لِتِلْكَ الْأُجْرَةِ بِقَدْرِ مَا بَقِيَ بِالْعِمَارَةِ فَقَطْ مُرَاعِيًا فِيهَا مَصْلَحَةَ الْوَقْفِ لَا مَصْلَحَةَ الْمُسْتَحِقِّ وَفِي ذَلِكَ بَسَطَ بَيِّنَتَهُ مَعَ مَا لَا يُسْتَغْنَى عَنْ مُرَاجَعَتِهِ فِي كِتَابِي الْإِتْحَافُ فِي إجَارَةِ الْأَوْقَافِ وَيَجِبُ أَنْ تُعَدَّدَ الْعُقُودُ فِي مَنْعِ أَكْثَرِ مِنْ سَنَةٍ مَثَلًا وَإِنْ شَرَطَ مَنْعَ الِاسْتِئْنَافِ كَذَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ وَخَالَفَهُ تِلْمِيذُهُ ابْنُ رَزِينٍ وَأَئِمَّةُ عَصْرِهِ فَجَوَّزُوا ذَلِكَ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ وَقَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ وَغَيْرِهِ لَا تَجُوزُ إجَارَتُهُ مُدَّةً طَوِيلَةً لِأَجْلِ عِمَارَتِهِ؛ لِأَنَّ بِهَا يَنْفَسِخُ الْوَقْفُ بِالْكُلِّيَّةِ كَمَا بِمَكَّةَ فِيهِ نَظَرٌ بَلْ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ غَرَضَ الْوَاقِفِ إنَّمَا هُوَ فِي بَقَاءِ عَيْنِهِ وَإِنْ تَمَلَّكَهُ ظَاهِرًا كَمَا مَرَّ
(وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ إذَا شَرَطَ فِي وَقْفِ الْمَسْجِدِ اخْتِصَاصَهُ بِطَائِفَةٍ كَالشَّافِعِيَّةِ) وَزَادَ إنْ انْقَرَضُوا فَلِلْمُسْلِمِينَ مَثَلًا أَوْ لَمْ يَزِدْ شَيْئًا (اُخْتُصَّ) بِهِمْ فَلَا يُصَلِّي وَلَا يَعْتَكِفُ بِهِ غَيْرُهُمْ رِعَايَةً لِغَرَضِهِ وَإِنْ كُرِهَ هَذَا الشَّرْطُ.
وَبَحَثَ بَعْضُهُمْ أَنَّ مَنْ شَغَلَهُ بِمَتَاعِهِ لَزِمَهُ أُجْرَتُهُ لَهُمْ وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ الَّذِي مَلَكُوهُ هُوَ أَنْ يَنْتَفِعُوا بِهِ لَا الْمَنْفَعَةَ كَمَا هُوَ وَاضِحٌ فَالْأَوْجَهُ صَرْفُهَا لِمَصَالِحِ الْمَوْقُوفِ وَمَرَّ فِي إحْيَاءِ الْمَوَاتِ مَالَهُ تَعَلُّقٌ بِهَذَا وَلَوْ انْقَرَضَ مَنْ ذَكَرَهُمْ وَلَمْ يَذْكُرْ بَعْدَهُمْ أَحَدًا فَفِيمَا ذَا يُفْعَلُ؟ فِيهِ نَظَرٌ وَيَظْهَرُ جَوَازُ انْتِفَاعِ سَائِرِ الْمُسْلِمِينَ بِهِ؛ لِأَنَّ الْوَاقِفَ لَا يُرِيدُ انْقِطَاعَ وَقْفِهِ وَلَا أَحَدٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَوْلَى بِهِ مِنْ أَحَدٍ ثُمَّ رَأَيْت الْإِسْنَوِيَّ بَحَثَ ذَلِكَ (كَالْمَدْرَسَةِ وَالرِّبَاطِ) وَالْمَقْبَرَةِ إذَا خَصَّصَهَا بِطَائِفَةٍ فَإِنَّهَا تَخْتَصُّ بِهِمْ قَطْعًا لِعَوْدِ النَّفْعِ هُنَا إلَيْهِمْ بِخِلَافِهِ ثَمَّ فَإِنَّ صَلَاتَهُمْ فِي ذَلِكَ الْمَسْجِدِ كَهِيَ فِي مَسْجِدٍ آخَرَ وَقِيلَ الْمَقْبَرَةُ كَالْمَسْجِدِ فَيَجْرِي فِيهَا خِلَافُهُ
(فَرْعٌ)
أَطْلَقَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ وَضْعُ مِنْبَرٍ بِمَسْجِدٍ لِقِرَاءَةِ قُرْآنٍ أَوْ عِلْمٍ فَيَبْطُلُ الْوَقْفُ لَهُ وَعَلَيْهِ
ــ
[حاشية الشرواني]
إلَخْ) أَيْ الْمُدَّةُ إلَخْ مُتَعَلِّقٌ بِالْمَنَافِعِ (قَوْلُهُ: بِقَدْرِ مَا يَفِي إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ فَتُؤَجَّرُ إلَخْ (قَوْلُهُ: مُرَاعِيًا مَصْلَحَةَ إلَخْ) الْأَوْلَى مُرَاعَاةً لِمَصْلَحَةٍ إلَخْ (قَوْلُهُ: كَذَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ) اعْتَمَدَهُ الْمُغْنِي عِبَارَتُهُ وَاَلَّذِي يَنْبَغِي كَمَا قَالَ شَيْخُنَا مَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ الصَّلَاحِ؛ لِأَنَّ الضَّرُورَةَ تُقَدَّرَ بِقَدْرِهَا. اهـ. (قَوْلُهُ: فَجَوَّزُوا ذَلِكَ) مُعْتَمَدُ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: وَإِنْ تَمَلَّك ظَاهِرٌ) لِبَقَاءِ الثَّوَابِ لَهُ. اهـ. نِهَايَةٌ
(قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي شَرْحٍ يُشْتَرَطُ قَبُولُهُ
(قَوْلُهُ: وَزَادَ) إلَى قَوْلِهِ وَقِيلَ فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ: وَزَادَ إنْ انْقَرَضُوا إلَخْ) الْأَوْلَى زَادَ وَإِنْ إلَخْ (قَوْلُهُ: فَلِلْمُسْلِمِينَ) الْأَوْلَى فَلِسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ (قَوْلُهُ: فَلَا يُصَلِّي إلَخْ) فِي فَتَاوَى السُّيُوطِيّ الْمَوْقُوفُ عَلَى مُعَيَّنِينَ هَلْ يَجُوزُ لِغَيْرِهِمْ دُخُولُهُ وَالصَّلَاةُ فِيهِ وَالِاعْتِكَافُ بِإِذْنِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ؟ نَقَلَ الْإِسْنَوِيُّ فِي الْأَلْغَازِ أَنَّ كَلَامَ الْقَفَّالِ فِي فَتَاوِيهِ يُوهِمُ الْمَنْعَ ثُمَّ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ مِنْ عِنْدِهِ وَالْقِيَاسُ جَوَازُهُ وَأَقُولُ الَّذِي يَتَرَجَّحُ التَّفْصِيلُ فَإِنْ كَانَ مَوْقُوفًا عَلَى أَشْخَاصٍ مُعَيَّنَةٍ كَزَيْدٍ وَعَمْرٍو وَبَكْرٍ مَثَلًا أَوْ ذُرِّيَّتِهِ أَوْ ذُرِّيَّةِ فُلَانٍ جَازَ الدُّخُولُ بِإِذْنِهِمْ وَإِنْ كَانَ عَلَى أَجْنَاسٍ مُعَيَّنَةٍ كَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَفِيَّةِ وَالصُّوفِيَّةِ لَمْ يَجُزْ لِغَيْرِ هَذَا الْجِنْسِ الدُّخُولُ وَلَوْ أَذِنَ لَهُمْ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِمْ فَإِنْ صَرَّحَ الْوَاقِفُ بِمَنْعِ دُخُولِ غَيْرِهِمْ لَمْ يَطْرُقْهُ خِلَافٌ أَلْبَتَّةَ وَإِذَا قُلْنَا بِجَوَازِ الدُّخُولِ بِالْإِذْنِ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ فِي الْمَسْجِدِ وَالْمَدْرَسَةِ وَالرِّبَاطِ كَانَ لَهُمْ الِانْتِفَاعُ عَلَى نَحْوِ مَا شَرَطَهُ الْوَاقِفُ لِلْمُعَيِّنِينَ؛ لِأَنَّهُمْ تَبَعٌ لَهُمْ وَهُمْ مُقَيَّدُونَ بِمَا شَرَطَهُ الْوَاقِفُ. اهـ. وَتَقَدَّمَ فِي إحْيَاءِ الْمَوَاتِ فِي شَرْحِ وَلَوْ سَبَقَ رَجُلٌ إلَى مَوْضِعٍ إلَخْ مَا نَصُّهُ وَلِغَيْرِ أَهْلِ الْمَدْرَسَةِ مَا اُعْتِيدَ فِيهَا مِنْ نَحْوِ نَوْمٍ بِهَا وَشُرْبِ مَائِهَا مَا لَمْ يَنْقُصْ الْمَاءُ عَنْ حَاجَةِ أَهْلِهَا عَلَى الْأَوْجَهِ انْتَهَى وَكَانَ هَذَا فِيمَا إذَا لَمْ يَشْرُطْ الِاخْتِصَاصَ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ عَنْ السُّيُوطِيّ أَوْ هَذَا فِيمَا اُعْتِيدَ وَذَاكَ فِي غَيْرِهِ سم عَلَى حَجّ أَقُولُ وَيَنْبَغِي حَمْلُ مَا ذُكِرَ فِي الثَّانِي مِنْ الْمَنْعِ عَلَى مَا إذَا شَوَّشَ عَلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ فَلَا يُنَافِي مَا تَقَدَّمَ فِي إحْيَاءِ الْمَوَاتِ. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: أَنَّ مَنْ شَغَلَهُ) أَيْ الْمَخْصُوصَ بِطَائِفَةٍ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: فَفِي مَاذَا يَفْعَلُ) الْأَوْلَى فَمَاذَا يَفْعَلُ فِيهِ؟ (قَوْلُهُ: انْتِفَاعِ سَائِرِ الْمُسْلِمِينَ) أَيْ عَلَى مَعْنَى أَنَّ لِكُلٍّ فِيهِ حَقًّا فَهُوَ كَالْمَسَاجِدِ الَّتِي لَمْ يَخُصَّهَا وَاقِفُهَا بِأَحَدٍ فَكُلُّ مَنْ سَبَقَ إلَى مَحَلٍّ مِنْهُ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ. اهـ. ع ش (قَوْلُهُ: وَقِيلَ الْمَقْبَرَةُ إلَخْ) جَرَى الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةُ عَلَى كَلَامِ الْقِيلِ
[فَرْعٌ وَضْعُ مِنْبَرٍ بِمَسْجِدٍ لِقِرَاءَةِ قُرْآنٍ أَوْ عِلْمٍ]
(قَوْلُهُ: أَطْلَقَ بَعْضُهُمْ إلَخْ) ظَاهِرُ الْمُغْنِي اعْتِمَادُهُ أَيْ الْإِطْلَاقِ عِبَارَتُهُ قَالَ الدَّمِيرِيِّ عَنْ السُّبْكِيّ قَالَ لِي ابْنُ الرِّفْعَةِ: أَفْتَيْت بِبُطْلَانِ خِزَانَةِ كُتُبٍ وَقَفَهَا وَاقِفٌ لِتَكُونَ فِي مَكَان مُعَيَّنٍ فِي مَدْرَسَةِ الصَّاحِبِيَّةِ بِمِصْرَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مُسْتَحَقٌّ لِغَيْرِ تِلْكَ الْمَنْفَعَةِ قَالَ السُّبْكِيُّ وَنَظِيرُهُ إحْدَاثُ مِنْبَرٍ فِي مَسْجِدٍ لَمْ يَكُنْ فِيهِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ وَكَذَا إحْدَاثُ كُرْسِيِّ مُصْحَفٍ مُؤَبَّدٍ وَيَقْرَأُ
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
مَفْعُولُ أَبْطَلَ ش (قَوْلُهُ: وَقَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ وَغَيْرِهِ إلَخْ) كَذَا شَرْحُ م ر
