وَالْإِجَارَةُ فِيهَا ضَرَرٌ بِتَغْرِيمِ الْمَالِكِ حَالًّا مَعَ أَنَّهُ قَدْ لَا يَطْلُعُ شَيْءٌ، وَقَدْ يَتَهَاوَنُ الْأَجِيرُ فِي الْعَمَلِ لِأَخْذِهِ الْأُجْرَةَ وَبَالَغَ ابْنُ الْمُنْذِرِ فِي رَدِّ مُخَالَفَةِ أَبِي حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِيهَا وَمِنْ ثَمَّ خَالَفَهُ صَاحِبَاهُ وَزَعْمُ أَنَّ الْمُعَامَلَةَ مَعَ الْكُفَّارِ تَحْتَمِلُ الْجَهَالَاتِ مَرْدُودٌ بِأَنَّ أَهْلَ خَيْبَرَ كَانُوا مُسْتَأْمَنِينَ وَأَرْكَانُهَا سِتَّةٌ عَاقِدَانِ وَمَوْرِدٌ وَعَمَلٌ وَثَمَرٌ وَصِيغَةٌ وَكُلُّهَا مَعَ شُرُوطِهَا تُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ (تَصِحُّ مِنْ) مَالِكٍ وَعَامِلٍ (جَائِزِ التَّصَرُّفِ) وَهُوَ الرَّشِيدُ الْمُخْتَارُ دُونَ غَيْرِهِ كَالْقِرَاضِ (وَ) تَصِحُّ (لِصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ) وَسَفِيهٍ مِنْ وَلِيِّهِمْ (بِالْوِلَايَةِ) عَلَيْهِمْ عِنْدَ الْمَصْلَحَةِ لِلِاحْتِيَاجِ إلَى ذَلِكَ وَلِبَيْتِ الْمَالِ مِنْ الْإِمَامِ وَلِلْوَقْفِ مِنْ نَاظِرِهِ، وَأَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ بِصِحَّةِ إيجَارِ الْوَلِيِّ لِبَيَاضِ أَرْضِ مُوَلِّيهِ بِأُجْرَةٍ هِيَ مِقْدَارُ مَنْفَعَةِ الْأَرْضِ وَقِيمَةِ الثَّمَرِ ثُمَّ مُسَاقَاةُ الْمُسْتَأْجِرِ بِسَهْمٍ لِلْمُوَلَّى مِنْ أَلْفِ سَهْمٍ بِشَرْطِ أَنْ لَا يُعَدَّ ذَلِكَ عُرْفًا غَبْنًا فَاحِشًا فِي عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ بِسَبَبِ انْضِمَامِهِ لِعَقْدِ الْإِجَارَةِ وَكَوْنُهُ نَقْصًا مَجْبُورٌ بِزِيَادَةِ الْأُجْرَةِ الْمَوْثُوقِ بِهَا وَرَدَّهُ الْبُلْقِينِيُّ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّهُمَا صِفَتَانِ مُتَبَايِنَتَانِ فَلَا تَنْجَبِرُ إحْدَاهُمَا بِالْأُخْرَى وَبِهِ يَنْدَفِعُ اسْتِشْهَادُ الزَّرْكَشِيّ لَهُ بِأَنَّ الْوَلِيَّ إذَا وَجَدَ مَا اشْتَرَاهُ لِلْمُوَلِّي مَعِيبًا وَالْغِبْطَةُ فِي إبْقَائِهِ أَبْقَاهُ، وَلَوْ بِلَا أَرْشٍ لَكِنْ انْتَصَرَ لَهُ أَبُو زُرْعَةَ بَعْدَ اعْتِمَادِهِ لَهُ بِأَنَّهُ مَا زَالَ يَرَى عُدُولَ النُّظَّارِ وَالْقُضَاةُ الْفُقَهَاءُ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ وَيَحْكُمُونَ بِهِ وَبِأَنَّهُمْ اغْتَفَرُوا الْغَبْنَ فِي أَحَدِ الْعَقْدَيْنِ لِاسْتِدْرَاكِهِ فِي الْآخَرِ لِتَعَيُّنِ الْمَصْلَحَةِ فِيهِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَى تَرْكِهَا ضَيَاعُ الشَّجَرِ وَالثَّمَرِ.
