للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى غَيْرِ مُضْطَرٍّ لَمْ يَرْجُ الْوَفَاءَ مِنْ جِهَةٍ ظَاهِرَةٍ فَوْرًا فِي الْحَالِّ وَعِنْدَ الْحُلُولِ فِي الْمُؤَجَّلِ مَا لَمْ يَعْلَمْ الْمُقْرِضُ بِحَالِهِ وَعَلَى مَنْ أَخْفَى غِنَاهُ وَأَظْهَرَ فَاقَتَهُ عِنْدَ الْقَرْضِ كَمَا يَأْتِي نَظِيرُهُ فِي صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ عَلِمَ الْمُقْتَرِضُ أَنَّهُ إنَّمَا يُقْرِضُهُ لِنَحْوِ صَلَاحِهِ وَهُوَ بَاطِنًا بِخِلَافِ ذَلِكَ حَرُمَ الِاقْتِرَاضُ أَيْضًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ.

وَأَرْكَانُهُ أَرْبَعَةٌ عَاقِدَانِ وَمَعْقُودٌ عَلَيْهِ وَصِيغَةٌ فِي غَيْرِ الْقَرْضِ الْحُكْمِيِّ وَبَدَأَ بِهَا لِأَنَّهَا أَهَمُّهَا لِلْخِلَافِ الْقَوِيِّ فِي أَصْلِهَا وَتَفَاصِيلِهَا فَقَالَ (وَصِيغَتُهُ) الصَّرِيحَةُ مُتَعَدِّدَةٌ مِنْهَا (أَقْرَضْتُك أَوْ أَسْلَفْتُك) كَذَا أَوْ هَذَا، وَقَدْ يُنْظَرُ فِيهِ بِأَنَّهُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْقَرْضِ وَالسَّلَمِ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمُتَبَادَرُ مِنْهُ الْقَرْضُ لَا سِيَّمَا وَذِكْرُ الْمُتَعَلِّقِ فِي السَّلَمِ يُخْرِجُ هَذَا (أَوْ خُذْهُ بِمِثْلِهِ) أَوْ بِبَدَلِهِ؛ لِأَنَّ ذِكْرَ الْمِثْلِ أَوْ الْبَدَلِ فِيهِ نَصٌّ فِي مَقْصُودِ الْقَرْضِ إذْ وَضْعُهُ عَلَى رَدِّ الْمِثْلِ صُورَةٌ وَبِهِ فَارَقَ جَعْلَهُمْ خُذْهُ بِكَذَا كِنَايَةَ بَيْعٍ وَانْدَفَعَ مَا لِلْغَزِّيِّ وَغَيْرِهِ هُنَا وَاتَّضَحَ أَنَّهُ صَرِيحٌ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ لَا كِنَايَةٌ خِلَافًا لِجَمْعٍ.

وَبَحَثَ بَعْضُ هَؤُلَاءِ أَنَّ خُذْهُ بِمِثْلِهِ كِنَايَةُ بَيْعٍ وَيَرُدُّهُ مَا قَرَّرْتُهُ مِمَّا يُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّ الْقَصْدَ مِنْ الثَّمَنِ مُطْلَقُ الْعِوَضِيَّةِ لَا الْمِثْلِيَّةُ حَقِيقِيَّةً وَلَا صُورَةً، وَهُنَا بِالْعَكْسِ فَلَمْ يَصْلُحْ لِلْكِنَايَةِ ثَمَّ. نَعَمْ بَحَثَ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ إنْ أَخَذَهُ بِكَذَا كِنَايَةٌ هُنَا كَالْبَيْعِ وَفِي شَرْحِ الْإِسْنَوِيِّ فِي مَلَّكْتُك هَذَا الدِّرْهَمَ بِمِثْلِهِ أَوْ بِدِرْهَمٍ هَلْ هُوَ بَيْعٌ فَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَحْكَامُ الصَّرْفِ أَوْ قَرْضٌ فِيهِ نَظَرٌ وَالْمُتَّجَهُ الْأَوَّلُ وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُمْ لَمْ يَذْكُرُوا هَذَا الْمِثَالَ هُنَا اهـ وَمَا قَالَهُ مُحْتَمَلٌ فِي خُصُوصِ هَذَا الْمِثَالِ؛ لِأَنَّهُ صَالِحٌ لِلصَّرْفِ وَالْقَرْضِ إذْ الْمِثْلِيَّةُ مَقْصُودَةٌ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا وَإِنْ اخْتَلَفَ الْمُرَادُ بِهَا فِيهِمَا فَلِذَا اسْتَوَى قَوْلُهُ بِمِثْلِهِ وَقَوْلُهُ بِدِرْهَمٍ وَاحْتُمِلَ فِي كُلٍّ الْبَيْعُ وَالْقَرْضُ.

