لَهَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سُبِّيهَا» ؛ وَلِأَنَّ أَحَدًا لَا يَكَادُ يَنْفَكُّ عَنْ ذَلِكَ وَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَتَجَاوَزَ لِنَحْوِ أَبِيهِ وَبِانْتِصَارِهِ لِيَسْتَوْفِيَ يَبْقَى عَلَى الْأَوَّلِ إثْمُ الِابْتِدَاءِ وَالْإِثْمُ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى كَذَا قَالَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ وَظَاهِرُهُ إنْ لَمْ يُجْعَلْ وَالْإِثْمُ هُوَ السَّابِقَ أَنَّهُ يَبْقَى عَلَيْهِ إثْمَانِ وَاَلَّذِي يَتَّجِهُ أَنَّهُ لَا يَبْقَى عَلَيْهِ إلَّا الثَّانِي فَقَطْ كَمَا قَالُوهُ فِيمَنْ قَتَلَ فَقُتِلَ قَوَدًا وَإِذَا وَقَعَ الِاسْتِيفَاءُ بِالسَّبِّ الْمُمَاثِلِ فَأَيُّ ابْتِدَاءٍ يَبْقَى عَلَى الْأَوَّلِ لِلثَّانِي حَتَّى يَكُونَ عَلَيْهِ إثْمُهُ وَإِنَّمَا الَّذِي عَلَيْهِ الْإِثْمُ الْمُتَعَلِّقُ بِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فَإِذَا مَاتَ وَلَمْ يَتُبْ عُوقِبَ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَعْفُ عَنْهُ (وَلَوْ اسْتَقَلَّ الْمَقْذُوفُ بِالِاسْتِيفَاءِ) لِلْحَدِّ وَلَوْ بِإِذْنِ الْإِمَامِ أَوْ الْقَاذِفِ (لَمْ يَقَعْ الْمَوْقِعَ) فَإِنْ مَاتَ بِهِ قُتِلَ الْمَقْذُوفُ مَا لَمْ يَكُنْ بِإِذْنِ الْقَاذِفِ كَمَا، هُوَ ظَاهِرٌ، وَإِنْ لَمْ يَمُتْ لَمْ يُجْلَدْ حَتَّى يَبْرَأَ مِنْ أَلَمِ الْأَوَّلِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَقَعْ لِاخْتِلَافِ إيلَامِ الْجَلَدَاتِ مَعَ عَدَمِ أَمْنِ الْحَيْفِ وَمِنْ ثَمَّ اُعْتُدَّ بِقَتْلِهِ لِلزَّانِي الْمُحْصَنِ لَا بِجَلْدِهِ نَعَمْ لِسَيِّدٍ قَذَفَهُ قِنُّهُ أَنْ يَحُدَّهُ وَكَذَا لِمَنْ قُذِفَ وَتَعَذَّرَ عَلَيْهِ الرَّفْعُ لِلسُّلْطَانِ أَنْ يَسْتَوْفِيَهُ إذَا أَمْكَنَهُ مِنْ غَيْرِ مُجَاوَزَةٍ لِلْمَشْرُوعِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
(كِتَابُ قَطْعٍ) قِيلَ لَوْ حَذَفَهُ كَمَا حَذَفَ حَدٌّ مِنْ كِتَابِ الزِّنَا لَكَانَ أَعَمَّ وَأَخْصَرَ لِتَنَاوُلِهِ أَحْكَامَ نَفْسِ السَّرِقَةِ انْتَهَى وَيُرَدُّ بِأَنَّ الْقَطْعَ هُنَا وَاحِدٌ لَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْفَاعِلِ فَكَانَ هُوَ الْمَقْصُودُ بِالذَّاتِ
ــ
[حاشية الشرواني]
مِنْهُمَا عَقِبَ مُدَّعَاهُ كَمَا فَعَلَهُ الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: لَهَا) أَيْ لِعَائِشَةَ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: سُبِّيهَا) وَفِي سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ «دُونَكِ فَانْتَصِرِي فَأَقْبَلَتْ عَلَيْهَا حَتَّى يَبِسَ رِيقُهَا فِي فِيهَا فَهَلَّلَ وَجْهُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: عَنْ ذَلِكَ) أَيْ عَنْ الظُّلْمِ وَالْحُمْقِ (قَوْلُهُ: وَلَا يَحِلُّ لَهُ) أَيْ لِلْمَسْبُوبِ (قَوْلُهُ: وَبِانْتِصَارِهِ) أَيْ لِنَفْسِهِ بِسَبِّهِ صَاحِبَهُ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: لِيَسْتَوْفِيَ) أَيْ ظُلَامَتَهُ وَبَرِئَ الْأَوَّلُ مُغْنِي وَشَرْحُ الْمَنْهَجِ (قَوْلُهُ: وَيَبْقَى عَلَى الْأَوَّلِ إثْمُ الِابْتِدَاءِ) أَيْ لِمَا فِيهِ مِنْ الْإِيذَاءِ، وَإِنْ كَانَ حَقًّا اهـ ع ش (قَوْلُهُ: وَالْإِثْمُ إلَخْ) أَيْ الْمَذْكُورُ اهـ ع ش فَأَلْ لِلْعَهْدِ الذِّكْرِيِّ بُجَيْرِمِيٌّ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يُجْعَلْ وَالْإِثْمُ) أَيْ لَفْظُ وَيَأْثَمُ فِي