للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَيَرْجِعُ هَذَا عَلَى الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَيَظْهَرُ أَثَرُ النِّزَاعِ فِيمَا ذُكِرَ عِنْدَ إفْلَاسِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ.

(فَرْعٌ) أَفْتَى بَعْضُهُمْ فِيمَنْ أَقَرَّ أَنَّ مَدِينَهُ أَحَالَهُ عَلَى فُلَانٍ فَأَنْكَرَ الْمَدِينُ الْحَوَالَةَ وَحَلَفَ عَلَى نَفْيِهَا بِأَنَّهُ لَا يَبْرَأُ مِنْ الدَّيْنِ لِأَنَّهُ إنْ صَدَّقَ فَالدَّيْنُ بَاقٍ بِحَالِهِ وَإِنْ كَذَّبَ فَقَدْ أَحَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَقِّهِ بِجَحْدِهِ حَلِفَهُ وَذَلِكَ يَقْتَضِي الضَّمَانَ وَلَا نَظَرَ إلَى أَنَّ الدَّائِنَ اعْتَرَفَ بِبَرَاءَةِ الْمَدِينِ لِأَنَّ اعْتِرَافَهُ إنَّمَا صَدَرَ فِي مُقَابَلَةِ مَا ثَبَتَ لَهُ عَلَى فُلَانٍ فَإِذَا لَمْ يَثْبُتْ رَجَعَ إلَى حَقِّهِ وَقَدْ نَصَّ فِي الْأُمِّ عَلَى هَذَا فِي نَظِيرِ مَسْأَلَتِنَا فَقَالَ فِيمَا إذَا أَقَرَّ أَحَدُ ابْنَيْنِ بِأَخٍ وَكَذَّبَهُ الْآخَرُ لَا يَثْبُتُ الْإِرْثُ كَمَا لَوْ قَالَ اشْتَرَيْتُ مِنْك هَذِهِ الدَّارَ بِأَلْفٍ وَأَنْكَرَ الْبَائِعُ لَا يُسْتَحَقُّ عَلَيْهِ الْأَلْفُ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَثْبَتَهَا فِي مُقَابَلَةِ مَا يَثْبُتُ لَهُ وَلَمْ يَثْبُتْ اهـ وَفِيهِ نَظَرٌ أَمَّا أَوَّلًا فَلِأَنَّهُ لَا نَظَرَ لِإِنْكَارِ الْمَدِينِ وَإِنَّمَا النَّظَرُ لِإِقْرَارِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ إقْرَارُهُ لَا يُقْبَلُ عَلَى الْمُحِيلِ فَلَهُ تَغْرِيمُهُ أَيْضًا وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْمُحْتَالِ بِشَيْءٍ وَإِنْ فَرَضَ أَنَّهُ بَانَ أَنْ لَا حَوَالَةَ أَوْ لِإِنْكَارِهِ فَلَمْ تَقَعْ الْإِحَالَةُ مِنْ الْمُحِيلِ وَحْدَهُ وَأَمَّا ثَانِيًا فَمَا ذُكِرَ عَنْ الْأُمِّ لَا شَاهِدَ فِيهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِأَنَّ الْمُقِرَّ ذَكَرَ الْمُقَابِلَ فِي إقْرَارِهِ فَكَانَ قَرِينَةً ظَاهِرَةً عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا ذَكَرَ الْأَلْفَ لِيَأْخُذَ مُقَابِلَهُ وَهُنَا لَمْ يَذْكُرْ مُقَابِلًا وَإِنَّمَا جَزَمَ بِتَحَوُّلِ حَقِّهِ مِنْ ذِمَّةِ الْمُحِيلِ إلَى ذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ رُجُوعٌ إلَى مُطَالَبَةِ الْمُحِيلِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ مُكَذِّبًا لِنَفْسِهِ صَرِيحًا.

(بَابُ الضَّمَانِ) الشَّامِلُ لِلْكَفَالَةِ هُوَ لُغَةً الِالْتِزَامُ وَشَرْعًا يُطْلَقُ عَلَى الْتِزَامِ الدَّيْنِ وَالْبَدَنِ وَالْعَيْنِ الْآتِي كُلٌّ مِنْهَا وَعَلَى الْعَقْدِ الْمُحَصَّلِ لِذَلِكَ وَيُسَمَّى مُلْتَزِمُ ذَلِكَ ضَامِنًا وَضَمِينًا وَحَمِيلًا وَزَعِيمًا

ــ

[حاشية الشرواني]

الْمُسْتَحَقِّ مِنْهُ اهـ سم وَالظَّاهِرُ لَا لِظُهُورِ الْفَرْقِ بَيْنَ مَا هُنَا وَمَا سَبَقَ فَلْيُرَاجَعْ.

(قَوْلُهُ عِنْدَ إفْلَاسِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ) أَيْ وَنَحْوِهِ

[فَرْعٌ أَقَرَّ أَنَّ مَدِينَهُ أَحَالَهُ عَلَى فُلَانٍ فَأَنْكَرَ الْمَدِينُ الْحَوَالَةَ وَحَلَفَ عَلَى نَفْيِهَا]

(قَوْلُهُ بِأَنَّهُ) (وَقَوْلُهُ لِأَنَّهُ) أَيْ الْمَدِينَ (قَوْلُهُ فَالدَّيْنُ) أَيْ دَيْنُ الْمُقِرِّ الْمَذْكُورُ (قَوْلُهُ أَحَالَ بَيْنَهُ) أَيْ أَحَالَ الْمَدِينُ بَيْنَ الْمُحْتَالِ (قَوْلُهُ وَذَلِكَ) أَيْ الْإِحَالَةُ (قَوْلُهُ مَا ثَبَتَ إلَخْ) وَهُوَ مَا فِي ذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَالْأَنْسَبُ لِمَا يَأْتِي مَا يَثْبُتُ (قَوْلُهُ لَهُ) أَيْ الْمُحْتَالِ.

(قَوْلُهُ بِأَخٍ) أَيْ بِأُخُوَّةِ ثَالِثٍ (قَوْلُهُ لَا يَثْبُتُ الْإِرْثُ) أَيْ ظَاهِرُ الْعَدَمِ ثُبُوتُ نَسَبِهِ لِعَدَمِ كَوْنِ الْمُقِرِّ جَائِزًا أَمَّا فِي الْبَاطِنِ فَيُشَارِكُ الْمُقِرُّ فِي حِصَّتِهِ فَعَلَيْهِ أَنْ يُشْرِكَهُ فِيهَا بِثُلُثِهَا إنْ كَانَ الْمُقِرُّ صَادِقًا كَمَا يَأْتِي (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ قَالَ إلَخْ) لَمْ يَظْهَرْ لِي وَجْهُ التَّشْبِيهِ فَلْيُتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ إلَخْ) غَايَةٌ (قَوْلُهُ فَلَهُ تَغْرِيمُهُ) أَيْ لِلْمُحِيلِ تَغْرِيمُ الْمُحَالِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ أَيْضًا) أَيْ كَمَا أَنَّ لِلْمُحْتَالِ تَغْرِيمَهُ اهـ سم (قَوْلُهُ وَلَا رُجُوعَ لَهُ) أَيْ لِلْمُحَالِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَإِنْ فُرِضَ أَنَّهُ بَانَ إلَخْ) قَدْ يَشْمَلُ مَا إذَا تَصَادَقَ الثَّلَاثَةُ عَلَى عَدَمِ الْحَوَالَةِ وَفِي عَدَمِ الرُّجُوعِ حِينَئِذٍ وَقْفَةٌ ظَاهِرَةٌ فَيَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى خُصُوصِ مَا مَرَّ فِي الْإِفْتَاءِ مِنْ إنْكَارِ الْمَدِينِ الْحَوَالَةَ وَحَلِفِهِ عَلَى نَفْيِهَا فَلْيُرَاجَعْ.