ــ

[حاشية الشرواني]

أَيْ لَهُمَا أَيْضًا اهـ ع ش (قَوْلُهُ عَلَى غَيْرِ مُضْطَرٍّ إلَخْ) أَيْ بِخِلَافِ الْمُضْطَرِّ يَجُوزُ اقْتِرَاضُهُ وَإِنْ لَمْ يَرْجُ الْوَفَاءَ بَلْ يَجِبُ وَإِنْ كَانَ الْمُقْرِضُ وَلِيًّا كَمَا يَجِبُ عَلَيْهِ بَيْعُ مَالِ مَحْجُورِهِ مِنْ الْمُضْطَرِّ نَسِيئَةً سم عَلَى حَجّ وَقَوْلُهُ وَإِنْ كَانَ الْمُقْرِضُ وَلِيًّا أَيْ حَيْثُ لَمْ يُوجَدْ مَنْ يُقْرِضُ الْمُضْطَرَّ إلَّا هُوَ اهـ ع ش (قَوْلُهُ مِنْ جِهَةٍ ظَاهِرَةٍ) أَيْ قَرِيبَةِ الْحُصُولِ كَمَا يُؤْخَذُ مِمَّا يَأْتِي فِي صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَعْلَمْ الْمُقْرِضُ بِحَالِهِ) أَيْ فَإِنْ عَلِمَ فَلَا حُرْمَةَ وَهَلْ يَكُونُ مُبَاحًا أَوْ مَكْرُوهًا فِيهِ نَظَرٌ وَلَا يَبْعُدُ الْكَرَاهَةُ إنْ لَمْ يَكُنْ ثَمَّ حَاجَةٌ اهـ ع ش وَأَمَّا مَعَ الْحَاجَةِ فَلَا يَبْعُدُ النَّدْبُ (قَوْلُهُ وَعَلَى مَنْ أَخْفَى غِنَاهُ إلَخْ) يَنْبَغِي مَا لَمْ يَعْلَمْ الْمُقْرِضُ سم اهـ ع ش أَيْ فَإِنْ عَلِمَ فِيهِ مَا مَرَّ آنِفًا (قَوْلُهُ وَأَظْهَرَ فَاقَتَهُ إلَخْ) وَلَوْ أَخْفَى الْفَاقَةَ وَأَظْهَرَ الْغِنَى حَالَةَ الْقَرْضِ حَرُمَ أَيْضًا لِمَا فِيهِ مِنْ التَّدْلِيسِ وَالتَّغْرِيرِ عَكْسُ الصَّدَقَةِ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي قَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر حَرُمَ أَيْضًا وَيَمْلِكُهُ انْتَهَى سم اهـ أَقُولُ وَيُمْكِنُ إدْرَاجُهُ فِي قَوْلِ الشَّارِحِ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ عَلِمَ إلَخْ (قَوْلُهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ) هَلْ نَقُولُ هُنَا حَيْثُ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ عَلِمَ بَاطِنًا لَمْ يُقْرِضْ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الْقَرْضَ كَمَا سَيَأْتِي نَظِيرُهُ فِي صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ أَوْ يَمْلِكُهُ هُنَا مُطْلَقًا وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْقَرْضَ مُعَاوَضَةٌ وَهِيَ لَا تَنْدَفِعُ بِالْغِنَى فِيهِ نَظَرٌ وَالثَّانِي أَقْرَبُ سم عَلَى حَجّ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ يُشْبِهُ شِرَاءَ الْمُعْسِرِ مِمَّنْ لَا يَعْلَمُ إعْسَارَهُ وَبَيْعَ الْمَعِيبِ مَعَ الْعِلْمِ بِعَيْبِهِ لِمَنْ يَجْهَلُهُ وَالشِّرَاءُ بِالثَّمَنِ الْمَعِيبِ كَذَلِكَ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الصُّوَرِ اهـ ع ش.

