لِمَشَقَّةِ الْعَمَلِ، أَمَّا غَيْرُ رَشِيدٍ فَيَلْزَمُ وَلِيَّهُ عِمَارَةُ دَارِهِ وَأَرْضِهِ، وَحِفْظُ ثَمَرِهِ وَزَرْعِهِ، وَكَذَا وَكِيلٌ وَنَاظِرُ وَقْفٍ، وَأَمَّا ذُو الرُّوحِ الْمُحْتَرَمَةِ فَيَلْزَمُ مَالِكَهُ رِعَايَةُ مَصَالِحِهِ، وَمِنْهَا إبْقَاءُ عَسَلٍ لِلنَّحْلِ فِي الْكُوَّارَةِ إنْ تَعَيَّنَ لِغِذَائِهَا، وَعَلْفُ دُودِ الْقَزِّ مِنْ وَرَقِ التُّوتِ، وَيُبَاعُ فِيهِ مَالُهُ كَالْبَهِيمَةِ فَإِذَا اسْتَكْمَلَ جَازَ تَجْفِيفُهُ بِالشَّمْسِ، وَإِنْ أَهْلَكَهُ لِحُصُولِ فَائِدَتِهِ كَذَبْحِ الْمَأْكُولِ، وَلَا تُكْرَهُ عِمَارَةٌ لِحَاجَةٍ وَإِنْ طَالَتْ، وَالْأَخْبَارُ الدَّالَّةُ عَلَى مَنْعِ مَا زَادَ عَلَى سَبْعَةِ أَذْرُعٍ، وَأَنَّ فِيهِ الْوَعِيدَ الشَّدِيدَ مَحْمُولَةٌ عَلَى مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ لِلْخُيَلَاءِ وَالتَّفَاخُرِ عَلَى النَّاسِ.
وَتُكْرَهُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهَا أَيْ: لِغَيْرِ حَاجَةٍ وَصَحَّ أَنَّ الرَّجُلَ لَيُؤْجَرَ فِي نَفَقَتِهِ كُلِّهَا إلَّا فِي هَذَا التُّرَابِ أَيْ: مَا لَمْ يَقْصِدْ بِالْإِنْفَاقِ فِي الْبِنَاءِ بِهِ مَقْصِدًا صَالِحًا كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(كِتَابُ الْجِرَاحِ)
جَمْعُ جِرَاحَةٍ
ــ
[حاشية الشرواني]
لِمَشَقَّةِ الْعَمَلِ) يُفِيدُ حُرْمَةَ التَّرْكِ إذَا لَمْ تَكُنْ فِيهِ مَشَقَّةٌ. اهـ. ع ش عِبَارَةُ سم قَدْ يُفْهِمُ التَّحْرِيمَ حَيْثُ لَمْ يَشُقَّ الْعَمَلُ بِوَجْهٍ كَتَرْكِ تَنَاوُلِ دِينَارٍ بِقُرْبِهِ، أَوْ عَلَى طَرَفِ ثَوْبِهِ مَعَ نَحْوِ انْحِلَالِهِ عَنْهُ، وَلَوْ لَمْ يَتَنَاوَلْهُ سَقَطَ وَضَاعَ، أَوْ تَرَكَ ضَمَّ نَحْوِ كُمِّهِ، أَوْ يَدِهِ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ سَقَطَ وَضَاعَ وَهُوَ ظَاهِرٌ جِدًّا فَلْيُتَأَمَّلْ. اهـ.
