للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

؛ لِأَنَّهُ إنْ نَظَرَ لِعِزَّةِ تَحْصِيلِهِ لِلْمُسْلَمِ لَتَعَذَّرَ دُخُولُهُ فِي مِلْكِهِ اخْتِيَارًا إلَّا فِي صُوَرٍ نَادِرَةٍ فَلَا فَرْقَ كَمَا لَوْ أَسْلَمَ فِي لُؤْلُؤَةٍ كَبِيرَةٍ فَاَلَّذِي يَتَّجِهُ عَدَمُ الصِّحَّةِ مُطْلَقًا.

أَمَّا بِلَفْظِ الْبَيْعِ فَهُوَ بَيْعٌ وَإِنْ أُعْطِيَ حُكْمَ السَّلَمِ فِي مَنْعِ الِاسْتِبْدَالِ عَنْهُ نَظَرًا لِلْمَعْنَى كَمَا مَرَّ وَيَأْتِي.

(يُشْتَرَطُ لَهُ) لِيَصِحَّ (مَعَ شُرُوطِ الْبَيْعِ) لِغَيْرِ الرِّبَوِيِّ مَا عَدَا الرُّؤْيَةَ وَقِيلَ الْمُرَادُ شُرُوطُ الْمَبِيعِ فِي الذِّمَّةِ فَلَا يَحْتَاجُ لِاسْتِثْنَاءِ الرُّؤْيَةِ وَيُؤَيِّدُهُ مَا قَدَّمَهُ مِنْ صِحَّةِ سَلَمِ الْأَعْمَى (أُمُورٌ) أُخْرَى سَبْعَةٌ اخْتَصَّ بِهَا فَلِذَا عَقَدَ لَهَا هَذَا الْكِتَابَ.

(أَحَدُهَا تَسْلِيمُ رَأْسِ الْمَالِ) الَّذِي هُوَ بِمَنْزِلَةِ الثَّمَنِ فِي الْبَيْعِ وَأَخَذَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ قَوْلِهِمْ تَسْلِيمُ أَنَّهُ لَا يَكْفِي اسْتِبْدَادُ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ بِالْقَبْضِ لِأَنَّهُ فِي الْمَجْلِسِ مِمَّا لَا يَتِمُّ الْعَقْدُ إلَّا بِهِ فَاشْتُرِطَ فِيهِ اخْتِيَارُ الْمُتَعَاقِدَيْنِ كَالصِّيغَةِ لَكِنْ رَدَدْته عَلَيْهِمْ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ بِأَنَّ الْقَبْضَ فِي الرِّبَوِيَّاتِ كَذَلِكَ.

وَقَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الْإِقْبَاضُ فِيهَا فَهُنَا أَوْلَى وَحِينَئِذٍ فَالتَّعْبِيرُ بِالتَّسْلِيمِ جَرَى عَلَى الْغَالِبِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْبَابَيْنِ فِي ذَلِكَ بَعِيدٌ جِدًّا فَلَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ لِاتِّفَاقِهِمْ عَلَى أَنَّهُ يُحْتَاطُ لِلرِّبَا مَا لَا يُحْتَاطُ لِغَيْرِهِ (فِي الْمَجْلِسِ) الَّذِي وَقَعَ بِهِ الْعَقْدُ قَبْلَ التَّفَرُّقِ مِنْهُ وَإِنْ قَبَضَ فِيهِ الْمُسْلَمُ فِيهِ، وَلَوْ بَعْدَ التَّخَابُرِ

ــ

[حاشية الشرواني]

