(تَنْبِيهٌ) صَرَّحَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ، وَالْمَجْمُوعِ فِي الصَّبِيِّ يَبْلُغُ آخِرَ وَقْتِ الْعَصْرِ مَثَلًا بِتَكْبِيرَةٍ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي لُزُومِ الْعَصْرِ لَهُ مِنْ أَنْ يُدْرِكَ مِنْ زَمَنِ الْمَغْرِبِ قَدْرَهَا وَقَدْرَ الطَّهَارَةِ وَفِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ فِيمَا إذَا بَلَغَ أَوَّلَ وَقْتِ الظُّهْرِ مَثَلًا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إدْرَاكِ قَدْرِهَا أَوَّلَ الْوَقْتِ دُونَ الطَّهَارَةِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ يُمْكِنُهُ تَقْدِيمُهَا عَلَى الْوَقْتِ وَهَذَا مُشْكِلٌ جِدًّا؛ لِأَنَّهُمْ فِي إدْرَاكِ الْآخَرِ لَمْ يَعْتَبِرُوا قُدْرَتَهُ عَلَى الطَّهَارَةِ قَبْلَ الْبُلُوغِ مَعَ كَوْنِهَا فِي الْوَقْتِ وَفِي إدْرَاكِ الْأَوَّلِ اعْتَبَرُوا قُدْرَتَهُ عَلَيْهَا قَبْلَ الْوَقْتِ وَكَانَ الْعَكْسُ أَوْلَى بَلْ مُتَحَتِّمًا؛ لِأَنَّهُ قَبْلَ الْوَقْتِ لَمْ يَتَوَجَّهْ إلَيْهِ خِطَابٌ مِنْ وَلِيِّهِ بِطَهَارَةٍ وَمَعَ ذَلِكَ اُعْتُبِرَتْ قُدْرَتُهُ عَلَى تَقْدِيمِ الطَّهَارَةِ حَتَّى لَوْ جُنَّ بَعْدَ أَنْ أَدْرَكَ مِنْ أَوَّلِ الْوَقْتِ قَدْرَ الْفَرْضِ فَقَطْ لَزِمَهُ قَضَاؤُهُ وَفِي الْوَقْتِ تَوَجَّهَ إلَيْهِ خِطَابُ الْوَلِيِّ بِهَا وَمَعَ ذَلِكَ لَمْ تُعْتَبَرْ قُدْرَتُهُ عَلَيْهَا فِي الْوَقْتِ قَبْلَ الْبُلُوغِ، بَلْ اشْتَرَطُوا خُلُوَّهُ مِنْ الْمَوَانِعِ وَقْتَ الْمَغْرِبِ بِقَدْرِهَا كَالْفَرْضِ حَتَّى لَوْ جُنَّ قَبْلَ ذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْهُ قَضَاءُ الْعَصْرِ وَحِينَئِذٍ فَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا تَرْجِيحُ مَا أَشَارَتْ إلَيْهِ الرَّوْضَةُ اعْتِرَاضًا عَلَى أَصْلِهَا أَنَّهُ يَنْبَغِي اسْتِوَاءُ الْآخَرِ، وَالْأَوَّلِ فِي عَدَمِ اعْتِبَارِ الْقُدْرَةِ عَلَى التَّقْدِيمِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجِبْ، وَإِلَى هَذَا مَالَ جَمَاعَةٌ لَكِنَّ أَكْثَرَ الْمُتَأَخِّرِينَ عَلَى اعْتِمَادِ مَا فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ مِنْ التَّفْرِقَةِ الْمَذْكُورَةِ