(قَوْلُهُ: أَمَّا غَيْرُ رَشِيدٍ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَهَذَا فِي مُطْلَقِ التَّصَرُّفِ أَمَّا الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ فَعَلَى وَلِيِّهِ عِمَارَةُ عَقَارِهِ، وَحِفْظُ شَجَرِهِ وَزَرْعِهِ بِالسَّقْيِ وَغَيْرِهِ، وَفِي الْمُطْلَقِ، أَمَّا الْوَقْفُ فَيَجِبُ عَلَى نَاظِرِهِ عِمَارَتُهُ حِفْظًا لَهُ عَلَى مُسْتَحِقِّيهِ عِنْدَ تَمَكُّنِهِ مِنْهَا لِمَا مِنْ رِيعِهِ، أَوْ مِنْ جِهَةِ شَرْطِهَا لِوَاقِفٍ وَفِيمَا إذَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقٌّ لِغَيْرِهِ فَأَمَّا لَوْ آجَرَ عَقَارَهُ، ثُمَّ اخْتَلَّ فَعَلَيْهِ عِمَارَتُهُ إنْ أَرَادَ بَقَاءَ الْإِجَارَةِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ تَخَيَّرَ الْمُسْتَأْجِرُ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ: لَوْ غَابَ الرَّشِيدُ عَنْ مَالِهِ غَيْبَةً طَوِيلَةً، وَلَا نَائِبَ لَهُ هَلْ يَلْزَمُ الْحَاكِمَ أَنْ يُنَصِّبَ مَنْ يَعْمُرُ عَقَارَهُ وَيَسْقِي زَرْعَهُ وَثَمَرَهُ مِنْ مَالِهِ؟ الظَّاهِرُ نَعَمْ؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ حِفْظَ مَالِ الْغَيْبِ كَالْمَحْجُورِينَ، وَكَذَلِكَ لَوْ مَاتَ مَدْيُونٌ وَتَرَكَ زَرْعًا، أَوْ غَيْرَهُ، وَتَعَلَّقَتْ بِهِ دُيُونٌ مُسْتَغْرِقَةٌ وَتَعَذَّرَ بَيْعُهُ فِي الْحَالِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ عَلَى الْحَاكِمِ أَنْ يَسْعَى فِي حِفْظِهِ بِالسَّقْيِ وَغَيْرِهِ إلَى أَنْ يُبَاعَ فِي دُيُونِهِ حَيْثُ لَا وَارِثَ لَهُ خَاصٌّ يَقُومُ بِذَلِكَ، وَلَمْ يَحْضُرنِي فِي هَذَا نَقْلٌ خَاصٌّ انْتَهَى. وَهُوَ ظَاهِرٌ. اهـ. وَأَقَرَّهُ سم وَقَالَ ع ش.
قَوْلُهُ: فَالظَّاهِرُ أَنَّ عَلَى الْحَاكِمِ أَنْ يَسْعَى فِي حِفْظِهِ إلَخْ وَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَالِ الصَّبِيِّ قَدْرَ أُجْرَةِ مِثْلِ عَمَلِهِ فِيهِ وَإِنْ كَانَ وَاجِبًا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ فِي مُقَابَلَةِ عَمَلِهِ شَيْءٌ لِنَحْوِ ذَلِكَ، وَقَدْ يَشْمَلُهُ قَوْلُهُمْ: لِلْوَلِيِّ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَالِ الْمَوْلَى عَلَيْهِ أُجْرَةَ مِثْلِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ أَبًا، وَلَا جَدًّا، وَلَهُمَا أَخْذُ الْأَقَلِّ مِنْ أُجْرَةِ الْمِثْلِ وَكِفَايَتِهِمَا. اهـ. وَقَالَ الرَّشِيدِيُّ: اُنْظُرْ مَفْهُومَ قَوْلِهِ: مُسْتَغْرِقَةٌ، وَكَذَا مَفْهُومَ قَوْلِهِ: حَيْثُ لَا وَارِثَ لَهُ خَاصٌّ. اهـ. (قَوْلُهُ: وَمِنْهَا) أَيْ: مِنْ الْمَصَالِحِ، أَوْ مِنْ رِعَايَتِهَا إلَخْ (قَوْلُهُ: إبْقَاءُ عَسَلٍ لِلنَّحْلِ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ فَمِنْ ذَلِكَ النَّحْلُ فَيَجِبُ أَنْ يُبْقِيَ لَهُ شَيْئًا مِنْ الْعَسَلِ فِي الْكُوَّارَةِ بِقَدْرِ حَاجَتِهِ إنْ لَمْ يَكْفِهِ غَيْرُهُ وَإِلَّا فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ ذَلِكَ قَالَ الرَّافِعِيُّ: وَقَدْ قِيلَ يَشْوِي لَهُ دَجَاجَةً وَيُعَلِّقُهَا بِبَابِ الْكُوَّارَةِ فَيَأْكُلُ مِنْهَا. اهـ. (قَوْلُهُ: وَعَلْفُ دُودِ الْقَزِّ مِنْ وَرَقِ التُّوتِ) أَوْ تَخْلِيَتُهُ لِأَكْلِهِ إنْ وُجِدَ لِئَلَّا يَهْلِكَ بِغَيْرِ فَائِدَةٍ مُغْنِي وَنِهَايَةٌ وَقَدْ يُفْهِمُ التَّعْلِيلُ عَدَمَ وُجُوبِ ذَلِكَ فِيمَا إذَا أَصَابَهُ دَاءٌ يُؤَدِّي إلَى هَلَاكِهِ قَبْلَ تَسْوِيَةِ نَوْلٍ بِقَوْلِ أَهْلِ الْخِبْرَةِ لَكِنَّ قَضِيَّةَ مَا مَرَّ فِي شَرْحِ وَعَلَيْهِ عَلْفُ دَوَابِّهِ الْوُجُوبُ فَلْيُرَاجَعْ. (قَوْلُهُ: وَلَا تُكْرَهُ عِمَارَةٌ لِحَاجَةٍ إلَخْ) أَيْ: بَلْ قَدْ تَجِبُ كَمَا إذَا تَرَتَّبَ عَلَى تَرْكِهَا مَفْسَدَةٌ بِنَحْوِ إطْلَاعِ الْفَسَقَةِ عَلَى حَرِيمِهِ مَثَلًا. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: وَأَنَّ فِيهِ إلَخْ) أَيْ: وَعَلَى أَنَّ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَتُكْرَهُ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَالزِّيَادَةُ فِي الْعِمَارَةِ عَلَى الْحَاجَةِ خِلَافُ الْأَوْلَى وَرُبَّمَا قِيلَ: بِكَرَاهَتِهَا. اهـ. (قَوْلُهُ: وَتُكْرَهُ الزِّيَادَةُ إلَخْ) وَيُكْرَهُ لِلْإِنْسَانِ أَنْ يَدْعُوَ عَلَى وَلَدِهِ، أَوْ نَفْسِهِ، أَوْ مَالِهِ، أَوْ خَدَمِهِ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ فِي آخِرِ كِتَابِهِ وَأَبِي دَاوُد عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا تَدْعُوَا عَلَى أَنْفُسِكُمْ وَلَا تَدْعُوَا عَلَى أَوْلَادِكُمْ وَلَا تَدْعُوَا عَلَى خَدَمِكُمْ وَلَا تَدْعُوَا عَلَى أَمْوَالِكُمْ لَا تُوَافِقُوا مِنْ اللَّهِ سَاعَةً يُسْأَلُ فِيهَا عَطَاءٌ فَيَسْتَجِيبُ لَهُ» وَأَمَّا خَبَرُ «إنَّ اللَّهَ لَا يَقْبَلُ دُعَاءَ حَبِيبٍ عَلَى حَبِيبِهِ» فَضَعِيفٌ نِهَايَةٌ وَمُغْنِي قَالَ الرَّشِيدِيُّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالدُّعَاءِ الدُّعَاءُ بِنَحْوِ الْمَوْتِ وَأَنَّ مَحَلَّ الْكَرَاهَةِ عِنْدَ الْحَاجَةِ كَالتَّأْدِيبِ وَنَحْوِهِ، وَإِلَّا فَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ بِلَا حَاجَةٍ لَا يَجُوزُ عَلَى الْوَلَدِ وَالْخَادِمِ فَمَا فِي حَاشِيَةِ الشَّيْخِ ع ش مِنْ أَنَّ قَضِيَّةَ سِيَاقِ الْحَدِيثِ أَنَّ الظَّالِمَ إذَا دَعَا عَلَى الْمَظْلُومِ، وَوَافَقَ سَاعَةَ الْإِجَابَةِ اُسْتُجِيبَ لَهُ وَإِنْ كَانَ الظَّالِمُ آثِمًا بِالدُّعَاءِ إلَخْ مَحَلُّ تَوَقُّفٍ. اهـ.
(قَوْلُهُ: مَقْصِدًا صَالِحًا) وَمِنْهُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِغَلَّتِهِ بِصَرْفِهَا فِي وُجُوهِ الْقُرَبِ، أَوْ عَلَى عِيَالِهِ. اهـ. ع ش وَظَاهِرُهُ وَلَوْ بَعْدَ مَوْتِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[كِتَابُ الْجِرَاحِ]
(كِتَابُ الْجِرَاحِ) (قَوْلُهُ: جَمْعُ جِرَاحَةٍ) إلَى التَّنْبِيهِ الثَّانِي فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ وَيَدْخُلُ إلَى الْمَتْنِ (قَوْلُهُ جَمْعُ جِرَاحَةٍ) بِكَسْرِ الْجِيمِ
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
وَحِفْظُهُ عَنْ التَّلَفِ مُطْلَقًا، وَإِنْ شَقَّ أَخْذُهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِظُهُورِ الْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَالِ. (قَوْلُهُ: لِمَشَقَّةِ الْعَمَلِ) قَدْ يُفْهِمُ التَّحْرِيمَ حَيْثُ لَمْ يَشُقَّ الْعَمَلُ بِوَجْهٍ كَتَرْكِ تَنَاوُلِ دِينَارٍ بِقُرْبِهِ، أَوْ عَلَى طَرَفِ ثَوْبِهِ مَعَ نَحْوِ انْحِلَالِهِ عَنْهُ، وَلَوْ لَمْ يَتَنَاوَلْهُ سَقَطَ وَضَاعَ، أَوْ تَرَكَ ضَمَّ نَحْوِ كُمِّهِ، أَوْ يَدِهِ عَلَيْهِ إنْ لَمْ يَفْعَلْ سَقَطَ وَضَاعَ وَهُوَ ظَاهِرٌ فَلْيُتَأَمَّلْ. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ وَإِلَيْهِ الْمَرْجِعُ وَالْمَآبُ.
كِتَابُ الْجِرَاحِ