للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالْوَكَالَةُ الْوَدِيعَةُ مُتَّحِدَانِ؛ لِأَنَّ الْإِيدَاعَ تَوْكِيلٌ وَالْأَوْجَهُ مَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ ثُمَّ رَأَيْت أَبَا زُرْعَةَ بَحَثَهُ وَكَأَنَّهُ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ وَعَلَّلَهُ بِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ وَالْأَصْلُ عَدَمُ انْتِقَالِ الْمِلْكِ عَنْ الدَّافِعِ وَعَدَمُ الصِّيغَةِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ الْمُشْتَرَطَةِ فِي الْقَرْضِ دُونَ الْوَدِيعَةِ ثُمَّ اسْتَدَلَّ بِمَا مَرَّ أَوَّلَ الْقَرْضِ أَنَّهُمَا لَوْ اخْتَلَفَا فِي ذِكْرِ الْبَدَلِ صُدِّقَ الْآخِذُ وَبِقَوْلِ الرَّوْضَةِ لَوْ بَعَثَ لِبَيْتِ مَنْ لَا دَيْنَ لَهُ عَلَيْهِ شَيْئًا ثُمَّ قَالَ بَعَثْتُهُ بِعِوَضٍ صُدِّقَ الْمَبْعُوثُ إلَيْهِ وَمَا نَحْنُ فِيهِ أَوْلَى وَإِنَّمَا صُدِّقَ مُطْعِمٌ مُضْطَرٌّ فِي أَنَّهُ بِعِوَضٍ حَمْلًا لِلنَّاسِ عَلَى هَذِهِ الْمَكْرُمَةِ الْعَظِيمَةِ وَإِبْقَاءِ النُّفُوسِ وَأَيْضًا الْأَصْلُ هُنَا عَدَمُ انْتِقَالِ الْمِلْكِ بِخِلَافِهِ ثَمَّ (، وَكَذَا) يُصَدَّقُ فِي (دَعْوَى الرَّدِّ فِي الْأَصَحِّ) كَالْوَكِيلِ بِجُعْلٍ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَ الْعَيْنَ لِمَنْفَعَةِ الْمَالِكِ، وَانْتِفَاعُهُ هُوَ لَيْسَ بِهَا بَلْ بِالْعَمَلِ فِيهَا وَبِهِ فَارَقَ الْمُرْتَهِنَ وَالْمُسْتَأْجَرَ، وَلَوْ ادَّعَى تَلَفًا أَوْ رَدًّا ثُمَّ أَكْذَبَ نَفْسَهُ ثُمَّ ادَّعَى أَحَدَهُمَا وَأَمْكَنَ قُبِلَ كَمَا لَوْ ادَّعَى الرِّبْحَ ثُمَّ أَكْذَبَ نَفْسَهُ ثُمَّ قَالَ خَسِرْت وَأَمْكَنَ.

(وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي الْمَشْرُوطِ) لَهُ أَهُوَ النِّصْفُ أَوْ الثُّلُثُ مَثَلًا (تَحَالَفَا) لِاخْتِلَافِهِمَا فِي عِوَضِ الْعَقْدِ مَعَ اتِّفَاقِهِمَا عَلَى صِحَّتِهِ فَأَشْبَهَا اخْتِلَافَ الْمُتَبَايِعَيْنِ (وَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ) لِتَعَذُّرِ رُجُوعِ عَمَلِهِ إلَيْهِ فَوَجَبَ لَهُ قِيمَتُهُ وَهُوَ أُجْرَةُ مِثْلِهِ وَلِلْمَالِكِ الرِّبْحُ كُلُّهُ وَلَا يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ هُنَا بِالتَّحَالُفِ نَظِيرُ مَا مَرَّ فِي الْبَيْعِ.

(كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ) هِيَ مُعَامَلَةٌ عَلَى تَعَهُّدِ شَجَرٍ بِجُزْءٍ مِنْ ثَمَرَتِهِ مِنْ السَّقْيِ الَّذِي هُوَ أَهَمُّ أَعْمَالِهَا

وَالْأَصْلُ فِيهَا قَبْلَ الْإِجْمَاعِ «مُعَامَلَتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَهُودَ خَيْبَرَ عَلَى نَخْلِهَا وَأَرْضِهَا بِشَطْرِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا مِنْ ثَمَرٍ أَوْ زَرْعٍ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ وَالْحَاجَةُ مَاسَّةٌ إلَيْهَا

ــ

[حاشية الشرواني]

الْوَكَالَةَ (قَوْلُهُ وَالْوَكَالَةُ الْوَدِيعَةُ إلَخْ) دَلِيلٌ لِمُخَالَفَةِ الْأَنْوَارِ (قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ مَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ) مَشَى فِي آخِرِ الْعَارِيَّةِ عَلَى خِلَافِ مَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ. اهـ سم (قَوْلُهُ بَحَثَهُ) أَيْ مَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ مِنْ تَصْدِيقِ الْآخِذِ، وَكَذَا ضَمِيرُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَكَأَنَّهُ إلَخْ) أَيْ أَبَا زُرْعَةَ وَكَذَا ضَمِيرُ وَعَلَّلَهُ الْمُسْتَتِرُ وَضَمِيرُ اسْتَدَلَّ (قَوْلُهُ لَهُ عَلَيْهِ) الضَّمِيرُ الْأَوَّلُ لِمَنْ وَالثَّانِي لِلْبَاعِثِ (قَوْلُهُ هُنَا) أَيْ فِيمَا نَحْنُ فِيهِ وَ (قَوْلُهُ ثَمَّ) أَيْ فِي مَسْأَلَةِ الْمُضْطَرِّ (قَوْلُهُ كَالْوَكِيلِ) إلَى الْكِتَابِ فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ يَجْعَلُ وَقَوْلُهُ، وَلَوْ ادَّعَى إلَى الْمَتْنِ (قَوْلُهُ وَانْتِفَاعُهُ) أَيْ الْعَامِلِ بِالرِّبْحِ (هُوَ لَيْسَ) أَيْ الِانْتِفَاعُ (بِهَا) أَيْ بِالْعَيْنِ.

قَوْلُ الْمَتْنِ (لَوْ اخْتَلَفَا إلَخْ) ، وَإِنْ قَالَ الْعَامِلُ قَارَضْتنِي فَقَالَ الْمَالِكُ وَكَّلْتُك صُدِّقَ الْمَالِكُ بِيَمِينِهِ وَلَا أُجْرَةَ لِلْعَامِلِ مُغْنِي وَرَوْضٌ وَفِي شَرْحِهِ فَإِنْ أَقَامَا بَيِّنَتَيْنِ فَالظَّاهِرُ تَقْدِيمُ بَيِّنَةِ الْعَامِلِ؛ لِأَنَّ مَعَهَا زِيَادَةَ عِلْمٍ. اهـ قَوْلُ الْمَتْنِ (تَحَالَفَا) ، وَلَوْ كَانَ الْقِرَاضُ لِمَحْجُورٍ عَلَيْهِ وَمُدَّعَى الْعَامِلِ دُونَ الْأُجْرَةِ فَلَا تَحَالُفَ كَنَظِيرِهِ فِي الصَّدَاقِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي وَشَرْحُ رَوْضٍ (قَوْلُهُ فَأَشْبَهَا) الظَّاهِرُ فَأَشْبَهَ أَيْ بِالْإِفْرَادِ لَكِنْ فِي أَصْلِهِ بِصُورَةِ التَّثْنِيَةِ فَهُوَ عَلَى تَقْدِيرِ مُضَافٍ. اهـ سَيِّدْ عُمَرْ أَيْ وَالْأَصْلُ أَشْبَهَ اخْتِلَافَهُمَا (قَوْلُهُ وَلَا يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ هُنَا بِالتَّحَالُفِ) بَلْ يَفْسَخَانِهِ أَوْ أَحَدُهُمَا أَوْ الْحَاكِمُ كَمَا فِي زِيَادَةِ الرَّوْضَةِ عَلَى الْبَيَانِ، وَإِنْ أَشْعَرَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ بِأَنَّهُ يَنْفَسِخُ بِمُجَرَّدِ التَّحَالُفِ وَصَرَّحَ بِهِ الرُّويَانِيُّ مُغْنِي وع ش وَذَكَرَ سم عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ مَا يُفِيدُهُ.

٢ -

(خَاتِمَةٌ)

لَوْ اشْتَرَى الْعَامِلُ، وَلَوْ ذِمِّيًّا مَا يَمْتَنِعُ بَيْعُهُ كَخَمْرٍ أَوْ أُمِّ وَلَدٍ وَسَلَّمَ لِلْبَائِعِ الثَّمَنَ ضَمِنَ، وَإِنْ كَانَ جَاهِلًا أَوْ قَارَضَهُ لِيَجْلُبَ مِنْ بَلْدَةٍ إلَى أُخْرَى لَمْ يَصِحَّ؛ لِأَنَّهُ عَمَلٌ زَائِدٌ عَلَى التِّجَارَةِ، وَلَوْ اشْتَرَى بِأَلْفَيْنِ لِمُقَارِضَيْنِ لَهُ رَقِيقَيْنِ فَاشْتَبَهَا عَلَيْهِ وَقَعَا لَهُ وَغَرِمَ لَهُمَا الْأَلْفَيْنِ لِتَفْرِيطِهِ بَعْدَ الْإِفْرَادِ لَا قِيمَتَهُمَا وَإِنْ مَاتَ الْعَامِلُ وَاشْتَبَهَ مَالُ الْقِرَاضِ بِغَيْرِهِ فَكَالْوَدِيعِ يَمُوتُ وَعِنْدَهُ الْوَدِيعَةُ وَاشْتَبَهَتْ بِغَيْرِهَا وَسَيَأْتِي فِي بَابِهِ وَإِنْ جَنَى عَبْدُ الْقِرَاضِ فَهَلْ يَفْدِيهِ الْعَامِلُ مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ كَالنَّفَقَةِ عَلَيْهِ أَوْ لَا وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا نَعَمْ. اهـ نِهَايَةٌ، وَكَذَا فِي الْمُغْنِي وَالرَّوْضِ مَعَ شَرْحِهِ إلَّا مَسْأَلَةَ مَوْتِ الْعَامِلِ وَقَوْلُهُ أَصَحُّهُمَا نَعَمْ فَقَالَا أَرْجَحُهُمَا لَا فَيَفْدِيهِ الْمَالِكُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ لَا مِنْ مَالِ الْقِرَاضِ كَمَا لَوْ أَبَقَ فَإِنَّ نَفَقَةَ رَدِّهِ عَلَى الْمَالِكِ، وَإِنْ كَانَ فِي الْمَالِ رِبْحٌ. اهـ.

[كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ]

[أَرْكَانُ الْمُسَاقَاةُ]

(كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ)

(قَوْلُهُ هِيَ مُعَامَلَةٌ) إلَى قَوْلِهِ وَأَفْتَى فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَبَالَغَ إلَى وَأَرْكَانُهَا وَإِلَى قَوْلِهِ وَلَيْسَ كَمَا زَعَمَ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَبِهِ يَنْدَفِعُ إلَى لَكِنْ انْتَصَرَ وَقَوْلُهُ وَأَشَارَ إلَيْهِ إلَى الْمَتْنِ (قَوْلُهُ مُعَامَلَةٌ) أَيْ صِيغَةٌ مَعْلُومَةٌ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ جَمِيعُ أَرْكَانِهَا اهـ بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ عَلَى تَعَهُّدِ شَجَرٍ) أَيْ مَخْصُوصٍ هُوَ النَّخْلُ وَالْعِنَبُ بِسَقْيٍ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ مِنْ السَّقْيِ) خَبَرٌ ثَانٍ لِقَوْلِهِ هِيَ عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَهِيَ مَأْخُوذَةٌ مِنْ السَّقْيِ بِفَتْحِ السِّينِ وَسُكُونِ الْقَافِ اهـ.

وَفِي ع ش عَنْ سم عَلَى مَنْهَجٍ، وَقِيلَ مِنْ السُّقِيِّ بِكَسْرِ الْقَافِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ وَهُوَ صِغَارُ النَّخْلِ اهـ

(قَوْلُهُ الَّذِي هُوَ إلَخْ) هَذَا فِي مَعْنَى الْعِلَّةِ لِأَخْذِهَا مِنْ السَّقْيِ دُونَ غَيْرِهِ وَالْمُرَادُ أَنَّ عَمَلَ الْعَامِلِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَاصِرًا عَلَى السَّقْيِ لَكِنَّهُ لَمَّا كَانَ أَكْثَرُ أَعْمَالِهِمَا نَفْعًا وَمُؤْنَةً أُخِذَتْ مِنْهُ (قَوْلُهُ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ) هَذَا صَرِيحٌ فِي أَنَّهَا مُجْمَعٌ عَلَيْهَا مَعَ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ مَنَعَهَا كَمَا سَيَأْتِي إلَّا أَنْ يُقَالَ لَمْ يُعْتَدَّ بِخِلَافِهِ لِشِدَّةِ ضَعْفِهِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ الْآتِي، وَبَالَغَ ابْنُ الْمُنْذِرِ إلَخْ (قَوْلُهُ وَالْحَاجَةُ مَاسَّةٌ إلَيْهَا إلَخْ) لِأَنَّ مَالِكَ الْأَشْجَارِ قَدْ لَا يُحْسِنُ تَعَهُّدَهَا أَوْ لَا يَتَفَرَّغُ لَهُ وَمَنْ يُحْسِنُ وَيَتَفَرَّغُ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

اعْتَمَدَ هَذَا م ر (قَوْلُهُ وَالْأَوْجَهُ مَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ) مَشَى فِي آخِرِ الْعَارِيَّةِ عَلَى خِلَافِ مَا قَالَهُ الْبَغَوِيّ (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ ادَّعَى الرِّبْحَ إلَخْ) ، وَإِنْ أَقَرَّ بِرِبْحٍ ثُمَّ ادَّعَى غَلَطًا أَوْ كَذِبًا لَمْ يُقْبَلْ قَالَهُ فِي الرَّوْضِ وَقَدْ تَقَدَّمَ هَذَا فِي الشَّرْحِ بِزِيَادَةٍ.

(قَوْلُهُ وَلَا يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ هُنَا بِالتَّحَالُفِ إلَخْ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَإِذَا تَحَالَفَا فُسِخَ الْعَقْدُ وَاخْتَصَّ الرِّبْحُ وَالْخُسْرَانُ بِالْمَالِكِ وَوَجَبَتْ الْأُجْرَةُ عَلَيْهِ لِلْعَامِلِ إلَخْ انْتَهَى وَقَوْلُ الشَّارِحِ وَلَا يَنْفَسِخُ الْعَقْدُ بِالتَّحَالُفِ لَا يُنَافِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الِانْفِسَاخَ غَيْرُ الْفَسْخِ انْتَهَى، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ

(كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>