للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْآتِي جَعَلَهُ مُلْحَقًا بِهِ فَتَرْجَمَ لَهُ بِفَصْلٍ بَلْ هُوَ نَوْعٌ مِنْهُ إذْ كُلٌّ مِنْهُمَا يُسَمَّى سَلَفًا (الْإِقْرَاضُ) الَّذِي هُوَ تَمْلِيكُ الشَّيْءِ بِرَدِّ بَدَلِهِ (مَنْدُوبٌ) إلَيْهِ وَلِشُهْرَةِ هَذَا أَوْ تَضْمِينِهِ لِمُسْتَحَبٍّ حَذْفُهُ فَهُوَ مِنْ السُّنَنِ الْأَكِيدَةِ لِلْآيَاتِ الْكَثِيرَةِ وَالْأَحَادِيثِ الشَّهِيرَةِ كَخَبَرِ مُسْلِمٍ «مَنْ نَفَّسَ عَنْ أَخِيهِ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَاَللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا دَامَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ» وَصَحَّ خَبَرُ «مَنْ أَقْرَضَ اللَّهَ مَرَّتَيْنِ كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ إحْدَاهُمَا لَوْ تَصَدَّقَ بِهِ» وَفِي خَبَرٍ فِي سَنَدِهِ مَنْ ضَعَّفَهُ الْأَكْثَرُونَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأَى لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ مَكْتُوبًا عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ أَنَّ دِرْهَمَ الصَّدَقَةِ بِعَشَرَةٍ وَالْقَرْضِ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ» وَأَنَّ جِبْرِيلَ عَلَّلَ لَهُ ذَلِكَ بِأَنَّ الْقَرْضَ إنَّمَا يَقَعُ فِي يَدِ مُحْتَاجٍ بِخِلَافِ الصَّدَقَةِ.

وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ خَبَرَ «قَرْضُ الشَّيْءِ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَتِهِ» وَبَيَّنْت مَا فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَجَزْمُ بَعْضِهِمْ أَخْذًا مِنْ الْخَبَرَيْنِ الْأَخِيرَيْنِ بِأَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ الصَّدَقَةِ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ الْمُصَرِّحَ بِأَفْضَلِيَّتِهِمْ اصَحِيحٌ دُونَهُمَا فَوَجَبَ تَقْدِيمُهُ عِنْدَ التَّعَارُضِ عَلَى أَنَّهُ يُمْكِنُ حَمْلُهُمَا عَلَى أَنَّهُ مِنْ حَيْثُ الِابْتِدَاءُ لِمَا فِيهِ مِنْ صَوْنِ وَجْهِ مَنْ لَا يَعْتَادُ السُّؤَالَ عَنْهُ أَفْضَلُ وَحَمْلُ الْأَوَّلِ عَلَى أَنَّهَا مِنْ حَيْثُ الِانْتِهَاءُ لِمَا فِيهَا مِنْ عَدَمِ رَدِّ الْمُقَابِلِ أَفْضَلُ وَمَحَلُّ نَدْبِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ الْمُقْتَرِضُ مُضْطَرًّا وَإِلَّا وَجَبَ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَوْ يَظُنَّ مَنْ آخِذِهِ أَنَّهُ يُنْفِقُهُ فِي مَعْصِيَةٍ وَإِلَّا حَرُمَ عَلَيْهِمَا أَوْ فِي مَكْرُوهٍ وَإِلَّا كُرِهَ وَيَحْرُمُ الِاقْتِرَاضُ وَالِاسْتِدَانَةُ

ــ

[حاشية الشرواني]

الْآتِي) أَيْ بِقَوْلِ الْمَتْنِ وَيَجُوزُ إقْرَاضُ كُلِّ مَا يُسَلَّمُ فِيهِ اهـ كُرْدِيٌّ.

(قَوْلُهُ إذْ كُلٌّ مِنْهُمَا) قَدْ يُقَالُ هَذَا مِنْ الِاشْتِرَاكِ اللَّفْظِيِّ اهـ سَيِّدُ عُمَرَ زَادَ ع ش اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ الْمُرَادَ بِجَعْلِهِ نَوْعًا مِنْهُ أَنَّهُ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ النَّوْعِ لَا أَنَّهُ نَوْعٌ حَقِيقَةً وَإِنَّمَا نَزَلَ مَنْزِلَةَ النَّوْعِ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا ثَابِتٌ فِي الذِّمَّةِ اهـ.

(قَوْلُهُ الَّذِي هُوَ إلَخْ) أَيْ شَرْعًا اهـ ع ش.

(قَوْلُهُ بِرَدِّ بَدَلِهِ) أَيْ عَلَى أَنْ يَرُدَّ بَدَلَهُ اهـ مُغْنِي قَوْلُ الْمَتْنِ (مَنْدُوبٌ) ظَاهِرُ إطْلَاقِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ كَوْنِ الْمُقْتَرِضِ مُسْلِمًا أَوْ غَيْرَهُ وَهُوَ كَذَلِكَ فَإِنَّ فِعْلَ الْمَعْرُوفِ مَعَ النَّاسِ لَا يَخْتَصُّ بِالْمُسْلِمِينَ وَيَجِبُ عَلَيْنَا الذَّبُّ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ مِنْهُمْ وَالصَّدَقَةُ عَلَيْهِمْ جَائِزَةٌ وَإِطْعَامُ الْمُضْطَرِّ مِنْهُمْ وَاجِبٌ وَالتَّعْبِيرُ بِالْأَخِ فِي الْحَدِيثِ لَيْسَ لِلتَّقْيِيدِ بَلْ لِمُجَرَّدِ الِاسْتِعْطَافِ وَالشَّفَقَةِ اهـ ع ش.

(قَوْلُهُ وَلِشُهْرَةِ هَذَا) أَيْ تَعَدِّي مَنْدُوبٍ بِإِلَى اهـ كُرْدِيٌّ عِبَارَةُ ع ش أَيْ قَوْلُهُ إلَيْهِ اهـ.

(قَوْلُهُ وَلِشُهْرَةِ هَذَا) أَيْ أَوْ صَيْرُورَتِهِ فِي الِاصْطِلَاحِ اسْمًا لِلْمَطْلُوبِ طَلَبًا غَيْرَ جَازِمٍ اهـ سم (قَوْلُهُ أَوْ تَضْمِينِهِ) عَطْفٌ عَلَى الشُّهْرَةِ (قَوْلُهُ حَذْفُهُ) أَيْ إلَيْهِ فَعَلَى الْأَوَّلِ مِنْ الْحَذْفِ وَالْإِيصَالِ دُونَ الثَّانِي (قَوْلُهُ فَهُوَ مِنْ السُّنَنِ إلَخْ) الْأَوْلَى وَهُوَ بِالْوَاوِ كَمَا فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ لِلْآيَاتِ الْكَثِيرَةِ) أَيْ الْمُفِيدَةِ لِلثَّنَاءِ عَلَى الْقَرْضِ كَآيَةِ {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا} [البقرة: ٢٤٥] اهـ ع ش.