وَعَلَيْهِ فَيُمْكِنُ التَّمَحُّلُ لِمَا لَمَحُوهُ فِي الْفَرْقِ بِأَمْرَيْنِ: أَحَدِهِمَا أَنَّهُ فِي الْآخَرِ لَمَّا لَمْ يُدْرِكْ قَدْرَ الْعَصْرِ الْمَتْبُوعِ لِلطَّهَارَةِ فِي الْوَقْتِ وَإِنَّمَا قُدِّرَ عَلَيْهِ بَعْدَهُ لَزِمَ اعْتِبَارُهُ بَعْدَهُ أَيْضًا إعْطَاءً لِلتَّابِعِ حُكْمَ مَتْبُوعِهِ وَحَذَرًا مِنْ تَمَيُّزِ التَّابِعِ بِاعْتِبَارِهِ فِي الْوَقْتِ مَعَ كَوْنِ مَتْبُوعِهِ لَمْ يُعْتَبَرْ إلَّا بَعْدَهُ وَفِي الْأَوَّلِ لَمَّا أَدْرَكَ قَدْرَ الْفَرْضِ الَّذِي هُوَ الْمَتْبُوعُ أَوَّلَ الْوَقْتِ اسْتَغْنَى بِهِ عَنْ تَقْدِيرِ إمْكَانِ تَابِعِهِ الْمُمْكِنِ التَّقْدِيمِ أَوَّلَ الْوَقْتِ أَيْضًا فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَتْبُوعَ فِي إدْرَاكِ الْآخَرِ اسْتَتْبَعَ تَابِعَهُ فِي كَوْنِهِ يَقْدِرُ بَعْدَ الْوَقْتِ مَثَلًا لِئَلَّا يَتَمَيَّزَ التَّابِعُ وَفِي إدْرَاكِ الْأَوَّلِ اكْتَفَى بِوُقُوعِ الْمَتْبُوعِ كُلِّهِ فِي الْوَقْتِ عَنْ وُقُوعِ تَابِعِهِ فِيهِ احْتِيَاطًا لِلْفَرْضِ بِلُزُومِهِ بِمَا ذُكِرَ. ثَانِيهِمَا: أَنَّهُ فِي إدْرَاكِ الْآخَرِ تَعَارَضَ عَلَيْهِ أَمْرَانِ بِقِيَاسِ مَا قَرَّرُوهُ: الْعَصْرُ وَهِيَ تَقْتَضِي اعْتِبَارَ الطَّهَارَةِ مِنْ وَقْتِ الْمَغْرِبِ، وَالْمَغْرِبُ وَهِيَ تَقْتَضِي اعْتِبَارَ طَهَارَتِهَا مِنْ وَقْتِ الْعَصْرِ لِمَا تَقَرَّرَ فِي إدْرَاكِ أَوَّلِ الْوَقْتِ فَعَمِلُوا هُنَا بِذَلِكَ فِيهِمَا فَاعْتَبَرُوا طَهَارَةَ الْعَصْرِ بَعْدَ وَقْتِهَا وَطَهَارَةَ الْمَغْرِبِ قَبْلَ وَقْتِهَا وَلَمْ يَعْتَبِرُوا تَمَكُّنَهُ مِنْ الطَّهَارَتَيْنِ فِي وَقْتِ الْعَصْرِ؛ لِأَنَّ فِيهِ إجْحَافًا عَلَيْهِ بِإِلْزَامِهِ بِالْفَرْضَيْنِ الْأَدَاءَ، وَالْقَضَاءَ وَإِنْ زَالَتْ السَّلَامَةُ قَبْلَ تَمَكُّنِهِ مِنْ الطَّهَارَتَيْنِ فَخَرَجُوا عَنْ ذَلِكَ الْإِجْحَافِ وَلَمْ يُلْزِمُوهُ بِالْعَصْرِ إلَّا إنْ أَدْرَكَ قَدْرَ طُهْرِهَا مِنْ وَقْتِ الْمَغْرِبِ وَاقْتَضَى الِاحْتِيَاطُ لِصَاحِبَةِ الْوَقْتِ وَهِيَ الْمَغْرِبُ الِاكْتِفَاءَ بِقُدْرَتِهِ عَلَى تَقْدِيمِ طَهَارَتِهَا قَبْلَ وَقْتِهَا، وَأَمَّا الْإِدْرَاكُ أَوَّلًا فَلَمْ يَتَعَارَضْ فِيهِ شَيْئَانِ بِالنَّظَرِ لِصَاحِبَةِ الْوَقْتِ فَاحْتِيطَ لَهَا بِإِلْزَامِهِ بِهَا بِمُجَرَّدِ تَمَكُّنِهِ مِنْ طُهْرِهَا قَبْلَ الْوَقْتِ
(فَصْلٌ)
فِي الْأَذَانِ، وَالْإِقَامَةِ. الْأَصْلُ فِيهِمَا الْإِجْمَاعُ الْمَسْبُوقُ بِرُؤْيَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ الْمَشْهُورَةِ
ــ
[حاشية الشرواني]
طَهَارَةٍ يُمْكِنُ تَقْدِيمُهَا وَهِيَ طَهَارَةُ الرَّفَاهِيَةِ وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ مَا يُؤَيِّدُهُ، وَالْوَجْهُ وِفَاقًا لِلْبُرُلُّسِيِّ وَالطَّبَلَاوِيِّ وَابْنِ حَجَرٍ خِلَافُهُ سم عَلَى الْمَنْهَجِ بَصْرِيٌّ
