للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَا لَوْ قَالَ كَانَ بَعْضُ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَغْوٌ أَيْضًا لِاحْتِمَالِ سَبْقِ تَعْلِيقٍ أَوْ وَعْدٍ يَئُولُ إلَيْهِ أَوْ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ الْأَمْرَ عَلَى مَا تَقُولُ فَكَذَلِكَ كَمَا نَقَلَاهُ وَأَقَرَّاهُ؛ لِأَنَّهُ أَمَرَهُ أَنْ يَعْلَمَ، وَلَمْ يَحْصُلْ هَذَا الْعِلْمُ.

وَلَوْ أَوْقَعَ مَا لَا يُوقِعُ شَيْئًا أَوْ لَا يُوقِعُ إلَّا وَاحِدَةً كَأَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ فَظَنَّهُ ثَلَاثًا فَأَقَرَّ بِهَا بِنَاءً عَلَى ذَلِكَ الظَّنِّ قُبِلَ مِنْهُ دَعْوَى ذَلِكَ إنْ كَانَ مِمَّنْ يَخْفَى عَلَيْهِ وَيَجْرِي ذَلِكَ فِيمَا لَوْ عَلَّقَهَا بِفِعْلٍ لَا يَقَعُ بِهِ مَعَ الْجَهْلِ أَوْ النِّسْيَانِ فَأَقَرَّ بِهَا ظَانًّا وُقُوعَهَا، وَفِيمَا لَوْ فَعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ نَاسِيًا فَظَنَّ الْوُقُوعَ فَفَعَلَهُ عَامِدًا فَلَا يَقَعُ بِهِ لِظَنِّهِ زَوَالَ التَّعْلِيقِ مَعَ شَهَادَةِ قَرِينَةِ النِّسْيَانِ لَهُ بِصِدْقِهِ فِي هَذَا الظَّنِّ فَهُوَ أَوْلَى مِنْ جَاهِلٍ بِالْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ مَعَ عِلْمِهِ بِبَقَاءِ الْيَمِينِ كَمَا مَرَّ، وَإِنَّمَا لَمْ يُقْبَلْ مَنْ قَالَ: أَنْتِ بَائِنٌ ثُمَّ أَوْقَعَ الثَّلَاثَ بَعْدَ زَمَنٍ تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ ثُمَّ قَالَ نَوَيْت بِالْكِنَايَةِ الطَّلَاقَ فَهِيَ بَائِنٌ حَالَةَ إيقَاعِ الثَّلَاثِ؛ لِأَنَّهُ هُنَا مُتَّهَمٌ بِرَفْعِهِ الثَّلَاثَ الْمُوجِبَةَ لِلتَّحْلِيلِ اللَّازِمِ لَهُ وَلَوْ قِيلَ لَهُ قُلْ هِيَ طَالِقٌ فَقَالَ ثَلَاثًا فَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ إنْ نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ الثَّلَاثَ وَأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى مُقَدَّرٍ، وَهُوَ هِيَ طَالِقٌ وَقَعْنَ، وَإِلَّا لَمْ يَقَعْ شَيْءٌ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ قِيلَ لَهُ سَرِّحْهَا فَقَالَ سَبْعِينَ وَلَوْ قَالَ لِمَنْ فِي عِصْمَتِهِ طَلَّقْتُك ثَلَاثًا يَوْمَ كَذَا فَبَانَ أَنَّهَا ذَلِكَ الْيَوْمَ بَائِنٌ مِنْهُ وَقَعَ عَلَيْهِ الثَّلَاثُ وَحُكِمَ بِغَلَطِهِ فِي التَّارِيخِ ذَكَرَهُ أَبُو زُرْعَةَ

(فَصْلٌ) فِي أَنْوَاعٍ أُخْرَى مِنْ التَّعْلِيقِ (عَلَّقَ) بِمُسْتَحِيلٍ عَقْلًا كَإِنْ أَحْيَيْت مَيِّتًا أَيْ أَوْجَدْت الرُّوحَ فِيهِ مَعَ مَوْتِهِ أَوْ شَرْعًا كَإِنْ نُسِخَ صَوْمُ رَمَضَانَ أَوْ عَادَةً كَإِنْ صَعِدْت السَّمَاءَ لَمْ يَقَعْ فِي الْحَالِ شَيْءٌ فَالْيَمِينُ مُنْعَقِدَةٌ فَيَحْنَثُ بِهَا الْمُعَلِّقُ عَلَى الْحَلِفِ وَيَأْتِي فِي وَاَللَّهِ لَا أَصْعَدُ السَّمَاءَ أَنَّهَا لَا تَنْعَقِدُ لَكِنْ لَا لِمَا هُنَا بَلْ؛ لِأَنَّ امْتِنَاعَ الْحِنْثِ لَا يُخِلُّ بِتَعْظِيمِ اسْمِ اللَّهِ، وَمِنْ ثَمَّ انْعَقَدَتْ فِي لَأَقْتُلَن فُلَانًا، وَهُوَ مَيِّتٌ مَعَ تَعْلِيقِهَا بِمُسْتَحِيلٍ؛ لِأَنَّ امْتِنَاعَ الْبِرِّ يَهْتِكُ حُرْمَةَ الْإِثْمِ فَيُحْوِجُ إلَى التَّكْفِيرِ أَوْ بِنَحْوِ دُخُولِهِ فَحُمِلَ سَاكِتًا قَادِرًا عَلَى الِامْتِنَاعِ وَأُدْخِلَ

ــ

[حاشية الشرواني]

الْفَصْلِ فِي النِّهَايَةِ

(قَوْلُهُ: وَمَا لَوْ قَالَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَلَوْ قِيلَ لَهُ أَطَلَّقْت ثَلَاثًا فَقَالَ قَدْ كَانَ بَعْضُ ذَلِكَ فَلَيْسَ إقْرَارًا بِالطَّلَاقِ لِاحْتِمَالِ إلَخْ فَلَوْ فَسَّرَ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ قُبِلَ وَلَوْ قِيلَ لَهُ إنْ جَاءَ زَيْدٌ فَامْرَأَتُك طَالِقٌ فَقَالَ نَعَمْ لَمْ يَكُنْ تَعْلِيقًا وَلَوْ قِيلَ لَهُ أَلَك زَوْجَةٌ فَقَالَ لَا لَمْ تَطْلُقْ، وَإِنْ نَوَى؛ لِأَنَّهُ كَذِبٌ مَحْضٌ وَلَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ مَا أَنْتِ لِي بِشَيْءٍ كَانَ لَغْوًا لَا يَقَعُ بِهِ طَلَاقٌ، وَإِنْ نَوَى وَلَوْ قَالَ امْرَأَتِي طَلَّقَهَا زَوْجُهَا، وَلَمْ تَتَزَوَّجْ غَيْرَهُ طَلُقَتْ اهـ مُغْنِي، وَفِي الْبُجَيْرِمِيِّ عَنْ الْقَلْيُوبِيِّ لَوْ قِيلَ لَهُ أَلَك عُرْسٌ أَوْ زَوْجَةٌ فَقَالَ لَا أَوْ أَنَا عَازِبٌ فَهُوَ كِنَايَةٌ عِنْدَ شَيْخِنَا وَلَغْوٌ عِنْدَ الْخَطِيبِ اهـ

(قَوْلُهُ: فَكَذَلِكَ) أَيْ لَغْوٌ

(قَوْلُهُ: كَأَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ) أَيْ فَإِنَّهُ لَا يُوقِعُ شَيْئًا إنْ لَمْ يَنْوِ وَيُوقِعُ وَاحِدَةً إنْ نَوَى فَهُوَ مِثَالٌ لَهُمَا، وَقَوْلُهُ: قُبِلَ مِنْهُ أَيْ ظَاهِرًا اهـ ع ش

(قَوْلُهُ: لَوْ عَلَّقَهَا) أَيْ الطَّلْقَةَ أَوْ الثَّلَاثَ اهـ سَيِّدُ عُمَرَ

(قَوْلُهُ: بِفِعْلٍ) أَيْ لِنَفْسِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ أَوْ لَهُمَا

(قَوْلُهُ: مَعَ الْجَهْلِ إلَخْ) أَيْ أَوْ الْإِكْرَاهِ

(قَوْلُهُ: وَفِيمَا لَوْ فَعَلَ إلَخْ) أَيْ الْمُعَلَّقُ بِفِعْلِهِ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ الْمُبَالِي

(قَوْلُهُ: فَظَنَّ الْوُقُوعَ) أَيْ وَانْحِلَالَ الْيَمِينِ (قَوْلُهُ مَعَ شَهَادَةِ قَرِينَةِ النِّسْيَانِ لَهُ إلَخْ) لَمْ يَظْهَرْ وَجْهُ الشَّهَادَةِ الْمَذْكُورَةِ وَلَعَلَّ الْمُنَاسِبَ أَنْ يَقُولَ مَعَ شَهَادَة ظَنِّ الْوُقُوعِ بِفِعْلِهِ نَاسِيًا بِصِدْقِهِ فِي هَذَا الظَّنِّ أَيْ ظَنِّ زَوَالِ التَّعْلِيقِ (قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي شَرْحِ فَفَعَلَهُ نَاسِيًا لِلتَّعْلِيقِ

(قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا لَمْ يُقْبَلْ إلَخْ) أَيْ ظَاهِرًا وَيَدِينُ اهـ ع ش

(قَوْلُهُ: اللَّازِمُ لَهُ) يُغْنِي عَنْهُ مَا قَبْلَهُ

(قَوْلُهُ: فَقَالَ ثَلَاثًا) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ قَالَ الثَّلَاثَ أَوْ هِيَ الثَّلَاثَ فَلَا طَلَاقَ، وَإِنْ نَوَاهُ عَلَى مَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ أَوْ قَالَ: أَنْتِ الثَّلَاثُ وَنَوَى الطَّلَاقَ لَمْ يَقَعْ إلَخْ اهـ ع ش

(قَوْلُهُ: وَأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى مُقَدَّرٍ) قَدْ يُقَالُ إذَا قَدَّرَ مَا ذَكَرَ فَأَيُّ حَاجَةٍ لِلنِّيَّةِ اهـ سَيِّدُ عُمَرَ أَقُولُ وَالْمُحْوِجُ ضَعْفُ دَلَالَةِ الْمُقَدَّرِ

(قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ انْتَفَى الْأَمْرَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا (قَوْلُهُ فَبَانَ أَنَّهَا ذَلِكَ الْيَوْمَ بَائِنٌ) أَيْ لِكَوْنِهِ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ ثُمَّ جَدَّدَ بَعْدَ ذَلِكَ الْيَوْمِ أَوْ لِعَدَمِ تَزَوُّجِهَا إذْ ذَاكَ اهـ ع ش

(قَوْلُهُ: وَقَعَ عَلَيْهِ الثَّلَاثُ) أَيْ ظَاهِرًا اهـ ع ش أَوْ يَدِينُ

[فَصْلٌ فِي أَنْوَاع أُخْرَى مِنْ تَعْلِيق الطَّلَاق]

(فَصْلٌ) فِي أَنْوَاعٍ أُخْرَى مِنْ التَّعْلِيقِ (قَوْلُهُ بِمُسْتَحِيلٍ) إلَى قَوْلِهِ وَيَأْتِي فِي النِّهَايَةِ

(قَوْلُهُ: بِمُسْتَحِيلٍ) أَيْ إثْبَاتًا كَمَا فِي هَذِهِ الْأَمْثِلَةِ بِخِلَافِ النَّفْيِ كَإِنْ لَمْ تَصْعَدِي إلَخْ فَإِنَّ حُكْمَهُ الْوُقُوعُ حَالًا كَمَا سَيُصَرِّحُ بِهِ قَرِيبًا فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَالصُّورَتَانِ فِيمَنْ لَمْ يَقْصِدْ تَعْرِيفًا اهـ رَشِيدِيٌّ

(قَوْلُهُ: أَيْ أَوْجَدْت الرُّوحَ فِيهِ مَعَ مَوْتِهِ) أَيْ فَيَصِيرُ مَيِّتًا حَيًّا حَتَّى يَكُونَ مِنْ الْمُحَالِ عَقْلًا اهـ رَشِيدِيٌّ أَيْ: وَأَمَّا الْإِحْيَاءُ بَعْدَ مَوْتِهِ فَهُوَ مِنْ الْمُسْتَحِيلِ عَادَةً لَا عَقْلًا