قَوْلِهِ وَالْإِثْمُ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، هُوَ السَّابِقَ أَيْ عَيْنَ السَّابِقِ فِي قَوْلِهِ إثْمُ الِابْتِدَاءِ وَقَوْلُهُ أَنَّهُ يَبْقَى إلَخْ خَبَرُ وَظَاهِرُهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: إثْمَانِ) أَيْ أَحَدُهُمَا إثْمُ الِابْتِدَاءِ وَالْآخَرُ الْإِثْمُ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى (قَوْلُهُ: إلَّا الثَّانِي) أَيْ الْإِثْمُ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى (قَوْلُهُ: فَإِذَا مَاتَ) أَيْ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَعْفُ عَنْهُ) أَيْ إنْ لَمْ يَعْفُ الْوَاجِبُ تَعَالَى عَنْهُ بِفَضْلِهِ اهـ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: لِلْحَدِّ) إلَى الْكِتَابِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَإِنَّمَا إلَى نَعَمْ (قَوْلُهُ: كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ) أَيْ فَيَضْمَنُ أَيْ وَعَلَيْهِ فَلَوْ اخْتَلَفَ الْوَارِثُ وَالْمَقْذُوفُ فَيَنْبَغِي تَصْدِيقُ الْوَارِثِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْإِذْنِ اهـ ع ش وَقَوْلُهُ فَيَضْمَنُ لَعَلَّ صَوَابَهُ فَلَا يَضْمَنُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَمُتْ إلَخْ) سَكَتَ هُنَا عَمَّا يَلْزَمُ الْمَقْذُوفَ سم أَقُولُ يَلْزَمُهُ التَّعْزِيرُ فَقَطْ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: اُعْتُدَّ بِقَتْلِهِ) أَيْ قَتْلِ وَاحِدٍ مِنْ الرَّعَايَا اهـ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: نَعَمْ) إلَى الْكِتَابِ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَكَذَا لِمَنْ قُذِفَ إلَخْ) قَضِيَّةُ التَّقْيِيدِ بِهِ أَنَّ مُسْتَحِقَّ التَّعْزِيرِ لَيْسَ لَهُ اسْتِيفَاؤُهُ، وَإِنْ عَجَزَ عَنْ رَفْعِهِ لِلْحَاكِمِ وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ التَّعْزِيرَ يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ النَّاسِ فَلَيْسَ لَهُ قَدْرٌ مَخْصُوصٌ وَلَا نَوْعٌ يَسْتَوْفِيهِ الْمُسْتَحِقُّ وَلَوْ كَانَ عَارِفًا بِذَلِكَ فَلَوْ جُوِّزَ لَهُ فِعْلُهُ فَرُبَّمَا تَجَاوَزَ فِي اسْتِيفَائِهِ عَمَّا كَانَ يَفْعَلُهُ الْقَاضِي لَوْ رُفِعَ لَهُ فَاحْفَظْهُ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: وَتَعَذَّرَ الرَّفْعُ إلَخْ) هَلْ مِنْ تَعَذُّرِ الرَّفْعِ فِقْدَانُ بَيِّنَةٍ الظَّاهِرُ نَعَمْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ اهـ سَيِّدُ عُمَرُ وَسَيَأْتِي عَنْ الْأَسْنَى مَا يُصَرِّحُ بِهِ (قَوْلُهُ: لِلسُّلْطَانِ) أَيْ أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ مِمَّنْ يُعْتَدُّ بِفِعْلِهِ وَمِنْهُ الْحَاكِمُ السِّيَاسِيُّ فِي قُرَى الرِّيفِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وِلَايَةُ الْقَضَاءِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: أَنْ يَسْتَوْفِيَهُ إلَخْ) أَيْ كَالدَّيْنِ الَّذِي لَهُ أَنْ يَتَوَصَّلَ إلَى أَخْذِهِ إذَا مُنِعَ مِنْهُ صَرَّحَ بِهِ الْمَاوَرْدِيُّ وَقَضِيَّةُ هَذَا التَّشْبِيهِ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ بِالْبَلَدِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ بَيِّنَةٌ بِقَذْفِهِ وَالْقَاذِفُ يَجْحَدُ وَيُحَلَّفُ اهـ أَسْنَى (قَوْلُهُ: مَنْ غَيْرِ مُجَاوَزَةٍ لِلْمَشْرُوعِ) وَلَوْ بِالْبَلَدِ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ اهـ نِهَايَةٌ.
