فَهُوَ كَأَنْتِ طَالِقٌ إلَّا أَنْ يَشَاءَ زَيْدٌ فَمَاتَ، وَلَمْ تَعْلَمْ مَشِيئَتَهُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا أَطْلَقَ فَإِنْ ذَكَرَ شَيْئًا اُعْتُمِدَ قَوْلُهُ وَأَفْتَى ابْنُ الصَّلَاحِ فِيمَنْ قَالَ لَا أَفْعَلُ كَذَا إلَّا أَنْ يَسْبِقَنِي الْقَضَاءُ أَوْ الْقَدَرُ ثُمَّ فَعَلَهُ وَقَالَ: قَصَدْت إخْرَاجَ مَا قُدِّرَ مِنْهُ عَنْ الْيَمِينِ لَمْ يَحْنَثْ
(فَصْلٌ شَكَّ فِي) أَصْلِ (الطَّلَاقِ) مُنَجَّزٍ أَوْ مُعَلَّقٍ هَلْ وَقَعَ مِنْهُ أَوْ لَا فَلَا يَقَعُ إجْمَاعًا (أَوْ فِي عَدَدٍ) بَعْدَ تَحَقُّقِ أَصْلِ الْوُقُوعِ (فَالْأَقَلُّ) ؛ لِأَنَّهُ الْيَقِينُ (وَلَا يَخْفَى الْوَرَعُ) فِي الصُّورَتَيْنِ، وَهُوَ الْأَخْذُ بِالْأَسْوَأِ لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ «دَعْ مَا يَرِيبُك إلَى مَا لَا يَرِيبُك» فَفِي الْأَوَّلِ يُرَاجِعُ أَوْ يُجَدِّدُ إنْ رَغِبَ، وَإِلَّا فَلْيُنَجِّزْ طَلَاقَهَا لِتَحِلَّ لِغَيْرِهِ يَقِينًا، وَفِي الثَّانِي يَأْخُذُ بِالْأَكْثَرِ فَإِنْ كَانَ الثَّلَاثَ لَمْ يَنْكِحْهَا إلَّا بَعْدَ زَوْجٍ، فَإِنْ أَرَادَ عَوْدَهَا لَهُ بِالثَّلَاثِ أَوْقَعَهُنَّ عَلَيْهَا، وَفِيمَا إذَا شَكَّ هَلْ طَلَّقَ ثَلَاثًا أَمْ لَمْ يُطَلِّقْ أَصْلًا الْأَوْلَى أَنْ يُطَلِّقَ ثَلَاثًا لِتَحِلَّ لِغَيْرِهِ يَقِينًا
ــ
[حاشية الشرواني]
قُوَّةِ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ فَتَأَمَّلْهُ اهـ سَيِّدُ عُمَرَ
(قَوْلُهُ: فَهُوَ كَأَنْتِ طَالِقٌ إلَّا أَنْ يَشَاءَ زَيْدٌ فَمَاتَ إلَخْ) أَيْ فَإِنَّهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ، هَذَا صَرِيحُ هَذَا الْكَلَامِ وَصَرَّحَ بِهِ الْقُوتُ فَانْظُرْ ذَلِكَ مَعَ قَوْلِ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ، وَكَذَا الْحُكْمُ لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إلَّا أَنْ يَشَاءَ زَيْدٌ فَتَطْلُقُ إنْ لَمْ تُوجَدْ مَشِيئَتُهُ لَا إنْ وُجِدَتْ مَشِيئَتُهُ، وَلَا إنْ مَاتَ وَشَكَّ فِي مَشِيئَتِهِ كَمَا لَوْ قَالَ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ انْتَهَى اهـ سم، وَقَوْلُهُ: مَعَ قَوْلِ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ إلَخْ تَقَدَّمَ عَنْ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي مَا يُوَافِقُهُ
(قَوْلُهُ: وَلَمْ تَعْلَمْ مَشِيئَتُهُ) أَيْ وُجُودًا وَعَدَمًا
(قَوْلُهُ: فَإِنْ ذَكَرَ شَيْئًا اُعْتُمِدَ قَوْلُهُ) اُنْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِالشَّيْءِ الَّذِي إذَا ذَكَرَهُ اُعْتُمِدَ قَوْلُهُ فَإِنَّهُ لَمْ يَظْهَرْ فَرْقٌ بَيْنَ تَوْجِيهَيْ الْأَصَحِّ وَمُقَابِلِهِ فِي أَنَّ الْمَعْنَى إلَّا أَنْ يَشَاءَ عَدَمَ طَلَاقِك، وَغَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ الْأَصَحَّ يَقُولُ: لَمَّا كَانَ الطَّلَاقُ مُعَلَّقًا عَلَى عَدَمِ الْمَشِيئَةِ، وَلَا اطِّلَاعَ لَنَا عَلَيْهِ مَنَعْنَا الْوُقُوعَ لِلشَّكِّ فِيهِ، وَمُقَابِلُهُ يَقُولُ: قَوْلُهُ: أَنْتِ طَالِقٌ صَرِيحٌ فِي الْوُقُوعِ، وَقَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَشَاءَ رَفْعٌ لَهُ، وَلَمْ نَعْلَمْ بِهِ فَعَمِلْنَا بِالْأَصْلِ اهـ ع ش
(قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَسْبِقَنِي إلَخْ) أَيْ: إلَّا إنْ قَدَّرَ - سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى - عَلَيَّ بِفِعْلِهِ اهـ ع ش
[فَصْلٌ شَكَّ فِي الطَّلَاقِ مُنَجَّزٍ أَوْ مُعَلَّقٍ هَلْ وَقَعَ مِنْهُ أَوْ لَا]
(فَصْلٌ فِي الشَّكِّ فِي الطَّلَاقِ) وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ مِنْ نَحْوِ الْإِقْرَاعِ بَيْنَ الزَّوْجِ وَالْعَبْدِ قَالَ النِّهَايَةُ وَالْمُغْنِي وَالشَّكُّ فِي الطَّلَاقِ كَمَا سَيَأْتِي ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ شَكٌّ فِي أَصْلِهِ وَشَكٌّ فِي عَدَدِهِ وَشَكٌّ فِي مَحَلِّهِ كَمَنْ طَلَّقَ مُعَيَّنَةً ثُمَّ نَسِيَهَا اهـ.
(قَوْلُ: الْمَتْنِ شَكَّ) أَيْ تَرَدَّدَ رُجْحَانٌ أَوْ غَيْرُهُ اهـ مُغْنِي
(قَوْلُهُ: مُنَجَّزٌ) إلَى التَّنْبِيهِ فِي النِّهَايَةِ، وَكَذَا فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ فَإِنْ أَرَادَ إلَى، وَفِيمَا إذَا شَكَّ، وَقَوْلُهُ: لِتَحِلَّ لِغَيْرِهِ يَقِينًا، وَالْوَاوُ فِي وَلِتَعُودَ وَفِي وَبِالثَّلَاثِ
(قَوْلُهُ: «دَعْ مَا يَرِيبُك» إلَخْ) بِفَتْحِ الْيَاءِ أَفْصَحُ مِنْ ضَمِّهَا اهـ سَيِّدُ عُمَرَ عِبَارَةُ الْبُجَيْرِمِيِّ قَوْلُهُ «دَعْ مَا يَرِيبُك إلَى مَا لَا يَرِيبُك» بِفَتْحِ الْيَاءِ فِيهِمَا أَفْصَحُ وَأَشْهَرُ مِنْ ضَمِّهَا، وَقَوْلُهُ: «إلَى مَا لَا يَرِيبُك» مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ أَيْ وَانْتَقِلْ إلَى مَا لَا يَرِيبُك اهـ أَيْ أَوْ بِقَوْلِهِ يَرِيبُك عَلَى طَرِيقِ التَّضْمِينِ
(قَوْلُهُ: فَفِي الْأَوَّلِ) أَيْ الشَّكِّ فِي أَصْلِ الطَّلَاقِ
(قَوْلُهُ: يُرَاجَعُ) أَيْ: فِي غَيْرِ الْبَائِنِ أَوْ يُجَدَّدُ أَيْ: فِي الْبَائِنِ لِعَدَمِ الْوَطْءِ أَوْ لِلْخُلْعِ أَوْ لِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلْيُنَجِّزْ طَلَاقَهَا إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ تَحِلُّ لِغَيْرِهِ لَا يَقِينًا بِدُونِ طَلَاقٍ آخَرَ، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ مَحْكُومٌ بِزَوْجِيَّتِهَا ظَاهِرًا وَمَشْكُوكٌ فِي حِلِّهَا لِلْغَيْرِ فَلْيُتَأَمَّلْ سم عَلَى حَجّ اهـ رَشِيدِيٌّ
(قَوْلُهُ: وَفِي الثَّانِي) أَيْ الشَّكِّ فِي الْعَدَدِ
(قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ) أَيْ الْأَكْثَرُ
(قَوْلُهُ: أَوْقَعَهُنَّ عَلَيْهَا) أَيْ: إنْ كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ اهـ رَشِيدِيٌّ
(قَوْلُهُ: الْأَوْلَى أَنْ يُطَلِّقَ ثَلَاثًا لِتَحِلَّ لِغَيْرِهِ إلَخْ.) كَذَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ قَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْفَارِقِيُّ: هَذَا الْكَلَامُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ حِلَّهَا لِغَيْرِهِ بِيَقِينٍ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الثَّلَاثِ؛ إذْ لَوْ طَلَّقَهَا
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
إنْ شَاءَ اللَّهُ لَمْ تَطْلُقْ قَالَ فِي شَرْحِهِ لِعَوْدِ الْمَشِيئَةِ إلَى الْجَمِيعِ لِحَذْفِ الْعَاطِفِ اهـ وَبَحَثَ م ر عَوْدَهُ لِلْجَمِيعِ مَعَ الْعَاطِفِ أَيْضًا عَلَى الْقَاعِدَةِ الْمَعْرُوفَةِ مِنْ الْعَوْدِ لِلْجَمِيعِ، وَحَمَلَ مَا ذَكَرَ الرَّوْضُ وَغَيْرُهُ عَلَى مَا إذَا قَصَدَ التَّخْصِيصَ بِالْأَخِيرِ فَلْيُتَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ: فَهُوَ كَأَنْتِ طَالِقٌ إلَّا أَنْ يَشَاءَ زَيْدٌ فَمَاتَ، وَلَمْ تَعْلَمْ مَشِيئَتَهُ) أَيْ فَإِنَّهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ هَذَا صَرِيحُ هَذَا