(قَوْلُهُ مَنْ ضَعَّفَهُ إلَخْ) وَهُوَ خَالِدُ بْنُ زَيْدٍ الشَّامِيُّ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ بِثَمَانِيَةَ عَشَرَ) وَوَجْهُ ذِكْرِ الثَّمَانِيَةَ عَشَرَ أَنَّ دِرْهَمَ الْقَرْضِ فِيهِ تَنْفِيسُ كَرْبِهِ وَإِنْظَارٌ إلَى قَضَاءِ حَاجَتِهِ وَرَدِّهِ فَفِيهِ عِبَادَتَانِ فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ دِرْهَمَيْنِ وَهُمَا بِعِشْرِينَ حَسَنَةً فَالتَّضْعِيفُ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَهُوَ أَيْ لِتَضْعِيفِ الْبَاقِي فَقَطْ؛ لِأَنَّ الْمُقْرِضَ يَسْتَرِدُّ وَمِنْ ثَمَّ لَوْ أَبْرَأَ مِنْهُ كَانَ لَهُ عِشْرُونَ ثَوَابُ الْأَصْلِ وَالْمُضَاعَفَةُ اهـ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ عَلَّلَ لَهُ ذَلِكَ) أَيْ بَعْدَ سُؤَالِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ سَبَبِ التَّفَاضُلِ بَيْنَهُمَا اهـ ع ش عِبَارَةُ الْمُغْنِي فِي تَمَامِ الْحَدِيثِ فَقُلْت يَا جِبْرِيلُ مَا بَالُ الْقَرْضِ أَفْضَلُ مِنْ الصَّدَقَةِ قَالَ؛ لِأَنَّ السَّائِلَ قَدْ يَسْأَلُ وَعِنْدَهُ وَالْمُسْتَقْرِضُ لَا يَسْتَقْرِضُ إلَّا مِنْ حَاجَةٍ اهـ.

(قَوْلُهُ فِي يَدِ مُحْتَاجٍ) أَيْ فِي الْغَالِبِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْأَوَّلَ الْمُصَرِّحَ) فِي دَعْوَى الصَّرَاحَةِ نَظَرٌ اهـ سَيِّدُ عُمَرَ وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى حَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى الْحَقِيقِيِّ وَأَمَّا إذَا حُمِلَ عَلَى الْإِضَافِيِّ أَعْنِي خَبَرَ مَنْ أَقْرَضَ لِلَّهِ إلَخْ كَمَا هُوَ صَرِيحُ الْمُغْنِي وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ الشَّارِحِ صَحِيحٌ فَالصَّرَاحَةُ وَاضِحَةٌ ثُمَّ رَأَيْت فِي الرَّشِيدِيِّ مَا نَصُّهُ مُرَادُهُ بِالْأَوَّلِ الْأَوَّلُ مِنْ الْأَخْبَارِ الْخَاصَّةِ بِالْقَرْضِ وَهُوَ خَبَرُ مَنْ أَقْرَضَ لِلَّهِ إلَخْ وَأَمَّا خَبَرُ مُسْلِمٍ السَّابِقُ فَلَيْسَ خَاصًّا بِالْقَرْضِ اهـ.

(قَوْلُهُ لِمَا فِيهِ مِنْ صَوْنِ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ لِامْتِيَازِهِ عَنْهَا بِصَوْنِهِ مَاءَ وَجْهِ مَنْ لَمْ يَعْتَدْ السُّؤَالَ عَنْ بَذْلِهِ لِكُلِّ أَحَدٍ اهـ.

(قَوْلُهُ عَنْهُ) أَيْ عَنْ السُّؤَالِ (قَوْلُهُ أَفْضَلُ) خَبَرُ أَنَّ وَكَذَا إعْرَابُ نَظِيرِهِ الْآتِي.