[كِتَابُ الْقَطْع فِي السَّرِقَة]
(كِتَابُ قَطْعِ السَّرِقَةِ)
(قَوْلُهُ قِيلَ) إلَى قَوْلِهِ فَإِنْ قُلْت فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ أَنَّ الْقَطْعَ إلَى هُوَ الْمَقْصُودُ (قَوْلُهُ لَوْ حَذَفَهُ) إلَى قَوْلِهِ انْتَهَى فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ أَعَمَّ وَأَخْصَرَ) الْأَوْلَى لِيَتَّصِلَ الْعِلَّةُ بِمَعْلُولِهَا قَلَبَ الْعَطْفَ (قَوْلُهُ وَيُرَدُّ إلَخْ) حَاصِلُهُ بِقَطْعِ النَّظَرِ عَنْ قَوْلِهِ فَكَانَ إلَى فَذَكَرَ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْقَطْعُ مُشْتَرَكًا بَيْن السَّارِقِينَ لَا يَتَفَاوَتُونَ فِيهِ بِخِلَافِ الْحَدِّ فَإِنَّهُ يَخْتَلِفُ بِاعْتِبَارِ كَوْنِ الزَّانِي بِكْرًا أَوْ مُحْصَنًا وَبَيْنَ كَوْنِهِ حُرًّا أَوْ رَقِيقًا لَاحَظَ ذَلِكَ، فَلَمْ يَذْكُرْ الْحَدَّ فِي الزِّنَا لِاخْتِلَافِهِ بِاخْتِلَافِ الزُّنَاةِ وَذَكَرَ الْقَطْعَ فِي السَّرِقَةِ لِعَدَمِ اخْتِلَافِهِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ فَكَانَ إلَخْ) هَذَا التَّرْتِيبُ يَحْتَاجُ لِبَيَانٍ اهـ سم (قَوْلُهُ فَكَانَ هُوَ الْمَقْصُودُ بِالذَّاتِ) لَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ السَّرِقَةَ تُشَارِكُهَا فِي الْأَحْكَامِ الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَيْهَا غَيْرِ الْقَطْعِ أَبْوَابٌ كَثِيرَةٌ كَالِاخْتِلَاسِ وَالِانْتِهَابِ وَالْجَحْدِ فَإِنَّهَا كُلُّهَا مُشْتَرِكَةٌ فِي الْحُرْمَةِ وَضَمَانِ الْمَالِ إنْ تَلَفَ وَأَرْشِ نَقْصِهِ إنْ نَقَصَ وَأُجْرَةِ مِثْلِهِ لِمُدَّةِ الِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا اخْتَصَّتْ السَّرِقَةُ بِالْقَطْعِ فَكَانَ هُوَ الْمَقْصُودَ بِالذَّاتِ فِي هَذَا الْبَابِ بِخِلَافِ الزِّنَا فَإِنَّهُ لَمْ يُشَارِكْهُ فِي الْأَحْكَامِ الْمُتَرَتِّبَةِ عَلَيْهِ غَيْرُهُ كَعَدَمِ ثُبُوتِ النَّسَبِ بِهِ وَعَدَمِ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
أَنَّهُمْ يَشْهَدُونَ
. (قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَمُتْ) سَكَتَ هُنَا عَمَّا يَلْزَمُ الْمَقْذُوفِ بِاسْتِقْلَالِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ التَّعْزِيرُ بِمَا يَرَاهُ الْإِمَامُ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ مُجَاوَزَةٍ لِلْمَشْرُوعِ) لَوْ بِالْبَلَدِ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ م ر ش
(كِتَابُ قَطْعِ السَّرِقَةِ) (قَوْلُهُ وَيُرَدُّ بِأَنَّ الْقَطْعَ إلَخْ) يُرَدُّ عَلَى هَذَا الرَّدِّ أَنَّ الْمَقْصُودَ فِي الْأَبْوَابِ بَيَانُ الْأَحْكَامِ وَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ بَيَانَ أَحْكَامِ الْقَطْعِ مَقْصُودَةٌ بِالذَّاتِ وَبَيَانَ أَحْكَامِ نَفْسِ السَّرِقَةِ مَقْصُودَةٌ بِالتَّبَعِ وَمَا أَشَارَ إلَى الِاسْتِدْلَالِ بِهِ مِنْ عَدَمِ اخْتِلَافِ الْقَطْعِ مَمْنُوعٌ إذْ عَدَمُ هَذَا الِاخْتِلَافِ لَا يَقْتَضِي اخْتِصَاصَ الْقَطْعِ بالمقصودية بِالذَّاتِ (قَوْلُهُ فَكَانَ هُوَ الْمَقْصُودُ إلَخْ) هَذَا التَّرْتِيبُ يَحْتَاجُ لِبَيَانٍ ثُمَّ إنَّ هَذَا التَّوْجِيهَ مَعَ احْتِيَاجِهِ لِلْبَيَانِ لَا يَدْفَعُ الِاعْتِرَاضَ كَمَا لَا يَخْفَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute