للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ أَوْصَى بِهَا لِوَاحِدٍ جَازَ لَكِنَّ قَبُولَ الْمُوصَى لَهُ وَاجْتِمَاعَ الشُّرُوطِ فِيهِ إنَّمَا يُعْتَبَرَانِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي (فَلَوْ جَعَلَ) الْإِمَامُ (الْأَمْرَ شُورَى بَيْنَ جَمْعٍ فَكَاسْتِخْلَافٍ) فِي الِاعْتِدَادِ بِهِ وَوُجُوبِ الْعَمَلِ بِقَضِيَّتِهِ (فَيَرْتَضُونَ) بَعْدَ مَوْتِهِ أَوْ فِي حَيَاتِهِ بِإِذْنِهِ (أَحَدَهُمْ) ؛ لِأَنَّ عُمَرَ جَعَلَ الْأَمْرَ شُورَى بَيْنَ سِتَّةٍ عَلِيٍّ وَعُثْمَانَ وَالزُّبَيْرِ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَطَلْحَةَ فَاتَّفَقُوا بَعْدَ مَوْتِهِ عَلَى عُثْمَانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - وَلَوْ امْتَنَعُوا مِنْ الِاخْتِيَارِ لَمْ يُجْبَرُوا كَمَا لَوْ امْتَنَعَ الْمَعْهُودُ إلَيْهِ مِنْ الْقَبُولِ وَكَأَنْ لَا عَهِدَ وَلَا جَعَلَ شُورَى وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّ الِاسْتِخْلَافَ بِقِسْمَيْهِ يَخْتَصُّ بِالْإِمَامِ الْجَامِعِ لِلشُّرُوطِ، وَهُوَ مُتَّجِهٌ وَمِنْ ثَمَّ اعْتَمَدَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَقَدْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا فِي التَّوَارِيخِ وَالطَّبَقَاتِ مِنْ تَنْفِيذِ الْعُلَمَاءِ وَغَيْرِهِمْ لِعُهُودِ خُلَفَاءِ بَنِي الْعَبَّاسِ مَعَ عَدَمِ اسْتِجْمَاعِهِمْ الشُّرُوطَ بَلْ نَفَّذَ السَّلَفُ عُهُودَ بَنِي أُمَيَّةَ مَعَ أَنَّهُمْ كَذَلِكَ إلَّا أَنْ يُقَالَ هَذِهِ وَقَائِعُ مُحْتَمِلَةٌ أَنَّهُمْ إنَّمَا نَفَّذُوا ذَلِكَ لِلشَّوْكَةِ وَخَشْيَةَ الْفِتْنَةِ لَا لِلْعَهْدِ بَلْ هَذَا، هُوَ الظَّاهِرُ (وَ) ثَالِثُهَا (بِاسْتِيلَاءِ جَامِعِ الشُّرُوطِ) بِالشَّوْكَةِ لِانْتِظَامِ الشَّمْلِ بِهِ هَذَا إنْ مَاتَ الْإِمَامُ أَوْ كَانَ مُتَغَلِّبًا أَيْ وَلَمْ يَجْمَعْ الشُّرُوطَ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (وَكَذَا فَاسِقٌ وَجَاهِلٌ) وَغَيْرُهُمَا، وَإِنْ اخْتَلَّتْ فِيهِ الشُّرُوطُ كُلُّهَا (فِي الْأَصَحِّ) ، وَإِنْ عَصَى بِمَا فَعَلَ حَذَرًا مِنْ تَشَتُّتِ الْأَمْرِ وَثَوَرَانِ الْفِتَنِ

(فَرْعٌ)

لَا يَجُوزُ عَقْدُهَا لِاثْنَيْنِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ ثُمَّ إنْ تَرَتَّبَا يَقِينًا تَعَيَّنَ الْأَوَّلُ وَإِلَّا بَطَلَا وَلَا يَأْتِي هُنَا الْوَقْفُ إنْ خُشِيَ مِنْهُ ضَرَرٌ لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ مِنْ الْمَفَاسِدِ الَّتِي لَا يُتَدَارَكُ خَرْقُهَا بَلْ يَتَعَيَّنُ عَلَى أَهْلِ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ تَوْلِيَةُ أَحَدِهِمَا؛ لِأَنَّ لَهُمَا فِيهَا شُبْهَةً أَلْغَتْ النَّظَرَ لِغَيْرِهِمَا فَانْدَفَعَ

ــ

[حاشية الشرواني]

إلَى غَيْرِ الْأَخِيرَيْنِ؛ لِأَنَّهَا لَمَّا انْتَهَتْ إلَيْهِ صَارَ أَمْلَكَ بِهَا بِخِلَافِ مَا إذَا مَاتَ وَلَمْ يَعْهَدْ إلَى أَحَدٍ فَلَيْسَ لِأَهْلِ الْبَيْعَةِ أَنْ يُبَايِعُوا غَيْرَ الثَّانِي وَيُقَدَّمُ عَهْدُ الْأَوَّلِ عَلَى اخْتِيَارِهِمْ وَلَا يُشْتَرَطُ فِي الِاسْتِخْلَافِ رِضَا أَهْلِ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ فِي حَيَاتِهِ أَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ بَلْ إذَا ظَهَرَ لَهُ وَاحِدٌ جَازَ اسْتِخْلَافُهُ مِنْ غَيْرِ حُضُورِ غَيْرِهِ وَلَا مُشَاوَرَةِ أَحَدٍ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ أَوْصَى إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالرَّوْضِ مَعَ شَرْحِهِ وَلَوْ أَوْصَى بِهَا جَازَ كَمَا لَوْ اسْتَخْلَفَ لَكِنَّ قَبُولَ الْمُوصَى لَهُ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي وَقِيلَ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ بِالْمَوْتِ يَخْرُجُ عَنْ الْوِلَايَةِ وَيَتَعَيَّنُ مَنْ اخْتَارَهُ لِلْخِلَافَةِ بِالِاسْتِخْلَافِ أَوْ الْوَصِيَّةِ مَعَ الْقَبُولِ فَلَيْسَ لِغَيْرِهِ أَنْ يُعَيِّنَ غَيْرَهُ فَإِنْ اسْتَعْفَى الْخَلِيفَةُ أَوْ الْمُوصَى لَهُ بَعْدَ الْقَبُولِ لَمْ يَنْعَزِلْ حَتَّى يُعْفَى وَيُوجَدَ غَيْرُهُ فَإِنْ وُجِدَ غَيْرُهُ جَازَ اسْتِعْفَاؤُهُ وَإِعْفَاؤُهُ وَخَرَجَ مِنْ الْعَهْدِ بِاسْتِجْمَاعِهِمَا وَإِلَّا امْتَنَعَ وَبَقِيَ الْعَهْدُ لَازِمًا اهـ.