فِيهِ) أَيْ الْمُسْلَمُ اهـ بَصْرِيٌّ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ إنْ نَظَرَ لِعِزَّةِ تَحْصِيلِهِ إلَخْ) هَلْ التَّعْلِيلُ مُنْحَصِرٌ فِي ذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ يُتَأَمَّلَ اهـ سَيِّدُ عُمَرَ عِبَارَةُ سم قَوْلُهُ فَلَا فَرْقَ قَدْ يُفَرَّقُ. اهـ. وَأَشَارَ ع ش إلَى الْجَوَابِ بِمَا نَصُّهُ قَالَ حَجّ الَّذِي يَتَّجِهُ فِيهِ عَدَمُ الصِّحَّةِ مُطْلَقًا أَيْ سَوَاءٌ كَانَ حَاصِلًا عِنْدَ الْكَافِرِ أَوْ لَا أَقُولُ وَذَلِكَ لِنُدْرَةِ دُخُولِ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ فِي مِلْكِ الْكَافِرِ فَأَشْبَهَ السَّلَمَ فِيمَا يَعِزُّ وُجُودُهُ وَلَا يَرُدُّ مَا لَوْ كَانَ فِي مِلْكِهِ مُسْلِمٌ لِأَنَّ مَا فِي الذِّمَّةِ لَا يَنْحَصِرُ فِيهِ وَلَا يَجِبُ دَفْعُهُ عَمَّا فِيهَا وَيَجُوزُ تَلَفُهُ قَبْلَ التَّسْلِيمِ فَلَا يَحْصُلُ بِهِ الْمَقْصُودُ اهـ.

(قَوْلُهُ أَمَّا بِلَفْظِ الْبَيْعِ إلَخْ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ سَابِقًا بِلَفْظِ السَّلَفِ أَوْ السَّلَمِ (قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي الْمَبِيعِ قَبْلَ الْقَبْضِ اهـ كُرْدِيٌّ (قَوْلُهُ وَيَأْتِي) أَيْ فِي فَصْلِ لَا يَصِحُّ أَنْ يُسْتَبْدَلَ عَنْ الْمُسْلَمِ فِيهِ بِقَوْلِهِ وَمِثْلُهُ الْمَبِيعُ فِي الذِّمَّةِ (قَوْلُهُ وَيَأْتِي) اُنْظُرْهُ مَعَ قَوْلِهِ الْآتِي فَعَلَى الْأَوَّلِ إلَى قَوْلِهِ وَيَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَاكَ فِي رَأْسِ الْمَالِ وَهَذَا فِي الْمَبِيعِ بِنَاءٌ عَلَى أَنَّ رَأْسَ الْمَالِ هُنَا مِمَّا يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ لَكِنَّ هَذَا يُخَالِفُ مَا يَأْتِي عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ فِي تَوْجِيهِ بُطْلَانِ الْحَوَالَةِ الْمُفِيدِ امْتِنَاعَ الِاعْتِيَاضِ عَنْ رَأْسِ الْمَالِ اهـ سم.

[شُرُوطُ السَّلَمِ]

(قَوْلُهُ الْمَبِيعِ فِي الذِّمَّةِ) وَأَقُولُ وَلَوْ أُرِيدَ مُطْلَقُ الْبَيْعِ لَمْ يَحْتَجْ لِاسْتِثْنَاءِ الرُّؤْيَةِ أَيْضًا لِأَنَّهَا إنَّمَا تُشْتَرَطُ فِي بَيْعِ الْمُعَيَّنَاتِ لَا مَا فِي الذِّمَمِ وَالسَّلَمُ بَيْعُ مَا فِي الذِّمَمِ فَتَأَمَّلْهُ اهـ سم.

(قَوْلُهُ وَيُؤَيِّدُهُ) فِي التَّأْيِيدِ نَظَرٌ وَاضِحٌ لِأَنَّ تَقْدِيمَ صِحَّةِ سَلَمِ الْأَعْمَى غَايَةُ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ عَدَمُ اشْتِرَاطِ الرُّؤْيَةِ وَأَمَّا دَلَالَتُهُ عَلَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَرَادَ هُنَا بِالْبَيْعِ بَيْعَ الْمَوْصُوفِ فِي الذِّمَّةِ حَتَّى لَا يَحْتَاجَ لِلِاسْتِثْنَاءِ فَلَا لِصِدْقِهِ مَعَ إرَادَةِ الْأَعْيَانِ مَعَ اسْتِثْنَاءِ الرُّؤْيَةِ فَتَأَمَّلْ اهـ سم (قَوْلُهُ اخْتَصَّ بِهَا) فِيهِ أَنَّ بَعْضَ السَّبْعَةِ شَرْطٌ لِلْبَيْعِ أَيْضًا كَالْقُدْرَةِ عَلَى التَّسْلِيمِ وَالْعِلْمِ وَأَمَّا مَا فِيهِ مِنْ التَّفْصِيلِ بِعَيْنِهِ يَجْرِي فِي الْبَيْعِ الذِّمِّيِّ كَمَا لَا يَخْفَى اهـ رَشِيدِيٌّ وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالسَّلَمِ هُنَا مَا يَشْمَلُ الْبَيْعَ الذِّمِّيَّ.