(قَوْلُهُ: لَمْ يَقَعْ فِي الْحَالِ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُنْجِزْ الطَّلَاقَ، وَإِنَّمَا عَلَّقَهُ، وَلَمْ تُوجَدْ الصِّفَةُ اهـ كُرْدِيٌّ

(قَوْلُهُ: فِي الْحَالِ) لَعَلَّ التَّقْيِيدَ بِهِ نَظَرًا لِاحْتِمَالِ وُجُودِ الْمُعَلَّقِ عَلَيْهِ فِي الثَّالِثِ فَقَطْ

(قَوْلُهُ: فَالْيَمِينُ مُنْعَقِدَةٌ إلَخْ) أَيْ حَيْثُ قَصَدَ مَنْعَهَا مِنْ الصُّعُودِ، وَإِنْ كَانَ مُسْتَحِيلًا، وَإِلَّا فَلَا يَكُونُ حَلِفًا، وَلَا يَحْنَثُ بِهِ مَنْ عَلَّقَ عَلَى الْحَلِفِ اهـ ع ش أَقُولُ فِي كَوْنِ الْأَوَّلَيْنِ لَا سِيَّمَا الثَّانِي حَلِفًا نَظَرٌ (قَوْلُهُ فَيَحْنَثُ بِهَا الْمُعَلِّقُ عَلَى الْحَلِفِ) أَيْ الَّذِي عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى حَلِفِهِ كَأَنْ قَالَ إنْ حَلَفْتُ بِطَلَاقِك فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ قَالَ إنْ أَحْيَيْتُ مَيِّتًا فَأَنْتِ طَالِقٌ وَقَعَ الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ بِالْحَلِفِ فِي الْحَالِ دُونَ الْآخَرِ

(قَوْلُهُ: وَيَأْتِي) أَيْ قُبَيْلَ قَوْلِ الْمَتْنِ وَلَوْ قَالَ لِثَلَاثٍ

(قَوْلُهُ: لَكِنْ لَا لِمَا هُنَا) أَيْ مِنْ الِاسْتِحَالَةِ

(قَوْلُهُ: بَلْ؛ لِأَنَّ امْتِنَاعَ الْحِنْثِ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْهُ الِانْعِقَادُ فِي الطَّلَاقِ كَعَلَيَّ الطَّلَاقُ لَا أَصْعَدُ السَّمَاءَ فَيَحْنَثُ بِهَا الْمُعَلِّقُ عَلَى الْحَلِفِ فَلْيُرَاجَعْ اهـ سم أَقُولُ هَذَا ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ عَلَيَّ الطَّلَاقُ لَا أَصْعَدُ السَّمَاءَ مَعْنَاهُ إنْ صَعِدْت السَّمَاءَ فَأَنْتِ طَالِقٌ

(قَوْلُهُ: مَعَ تَعْلِيقِهَا) أَيْ الْيَمِينِ بِاَللَّهِ (قَوْلُهُ أَوْ بِنَحْوِ دُخُولِهِ) عَطْفٌ عَلَى بِمُسْتَحِيلٍ، وَهُوَ إلَى الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ: وَفِيهِ مَا فِيهِ

(قَوْلُهُ: فَحُمِلَ سَاكِنًا إلَخْ) وَإِنَّمَا لَمْ يَحْنَثْ بِذَلِكَ لِعَدَمِ نِسْبَةِ الْفِعْلِ لِلْحَالِفِ بِخِلَافِ دُخُولِهِ رَاكِبَ دَابَّةٍ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ لِنِسْبَةِ الْفِعْلِ إلَيْهِ عُرْفًا، وَإِنْ كَانَ زِمَامُهَا بِيَدِ غَيْرِهِ وَيَنْبَغِي

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

فَصْلُ فِي أَنْوَاعٍ أُخْرَى مِنْ التَّعْلِيقِ)

(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ امْتِنَاعَ الْحِنْثِ لَا يُخِلُّ بِتَعْظِيمِ اسْمِ اللَّهِ) قَدْ يُؤْخَذُ مِنْهُ الِانْعِقَادُ فِي الطَّلَاقِ كَعَلَيَّ الطَّلَاقُ لَا أَصْعَدُ السَّمَاءَ فَيَحْنَثُ بِهَا الْمُعَلِّقُ عَلَى الْحَلِفِ فَلْيُرَاجَعْ

(قَوْلُهُ:

<<  <  ج: ص:  >  >>