الْكَلَامِ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْقُوتِ حَيْثُ قَالَ كَمَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إلَّا أَنْ يَشَاءَ زَيْدٌ، وَلَمْ تَعْلَمْ مَشِيئَتَهُ فَإِنَّهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ اهـ فَانْظُرْ ذَلِكَ مَعَ قَوْلِ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ: وَكَذَا الْحُكْمُ لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إلَّا أَنْ يَشَاءَ زَيْدٌ فَيَأْتِي فِيهِ مَا ذَكَرَ إنْ لَمْ يَشَأْ زَيْدٌ فَتَطْلُقُ إنْ لَمْ تُوجَدْ مَشِيئَتُهُ لَا إنْ وُجِدَتْ، وَلَا إنْ مَاتَ وَشَكَّ فِي مَشِيئَتِهِ كَمَا لَوْ قَالَ: إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ، وَيُفَارِقُ الْحِنْثَ فِي نَظِيرِهِ فِي الْأَيْمَانِ بِأَنَّ الْحِنْثَ هُنَا يُؤَدِّي إلَى رَفْعِ النِّكَاحِ بِالشَّكِّ بِخِلَافِهِ ثَمَّ لَا يُقَالُ: وَالْحِنْثُ ثَمَّ يُؤَدِّي إلَى رَفْعِ بَرَاءَةِ الذِّمَّةِ بِالشَّكِّ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: النِّكَاحُ جَعْلِيٌّ، وَالْبَرَاءَةُ شَرْعِيَّةٌ، وَالْجَعْلِيُّ أَقْوَى مِنْ الشَّرْعِيِّ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ فِي الرَّهْنِ اهـ
(فَصْلٌ)
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلْيُنَجِّزْ طَلَاقَهَا لِتَحِلَّ لِغَيْرِهِ يَقِينًا) ظَاهِرُهُ أَنَّهَا تَحِلُّ لِغَيْرِهِ لَا يَقِينًا بِدُونِ طَلَاقٍ آخَرَ، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهَا مَحْكُومٌ بِزَوْجِيَّتِهَا ظَاهِرًا وَمَشْكُوكٌ فِي حِلِّهَا لِلْغَيْرِ يَقِينًا مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُطَلِّقْ ثَلَاثًا حَلَّتْ لِغَيْرِهِ لَا يَقِينًا، وَفِيهِ أَنَّهُ إنْ لَمْ يُطَلِّقْ مُطْلَقًا اُتُّجِهَ أَنَّهَا لَا تَحِلُّ لِغَيْرِهِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ مَحْكُومٌ بِزَوْجِيَّتِهَا شَرْعًا بِدَلِيلِ جَوَازِ مُعَاشَرَتِهَا وَالتَّمَتُّعِ بِهَا فَكَيْفَ تَحِلُّ لِغَيْرِهِ، وَإِنْ طَلَّقَ دُونَ ثَلَاثٍ حَلَّتْ لِغَيْرِهِ يَقِينًا، وَقَوْلُهُ: وَلِتَعُودَ إلَخْ مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُطَلِّقْ ثَلَاثًا لَمْ تَعُدْ لَهُ بَعْدَهُ يَقِينًا، وَفِيهِ أَنَّهُ إنْ لَمْ يُطَلِّقْهَا أَصْلًا عَادَتْ لَهُ يَقِينًا؛ لِأَنَّهَا إنْ كَانَ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ فَهِيَ بَاقِيَةٌ عَلَى زَوْجِيَّتِهِ، وَإِنْ كَانَ وَقَعَ عَلَيْهِ حَلَّتْ لَهُ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهَا تَزَوَّجَتْ وَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا ثُمَّ عَقَدَ عَلَيْهَا وَمَعَ ذَلِكَ لَا خَفَاءَ فِي عَوْدِهَا لَهُ يَقِينًا، وَإِنْ طَلَّقَهَا دُونَ ثَلَاثٍ عَادَتْ لَهُ بَعْدَهُ يَقِينًا سَوَاءٌ أَكَانَ وَقَعَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