(قَوْلُهُ وَلِإِنْكَارِهِ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ لِإِقْرَارِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ فَلَمْ تَقَعْ الْإِحَالَةُ) رَدٌّ لِقَوْلِ الْبَعْضِ السَّابِقِ وَإِنْ كَذَبَ فَقَدْ أَحَالَ إلَخْ (قَوْلُهُ وَحْدَهُ) أَيْ بَلْ وَمِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ أَيْضًا (قَوْلُهُ لَا شَاهِدَ فِيهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ) مَحَلُّ تَأَمُّلٍ بِنَاءً عَلَى مَا تَقَرَّرَ أَنَّ الْمُرَجَّحَ فِي الْحَوَالَةِ أَنَّهُ بَيْعُ دَيْنٍ بِدَيْنٍ فَكَانَ مَعْنَى أَحَلْتنِي عَلَى فُلَانٍ بِالْمِائَةِ الَّتِي لِي عَلَيْك اشْتَرَيْتُ مِنْكَ الْمِائَةَ الَّتِي لَك عَلَيْهِ بِالْمِائَةِ الَّتِي لِي عَلَيْك وَالْحُكْمُ بِتَحَوُّلِ الْحَقِّ إلَى ذِمَّةِ الْمُحَالِ عَلَيْهِ فَرْعُ ثُبُوتِ الْحَوَالَةِ وَلَمْ يَثْبُتْ اهـ سَيِّدُ عُمَرَ

أَقُولُ هَذَا وَسَبَبُهُ يُؤَيِّدُهُ بَلْ يُصَرِّحُ بِهِ مَا تَقَدَّمَ فِي شَرْحِ صِدْقِ الْمُسْتَحَقِّ عَلَيْهِ مِنْ قَوْلِهِ وَحَقُّهُ عَلَيْهِ بَاقٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

٢ -

(خَاتِمَةٌ) قَالَ فِي النِّهَايَةِ لِلْمُحْتَالِ أَنْ يُحِيلَ وَأَنْ يَحْتَالَ مِنْ الْمُحَالِ عَلَيْهِ عَلَى مَدِينِهِ وَلَوْ آجَرَ جُنْدِيٌّ إقْطَاعَهُ وَأَحَالَ بَعْضَ الْأُجْرَةِ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ ثُمَّ مَاتَ تَبَيَّنَ بُطْلَانُ الْإِجَارَةِ فِيمَا بَعْدَ مَوْتِهِ مِنْ الْمُدَّةِ وَبُطْلَانُ الْحَوَالَةِ فِيمَا يُقَابِلُهُ وَتَصِحُّ الْإِجَارَةُ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي قَبْلَ مَوْتِ الْمُؤَجِّرِ وَتَصِحُّ الْحَوَالَةُ بِقَدْرِهَا وَلَا رُجُوعَ لِلْمُحَالِ عَلَيْهِ بِمَا قَبَضَهُ الْمُحْتَالُ مِنْهُ مِنْ ذَلِكَ وَيَبْرَأُ الْمُحِيلُ مِنْهُ وَلَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّ غَرِيمَهُ الدَّائِنَ أَحَالَ عَلَيْهِ فُلَانًا الْغَائِبَ سُمِعَتْ بَيِّنَتُهُ وَسَقَطَتْ مُطَالَبَتُهُ فَإِنْ لَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً صُدِّقَ غَرِيمُهُ بِيَمِينِهِ وَلَا يُقْضَى بِالْبَيِّنَةِ لِلْغَائِبِ بِأَنَّهُمَا تَثْبُتُ بِهَا الْحَوَالَةُ فِي حَقِّهِ حَتَّى لَا يَحْتَاجَ إلَى إقَامَةِ بَيِّنَةٍ بِهَا إذَا قَدَّمَ عَلَى أَحَدِ وَجْهَيْنِ رَجَّحَهُ ابْنُ سُرَيْجٍ لَكِنَّ الْأَوْجَهَ الْقَضَاءُ بِهَا كَمَا هُوَ احْتِمَالٌ عِنْدَ ابْنِ الصَّبَّاغِ وَتَابَعَهُ عَلَيْهِ صَاحِبُ الْبَحْرِ لِأَنَّهُ إذَا قَدَّمَ يَدَّعِي عَلَى الْمُحَالُ عَلَيْهِ لَا الْمُحِيلُ وَهُوَ مُقِرٌّ لَهُ فَلَا حَاجَةَ إلَى إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ اهـ.

قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر إقْطَاعُهُ أَيْ مَا يُجْعَلُ لَهُ فِي مُقَابَلَةِ رَزْقِهِ الْمُعَيَّنِ لَهُ فِي مُقَابَلَةِ خِدْمَتِهِ مَثَلًا.

أَمَّا مَنْ انْكَسَرَ لَهُ شَيْءٌ مِنْ الْجَامِكِيَّةِ ثُمَّ عَوَّضَهُ السُّلْطَانُ مَثَلًا قِطْعَةَ أَرْضٍ يَنْتَفِعُ بِهَا مُدَّةً مُعَيَّنَةً فِي مُقَابَلَةِ مَا تَجَمَّدَ لَهُ فَهُوَ إجَارَةٌ لِلْأَرْضِ فَلَا يَنْفَسِخُ بِمَوْتِهِ فَلَوْ آجَرَهَا لِغَيْرِهِ ثُمَّ أَحَالَ عَلَى الْأُجْرَةِ اسْتَمَرَّتْ الْحَوَالَةُ بِحَالِهَا وَقَوْلُهُ م ر بِبَعْضِ الْأُجْرَةِ أَيْ أَوْ بِكُلِّهَا وَقَوْلُهُ مِنْ الْمُدَّةِ أَيْ وَلَوْ كَانَ بِهَا زَرْعٌ لِلْمُسْتَأْجِرِ بَقِيَ إلَى أَوَانِ الْحَصَادِ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ اهـ.

[بَابُ الضَّمَان]

(بَابُ الضَّمَانِ) (قَوْلُهُ الشَّامِلُ لِلْكَفَالَةِ) إلَى التَّنْبِيهِ فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ هُوَ لُغَةً) إلَى قَوْلِهِ وَالِاخْتِيَارُ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ إلَى وَأَرْكَانُ (قَوْلُهُ عَلَى الْتِزَامِ الدَّيْنِ إلَخْ) أَيْ الَّذِي هُوَ أَحَدُ شِقَّيْ الْعَقْدِ أَيْ الْإِيجَابُ وَسَيَأْتِي أَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَى مَجْمُوعِ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَهَذَا نَظِيرُ مَا مَرَّ أَوَّلَ الْبَيْعِ أَنَّهُ يُطْلَقُ عَلَى الشِّرَاءِ وَعَلَى الْعَقْدِ الْمُشْتَمِلِ عَلَيْهِمَا وَهَذَا أَوْلَى مِمَّا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ اهـ رَشِيدِيٌّ عِبَارَةٌ ع ش قَوْلُهُ وَعَلَى الْعَقْدِ الْمُحَصَّلِ إلَخْ أَيْ فَالضَّمَانُ يُطْلَقُ عَلَى كُلٍّ مِنْ الضَّمَانِ وَالْأَثَرِ وَهُوَ الْحَاصِلُ بِالْمَصْدَرِ اهـ.

أَقُولُ يُرَجَّحُ هَذَا تَعْبِيرُهُمْ هُنَا بِالْمُحَصَّلِ دُونَ الْمُشْتَمِلِ وَمُوَافَقَةُ هَذَا لِمَا مَرَّ آنِفًا فِي الْحَوَالَةِ (قَوْلُهُ الدَّيْنُ) وَلَوْ مَنْفَعَةً اهـ ع ش أَيْ كَالْعَمَلِ الْمُلْتَزَمِ فِي الذِّمَّةِ بِالْإِجَارَةِ أَوْ الْمُسَاقَاةِ قَلْيُوبِيٌّ (قَوْلُهُ وَالْبَدَنِ إلَخْ) الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ اهـ ع ش (قَوْلُهُ الْآتِي إلَخْ) أَيْ بَعْدَ قَوْلِهِ وَلَا مَعْرِفَتَهُ فِي الْأَصَحِّ اهـ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

قَوْلُهُ فَلَهُ تَغْرِيمُهُ أَيْضًا) أَيْ كَمَا أَنَّ لِلْمُحْتَالِ تَغْرِيمَهُ

(بَابُ الضَّمَانِ)

<<  <  ج: ص:  >  >>