(وَمَوْرِدُهَا النَّخْلُ وَالْعِنَبُ) لِلنَّصِّ فِي النَّخْلِ وَأُلْحِقَ بِهِ الْعِنَبُ بِجَامِعِ وُجُوبِ الزَّكَاةِ وَإِمْكَانِ الْخَرْصِ وَتَجْوِيزُ صَاحِبِ الْخِصَالِ لَهَا عَلَى فُحُولِ النَّخْلِ مَقْصُودَةٌ مُنْظَرٌ فِيهِ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي مَعْنَى الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ وَبِأَنَّهُ بَنَاهُ عَلَى اخْتِيَارِهِ لِلْقَدِيمِ فِي قَوْلِهِ (وَجَوَّزَهَا الْقَدِيمُ فِي سَائِرِ الْأَشْجَارِ الْمُثْمِرَةِ)
ــ
[حاشية الشرواني]
قَدْ لَا يَمْلِكُ الْأَشْجَارَ فَيَحْتَاجُ ذَاكَ إلَى الِاسْتِعْمَالِ وَهَذَا إلَى الْعَمَلِ مُغْنِي وَشَرْحُ مَنْهَجٍ (قَوْلُهُ وَالْإِجَارَةُ إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ إنَّ الْحَاجَةَ تَنْدَفِعُ بِالْإِجَارَةِ
(قَوْلُهُ قَدْ لَا يَطْلُعُ إلَخْ) أَيْ قَدْ لَا يَحْصُلُ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الثِّمَارِ مُغْنِي وَشَرْحُ الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ فِي رَدِّ مُخَالَفَةِ أَبِي حَنِيفَةَ إلَخْ) وَالرَّدُّ مُضَافٌ إلَى مَفْعُولِهِ وَالْمُخَالَفَةُ إلَى فَاعِلِهِ (قَوْلُهُ وَمِنْ ثَمَّ) أَيْ مِنْ أَجْلِ اشْتِدَادِ ضَعْفِ مَنْعِ أَبِي حَنِيفَةَ لِلْمُسَاقَاةِ (قَوْلُهُ وَزَعْمُ إلَخْ) رَدٌّ لِجَوَابِ أَبِي حَنِيفَةَ عَنْ الْخَبَرِ بِأَنَّ الْمُعَامَلَةَ إلَخْ (قَوْلُهُ مَرْدُودٌ بِأَنَّ أَهْلَ خَيْبَرَ إلَخْ) أَيْ وَالْمُعَامَلَةُ إنَّمَا تَحْتَمِلُ الْجَهَالَاتِ مَعَ الْحَرْبِيِّينَ رَشِيدِيٌّ وَعِ ش (قَوْلُهُ وَعَامِلٌ إلَخْ) وَلَوْ كَانَ الْعَامِلُ صَبِيًّا لَمْ تَصِحَّ وَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَيَضْمَنُ بِالْإِتْلَافِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُسَلِّطْهُ عَلَى الْإِتْلَافِ لَا بِالتَّلَفِ وَلَوْ بِتَقْصِيرٍ م ر اهـ سم عَلَى حَجّ وَقَوْلُهُ لَمْ تَصِحَّ أَيْ إذَا عَقَدَهَا بِنَفْسِهِ بِخِلَافِ مَا لَوْ عَقَدَ لَهُ وَلِيُّهُ لِمَصْلَحَتِهِ فَيَنْبَغِي الصِّحَّةُ كَإِيجَارَةٍ لِلرَّعْيِ مَثَلًا وَقَدْ يَشْمَلُهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلِصَبِيٍّ بِأَنْ يُرَادَ فِي مَالِهِ أَوْ ذَاتِهِ لِيَكُونَ عَامِلًا اهـ ع ش (قَوْلُهُ دُونَ غَيْرِهِ) أَيْ جَائِزُ التَّصَرُّفِ
