَمَا هُوَ مَبْنِيُّ مَا قَبْلَ الْعِلَاوَةِ، وَإِلَّا لَاتَّحَدَ مَعَهَا فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الرِّقَّ كَالْغُلِّ) أَيْ: أَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْغُلِّ، وَمَحَلُّ الْغُلِّ الرَّقَبَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>