[أَرْكَانُ الْقَرْض]

(قَوْلُهُ غَيْرِ الْقَرْضِ الْحُكْمِيِّ) أَيْ وَأَمَّا الْقَرْضُ الْحُكْمِيُّ كَالْإِنْفَاقِ عَلَى اللَّقِيطِ الْمُحْتَاجِ وَإِطْعَامِ الْجَائِعِ وَكِسْوَةِ الْعَارِي فَسَيَأْتِي أَنَّهُ لَا يَفْتَقِرُ إلَى إيجَابٍ وَقَبُولٍ (قَوْلُهُ وَقَدْ يُنْظَرُ فِيهِ) أَيْ فِي أَسْلَفْتُك اهـ ع ش (قَوْلُهُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْقَرْضِ وَالسَّلَمِ) مَعَ قَوْلِهِ هَذَا لَا يَحْتَمِلُ السَّلَمَ اهـ سم وَفِيهِ تَأَمُّلٌ (قَوْلُهُ وَذِكْرُ الْمُتَعَلِّقِ) نَحْوُ قَوْلِهِ أَسْلَفْتُك كَذَا فِي كَذَا اهـ ع ش عِبَارَةُ الْكُرْدِيِّ وَهُوَ قَوْلُهُ فِي كَذَا كَمَا يُقَالُ أَسْلَفْتُك كَذَا فِي عَبْدٍ صِفَتُهُ كَذَا اهـ.

(قَوْلُهُ أَوْ بِبَدَلِهِ) أَسْقَطَهُ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ ذِكْرَ الْمِثْلِ) إلَى قَوْلِهِ وَبَحَثَ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ أَوْ الْبَدَلِ (قَوْلُهُ فِيهِ) أَيْ فِي خُذْهُ بِمِثْلِهِ أَوْ بِبَدَلِهِ (قَوْلُهُ إذَا وَضَعَهُ إلَخْ) هَذَا التَّعْلِيلُ لَا يَظْهَرُ بِالنِّسْبَةِ إلَى قَوْلِهِ أَوْ الْبَدَلِ (قَوْلُهُ صُورَةً) الْأَوْلَى وَلَوْ صُورَةً (قَوْلُهُ وَبِهِ فَارَقَ) أَيْ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ ذِكْرَ الْمِثْلِ أَوْ الْبَدَلِ إلَخْ ع ش (قَوْلُهُ وَانْدَفَعَ إلَخْ) كَقَوْلِهِ وَاتَّضَحَ إلَخْ عَطْفٌ عَلَى فَارَقَ (قَوْلُهُ أَنَّهُ صَرِيحٌ) أَيْ خُذْهُ بِمِثْلِهِ أَوْ بَدَلِهِ صَرِيحٌ فِي الْقَرْضِ (قَوْلُهُ لَا كِنَايَةٌ) أَيْ فِي الْقَرْضِ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِجَمْعٍ) مِنْهُمْ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِ مَنْهَجِهِ اهـ ع ش.