قَوْلُ الْمَتْنِ (أَحَدُهَا تَسْلِيمُ إلَخْ) أَفْهَمَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَوْ قَالَ أَسْلَمْت إلَيْك الْمِائَةَ الَّتِي فِي ذِمَّتِك مَثَلًا فِي كَذَا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ السَّلَمُ وَهُوَ كَذَلِكَ اهـ نِهَايَةٌ زَادَ الْمُغْنِي وَشَرْحُ الرَّوْضِ وَلَوْ صَالَحَ عَنْ رَأْسِ الْمَالِ لَمْ يَصِحَّ لِعَدَمِ قَبْضِ رَأْسِ الْمَالِ فِي الْمَجْلِسِ اهـ.

(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ) أَيْ الْقَبْضَ وَكَذَا ضَمِيرُ قَوْلِهِ فِيهِ (قَوْلُهُ كَذَلِكَ) أَيْ مِمَّا لَا يَتِمُّ الْعَقْدُ إلَّا بِهِ (قَوْلُهُ بِأَنَّ الْقَبْضَ) أَيْ فِي الْمَجْلِسِ (قَوْلُهُ بِأَنَّهُ) أَيْ الشَّأْنَ (قَوْلُهُ فَهُنَا أَوْلَى) عِبَارَةُ ع ش الْمُعْتَمَدُ جَوَازُ الِاسْتِبْدَادِ بِقَبْضِ رَأْسِ الْمَالِ لِأَنَّ بَابَ الرِّبَا أَضْيَقُ مِنْ هَذَا وَصَرَّحُوا فِيهِ بِجَوَازِ الِاسْتِبْدَادِ بِالْقَبْضِ فَهَذَا مِنْ بَابِ أَوْلَى رَمْلِيٌّ انْتَهَى زِيَادِيٌّ اهـ.

(قَوْلُهُ بَيْنَ الْبَابَيْنِ) أَيْ بَابَيْ السَّلَمِ وَالرِّبَا (قَوْلُهُ فِي ذَلِكَ) أَيْ فِي الْقَبْضِ (قَوْلُهُ قَبْلَ التَّفَرُّقِ) بَيَانٌ لِلْمُرَادِ مِنْ الْمَجْلِسِ حَتَّى لَوْ قَامَا وَتَمَاشَيَا مَنَازِلَ حَتَّى حَصَلَ الْقَبْضُ قَبْلَ التَّفَرُّقِ لَمْ يَضُرَّ اهـ ع ش (قَوْلُهُ وَإِنْ قَبَضَ فِيهِ الْمُسْلَمَ فِيهِ) وِفَاقًا لِلنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي عِبَارَتُهُمَا وَلَا يَكْفِي قَبْضُ الْمُسْلَمِ فِيهِ الْحَالِّ فِي الْمَجْلِسِ عَنْ قَبْضِ رَأْسِ الْمَالِ لِأَنَّ تَسْلِيمَهُ فِيهِ تَبَرُّعٌ وَأَحْكَامُ الْبَيْعِ لَا تُبْنَى عَلَى التَّبَرُّعَاتِ اهـ.