(قَوْلُهُ تَصِحُّ) اسْتَغْنَى الْمُحَلَّى وَالْمُغْنِي عَنْ تَقْدِيرِهِ وَتَقْدِيرِ قَوْلِهِ مِنْ وَلِيِّهِمْ بِتَقْدِيرِ لِنَفْسِهِ عَقِبَ جَائِزِ التَّصَرُّفِ وَالْمَعْنَى حِينَئِذٍ كَمَا فِي الرَّشِيدِيِّ تَصِحُّ مِنْ جَائِزِ التَّصَرُّفِ وَصِحَّتُهَا مِنْهُ لَا فَرْقَ فِيهَا بَيْنَ كَوْنِهَا لِنَفْسِهِ بِالْأَصَالَةِ وَبَيْنَ كَوْنِهَا لِصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ بِالْوِلَايَةِ (قَوْلُهُ وَلِبَيْتِ الْمَالِ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ وَفِي مَعْنَى الْوَلِيِّ الْإِمَامُ فِي بَسَاتِينِ بَيْتِ الْمَالِ وَمَنْ لَا يُعْرَفُ مَالِكُهُ، وَكَذَا بَسَاتِينُ الْغَائِبِ فِيمَا يَظْهَرُ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ اهـ وَكَذَا فِي الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ لَكِنْ بِلَفْظٍ كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ (قَوْلُهُ مِنْ الْإِمَامِ) أَيْ أَوْ نَائِبِهِ، وَلَوْ تَبَيَّنَ الْمَالِكُ بَعْدَ ذَلِكَ هَلْ يَصِحُّ التَّصَرُّفُ أَمْ لَا فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ نَائِبُ الْمَالِكِ ثُمَّ إنْ كَانَتْ الثَّمَرَةُ بَاقِيَةً أَخَذَهَا وَإِلَّا رَجَعَ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ اهـ ع ش
(قَوْلُهُ أَرْضِ مُوَلِّيهِ) أَيْ أَرْضِ بُسْتَانِهِ (قَوْلُهُ وَقِيمَةِ الثَّمَرِ) عَطْفٌ عَلَى مَنْفَعَةِ إلَخْ وَ (قَوْلُهُ ثُمَّ مُسَاقَاةِ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى إيجَارِ إلَخْ (قَوْلُهُ بِسَبَبِ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ أَنْ لَا يَعُدَّ أَيْ بِعَدَمِ الْعَدِّ (قَوْلُهُ وَرَدَّهُ الْبُلْقِينِيُّ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَرَدُّ الْبُلْقِينِيِّ إلَخْ مَرْدُودٌ كَمَا قَالَهُ الْوَلِيُّ الْعِرَاقِيُّ بِأَنَّهُ لَمْ يَزُلْ إلَخْ اهـ.
(قَوْلُهُ انْتَصَرَ لَهُ) أَيْ لِابْنِ الصَّلَاحِ وَقَدْ يُقَالُ إنْ كَانَ الْحَالُ بِحَيْثُ لَوْ لَمْ يُضَمَّ أَحَدُ الْعَقْدَيْنِ إلَى الْآخَرِ يَحْصُلُ مِنْ مَجْمُوعِهِمَا أَكْثَرُ مِمَّا يَحْصُلُ مَعَ الِانْضِمَامِ فَالْوَجْهُ امْتِنَاعُ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ، وَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ لَمْ يَحْصُلْ هَذَا الضَّمُّ حَصَلَ أَقَلُّ أَوْ تَعَطَّلَ أَحَدُ الْعَقْدَيْنِ وَلَمْ يَرْغَبْ فِيهِ فَالْوَجْهُ جَوَازُ مَا ذَكَرَهُ بَلْ وُجُوبُهُ وَقَدْ يُشِيرُ إلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ لِتَعْيِينِ الْمَصْلَحَةِ إلَخْ سم عَلَى حَجّ اهـ ع ش بَقِيَ مَا لَوْ تَسَاوَى الْحَاصِلَانِ وَلَمْ يَخَفْ التَّعَطُّلُ وَلَعَلَّ الْأَقْرَبَ حِينَئِذٍ عَدَمُ الْجَوَازِ لِعَدَمِ الْمَصْلَحَةِ فَلْيُحَرَّرْ
(قَوْلُهُ وَيَحْكُمُونَ بِهِ) أَيْ فَصَارَ كَالْمُجْمَعِ عَلَيْهِ اهـ ع ش.
قَوْلُ الْمَتْنِ (وَمَوْرِدُهَا) أَيْ مَا يَرِدُ صِيغَةُ عَقْدِ الْمُسَاقَاةِ عَلَيْهِ أَصَالَةً اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ وَتَجَوَّزَ صَاحِبُ الْخِصَالِ إلَخْ) وِفَاقًا لِلنِّهَايَةِ عِبَارَتُهُ وَمَوْرِدُهَا النَّخْلُ، وَلَوْ ذُكُورًا كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُ وَصَرَّحَ بِهِ الْخَفَّافُ وَقَدْ يُنَازَعُ فِيهِ بِأَنَّهُ لَيْسَ إلَخْ اهـ قَالَ ع ش قَوْلُهُ الْخَفَّافُ هُوَ صَاحِبُ الْخِصَالِ اهـ عِبَارَةُ الْحَلَبِيِّ قَوْلُهُ كَوْنُهُ نَخْلًا وَلَوْ ذُكُورًا م ر وَذَكَرَ أَهْلُ الْخِبْرَةِ أَنَّ ذُكُورَ النَّخْلِ قَدْ تُثْمِرُ اهـ قَوْلُ الْمَتْنِ (فِي سَائِرِ الْأَشْجَارِ الْمُثْمِرَةِ) احْتَرَزَ بِالْأَشْجَارِ عَمَّا لَا سَاقَ لَهُ كَالْبِطِّيخِ وَقَصَبِ السُّكَّرِ
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
قَوْلُهُ مَرْدُودٌ بِأَنَّ أَهْلَ خَيْبَرَ إلَخْ) يُتَأَمَّلُ هَذَا الرَّدُّ (قَوْلُهُ كَانُوا مُسْتَأْمَنِينَ) أَيْ وَهُمْ لَهُمْ أَحْكَامُ الْمُسْلِمِينَ (قَوْلُهُ وَلِبَيْتِ الْمَالِ مِنْ الْإِمَامِ إلَخْ) عِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ وَفِي مَعْنَى الْوَلِيِّ الْإِمَامُ فِي بَسَاتِينِ بَيْتِ الْمَالِ وَمَنْ لَا يُعْرَفُ مَالِكُهُ وَكَذَا بَسَاتِينُ الْغَائِبِ فِيمَا يَظْهَرُ قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ اهـ.
(فَرْعٌ)
لَوْ كَانَ الْعَامِلُ صَبِيًّا لَمْ يَصِحَّ وَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ وَيَضْمَنُ الصَّبِيُّ بِالْإِتْلَافِ لَا بِالتَّلَفِ وَلَوْ بِتَقْصِيرٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُسَلِّطْهُ عَلَى الْإِتْلَافِ م ر (قَوْلُهُ لَكِنْ انْتَصَرَ لَهُ أَبُو زُرْعَةَ إلَى قَوْلِهِ وَبِأَنَّهُمْ اغْتَفَرُوا الْغَبْنَ إلَخْ) قَدْ يُقَالُ إنْ كَانَ الْحَالُ بِحَيْثُ لَوْ لَمْ يَنْضَمَّ أَحَدُ الْعَقْدَيْنِ إلَى الْآخَرِ حَصَلَ مِنْ مَجْمُوعِهِمَا أَكْثَرُ مِمَّا يَحْصُلُ مَعَ الِانْضِمَامِ فَالْوَجْهُ امْتِنَاعُ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ، وَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ لَمْ يَحْصُلْ هَذَا الضَّمُّ حَصَلَ أَقَلُّ أَوْ تَعَطَّلَ أَحَدُ الْعَقْدَيْنِ، وَلَمْ يَرْغَبْ فِيهِ فَالْوَجْهُ جَوَازُ مَا ذَكَرَهُ بَلْ وُجُوبُهُ وَقَدْ يُشِيرُ إلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ لِتَعَيُّنِ الْمَصْلَحَةِ إلَخْ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي مَعْنَى الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ) كَانَ وَجْهُ هَذَا النَّفْيِ أَنَّهُ