(قَوْلُهُ وَيَرُدُّهُ إلَخْ) مِمَّا يُؤَيِّدُ رَدَّ هَذَا قَاعِدَةُ مَا كَانَ صَرِيحًا فِي بَابِهِ وَلِهَذَا رَدَّهُ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ وَاعْتَمَدَ أَنَّهُ صَرِيحٌ هُنَا وَلَا يَنْعَقِدُ بِهِ الْبَيْعُ مُطْلَقًا اهـ سم (قَوْلُهُ لِلْكِنَايَةِ ثَمَّ) أَيْ فِي الْبَيْعِ (قَوْلُهُ بَحَثَ السُّبْكِيُّ إلَخْ) اعْتَمَدَهُ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ أَنَّ خُذْهُ بِكَذَا كِنَايَةٌ) يَنْبَغِي تَصْوِيرُهُ بِمَا إذَا كَانَ الْمُسَمَّى مِثْلَ الْمُقْرَضِ كَخُذْ هَذَا الدِّينَارَ وَعَلَيْهِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَ مَعْنَى الْمِثْلِ وَلَفْظِهِ بِمَا مَرَّ مِنْ أَنَّ ذِكْرَ الْمِثْلِ فِيهِ نَصٌّ إلَخْ اهـ ع ش (قَوْلُهُ هَذَا الْمِثَالِ) أَيْ مَلَّكْتُك هَذَا الدِّرْهَمَ بِمِثْلِهِ أَوْ بِدِرْهَمٍ وَأَلْ فِي الْمِثَالِ لِلْجِنْسِ وَإِلَّا فَمَا ذُكِرَ مِثَالَانِ وَ (قَوْلُهُ هُنَا) أَيْ فِي الْقَرْضِ (قَوْلُهُ مُحْتَمَلٌ) لَعَلَّهُ بِكَسْرِ الْمِيمِ (قَوْلُهُ وَإِنْ اخْتَلَفَ الْمُرَادُ بِهَا فِيهِمَا) فَإِنَّ الْمُرَادَ بِالْمِثْلِيَّةِ فِي الْقَرْضِ مُمَاثَلَةُ الشَّيْءِ الْمُقْرَضِ حَقِيقَةً أَوْ صُورَةً وَفِي الصَّرْفِ عَدَمُ الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ (قَوْلُهُ فَلِذَا إلَخْ) الْإِشَارَةُ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

عَلَى غَيْرِ مُضْطَرٍّ إلَخْ) أَيْ بِخِلَافِ الْمُضْطَرِّ يَجُوزُ اقْتِرَاضُهُ وَإِنْ لَمْ يَرْجُ الْوَفَاءَ بَلْ يَجِبُ أَيْ وَإِنْ كَانَ الْمُقْرِضُ وَلِيًّا كَمَا يَجِبُ عَلَيْهِ بَيْعُ مَالِ مَحْجُورِهِ وَمِنْ الْمُضْطَرِّ الْمُعْسِرُ بِالنَّسِيئَةِ (قَوْلُهُ مَنْ أَخْفَى غِنَاهُ) يَنْبَغِي مَا لَمْ يَعْلَمْ الْمُقْرِضُ (قَوْلُهُ حَرُمَ الِاقْتِرَاضُ أَيْضًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ) هَلْ نَقُولُ هُنَا حَيْثُ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ عَلِمَ بَاطِنًا لَمْ يُقْرِضْ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الْقَرْضَ كَمَا سَيَأْتِي نَظِيرُهُ فِي صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ أَوْ يَمْلِكُهُ هُنَا مُطْلَقًا وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ الْقَرْضَ مُعَاوَضَةٌ وَهِيَ لَا تَنْدَفِعُ بِالْغَبْنِ فِيهِ نَظَرٌ وَالثَّانِي قَرِيبٌ.

(قَوْلُهُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَ الْقَرْضِ وَالسَّلَمِ) مَعَ قَوْلِهِ هَذَا لَا يَحْتَمِلُ السَّلَمَ (قَوْلُهُ لَا ذِكْرُ الْمِثْلِ) اُنْظُرْ خُذْ هَذَا الدِّينَارَ بِدِينَارٍ ثُمَّ رَأَيْت قَوْلَهُ الْآتِيَ نَعَمْ بَحَثَ السُّبْكِيُّ وَغَيْرُهُ إلَخْ (قَوْلُهُ أَنَّ خُذْهُ بِكَذَا كِنَايَةٌ) مِمَّا يُؤَيِّدُ رَدَّ هَذَا قَاعِدَةُ مَا كَانَ صَرِيحًا فِي بَابِهِ وَلِهَذَا رَدَّهُ شَيْخُنَا الشِّهَابُ الرَّمْلِيُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>