(قَوْلُهُ: فِي الْمَتْنِ وَأَنَّهُ إذَا شَرَطَ فِي وَقْفِ الْمَسْجِدِ اخْتِصَاصَهُ بِطَائِفَةٍ إلَخْ) فِي فَتَاوَى السُّيُوطِيّ الْمَسْجِدُ الْمَوْقُوفُ عَلَى مُعَيَّنِينَ هَلْ يَجُوزُ لِغَيْرِهِمْ دُخُولُهُ وَالصَّلَاةُ فِيهِ وَالِاعْتِكَافُ بِإِذْنِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ نَقَلَ الْإِسْنَوِيُّ فِي الْأَلْغَازِ أَنَّ كَلَامَ الْقَفَّالِ فِي فَتَاوِيهِ يُوهِمُ الْمَنْعَ ثُمَّ قَالَ الْإِسْنَوِيُّ مِنْ عِنْدِهِ وَالْقِيَاسُ جَوَازُهُ وَأَقُولُ الَّذِي يَتَرَجَّحُ التَّفْصِيلُ فَإِنْ كَانَ مَوْقُوفًا عَلَى أَشْخَاصٍ مُعَيَّنَةٍ كَزَيْدٍ وَعَمْرٍو وَبَكْرٍ مَثَلًا أَوْ ذُرِّيَّتِهِ أَوْ ذُرِّيَّةِ فُلَانٍ جَازَ الدُّخُولُ بِإِذْنِهِمْ، وَإِنْ كَانَ عَلَى أَجْنَاسٍ مُعَيَّنَةٍ كَالشَّافِعِيَّةِ وَالْحَنَفِيَّةِ وَالصُّوفِيَّةِ لَمْ يَجُزْ لِغَيْرِ هَذَا الْجِنْسِ الدُّخُولُ وَلَوْ أَذِنَ لَهُمْ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِمْ فَإِنْ صَرَّحَ الْوَاقِفُ بِمَنْعِ دُخُولِ غَيْرِهِمْ لَمْ يَطْرُقْهُ خِلَافٌ أَلْبَتَّةَ وَإِذَا قُلْنَا بِجَوَازِ الدُّخُولِ بِالْإِذْنِ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ فِي الْمَسْجِدِ وَالْمَدْرَسَةِ وَالرِّبَاطِ كَانَ لَهُمْ الِانْتِفَاعُ عَلَى نَحْوِ مَا شَرَطَهُ الْوَاقِفُ لِلْمُعَيَّنِينَ لِأَنَّهُمْ تَبَعٌ لَهُمْ وَهُمْ مُقْتَدُونَ بِمَا شَرَطَهُ الْوَاقِفُ انْتَهَى، وَتَقَدَّمَ فِي إحْيَاءِ الْمَوَاتِ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ وَلَوْ سَبَقَ رَجُلٌ إلَى مَوْضِعٍ مِنْ رِبَاطٍ مُسَبَّلٍ أَوْ فَقِيهٍ إلَى مَدْرَسَةٍ إلَخْ مَا نَصُّهُ وَلِغَيْرِ أَهْلِ الْمَدْرَسَةِ مَا اُعْتِيدَ فِيهَا مِنْ نَحْوِ نَوْمٍ بِهَا وَشُرْبٍ وَطُهْرٍ مِنْ مَائِهَا مَا لَمْ يَنْقُصْ الْمَاءُ عَنْ حَاجَةِ أَهْلِهَا عَلَى الْأَوْجَهِ. اهـ.
وَكَانَ هَذَا فِيمَا إذَا لَمْ يُشْرَطْ الِاخْتِصَاصُ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ عَنْ السُّيُوطِيّ أَوْ هَذَا فِيمَا إذَا اُعْتِيدَ وَذَاكَ فِي غَيْرِهِ فَلْيُحَرَّرْ، وَعِبَارَةُ الْعُبَابِ وَإِنْ شَرَطَ فِي وَقْفِ الْمَسْجِدِ اخْتِصَاصَ طَائِفَةٍ كَالشَّافِعِيَّةِ بِالصَّلَاةِ فِيهِ صَحَّ وَكُرِهَ وَاخْتَصَّ بِهَا فَلَا يَجُوزُ لِغَيْرِهِمْ الصَّلَاةُ فِيهِ كَمَا لَوْ خَصَّ الْمَدْرَسَةَ وَالرِّبَاطَ بِطَائِفَةٍ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَيَظْهَرُ جَوَازُ انْتِفَاعِ إلَخْ) اعْتَمَدَ