(قَوْلُهُ وَلَوْ بَعْدَ التَّخَايُرِ) خِلَافًا لِلنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي (قَوْلُهُ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

قَدْ يُمْنَعُ (قَوْلُهُ فَلَا فَرْقَ) قَدْ يُفَرَّقُ (قَوْلُهُ وَيَأْتِي) اُنْظُرْهُ مَعَ قَوْلِهِ الْآتِي فَعَلَى الْأَوَّلِ إلَى قَوْلِهِ وَيَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَاكَ فِي رَأْسِ الْمَالِ وَهَذَا فِي الْمَبِيعِ بِنَاءٌ عَلَى أَنَّ رَأْسَ الْمَالِ هُنَا مِمَّا يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْهُ لَكِنَّ هَذَا يُخَالِفُ مَا يَأْتِي عَنْ شَرْحِ الرَّوْضِ فِي تَوْجِيهِ بُطْلَانِ الْحَوَالَةِ الْمُفِيدِ امْتِنَاعَ الِاعْتِيَاضِ عَنْ رَأْسِ الْمَالِ.

(قَوْلُهُ الْمَبِيعِ فِي الذِّمَّةِ) وَأَقُولُ لَوْ أُرِيدَ مُطْلَقُ الْبَيْعِ لَمْ يَحْتَجْ لِاسْتِثْنَاءِ الرُّؤْيَةِ أَيْضًا لِأَنَّهَا إنَّمَا تُشْتَرَطُ فِي بَيْعِ الْمُعَيَّنَاتِ مَا فِي الذِّمَمِ وَالسَّلَمُ بَيْعُ مَا فِي الذِّمَمِ فَتَأَمَّلْهُ.

(قَوْلُهُ وَيُؤَيِّدُهُ) فِي التَّأْيِيدِ نَظَرٌ وَاضِحٌ؛ لِأَنَّ تَقْدِيمَ صِحَّةِ سَلَمِ الْأَعْمَى غَايَةُ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ عَدَمُ اشْتِرَاطِ الرُّؤْيَةِ وَأَمَّا دَلَالَتُهُ عَلَى أَنَّ الْمُصَنِّفَ أَرَادَ هُنَا بِالْبَيْعِ بَيْعَ الْمَوْصُوفِ فِي الذِّمَّةِ حَتَّى لَا يَحْتَاجَ لِلِاسْتِثْنَاءِ فَلَا، لِصِدْقِهِ مَعَ إرَادَةِ بَيْعِ الْأَعْيَانِ مَعَ اسْتِثْنَاءِ الرُّؤْيَةِ فَتَأَمَّلْ.

(قَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَحَدُهَا تَسْلِيمُ رَأْسِ الْمَالِ فِي الْمَجْلِسِ) فِي الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ هُنَا وَإِنْ أَسْلَمَ إلَيْهِ مَالَهُ فِي ذِمَّتِهِ أَوْ صَالَحَ عَنْ رَأْسِ الْمَالِ لَمْ يَصِحَّ لِتَعَذُّرِ قَبْضِهِ مِنْ نَفْسِهِ فِي الْأُولَى وَلِعَدَمِ قَبْضِ رَأْسِ الْمَالِ فِي الْمَجْلِسِ فِي الثَّانِيَةِ وَقَضِيَّةُ مَا ذَكَرَهُ فِي الْأُولَى حَمْلُ قَوْلِهِ أَعْنِي شَرْحَ الرَّوْضِ فِي بَابِ الصُّلْحِ مَا نَصُّهُ وَبَقِيَ مِنْهَا أَيْ أَقْسَامِ الصُّلْحِ أَشْيَاءُ أُخَرُ مِنْهَا السَّلَمُ بِأَنْ تَجْعَلَ الْمُدَّعَى بِهِ رَأْسَ مَالِ سَلَمٍ انْتَهَى.

عَلَى أَنَّ الْمُدَّعَى بِهِ عَيْنٌ وَقَبْضُهَا حِينَئِذٍ بِمُضِيِّ زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ الْقَبْضُ فَلْيُتَأَمَّلْ وَأَمَّا تَخْصِيصُ مَا هُنَا بِغَيْرِ لَفْظِ الصُّلْحِ فَبَعِيدٌ جِدًّا بَلْ لَا وَجْهَ لَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ ثُمَّ ظَاهِرُ هَذَا الَّذِي فِي بَابِ الصُّلْحِ أَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>