(قَوْلُ الْمَتْنِ شُورَى) مَصْدَرٌ بِمَعْنَى التَّشَاوُرِ اهـ مُغْنِي (قَوْلُ الْمَتْنِ فَيَرْتَضُونَ أَحَدَهُمْ) أَيْ فَلَيْسَ لَهُمْ الْعُدُولُ إلَى غَيْرِهِمْ ثُمَّ مَا ذُكِرَ مِنْ أَنَّهُمْ يَخْتَارُونَ وَاحِدًا مِنْهُمْ ظَاهِرٌ إنْ فَوَّضَ لَهُمْ لِيَخْتَارُوا وَاحِدًا مِنْهُمْ فَلَوْ فَوَّضَ لِجَمْعٍ لِيَخْتَارُوا وَاحِدًا مِنْ غَيْرِهِمْ أَيْ أَوْ مُطْلَقًا هَلْ الْحُكْمُ كَذَلِكَ فَيَخْتَارُوا مَنْ شَاءُوا أَوْ لَا وَكَأَنْ لَا عَهْدَ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: بَعْدَ مَوْتِهِ) إلَى قَوْلِهِ وَقَدْ يُشْكِلُ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: بَيْنَ سِتَّةٍ إلَخْ) لَعَلَّهُ إنَّمَا خَصَّهُمْ لِعِلْمِهِ بِأَنَّهَا لَا تَصْلُحُ لِغَيْرِهِمْ بَكْرِيٌّ اهـ ع ش وَالْأَوْلَى لِعِلْمِهِ بِأَنَّهُمْ أَصْلَحُ لِلْإِمَامَةِ مِنْ غَيْرِهِمْ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ امْتَنَعُوا) أَيْ أَهْلُ الشُّورَى وَقَوْلُهُ لَمْ يُجْبَرُوا أَيْ عَلَى الِاخْتِيَارِ ظَاهِرُهُ، وَإِنْ لَمْ يَصْلُحْ غَيْرُهُمْ وَلَا غَيْرُ الْمَعْهُودِ إلَيْهِ اهـ سم أَقُولُ قَدْ يُقَالُ يُنَافِي عَدَمَ الْجَبْرِ فِي الثَّانِي قَوْلُ الرَّوْضِ مَعَ شَرْحِهِ وَالْمُغْنِي فَإِنْ لَمْ يَصْلُحْ لِلْإِمَامَةِ إلَّا وَاحِدٌ لَزِمَهُ طَلَبُهَا وَأُجْبِرَ عَلَيْهَا إنْ امْتَنَعَ مِنْ قَبُولِهَا اهـ.

(قَوْلُهُ: وَكَأَنْ) يَظْهَرُ أَنَّهَا مُخَفَّفَةٌ مِنْ الْمُثَقَّلَةِ حُذِفَ اسْمُهَا وَقَوْلُهُ لَا عَهِدَ وَلَا جَعَلَ إلَخْ بِصِيغَةِ الْمُضِيِّ الْمَبْنِيِّ لِلْفَاعِلِ خَبَرُهَا عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَكَأَنَّهُ لَمْ يَعْهَدْ إلَخْ وَعِبَارَةُ الْأَسْنَى بَلْ يَكُونُ الْأَمْرُ كَمَا لَوْ لَمْ يَجْعَلْهَا شُورَى اهـ (قَوْلُهُ: يَخْتَصُّ بِالْإِمَامِ الْجَامِعِ إلَخْ) فَلَا عِبْرَةَ بِاسْتِخْلَافِ الْجَاهِلِ وَالْفَاسِقِ أَسْنَى وَمُغْنِي (قَوْلُهُ: وَقَدْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الِاخْتِصَاصِ الْمَذْكُورِ (قَوْلُهُ: بَلْ هَذَا) أَيْ كَوْنُ التَّنْفِيذِ الْمَذْكُورِ لِلشَّوْكَةِ لَا لِلْعَهْدِ (قَوْلُهُ: بِالشَّوْكَةِ) إلَى الْفَرْعِ فِي النِّهَايَةِ وَإِلَى قَوْلِهِ، وَإِنْ اسْتَحْسَنَهُ فِي الْمُغْنِي (قَوْلُهُ: هَذَا إنْ مَاتَ الْإِمَامُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالرَّوْضِ مَعَ شَرْحِهِ بَعْدَ مَوْتِ الْإِمَامِ أَمَّا الِاسْتِيلَاءُ عَلَى الْحَيِّ فَإِنْ كَانَ الْحَيُّ مُتَغَلِّبًا انْعَقَدَتْ إمَامَةُ الْمُتَغَلِّبِ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ إمَامًا بِبَيْعَةٍ أَوْ عَهْدٍ لَمْ تَنْعَقِدْ إمَامَةُ الْمُتَغَلِّبِ عَلَيْهِ اهـ.

(قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ مُتَغَلِّبًا) أَيْ الْإِمَامَ الَّذِي أَخَذَ عَنْهُ ذُو الشَّوْكَةِ الْجَامِعُ لِلشُّرُوطِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: أَيْ وَلَمْ يَجْمَعْ إلَخْ) اُنْظُرْهُ هَلْ يُخَالِفُ هَذَا الْإِطْلَاقُ مَا قَدَّمْنَا عَنْ الْمُغْنِي وَالرَّوْضِ مَعَ شَرْحِهِ؟ (قَوْلُهُ: وَغَيْرُهُمَا إلَخْ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَافِرًا وَعِبَارَةُ الْخَطِيبِ نَعَمْ الْكَافِرُ إذَا تَغَلَّبَ لَا تَنْعَقِدُ إمَامَتُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلا} [النساء: ١٤١] وَقَوْلُ الشَّيْخِ عِزُّ الدِّينِ لَوْ اسْتَوْلَى الْكُفَّارُ عَلَى إقْلِيمٍ فَوَلَّوْا لِلْقَضَاءِ رَجُلًا مُسْلِمًا فَاَلَّذِي يَظْهَرُ انْعِقَادُهُ لَيْسَ بِظَاهِرٍ اهـ وَالْأَقْرَبُ مَا قَالَهُ الْخَطِيبُ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: كُلُّهَا) أَيْ إلَّا الْإِسْلَامَ أَمَّا لَوْ اسْتَوْلَى كَافِرٌ عَلَى الْإِمَامَةِ فَلَا تَنْعَقِدُ إمَامَتُهُ اهـ حَلَبِيٌّ وَتَقَدَّمَ عَنْ شَرْحِ مُسْلِمٍ أَنَّ الْمُبْتَدِعَ كَالْكَافِرِ هُنَا عِنْدَ الْجُمْهُورِ

[فَرْعٌ عَقْدِ الْإِمَامَة لِاثْنَيْنِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ]

. (قَوْلُهُ: لَا يَجُوزُ عَقْدُهَا لِاثْنَيْنِ إلَخْ) أَيْ فَأَكْثَرَ وَلَوْ بِأَقَالِيمَ وَلَوْ تَبَاعَدَتْ مُغْنِي وَرَوْضٌ مَعَ شَرْحِهِ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا بَطَلَا إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي فَإِنْ جُهِلَ سَبْقٌ أَوْ عُلِمَ لَكِنْ جُهِلَ سَابِقٌ فَكَمَا مَرَّ فِي نَظِيرِهِ مِنْ الْجُمُعَةِ وَالنِّكَاحِ فَيَبْطُلُ الْعَقْدَانِ، وَإِنْ عُلِمَ السَّابِقُ ثُمَّ نُسِيَ وُقِفَ الْأَمْرُ رَجَاءَ الِانْكِشَافِ فَإِنْ أَضَرَّ الْوَقْفُ بِالْمُسْلِمِينَ عُقِدَ لِأَحَدِهِمَا لَا لِغَيْرِهِمَا وَالْحَقُّ فِي الْإِمَامَةِ لِلْمُسْلِمِينَ لَا لَهُمَا فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَى أَحَدِهِمَا السَّبْقَ، وَإِنْ أَقَرَّ بِهِ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ بَطَلَ حَقُّهُ وَلَا يَثْبُتُ الْحَقُّ لِلْآخَرِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ اهـ.

(قَوْلُهُ:

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

لَمْ يُجْبَرُوا) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ لَمْ يَصْلُحْ غَيْرُهُمْ وَلَا غَيْرُ الْمَعْهُودِ إلَيْهِ (قَوْلُهُ: أَوْ كَانَ مُتَغَلِّبًا إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ وَكَذَا تَنْعَقِدُ لِمَنْ قَهَرَهُ أَيْ قَهَرَ ذَا الشَّوْكَةِ عَلَيْهَا فَيَنْعَزِلُ هُوَ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَهَرَ عَلَيْهَا مَنْ انْعَقَدَتْ إمَامَتُهُ بِبَيْعَةٍ أَوْ عَهْدٍ فَلَا تَنْعَقِدُ لَهُ وَلَا يَنْعَزِلُ الْمَقْهُورُ اهـ

<<  <  ج: ص:  >  >>