(قَوْلُهُ: صَرَّحَ إلَخْ) كَانَ الْأَوْلَى التَّثْنِيَةَ (قَوْلُهُ: يَبْلُغُ إلَخْ) حَالٌ مِنْ الصَّبِيِّ أَوْ صِفَةٌ لَهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ أَلْ لِلْجِنْسِ وَمَدْخُولُهُ فِي حُكْمِ النَّكِرَةِ وَلَوْ حَذَفَهُ لَكَانَ أَوْلَى (قَوْلُهُ: مَثَلًا) الْأَوْلَى تَأْخِيرُهُ عَنْ بِتَكْبِيرَةٍ لِيَرْجِعَ إلَيْهِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: قَدْرَهَا) أَيْ: قَدْرَ الْعَصْرِ مَعَ قَدْرِ الْمَغْرِبِ وَ (قَوْلُهُ: قَدْرَ الطَّهَارَةِ) أَيْ: مُطْلَقًا وَ (قَوْلُهُ: دُونَ الطَّهَارَةِ) أَيْ: الَّتِي يُمْكِنُ تَقْدِيمُهَا كَمَا يُفِيدُهُ التَّعْلِيلُ (قَوْلُهُ: وَهَذَا مُشْكِلٌ) أَيْ: الْجَمْعُ بَيْنَ هَذَيْنِ التَّصْرِيحَيْنِ (قَوْلُهُ: مَعَ كَوْنِهَا) أَيْ الْقُدْرَةِ عَلَى الطَّهَارَةِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ أَوْلَى إلَخْ (قَوْلُهُ: حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ الِاسْتِشْكَالِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: مِنْ هَذَا) أَيْ: الْإِشْكَالِ وَتَعْلِيلِهِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: تَرْجِيحُ مَا أَشَارَتْ إلَيْهِ الرَّوْضَةُ) عِبَارَةُ الرَّوْضَةِ بَعْدَ ذِكْرِ مَا تَقَدَّمَ عَنْ أَصْلِهَا قُلْت ذَكَرَ فِي التَّتِمَّةِ فِي اشْتِرَاطِ زَمَنِ الطَّهَارَةِ لِمَنْ يُمْكِنُهُ تَقْدِيمُهَا وَجْهَيْنِ وَهُمَا كَالْخِلَافِ فِي آخِرِ الْوَقْتِ فَلَا فَرْقَ فَإِنَّهُ وَإِنْ أَمْكَنَ التَّقْدِيمُ فَلَا يَجِبُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ انْتَهَتْ اهـ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ: أَنَّهُ يَنْبَغِي إلَخْ) بَيَانٌ لِمَا
(قَوْلُهُ: اسْتِوَاءُ الْآخَرِ، وَالْأَوَّلِ فِي عَدَمِ اعْتِبَارِ الْقُدْرَةِ إلَخْ) أَيْ: فَيُشْتَرَطُ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا إدْرَاكُ مَا يَسَعُ الطَّهَارَةَ كَالْفَرْضِ وَإِنْ أَمْكَنَ تَقْدِيمُهَا (قَوْلُهُ: وَإِلَى هَذَا) أَيْ: الِاسْتِوَاءِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: مِنْ التَّفْرِقَةِ) أَيْ: بِاعْتِبَارِ الْقُدْرَةِ عَلَى التَّقْدِيمِ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الْآخَرِ (قَوْلُهُ: فَيُمْكِنُ التَّمَحُّلُ) أَيْ: التَّكْلِيفُ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ: بِأَمْرَيْنِ) مُتَعَلِّقٌ بِالتَّمَحُّلِ (قَوْلُهُ: فِي الْوَقْتِ) مُتَعَلِّقٌ بِيُدْرِكْ الْمَنْفِيِّ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا قُدِّرَ) بِبِنَاءِ الْمَفْعُولِ مِنْ التَّقْدِيرِ، وَنَائِبُ فَاعِلِهِ ضَمِيرُ قُدِّرَ الْعَصْرُ (قَوْلُهُ: لَزِمَهُ اعْتِبَارُهُ) أَيْ قَدْرِ الطَّهَارَةِ (قَوْلُهُ: أَوَّلَ الْوَقْتِ أَيْضًا) مُتَعَلِّقٌ بِتَقْدِيرِ إمْكَانِ إلَخْ (قَوْلُهُ: ثَانِيهِمَا أَنَّهُ إلَخْ) هَذَا أَشَدُّ تَمَحُّلًا مِنْ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ: بِقِيَاسِ مَا قَرَّرُوهُ) هَلَّا قَالَ لِمَا قَرَّرُوهُ (قَوْلُهُ: الْعَصْرُ) مَعَ قَوْلِهِ الْآتِي، وَالْمَغْرِبُ بَدَلٌ مِنْ قَوْلِهِ أَمْرَانِ (قَوْلُهُ: اعْتِبَارُ طَهَارَتِهَا) أَيْ: الْمَغْرِبِ (قَوْلُهُ: لِمَا تَقَرَّرَ إلَخْ) فِيهِ شِبْهُ مُصَادَرَةٍ (قَوْلُهُ: هُنَا) أَيْ: إدْرَاكُ الْآخَرِ (قَوْلُهُ: بِذَلِكَ) أَيْ: بِالْمُقْتَضِي (فِيهِمَا) أَيْ: فِي الْعَصْرِ، وَالْمَغْرِبِ وَلَوْ قَالَ بِذَلِكَ مَعًا أَيْ بِمُقْتَضَى الْعَصْرِ، وَالْمَغْرِبِ جَمِيعًا لَكَانَ أَخْصَرَ وَأَوْضَحَ (قَوْلُهُ: فِي وَقْتِ الْعَصْرِ؛ لِأَنَّ إلَخْ) فِيهِ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ مَحَلِّ النِّزَاعِ، وَالتَّوَهُّمِ وَلَا مَدْخَلَ لَهُ فِي الْفَرْقِ أَصْلًا وَإِنَّمَا الْمُنَاسِبُ هُنَا إثْبَاتُ عَدَمِ اعْتِبَارِ التَّمَكُّنِ فِي وَقْتِ الْمَغْرِبِ وَقَدْ سَكَتَ عَنْهُ
(قَوْلُهُ: وَإِنْ زَالَتْ السَّلَامَةُ إلَخْ) أَيْ: فِي وَقْتِ الْمَغْرِبِ (قَوْلُهُ: إجْحَافًا) أَيْ إضْرَارًا (قَوْلُهُ: لِلْأَدَاءِ) أَيْ: لِلْمَغْرِبِ (وَالْقَضَاءِ) أَيْ: لِلْعَصْرِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ زَالَتْ إلَخْ) فِي وَقْتِ الْمَغْرِبِ.
[فَصْلٌ فِي الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ]
وَهُمَا مِنْ خُصُوصِيَّاتِ هَذِهِ الْأُمَّةِ كَمَا قَالَهُ السُّيُوطِيّ وَشُرِعَ الْأَذَانُ فِي السَّنَةِ الْأُولَى مِنْ الْهِجْرَةِ وَيَكْفُرُ جَاحِدُهُ؛ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ مِنْ الدِّينِ بِالضَّرُورَةِ ع ش وَشَيْخُنَا (قَوْلُهُ: بِرُؤْيَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ) قِيلَ إنَّهُ لَمَّا مَاتَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ اللَّهُمَّ اعْمِنِي حَتَّى لَا أَرَى شَيْئًا بَعْدَهُ فَعَمِيَ مِنْ سَاعَتِهِ مُغْنِي (قَوْلُهُ: الْمَشْهُورَةِ إلَخْ) وَهِيَ مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -
[حاشية ابن قاسم العبادي]
فَصْلٌ فِي الْأَذَانِ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute