وَالْوَاجِبُ الْعَيْنِيُّ وَالْمُخَيَّرُ وَمَا عَلَى الْكِفَايَةِ إذَا تَعَيَّنَ كَمَا مَرَّ وَلَا بُدَّ فِي الضَّابِطِ مِنْ زِيَادَةِ أَنْ لَا يُبْطِلَ رُخْصَةَ الشَّرْعِ؛ لِيَخْرُجَ نَذْرُ عَدَمِ الْفِطْرِ فِي السَّفَرِ مِنْ رَمَضَانَ وَنَذْرُ الْإِتْمَامِ فِيهِ إذَا كَانَ الْأَفْضَلُ الْفِطْرَ وَالْقَصْرَ فَإِنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ.
(كِتَابُ الْقَضَاءِ)
بِالْمَدِّ، وَهُوَ لُغَةً: إحْكَامُ الشَّيْءِ وَإِمْضَاؤُهُ وَجَاءَ لَمَعَانٍ أُخَرَ كَالْوَحْيِ، وَالْخَلْقِ وَشَرْعًا: الْوِلَايَةُ الْآتِيَةُ أَوْ الْحُكْمُ الْمُتَرَتِّبُ عَلَيْهَا، أَوْ إلْزَامُ مَنْ لَهُ الْإِلْزَامُ بِحُكْمِ الشَّرْعِ فَخَرَجَ الْإِفْتَاءُ، وَالْأَصْلُ فِيهِ الْكِتَابُ، وَالسُّنَّةُ وَإِجْمَاعُ الْأُمَّةِ فِي الْخَبَرِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ «إذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ أَيْ: أَرَادَ الْحُكْمَ فَاجْتَهَدَ، ثُمَّ أَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ، وَإِذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ، ثُمَّ أَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ» وَفِي رِوَايَةٍ صَحِيحَةٍ بَدَلِ الْأُولَى «فَلَهُ عَشْرَةُ أُجُورٍ» قَالَ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ هَذَا فِي حَاكِمٍ عَالِمٍ مُجْتَهِدٍ، أَمَّا غَيْرُهُ فَآثِمٌ بِجَمِيعِ أَحْكَامِهِ، وَإِنْ وَافَقَ الصَّوَابَ وَأَحْكَامُهُ كُلُّهَا مَرْدُودَةٌ؛ لِأَنَّ إصَابَتَهُ اتِّفَاقِيَّةٌ، وَرَوَى الْأَرْبَعَةُ، وَالْحَاكِمُ، وَالْبَيْهَقِيُّ خَبَرَ «الْقُضَاةُ ثَلَاثَةٌ قَاضٍ فِي الْجَنَّةِ وَقَاضِيَانِ فِي النَّارِ» وَفَسَّرَ الْأَوَّلَ بِأَنَّهُ عَرَفَ الْحَقَّ وَقَضَى بِهِ، وَالْآخَرَيْنِ بِمَنْ عَرَفَ وَجَارَ وَمَنْ قَضَى عَلَى جَهْلٍ
ــ
[حاشية الشرواني]
الْمَجْمُوعِ لُزُومُهُ دُونَ مُشَاهَدِ الْعُلَمَاءِ وَالْأَوْلِيَاءِ أَيْ: فَلَا يَنْعَقِدُ نَذْرُ تَطْيِيبِهَا كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ انْتَهَى ثُمَّ قَالَ فِي شَرْحِهِ: وَتَرَدَّدَ الْغَزَالِيُّ فِي انْعِقَادِ تَنْظِيفِ الْمَسْجِدِ مِنْ الْأَذَى، وَالظَّاهِرُ الِانْعِقَادُ؛ لِأَنَّهُ قُرْبَةٌ انْتَهَى، وَقَوْلُهُ السَّابِقُ: بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ قُرْبَةً يَلْزَمُ بِالنَّذْرِ إلَخْ. يَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ مِثْلُهُ فِي مَشَاهِدِ الْعُلَمَاءِ وَالْأَوْلِيَاءِ إذَا كَانَ فِيهِ وِقَايَةُ الزَّائِرِينَ كَمَا ذُكِرَ فَلْيُتَأَمَّلْ. اهـ. سم.
(قَوْله، وَالْوَاجِبُ الْعَيْنِيُّ إلَخْ) عُطِفَ عَلَى مَا وَجَبَ جِنْسُهُ إلَخْ. (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) الْأَوْلَى فَلَا يَنْعَقِدُ كَمَا مَرَّ. (قَوْلُهُ: أَنْ لَا يَبْطُلَ) أَيْ: النَّذْرُ. اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ: أَنْ لَا يَبْطُلَ إلَخْ) الْأَوْلَى، وَلَا تَبْطُلُ. (قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ) وَلَوْ قَالَ إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَلِلَّهِ عَلَيَّ تَعْجِيلُ زَكَاةِ مَالِي لَمْ يَنْعَقِدْ أَوْ نَذَرَ الِاعْتِكَافَ صَائِمًا لَزِمَاهُ جَزْمًا أَوْ قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ إذَا عَطَسَ انْعَقَدَ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ بِهِ عِلَّةٌ فَإِنْ عَطَسَ فِي نَحْوِ رُكُوعٍ قَرَأَهَا بَعْدَ صَلَاتِهِ أَوْ فِي الْقِيَامِ قَرَأَهَا حَالًا إذْ تَكْرِيرُهَا لَا يُبْطِلُهَا أَوْ أَنْ يَحْمَدَ اللَّهَ عَقِبَ شُرْبِهِ انْعَقَدَ أَوْ أَنْ يُجَدِّدَ الْوُضُوءَ عِنْدَ مُقْتَضِيهِ فَكَذَلِكَ أَيْ: يَنْعَقِدُ. اهـ. نِهَايَةٌ عِبَارَةُ الْمُغْنِي، وَأَوْرَدَ عَلَى الضَّابِطِ مَا لَوْ قَالَ: إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُعَجِّلَ زَكَاةَ مَالِي فَإِنَّ الْأَصَحَّ فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ عَدَمُ انْعِقَادِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِقُرْبَةٍ نَعَمْ حَيْثُ قُلْنَا يُنْدَبُ تَعْجِيلُ الزَّكَاةِ كَأَنْ اشْتَدَّتْ حَاجَةُ الْمُسْتَحَقِّينَ بِهَا أَوْ الْتَمَسُوهَا مِنْ الْمُزَكِّي أَوْ قَوَّمَ السَّاعِي قَبْلَ تَمَامِ حَوْلِهِ فَيَنْبَغِي كَمَا قَالَ الْإِسْنَوِيُّ، وَغَيْرُهُ صِحَّةُ نَذْرِهِ، وَلَوْ نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَ فِي أَفْضَلِ الْأَوْقَاتِ فَقِيَاسُ مَا قَالُوهُ فِي الطَّلَاقِ لَيْلَةَ الْقَدْرِ أَوْ فِي أَحَبِّ الْأَوْقَاتِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى
قَالَ الزَّرْكَشِيُّ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَصِحَّ نَذْرُهُ، وَاَلَّذِي يَنْبَغِي الصِّحَّةُ، وَيَكُونُ كَنَذْرِهِ فِي أَفْضَلِ الْأَوْقَاتِ، وَلَوْ نَذَرَ أَنْ يَعْبُدَ اللَّهَ بِعِبَادَةٍ لَا يُشْرِكُهُ فِيهَا أَحَدٌ فَقِيلَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ وَحْدَهُ، وَقِيلَ يُصَلِّي دَاخِلَ الْبَيْتِ وَحْدَهُ، وَقِيلَ يَتَوَلَّى الْإِمَامَةَ الْعُظْمَى فَإِنَّ الْإِمَامَ لَا يَكُونُ إلَّا وَاحِدًا فَإِنْ انْفَرَدَ بِهَا وَاحِدٌ فَقَدْ قَامَ بِعِبَادَةٍ هِيَ أَعْظَمُ الْعِبَادَاتِ، وَيَنْبَغِي أَنَّهُ يَكْفِي أَيْ: وَاحِدٌ مِنْ ذَلِكَ، وَمَا رُدَّ بِهِ مِنْ أَنَّ الْبَيْتَ لَا يَخْلُو عَنْ طَائِفٍ مَلَكٍ أَوْ غَيْرِهِ مَرْدُودٌ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِمَا فِي ظَاهِرِ الْحَالِ. اهـ.
[كِتَابُ الْقَضَاءِ]
(قَوْلُهُ: بِالْمَدِّ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ: وَيُكْرَهُ طَلَبُهُ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ: فَفِيهِ اسْتِخْدَامٌ، وَمَا سَأُنَبِّهُ عَلَيْهِ وَقَوْلُهُ: وَاعْتَمَدَهُ الْبُلْقِينِيُّ إلَى وَخَرَجَ بِيَتَوَلَّاهُ. (قَوْلُهُ: وَإِمْضَاؤُهُ) عَطْفٌ مُغَايِرٌ اهـ ع ش. (قَوْلُهُ: وَجَاءَ) أَيْ لُغَةً اهـ ع ش. (قَوْلُهُ: أَوْ الْحُكْمُ إلَخْ) الْعَطْفُ بِأَوْ فِيهِ وَفِيمَا بَعْدَهُ لِتَنْوِيعِ الْقَضَاءِ الشَّرْعِيِّ لَا لِلتَّرَدُّدِ. اهـ. سَيِّدُ عُمَرَ أَقُولُ وَلَا يَظْهَرُ مُغَايَرَةٌ بَيْنَ الْأَخِيرَيْنِ وَيَأْتِي عَنْ الْمُغْنِي مَا هُوَ كَالصَّرِيحِ فِي الِاتِّحَادِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ إلْزَامُ مَنْ لَهُ إلَخْ) اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْمُغْنِي عِبَارَتُهُ وَشَرْعًا فَصْلُ الْخُصُومَةِ بَيْنَ خَصْمَيْنِ فَأَكْثَرَ بِحُكْمِ اللَّهِ تَعَالَى قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: الْحُكْمُ الَّذِي يَسْتَفِيدُهُ الْقَاضِي بِالْوِلَايَةِ هُوَ إظْهَارُ حُكْمِ الشَّرْعِ فِي الْوَاقِعَةِ فِيمَنْ يَجِبُ عَلَيْهِ إمْضَاؤُهُ فِيهِ بِخِلَافِ الْمُفْتِي فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ إمْضَاؤُهُ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَالْأَصْلُ) إلَى قَوْلِهِ وَمِنْ ثَمَّ فِي الْمُغْنِي.
(قَوْلُهُ: الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ) أَيْ: الَّذِي اتَّفَقَ عَلَيْهِ صَحِيحُ الْبُخَارِيِّ وَصَحِيحُ مُسْلِمٍ. (قَوْلُهُ: قَالَ) أَيْ: الْمُصَنِّفُ. (قَوْلُهُ: عَلَى أَنَّ هَذَا) أَيْ: الْخَبَرَ الْمَذْكُورَ. (قَوْلُهُ: مُجْتَهِدٍ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي أَهْلٍ لِلْحُكْمِ. اهـ. (قَوْلُهُ: أَمَّا غَيْرُهُ إلَخْ) اُنْظُرْ هَذَا الْإِطْلَاقَ مَعَ مَا يَأْتِي وَلَعَلَّهُ فِي غَيْرِهِ. اهـ. سم عِبَارَةُ السَّيِّدِ عُمَرَ قَوْلُهُ: أَمَّا غَيْرُهُ أَيْ: غَيْرُ الْعَالِمِ وَهُوَ الْجَاهِلُ وَلَا يَلِيقُ إبْقَاؤُهُ عَلَى ظَاهِرِهِ لِاقْتِضَائِهِ أَنَّ الْعَالِمَ الْمُقَلِّدَ آثِمٌ فِي جَمِيعِ أَحْكَامِهِ، وَإِنْ وَافَقَتْ الصَّوَابَ وَاقْتَضَتْ الضَّرُورَةُ تَوْلِيَتَهُ لِفَقْدِ غَيْرِهِ. اهـ. وَفِي الرَّشِيدِيِّ نَحْوُهَا.
(قَوْلُهُ: وَأَحْكَامُهُ كُلُّهَا مَرْدُودَةٌ) أَيْ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يُوَلِّهِ ذُو شَوْكَةٍ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ ابْنُ الرِّفْعَةِ. اهـ. رَشِيدِيٌّ أَيْ: فَلَا يُنَافِي قَوْلَ الْمُصَنِّفِ الْآتِيَ فَإِنْ: تَعَذَّرَ جَمْعُ هَذِهِ الشُّرُوطِ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: وَرَوَى الْأَرْبَعَةُ) أَيْ: الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ. (قَوْلُهُ: وَفَسَّرَ) أَيْ: الْخَبَرُ، أَوْ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِبَارَةُ الْمُغْنِي فَأَمَّا الَّذِي فِي الْجَنَّةِ فَرَجُلٌ عَرَفَ الْحَقَّ وَقَضَى بِهِ وَاَللَّذَانِ فِي النَّارِ رَجُلٌ عَرَفَ
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
وَإِنْ نَذَرَ تَطْيِيبَ سَائِرِ الْمَسْجِدِ فَالْمُخْتَارُ أَيْ: كَمَا فِي الْمَجْمُوعِ لُزُومُهُ دُونَ مَشَاهِدِ الْعُلَمَاءِ وَالْأَوْلِيَاءِ أَيْ: فَلَا يَنْعَقِدُ نَذْرُهُ تَطْيِيبَهَا كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ انْتَهَى، ثُمَّ قَالَ فِي شَرْحِهِ وَتَرَدَّدَ الْغَزَالِيُّ فِي انْعِقَادِ تَنْظِيفِ الْمَسْجِدِ مِنْ الْأَذَى وَالظَّاهِرُ الِانْعِقَادُ؛ لِأَنَّهُ قُرْبَةٌ انْتَهَى وَقَوْلُهُ السَّابِقُ: بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ قُرْبَةً تَلْزَمُ بِالنَّذْرِ إذَا كَانَ فِيهِ إلَخْ يَنْبَغِي أَنْ يَجْرِيَ مِثْلُهُ فِي مَشَاهِدِ الْعُلَمَاءِ وَالْأَوْلِيَاءِ إذَا كَانَ فِيهِ وِقَايَةُ الزَّائِرِينَ كَمَا ذَكَرَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ. -
(كِتَابُ الْقَضَاءِ)
(قَوْلُهُ: أَمَّا غَيْرُهُ) اُنْظُرْ هَذَا الْإِطْلَاقَ مَعَ مَا يَأْتِي وَلَعَلَّهُ فِي غَيْرِهِ.