(قَوْلُهُ وَمَحَلُّ نَدْبِهِ إلَخْ) إلَى الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ فَوْرًا إلَى مَا لَمْ يَعْلَمْ وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَمِنْ ثَمَّ إلَى وَأَرْكَانُهُ (قَوْلُهُ وَمَحَلُّ نَدْبِهِ إلَخْ) وَيَظْهَرُ أَنَّ مَحَلَّهُ أَيْضًا حَيْثُ يَعْلَمُ أَوْ يَظُنُّ أَنَّهُ إنَّمَا يُوفِيهِ مِنْ حَرَامٍ أَوْ مِنْ شُبْهَةٍ وَمَالُ الْمُقْرِضِ خُلِّيَ عَنْهَا أَوْ الشُّبْهَةُ فِيهِ أَخَفُّ مِنْهَا فِي مَالِ الْمُقْتَرِضِ وَإِلَّا فَوَاضِحٌ أَنَّهُ لَا يُنْدَبُ حِينَئِذٍ وَإِنَّمَا يَبْقَى النَّظَرُ فِي حُكْمِهِ حِينَئِذٍ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ بِالْحُرْمَةِ إذَا عَلِمَ أَنَّهُ إنَّمَا يُوفِيهِ بِالْحِرَامِ وَأَنَّ نَفْسَهُ لَا تُسَامِحُ بِالتَّرْكِ قِيَاسًا عَلَى مَسْأَلَةِ الْإِنْفَاقِ فِي مَعْصِيَةٍ وَبِالْكَرَاهَةِ فِي مَسْأَلَةِ الشُّبْهَةِ وَأَنَّهَا تَخْتَلِفُ فِي الشِّدَّةِ بِاخْتِلَافِ الشُّبْهَةِ اهـ سَيِّدُ عُمَرَ (قَوْلُهُ وَإِلَّا وَجَبَ) أَيْ عَلَى الْمُقْرِضِ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ إلَخْ) الْأَسْبَكُ إسْقَاطُ إنْ (قَوْلُهُ عَلَيْهِمَا) أَيْ الْمُقْرِضِ وَالْمُقْتَرِضِ (قَوْلُهُ أَوْ فِي مَكْرُوهٍ) وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُبَاحَ وَيُمْكِنُ تَصْوِيرُهُ بِمَا إذَا دُفِعَ إلَى غَنِيٍّ بِسُؤَالٍ مِنْ الدَّافِعِ مَعَ احْتِيَاجِ الْغَنِيِّ إلَيْهِ فَيَكُونُ مُبَاحًا لَا مُسْتَحَبًّا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَشْتَمِلْ عَلَى تَنْفِيسِ كُرْبَةٍ وَقَدْ يَكُونُ فِي ذَلِكَ غَرَضٌ لِلدَّافِعِ كَحِفْظِ مَالِهِ بِإِحْرَازِهِ فِي ذِمَّةِ الْمُقْتَرِضِ اهـ ع ش عِبَارَةُ السَّيِّدِ عُمَرَ هَلْ يُشْتَرَطُ فِي نَدْبِهِ احْتِيَاجُ الْمُقْتَرِضِ فِي الْجُمْلَةِ كَمَا تُشْعِرُ بِهِ الْأَحَادِيثُ حَتَّى لَوْ اقْتَرَضَ تَاجِرٌ لَا لِحَاجَةٍ بَلْ لَأَنْ يَزِيدَهُ فِي تِجَارَتِهِ طَمَعًا فِي الرِّبْحِ الْحَاصِلِ مِنْهُ لَمْ يَكُنْ مَنْدُوبًا بَلْ مُبَاحًا أَوْ لَا يُعْتَبَرُ مَا ذُكِرَ مَحَلُّ تَأَمُّلٍ لَكِنْ قَضِيَّةُ إطْلَاقِهِمْ اسْتِحْبَابَ الصَّدَقَةِ عَلَى الْغَنِيِّ أَنَّهُ لَا فَرْقَ اهـ وَهُوَ الْأَقْرَبُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(قَوْلُهُ وَإِلَّا كُرِهَ)

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

قَوْلُهُ وَلِشُهْرَةِ هَذَا) أَيْ أَوْ صَيْرُورَتِهِ فِي الِاصْطِلَاحِ اسْمًا لِلْمَطْلُوبِ طَلَبًا غَيْرَ جَازِمٍ (قَوْلُهُ مِنْ السُّنَنِ) صِفَةُ مَنْدُوبٌ.

(قَوْلُهُ وَيَحْرُمُ الِاقْتِرَاضُ وَالِاسْتِدَانَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>